"إن لم ننصف هؤلاء (الكورد الفيلية) فلن يكون للعراق أي مصداقية على ارض الواقع"!

هذا ما صرح به الدكتور برهم صالح، نائب رئيس الوزراء العراقي، بتاريخ 26/11/2005. فما الذي تغير يا ترى بالنسبة لوضع الكورد الفيلية في العراق والمبعدين منهم قسريا واعتباطا إلى دول الجوار أو بالنسبة لقضايا الذين لجئوا إلى البلدان الأوربية والى استراليا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية؟ الذي حصل هو تفاقم وضع الكورد الفيلية في العراق وتدهوره من سيء إلى أسوء خاصة في بغداد وسلمان باك والصويرة وخانقين ومندلي وبعقوبة وغيرها من مدن وسط وجنوب العراق واضطرار قسم منهم للهرب، من غدر وبطش وهمجية الإرهابيين من بعثيين صداميين وسلفيين أجانب وغلاة طائفيين محليين، والانتقال إلى دول الجوار بعد أن ضاقت بهم الدنيا في مناطقهم ولم يجدوا في بقية مناطق العراق ملاذا آمنا أو اهتماما بمآسيهم الإنسانية من قبل المسئولين الذين بيدهم "الحل والربط" بسبب محدودية إمكانياتهم المالية. أدى هذا بدوره إلى زيادة أعداد الكورد الفيلية المبعدين قسريا إلى خارج العراق.

كانت لدولة العراق (وليس فقط الحكومات ونظم الحكم التي توالت على حكم العراق بل الدولة كبنية أدارية وأجهزة تنفيذية وهياكل بيروقراطية وتركيبة سياسية وقوانين في خدمة مَن بيدهم زمام الأمور والحكم) منذ تأسيسها مواقف سلبية تجاه الكورد عموما والكورد الفيلية خصوصا (باستثناء فترات زمنية محدودة وباستثناء حالات وجود ثغرات جعلت من الممكن التخفيف من هذه "السلبية"، مثل "الرشوة" و"الواسطة"). لهذه السلبية أسباب تاريخية وسياسية وقومية وطائفية. عانى العراق ولا يزال يعاني من تبعات الصراعات المسلحة بين الإمبراطوريتين الصفوية الشاهنشاهية والعثمانية السلطانية لقرون عديدة من الزمن للسيطرة على العراق والتي انتهت بعد معركة جالديران إلى توقيع معاهدة أرضروم عام 1639 ميلادي والتي ثبتت الحدود بين الإمبراطوريتين. بقيت تلك الحدود تقريبا على حالها لحد ألآن وأدت إلى شقّ المناطق الشرقية والجنوبية من كوردستان وطن الكورد، ومن ضمنه موطن الكورد الفيلية بشكل خاص، وشطره إلى شطرين يقعان تحت حكم إمبراطوريتين متنازعتين، هما الصفوية (الشيعية) والعثمانية (السنية). وقعت الأراضي التي يطلق عليها حاليا العراق والتي كانت تسمى زمن الخلافة العثمانية ولايات الموصل وبغداد والبصرة في أيدي العثمانيين حسب معاهدة أرضروم ولكن الواقع هذا لم ينهي الصراع بين الإمبراطوريتين بل استمر وتفاقم. فعند وقوع العراق تحت سيطرة الإمبراطورية الصفوية اضطهدت العراقيين من أتباع المذهب السني بمن فيهم الكورد وحين وقع العراق تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية اضطهدت العراقيين من أتباع المذهب الشيعي بمن فيهم الكورد. ورثت دولة إيران ودولة العراق (بعد تأسيس العراق كدولة مستقلة في بداية القرن الماضي) الصراع ألصفوي- العثماني القديم بكل المآسي والسلبيات والتبعات والممارسات المضرة التي جلبها على العراقيين عموما وعلى الكورد بشكل خاص.

بعد دخول الانكليز إلى العراق وحصول معارضة مسلحة من قبل العرب في مناطق من العراق والكورد في كوردستان ورفضهم التعاون مع البريطانيين سلمت انكلترا زمام الأمور والحكم إلى المتعاونين معها من شخصيات إدارية وسياسية (عراقية وتركية) كانت تعمل ضمن صفوف الجيش والشرطة والإدارات الحكومية فترة حكم الإمبراطورية العثمانية وقوى سياسية وعشائرية ودينية ، إضافة إلى القوى الأخرى التي انضوت تحت راية الحكم الجديد بعد أن اخذ معالمه في إعقاب القضاء على المعارضة المسلحة وإعادة الاصطفاف السياسي على ضوء الواقع الجديد.

لذا استمر تعرض الكورد الفيلية (والكورد عموما) إلى الاضطهاد بدرجات متفاوتة بسبب تحول الصراع العثماني-ألصفوي "بالوراثة" إلى صراع عراقي- إيراني. تعرضهم للاضطهاد المستمر هو بسبب قوميتهم أولا وبسبب مذهبهم ثانيا. حصل هذا الاضطهاد بدرجات متفاوتة بغض النظر عن تباين الحكومات المتتالية (حكومة نوري السعيد أو صالح جبر أو غيرهما، أو حكومة عبد السلام عارف أو البزاز أو البعث أو غيرها، باستثناء حكومة المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم) وبغض النظر عن اختلاف أنظمة الحكم المتعاقبة (نظام ملكي أو جمهوري، " برلماني" أو شمولي أو ديمقراطي) وذلك لأن جهاز الدولة بتركيبته العثمانية وعقليته القومية-الطائفية الاستعلائية وممارساته ألبيروقراطيته الموروثة من حقبة الخلافة العثمانية هو جهاز " عثماني" بكل سلبياته (من سوء الإدارة إلى الفساد المالي والرشاوى و"الواسطة"، جهاز بيد القوي وفي خدمته) ولم يتحول لحد ألآن إلى جهاز "عراقي"، جهاز ذو ميول سلبية تجاه الكورد الفيلية في مواقفه العامة وممارساته العملية. لا زال هذا الواقع مستمرا لحد ألآن بسبب فشل الحكومات المتتالية وأنظمة الحكم المتعاقبة في تحويل تركيبة الدولة والعقلية التي تحكم بيروقراطيته إلى تركيبة وعقلية "عراقية" معاصرة، بل بقيت "عثمانية" متخلفة (رفضتها وتخلصت منها حتى تركيا نفسها بعد تأسيس جمهورية تركيا الحديثة)، وفي جعل أجهزتها تقبل بواقع تعددية وتنوع سكان العراق والمجتمع العراقي قوميا ودينيا ومذهبيا ولغويا ومناطقيا، وفي إبعادها عن عقلية هيمنة فئة أو قومية أو طائفة أو شريحة أو منطقة معينة. مظلومية الكورد الفيلية مستمرة لحد ألآن أيضا بسبب غياب حكومة قوية في العراق وانعدام إرادة سياسية حاليا وبسبب انتشار الإرهاب الجاهلي الهمجي والانفلات الأمني وعصابات الجريمة المنتظمة وبسبب الصعوبات الاقتصادية والمشقات الحياتية واستشراء الرشاوى والواسطة وغير ذلك من أنواع الفساد الإداري والمالي.

إضافة إلى ما جاء أعلاه، تعرّض الكورد الفيلية ولا زالوا يتعرضون للاضطهاد والتفرقة والتمييز والإجراءات الاعتباطية من قبل دولة العراق والقتل والتدمير من قبل قوى الإرهاب والتخلف لأسباب أخرى من بينها كونهم :
(1) مواطنون مسالمون لم يحملوا السلاح ضد الدولة التي اضطهدتهم ولا تزال تضطهدهم.
(2) بعيدون عن التطرف القومي والتعصب المذهبي لذا تواصلوا في جميع مجالات الحياة وتزاوجوا مع بقية مكونات شعب العراق (عربا وتركمانا وكلدو-آشوريين، شيعة وسنة، مسلمين ومسيحيين، من وسط وغرب وجنوب وشمال العراق).
(3) غير واقعين "تحت أجنحة" أية دولة مجاورة وليسوا "وكلاء" لها لتدافع عنهم وتتبنى قضاياهم (بعد الإبعاد ألقسري الاعتباطي إلى إيران بذريعة "التبعية الإيرانية" اعتبرتهم السلطات الإيرانية غرباء وأجانب وأطلق عليهم الإيرانيون عامة اسم "عَرَبَاها"، أي العرب، مما اضطر الكثير منهم إلى مغادرة إيران نحو أوربا واستراليا وغيرها طلبا للجوء والحماية).
(4) ليس لهم داخل العراق قوة سياسية فاعلة تدافع عنهم وتحمي مصالحهم (فعند بعض القوى السياسية الكوردستانية تصور أن ولاء الكورد الفيلية هو للمذهب وليس للقومية وبأنهم عامل يمكن إهماله في المعادلات السياسية الحالية، وعند القوى السياسية العربية الشيعية هم "أكراد"، وعند القوى العربية السنية هم شيعة وأكراد في آن واحد. هذه القوى هي التي تحكم العراق شراكة ألآن، في حين أن القوى الوطنية والديمقراطية الأخرى تتفهم بدرجة أكبر قضايا ومشاكل ومآسي الكورد الفيلية ولكنها ليست في السلطة أو في مواقع الحكم والقرار. وينبغي أن نشير هنا إلى شخصيات عراقية وطنية وديمقراطية بارزة من مختلف القوميات والمذاهب والأديان والتوجهات السياسية من خارج السلطة والحكم دافعت وتدافع باستمرار وإصرار عن قضايا شريحة الكورد الفيلية في كل المحافل المتوفرة لها، من فضائيات وصحف وإذاعات وغرف الانترنيت وغيرها من دوافع سياسية وطنية وإنسانية). حقائق الحياة اليومية في العراق تبين هذا الواقع المرير بوضوح وحتى ولو ادعى البعض غير ذلك.
(5) لم ينجحوا في "ترتيب بيتهم" وتوحيد خطابهم وكونهم يفتقدون إلى قيادة (أو بالتعبير الدارج حاليا "مرجعية سياسية") تعبر عن مطالبهم وتطرح قضاياهم بشكل موحد، لأسباب ذاتية وأخرى ليست ذاتية.

قضية كركوك وخانقين وسنجار وقضية الكورد الفيلية:
قضايا الكورد والتركمان المبعدين قسريا واعتباطا من كركوك وخانقين وسنجار وغيرها لا تختلف أساسا عن قضايا الكورد الفيلية المبعدين قسريا واعتباطا سوى في جانب "جغرافي": تم إبعاد أكثرية الكورد والتركمان قسريا إلى مناطق أخرى داخل العراق وقسم قليل جدا منهم إلى خارجه، في حين أن جميع الكورد الفيلية المبعدين ابعدوا قسريا إلى خارج العراق. فما هي يا ترى حلول دولة العراق للقضيتين؟

تم في قضية أهلنا المرحلين والمهجرين من كركوك وخانقين وسنجار وغيرها إدخال مادة في الدستور (المادة 140) لحل قضايا الكورد والتركمان والعرب الوافدين في كركوك وتم تشكيل لجنة عليا للتطبيع ولجان فرعية ومحلية وتم تخصيص ميزانية مالية لها، فالمبعدون عن كركوك يعودون أو سيعودون لاستعادة ممتلكاتهم وأراضيهم المصادرة منهم قسريا واعتباطا وسيتم تعويضهم أيضا، وفي نفس الوقت ستعطى "محفزات مالية" وقطع أراضي للوافدين الذين يسكنون ممتلكات ويستغلون أراضي المهجرين الكورد والتركمان لتسهيل عودة الراغبين منهم (من الوافدين) إلى أماكنهم الأصلية. وهذه حلول حكيمة ومنصفة وعملية قابلة للتنفيذ تأخذ مصالح جميع الأطراف بنظر الاعتبار. لذا نقول حسنا تصرفت الدولة العراقية في حلها لهذه القضية لأنها عالجت قضية سياسية واقتصادية أصلا بإجراءات سياسية واقتصادية وإدارية قانونية صائبة.

أما في قضية المهجرين العراقيين بسبب التشنج الطائفي والانفلات الأمني فقد "قال أحمد ألجلبي رئيس حزب المؤتمر الوطني ورئيس إحدى اللجان المساندة لخطة فرض القانون إن رئيس الوزراء نوري المالكي خصص مليون دينار لكل عائلة تعود إلى منزلها.

ودعا ألجلبي في تصريح صحفي اليوم الجمعة العائلات التي عادت إلى مناطقها للاتصال باللجان المعنية لتستلم المبالغ المخصصة لها، في خطوة تهدف من خلالها الحكومة العراقية إلى تسهيل عودة المهجرين العراقيين إلى ديارهم وتثبيت الأمن والاستقرار." (موقع صوت العراق الالكتروني، 2/3/2007). أي أن دولة العراق عالجت هذه القضية السياسية وألامنية والاقتصادية بإجراءات سياسية واقتصادية وإدارية أيضا.

ولكن كيف تعاملت دولة العراق مع قضية الكورد الفيلية المهجرين ومع ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة ومع مواطنتهم العراقية ووثائقهم المصادرة ومع الساكنين والمستفيدين الحاليين من هذه الممتلكات؟ لقد تهربت دولة العراق من مسؤولياتها السياسية والقانونية والأخلاقية بتحويل هذه القضية ظلما وأجحفا من قضية سياسية واقتصادية إلى قضايا جزائية، إلى "نزاع" بين الكورد الفيلية المهجرين قسريا وبين الذين يسكنون ويستفيدون من ممتلكاتهم حاليا، وبتحويلها قضية مواطنتهم المسلوبة ووثائقهم المصادرة التي هي أصلا قضية سياسية إلى قضايا إدارية وإجراءات بيروقراطية لا نهاية لها (باستثناء الثغرات التي تخفف منها، مثل "الرشوة" و"الواسطة" التي هي سلاح ذو حدين)، دون علاجها باتخاذ إجراءات سياسية واقتصادية وإدارية بتخصيص مادة دستورية لها وتشكيل لجنة عليا لحلها ولجان فرعية أو محلية لها وميزانية مالية وتسهيلات لعودة المهجرين ومحفزات مالية وقطع أراضي للذين يسكنون مساكن الكورد الفيلية المهجرين أو للذين يسيطرون على مزارعهم ومصانعهم وعلى غيرها من ممتلكاتهم المنقولة لتشجيعهم على إخلائها ولا تعويض عن ممتلكاتهم غير المنقولة (مثلما فعلت مع قضية كركوك وخانقين وسنجار)، رغم:
(1) أن الذي أخذها منهم قسريا واعتباطا وبدون أي وجه حق كانت دولة العراق وسجلتها باسم وزارة المالية.
(2) أن أغلبية الذين يسكنون هذه البيوت ويملكون هذه المزارع والمصانع دفعوا لدولة العراق أثمانا لهذه الممتلكات والمزارع والمصانع، باستثناء قسم منهم من أتباع النظام السابق حصل عليها مجانا في حينه.
(3) أن وزارة "المهجرين والمهاجرين" قد تأسست أصلا من أجل حل قضايا العراقيين الذين أبعدوا قسريا واعتباطا عن وطنهم العراق (المهجرين) أو اضطروا إلى مغادرته (المهاجرين) هربا من بطش النظام السابق أو غادروا العراق بسبب الحروب وما نتج عنها من حصار وصعوبات اقتصادية ومعيشية وحياتية، هذه الوزارة التي تحولت عمليا إلى مرادف لجمعية الهلال الأحمر العراقية (يتركز جل أعمالها ونشاطاتها على مساعدة ضحايا الإرهاب والتهجير ألقسري الداخلي بعد 9 نيسان 2003). ولم يرى الكورد الفيلية من الوزارة المذكورة النتائج التي كانوا يتوخوها ويتأملونها.
(4) وبالرغم من صدور وعود واضحة وصريحة من القوى السياسية المؤثرة حول وجوب استعادة الكورد الفيلية لحقوقهم وصيانة مصالحهم.
(5) وبالرغم من صدور قرارات إدارية عديدة حول عودة الكورد الفيلية وإعادة حقوقهم، والتي بقيت عموما حبرا على ورق بسبب فقدان الإرادة السياسية وتفشي الفساد الإداري والمالي والبيروقراطي في أجهزة الدولة وسيطرة العقلية الشوفينية-الطائفية السلبية "العثمانية" الموروثة.

لماذا كل هذا التمييز ولماذا كل هذه التفرقة يا ترى؟ أين ذهب الكلام عن العدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية؟ وأين الدستور الدائم الذي يحمي بنصوصه حقوق المواطنة في دولة العراق الجديدة؟ إن سبب هذا التمييز وهذه التفرقة هو أن قضية كركوك وخانقين وسنجار تساندها وترعاها وتقف ورائها قوى سياسية فاعلة ومؤثرة ومتنفذة، خاصة القوى الكوردستانية، وعلى الأخص الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني وقيادتهما، إذ أنهم يحكمون العراق في شراكة مع القوى السياسية العربية الشيعة والعديد من القوى السياسية العربية السنية. أما الكورد الفيلية فليس لهم في الواقع العملي الذي نشاهده في الحياة اليومية مَن يدافع عنهم وعن مصالحهم ويرعى قضاياهم لأنهم وحيدون يعانون من تبعات العبء التاريخي القديم بين الصفويين والعثمانيين الموروث والذي لا تزال تبعاته تثقل كاهلهم وكاهل أهلهم ويلقي عليهم بضلاله الداكنة لحد ألآن، إضافة إلى انتشار التعصب القومي المقيت والتشنج الطائفي البغيض بعد سيطرة البعث الدكتاتوري على مقاليد الحكم. لذا لا يرى الكورد الفيلية حاليا أية نهاية للنفق المظلم والطويل الذي يجدون أنفسهم فيه، خاصة منذ ثمانينيات القرن الماضي ولحد ألان رغم تغير نظام الحكم لأنهم "لم يتم إنصافهم" عمليا من قبل دولة العراق أو من قبل القوى السياسية العراقية والكوردستانية التي تحكم العراق حاليا.

هل الكورد الفيلية ضحايا صفقة غير معلنة وتفاهم غير معلن بين القوى السياسية الرئيسة في التحالف الكوردستاني والقوى السياسية الرئيسية في ألائتلاف العراقي الموحد التي تحكم العراق حاليا حول توزيع الأقاليم وتقاسم مناطق النفوذ؟ أم هل هم من جانب ضحايا هويتهم القومية (ولذا محل شكوك عند القوى السياسية العربية الشيعية والسنية الحاكمة) ومن جانب آخر ضحايا مذهبهم الديني (ولذا محل شكوك عند القوى السياسية الكوردستانية الحاكمة)؟ أم هل هم أيضا ضحايا ضعفهم السياسي والتنظيمي الذاتي؟ أم هل هم ضحايا كل ذلك سوية وفي آن واحد؟
لذا يتساءل الكورد الفيلية هل لدولة العراق الجديدة وحكامها الحاليين من قوى سياسية وقادة سياسيين "مصداقية على ارض الواقع" بقدر تعلق الأمر بقضية الكورد الفيلية ومظلوميتهم التاريخية؟ مع الأسف الشديد يقدم واقع الحال ومجريات الأمور والحياة اليومية جوابا واضحا هو "لا". فما العمل إذا في ظل هذا الواقع المؤسف والمرير؟ وما هي الوسائل المتوفرة أمام الكورد الفيلية وكوادرهم ونخبهم؟ في رأي الكثيرين إن الطريق الوحيد إمام الكورد الفيلية ونخبهم وكوادرهم على ضوء التجارب السابقة والواقع الحالي هو أن يأخذوا أمور شريحتهم وقضاياها في أيديهم وأن يقولوا كفا انتظارا، لأن انتظار أن تقوم البقية أو يقوم الآخرون بذلك نيابة عنهم أثبت منذ السقوط في 9 نيسان 2003 أنه لا يتعدى أن يكون سوى سراب خادع لا طائل عملي من ورائه ومضيعة لوقت ثمين جدا يمر وليس من السهل تعويضه ولمرحلة قد تكون مصيرية بالنسبة لهم. فحتى متى تنتظر هذه النخب والكوادر لتنهض وتشحذ همم الأغلبية الصامتة وتحركها للدفاع عن مصالحها بعمل سياسي منظم، وترتّب البيت الكوردي ألفيلي (الذي لا يرتبه سواهم) وتوحّد الخطاب السياسي (الذي لا يوحده غيرهم - ولذا شعارنا هو أن "في الوحدة انتصار وفي التشتت انكسار")، والتحرك على كل المستويات وفي كل المحافل والأروقة الكوردستانية والعراقية والإقليمية والدولية لصالح شريحتهم لأن انتظار أن يقوم بذلك الغير والآخرين (المنشغلون بقضاياهم وبأمورهم الأخرى) بدأ يؤثر على الكورد الفيلية تأثير التخدير الموضعي القابل للتحول إلى تخدير عام والى غيبوبة قد لا يمكن أن يفيقوا ويصحوا منها بسهولة ولينهضوا بعدها. لذا ندائنا هو "إلى النهوض، إلى ترتيب بيتنا الكوردي ألفيلي، إلى توحيد صفونا وخطابنا السياسي، إلى تمييز "النافع" عن"المضر" بشريحتنا ومصالحها ومستقبلها المهدد.

وأخيرا نسأل وبكل احترام السادة الكرام، رئيس الجمهورية العراقية، الذي ندعو له بوافر الصحة والعافية والشفاء العاجل للعودة والمشاركة في قيادة العراق نحو شاطئ الأمان، ونائبيه ورئيس الوزراء ونائبيه ورئيس مجلس النواب ونائبيه، ورئيس الإقليم ونائبه ورئيس وزراء الإقليم ونائبه ورئيس برلمان كوردستان ونائبه، وكذلك قادة القوى السياسية الكوردستانية والعربية الشيعية والعربية السنية والقوى الوطنية والديمقراطية العلمانية:

هل أنصفتم الكورد الفيلية؟ وإذا لم تنصفوهم لحد ألآن، فلماذا؟

وعندئذ نتساءل: هل لدولة العراق الفدرالية الجديدة أية "مصداقية على ارض الواقع" بقدر تعلق الأمر بهذه الشريحة العراقية وقضاياها ومظلوميتها؟

الاتحاد الديمقراطي الكوردي ألفيلي
4/3/2007

البريد الالكتروني: info@faylee.org
الموقع الالكتروني: www.faylee.org