عليهم ضغط

عندما التقي بعدد بمن هم اقرب إلى مراكز القرار السياسي العراقي،سواء مِن رجال دين اعرف مواقفهم الجهادية السابقة، أو ممن كنت اسمع عنهم من خلال أصدقاء وكتاباتهم، وقد أصبحوا اليوم من المتصدين للعملية السياسية بصورة مباشرة، فان لم يكن بصورة مباشرة فبطريقة غير مباشرة من خلال دعمهم للمتصدين لقيادة العملية السياسية. كلهم اسمع منهم جوابا واحدا مشتركاً يخص عدم إعدام الحكومة الإرهابيين والمجرمين. الجواب هو فقط:
- الحكومة عليها ضغط.
وبعد الدخول في التفاصيل معهم افهم منهم إن الضغوط على قائمة الائتلاف يأتي من أهل السنة ممن كانوا شرطة صدام حسين ووصلوا بالانتخابات إلى مراكز القوة، أو بالمهادنة من قبل الائتلاف مع كل من يضغط عليهم بقول أو فعل، أو ربما تهديد باستعمال السلاح ضد الحكومة. إضافة إلى ذلك اسمع بان هنالك ضغوطاً إقليمية من دول الوهابية المجاورة....اسمع فقط أن على قائمة الائتلاف ضغوط هائلة!!!!!!!!!!!
ويبدو لي إن ميوعة قائمة الائتلاف ليس بسبب تلك الضغوط المحلية الإرهابية من جهات مثل هيئة علماء المنافقين، بل هي بالأساس من ميوعة التربية الشيعية العراقية نفسها، فتربية شيعة العراق مختلفة عن تربية شيعة لبنان أو شيعة إيران .
فحزب الله لم يكن ينحني لضغوط محلية أو دولية بنزع سلاحه بل استطاع تأديب إسرائيل بطريقة غير متوقعة وللمرة الثانية
إما شيعة إيران، فيكفي إنهم خرجوا من حرب ضروس تكالب فيها عليهم كل دول العالم وحتى شيعة العراق تكالبوا عليهم في قتال بربري.
النتيجة خروج إيران دولة قوية، وبدأت خطاها المتسارعة لتكون دولة نووية، وحتى إنها لحد ألان لم تطرح مسألة التعويضات العراقية لها كما فعلت بعض الدول العربية.
والحرب مع إيران أعادت العراق إلى عصور الاحتلال العثماني، وفي الوقت نفسه أصابت الدول الخليجية بأزمات مالية تحاول الخروج منها بطريقة أو أخرى.
ثم شيعة العراق هم الوحيدون الذي تم استعمالهم كقرابين لجهات عربية معادية للشيعة مثل الدول الوهابية والأمريكان.
ولفهم حالة شيعة العراق نتذكر قول سيد الكونين الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم:
- كما تكونوا يولى عليكم
الحديث لا يحتاج إلى تفسير لأنه يعني أيها الناس انتم تقبلون بمَن يمثلكم. فإذا كنتم يهود فتنتخبون يهودي ليتولى أموركم، وان كنتم منافقين فتنتخبون المنافق، وهكذا إذا كنتم ممن تمارسون الرشوة وتعيشون الفساد الإداري والخضوع لكل مهرج فستنتخبون حكومة تمثلكم. بالتالي الحكومة العراقية المنتخبة هي وليده الحالة الشيعية العراقية المتناثرة والغاطسة في المشاكل. لان من يسكت عن هتك عرضه على يد أزلام صدام، أو يتم تهجيره ، أو يفقد حقوقه، فانه ينتخب مجلس نواب ذليل ويقبل بحكومة ذل كما هي حكومة المالكي التي من الأنسب تسميتها بحكومة المماليك، الذين ممن كانوا من العبيد وحكموا دولة مصر. فمثل هذا الناس لا يفعل شي لتطوير نفسه أو يأخذ حقوقه، بل تصبح عادته البكاء واللطم في كل مناسبة أو غير مناسبة.
ربما هذا يفسر لنا كثرة أللطامة في العراق وقلة الناهضون بالأعمار والبناء.
ولان حديث الرسول صلى الله عليه وآله يبدأ من القاعدة الجماهيرية وهي الناس، فيمكن أخذ الأمر بطريقة مغايرة لقول النبي صلي الله عليه وآل وسلم، ونأخذ الأمر من جهة القيادة العليا وهي الحكومة، وهنا نتذكر قول الإمام الكاظم صلوات الله عليه وسلامه عندما قال:
- إذا كان رب البيت على الدف ناقر، فشيمة أهل البيت الرقص.
ويعني إذا كانت حكومتنا متربية على حالة الذل فالشعب الساكت عنها يتبعها ومثلها.
الأمر سيبقى كما هو لان الشعب لا يغير نفسه، وسيبقى ينتخب مجلس نواب ذليل يلد حكومة نفسيتها نفسية عبيد، لا تعيش ولا ترتاح إلا من تجد من يذلها من جهات أخرى تسبب عليها ضغط لمنع استتباب الأمر من خلال تطبيق حكومة الإعدام.
وبالتأكيد إذا قررت حكومة المماليك فرض النظام فإنها ستبدأ بقتل الشيعة كما تفعل اليوم في الديوانية، ولن تتجاسر حكومة المماليك بإعدام إرهابي سعودي واحد علنا..
لماذا؟؟؟؟...
لأنه من شيمة المماليك الغدر بمن أوصلهم لكراسي الحكم.
الغريب الأغرب أن يقول بعض ممن يساندون العملية السياسية المتعثرة في العراق بقولهم إن المتصدين لقيادة العراق هم أفضل ما موجود لدى ألشيعه، وهم يتعلمون كيف السياسة، وسيجيدونها مع الوقت!!!!.
ويبدو إن مثل هذا الكلام غريب جدا، فإذا كان المتصدون للعملية السياسية في العراق من هذا النوع وبهذا المستوى المتدني من التنفيذ، فعلى الشعب الهجرة إلى الخارج ليبحث عن الأرزاق ويستر عرضه وماله ويحمي نفسه، لأنه لا ينفع البقاء في العراق مع حكومة بهذه العقلية والتنفيذ.
وإذا كانوا هم ممن يتعلمون السياسية، فكيف قاد لينين وستالين دولة خرجت من دمار وتهاجمها ألمانيا وبنوا دولة عظمى، وكيف بنى ماوتسي تونغ الصين، أم كيف استطاع السيد الخميني قدس الله سره الشريف بناء إيران رغم كل ما أحاطها من ويلات؟
هنا أتذكر دعاء الإمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام عندما بقى وحيدا في كربلاء ، يشاهد جثث أصدقاءه وأبناءه وكل حبيب له مضرج بالدماء ملقى على الرمال، فرفع يديه الشريفتين إلى السماء داعيا على كل من وقف ضده أو خذله، عندما قال:
- الله فرقهم تفريقا، ومزقهم تمزيقا، واجعلهم طرائق قددا، ولا تجمعهم على رأي ، ولا ترضي الولاة عنهم أبدا. فقد دعونا لينصرونا، فبغوا علينا يقاتلونا.
انه نداء الشهداء يوم ذبحهم البعث ولم ينصرهم احد، وبعد سقوط صنم تناسى الجميع شبابنا وشاباتنا في سوح الإعدام، وانشغلنا بفضائيات وكلام سخيف لا تفهمه الملائكة ولا الشياطين، كلام ووعود وأكاذيب يطلقها مع الأسف من كانوا سابقا من المجاهدين والمناضلين، وأنستهم الكراسي حقوق الشهداء من عوائلهم نفسها.

فوزي حكاك

المصدر: صوت العراق، 30/8/2006