كلمة لجنة التنسيق الكردي ألفيلي بمناسبة احتفالية يوم الشهيد ألفيلي والذكرى الثلاثون لجريمة التهجير ألقسري

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أيتها الأخوات الفاضلات وأيها الإخوة الأفاضل

نحييكم ونرحب بكم ونشكركم على حضوركم احتفالية إحياء ذكرى شهداء العراق من الكرد الفيلية، ونخص بالذكر المحجوزين المغيبين وكذلك ذكرى مرور ثلاثين عاما على جريمة التهجير والإبعاد ألقسري. ننحني إجلالا وإكبارا لجميع شهداء العراق وكردستان ولشهداء الكرد الفيلية ولتضحياتهم الجسام. وننحني إكبارا للأمهات اللواتي انتظرن وعانين لأكثر من ربع قرن لسماع إخبار فلذات أكبادهن وغادرن هذه الدنيا في حسرة ولوعة وأمنيتهن الأخيرة والوحيدة كانت رؤية أولادهن.

كما تعرفون جميعا، ففي مثل هذا اليوم قبل ثلاثين عاما أي في 4/4/1980 بدأ النظام الدكتاتوري الدموي السابق بتنفيذ حملته المبيتة لتهجير وإبِعاد مئات الآلاف من العراقيين من حَمَلة الجنسية العراقية، والذين كانت غالبيتهم العظمى من الكرد الفيلية، بعد إسقاط جنسيتهم العراقية ومصادرة وثائقهم وممتلكاتهم وأملاكهم وحجز الآلاف من شبيبتهم بأسلوب الخبث والغدر المعهود للنظام السابق.
جرى إسقاط الجنسية وجرت الاعتقالات والتهجير ألقسري الواسع قبل إصدار مجلس قيادة الثورة المنحل قراره رقم 666 في 7/5/1980، والذي من الواضح أنه كان قرارا سياسيا مهما لسلطة البعث وكان مبرره الأساسي "عدم الولاء للأهداف القومية والاجتماعية العليا للثورة"، أي لحزب البعث . والكل يعلم أيضا أن مجلس قيادة الثورة كان أعلى سلطة سياسية في العراق من سنة 1968 إلى سنة 2003.
نريد بذكر هذه الحقيقية أن نبين أن قرار إسقاط جنسية المواطنين العراقيين وتجريدهم من وثائقهم ومستمسكاتهم لم يصدر عن مديرية الجنسية العامة، وقرار مصادرة أملاكهم وغيرها من ممتلكاتهم غير المنقولة لم يصدر عن مديرية التسجيل العقاري (الطابو)، ومصادرة ممتلكاتهم المنقولة لم يصدر عن وزارة المالية، وقرار إبعادهم عن وطنهم وحجز شبيبتهم لم يصدر عن مديرية الأمن العامة أو الاستخبارات أو المخابرات، أي لم تصدر عن الدوائر والأجهزة المنفذة بل صدر عن أعلى سلطة سياسية في العراق وهو مجلس قيادة الثورة المنحل وبتوقيع رئيس النظام آنذاك.
ورغم إننا انتظرنا ثلاث عقود من الزمن لاستعادة حقوقنا ورغم صبرنا سبع سنون عجاف بالنسبة لنا منذ السقوط سنة 2003 لم نر أية حلول حقيقية ذات معنى لمشاكلنا بل سمعنا وعودا كثيرة ولكن رأينا أرباع وإنصاف الحلول الترقيعية من القوى السياسية المتنفذة التي ضحت شريحتنا ضمن صفوفها بالغالي والنفيس خاصة في أوقات الشدائد والنضال والكفاح من أجل العراق وشعبه.
من غير الممكن في رأينا وضع حلول حقيقية ونهائية للمشاكل المتشعبة المتعلقة بقضايا الكرد الفيلية وغيرهم من العراقيين المهجرين باتخاذ إجراءات جزئية ترقيعية، بل يتطلب ذلك سن القوانين من قبل مجلس النواب العراقي، أعلى سلطة سياسية منتخبة في العراق الديمقراطي، لإلغاء القرار رقم 666 الصادر عن أعلى سلطة سياسية في العراق الدكتاتوري، وإلغاء كل ما ترتب عليه ونتج عنه من قرارات وقوانين وتشكيل لجنة عليا لوضع وتنفيذ حلول نهائية لهذه المشاكل، وبغيره ستستمر معاناة الكرد الفيلية وغيرهم من العراقيين ضحايا القرار 666، وستبقى مشاكلهم معلقة خاصة وان ذلك القرار لم يلغى لحد ألان من قبل مجلس النواب.

ونضيف بان هناك فعلا إمكانيات جيدة لوضع مثل هذه الحلول إذا توفرت الرغبة الفعلية والإرادة الحقيقية لدى القوى السياسية العراقية والكردستانية الفاعلة في العملية السياسية.
- إذ يوجد بحوزة وزارة الداخلية، الجهة التي نفذت قرار إسقاط الجنسية والإبعاد ألقسري، وكذلك بحوزة وزارة المهجرين والمهاجرين قرص مدمج (CD) بأسماء أكثر من نصف مليون مواطن عراقي كردي فيلي تم إسقاط جنسيتهم وإبعادهم عن وطنهم العراق خلال الفترة من 4/4/1980 حتى 19/5/1990.
- وتوجد معلومات كاملة عن الممتلكات غير المنقولة (الأملاك والعقارات) لدى دوائر التسجيل العقاري (الطابو) ولدى وزارة المالية، ومعلومات عن الممتلكات المنقولة لدى وزارة المالية، المديرية العامة لممتلكات الدولة، التي باعت واستلمت أثمان تلك الممتلكات، - وتوجد معلومات موثقة لدى المديرية العامة لممتلكات الدولة عن أرصدة حسابات وودائع ألمهجرين في البنوك العراقية.
- كما توجد تفاصيل حول مصير ومكان رفات شهداء العراق من المحجوزين المغيبين (الذين قال دولة رئيس وزراء العراق علنا أنهم أكثر من 20000 شهيد) لدى المتهمين بارتكاب جرائم إبادة الكرد الفيلية الذين تحاكمهم المحكمة الجنائية العليا العراقية ولدى المحققين الذين استجوبوا المتهمين والقضاة السابقين والحاليين الذين يحاكموهم. ولكن لا أحد في السلطة يريد الكشف عن هذه المعلومات. ونتساءل لماذا؟ لقد قدمت الانتخابات النيابية الأخيرة دليلا جديدا على بقاء مشاكل العراقيين المهجرين معلقة دون حلول حقيقية. إذ تعرضوا وبضمنهم الكرد الفيلية في بداية الأمر لشروط تعجيزية ومجحفة تتعلق بالوثائق الثبوتية العراقية، رغم علم الجميع بأنهم جُردوا منها قبل تهجيرهم قسرا عن وطنهم العراق. وبعد بذل جهود حثيثة مشكورة بذلتها مجموعة من الخيرون من العراقيين والكردستانيين والكرد الفيلية تم تخفيف هذه الشروط ليتمكن قسم منهم في بلدان المهجر من ممارسة حقهم الديمقراطي وأداء واجبهم الوطني بالإدلاء بأصواتهم، ولكن تم فيما بعد إلغاء المئات إن لم يكن الآلاف من أصواتهم.
ثم ظهرت نتائج الانتخابات وبينت وجود كردية فيليه واحدة من كتلة دولة القانون بين أعضاء مجلس النواب الجديد بعد أن كان عددهم يفوق العشرة أعضاء في المجلس السابق. ونسأل عن ألسبب؟ في رأينا السبب الأول هو القائمة المفتوحة التي أعطت الناخب حرية انتخاب المرشح الذي يختاره. لذا نستطيع الاستنتاج بأن نتائج الانتخابات قدمت صورة واضحة عن رأي الشارع الكردي ألفيلي بالمرشحين وحكم "الأغلبية الصامتة" عليهم. والسبب الثاني هو حرمان شريحتنا من حقها في الحصول على مقاعد ضمن نظام (الكوتا) أسوة ببقية مكونات وأقليات وشرائح الشعب العراقي بسبب قصر نظر وخطأ في تحليل بعض القوى السياسية وخطأ مواقف بعض الكرد الفيلية ألأعضاء في مجلس النواب السابق والذي يطالب ألآن بـ"حجز مقعد لهم في البرلمان القادم". والسبب الثالث هو أن أعضاء مجلس النواب السابق من الكرد الفيلية، مع احترامنا لهم واعتزازنا بهم، لم ينجحوا في تحقيق مكاسب حقيقية ملموسة لشريحتهم داخل العراق أو في المهجر، والتي باسمها وصلوا إلى مجلس النواب، ولم ينجحوا في تقديم مشاريع قوانين إلى مجلس النواب لرفع تبعات المظالم التي ألحقها النظام الدكتاتوري السابق بشريحتهم، ولصيانة حقوقها ومصالحها. أما لماذا فشلوا في ذلك فسنبين رأينا فيما بعد، إذ لكل مقام مقال. إضافة إلى ما سبق ذكره، هناك ظاهرة مضرة وهي تفتت المرشحين من الكرد الفيلية وتفرقهم على قوائم عديدة (أكثر من خمس قوائم) وتشظيهم وكثرة عددهم ضمن القائمة الواحدة، ويقع لوم هذا الواقع على القوائم أيضا. كما أن نتائج الانتخابات بينت ظاهرة "الأسماء اللامعة" التي يفتقد إليها الكرد الفيلية، إذ حصل عدد محدود جدا من السياسيين البارزين على أعداد هائلة من الأصوات في حين حصل آخرون من نفس القائمة على أصوات ضئيلة جدا تقل عن الأصوات التي حصل عليها بعض المرشحين الكرد الفيلية وصاروا نوابا (بغداد: حصل رئيس قائمة دولة القانون على 622961 وآخر نائب على 1353، والعراقية 407537 مقابل 650، والوطني العراقي 101053 مقابل 3045).

نعود لنشير اليوم وبهذه المناسبة الأليمة إلى عدم تمكن أعضاء مجلس النواب القديم من الكرد الفيلية في تحقيق أي مطلب من مطالب شريحتهم المتعلقة بشهدائنا الإبرار والتي هي:
أولا: كشف الحقائق عن مصير الشهداء من المحجوزين المغيبين وما جرى لهم على يد النظام البائد.
ثانيا: رد الاعتبار للشهداء بإلغاء القرار رقم 666 بتشريع قانوني يصدره مجلس النواب العراقي على غرار (قانون إلغاء قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 461 لسنة 1980 (حول ضحايا حزب الدعوة))، وقرار مجلس الرئاسة رقم (26) لسنة 2008 بـ (اعتبار ما تعرض له الشعب الكردي في كردستان العراق من مذابح وقتل جماعي إبادة جماعية بكل المقاييس).
ثالثا: دعم ومساعدة ذوي شهدائنا من أجل الوطن وشمولهم الفعلي بالقانون رقم (3) لسنة 2006 كبقية ذوي شهداء العراق وتعويضيهم دون تمييز وعراقيل.
رابعا: العمل الجاد من أجل تنفيذ موافقة مجلس الوزراء العدد ش ل/7/3/9/2/2712 المؤرخ في 7/2/2008 على (إقامة نصب شهداء الكرد الفيليين في الموقع المقترح من قبل مجلس محافظة بغداد).
نعيد ونكرر أن قضيتنا قضية سياسية ولا يمكن حلها إلا بصدور قوانين عن مجلس النواب العراقي بعد توفر الرغبة الجدية والإرادة الحقيقية لدى القوى السياسية العراقية والكردستانية الفاعلة والمتنفذة.
ونرى من الضروري ألتأكيد على أن نتائج الانتخابات الأخيرة يجب أن لا تصيبنا بالإحباط وأن لا تودي بنا إلى الاستسلام وفقدان الأمل واللامبالاة بل على العكس يجب أن تدفعنا إلى التفكير الجدي بعيدا عن العواطف لتشخيص أخطائنا ونواقصنا ونقاط ضعفنا وأن تحفزنا على أن نواصل جهودنا بأساليب مختلفة وأن نثابر أكثر من السابق إلى أن يتم إحقاق حقوقنا وإنصافنا ونحصل على معلومات عن شهدائنا الإبرار ويتم رد الاعتبار إليهم والينا. علينا برص صفوفنا وترتيب بيتنا وتقييم مسارنا، فالتشظي والتبعثر طريق الفشل. وستكون هناك انتخابات جديدة بعد أربع سنوات، كما نأمل، وهذه من نِعَم النظام الديمقراطي الذي يعطي فرصا جديدة للتغيير ولإعادة النظر والتقييم، إذ لا تنتهي الأمور في ظل الديمقراطية مرة واحدة وبجرة قلم دكتاتور ظالم كما كان يجري في السابق.
مرة أخرى ننحني إجلالا وإكبارا لجميع شهداء العراق وكردستان والكرد الفيلية ونتقدم لذويهم ولأنفسنا بالتعازي الحارة والمواساة القلبية بهذه المناسبة الأليمة وهذا المصاب الجلل وهذه الخسارة الجسيمة وهذه المعاناة والجروح العميقة التي سببها عدم معرفتنا بما حلّ بخيرة أبناء وبنات شريحتنا، داعين من العلي القدير أن ينعم عليهم برحمته الواسعة ويسكنهم فسيح جناته وان يلهم ذويهم وإيانا الصبر والسلوان.
نشكركم مرة أخرى على حضوركم واستماعكم لكلمتنا.

لجنة التنسيق الكردي ألفيلي
(المتكونة من الاتحاد الديمقراطي الكوردي ألفيلي – البرلمان الكردي ألفيلي العراقي – منظمة الكرد الفيليين الأحرار)
4/4/2010
info@faylee.org          www.faylee.org