هل ينجح مشروع المصالحة الوطنية في ظل غياب اهم المقومات؟
مقدما اشكر جهود رئيس وزرائنا المحترم الاستاذ نوري المالكي واتمنى له كل التوفيق في مهمته ـ مسؤولية ادارة البلد. انها وبحق مسؤولية كبيرة جدا وصعبة للغاية.
لقد قام النظام البعثي المجرم خلال سنوات حكمه ( 1963 ـ 2003 ) الدموية المظلمة بجرائم لاتعد ولاتحصى، جرائم كبيرة وبشعة واستخدم فيها اقسى انواع الاساليب السادية في القتل
والبطش والتعذيب والخراب والدمار. ان الاجهزة القمعية لذلك النظام الفاشي تفننت في اساليب جرائمها وابتكرت اساليب لم يفكر فيها حتى مدربيهم الرومانيين في جهاز السكريوتاته ايام
الدكتاتور المقبور جاوجيسكو ورجال الاجهزة الامن القمعية في جمهورية المانيا الديمقراطية سابقا.
اذكر بعض تلك الجرائم للذين لايتذكرون او لايريدون ان يتذكروا وخاصة اولئك الذين لم يمسهم شر العصابة البعثية بشكل مباشر ويطالبون الضحايا بالنسيان وفتح "صفحة جديدة":
ـ جريمة التطهير العرقي بحق اكثر من 700 ألف مواطن، عام 1963 و 1970 و 1980 الى 1990. حيث تم رميهم خارج حدود الوطن من خلال المناطق الوعرة ومزارع الالغام اثناء
قادسية العار صدام بعد اهانتهم وحجزهم لفترات متفاوتة وحجز فلذة اكبادهم، لكي يتم ابادتهم فيما بعد من خلال تجربة اسلحة الدمار الشامل بأجسادهم الطاهرة، ونهب ممتلكاتهم المنقولة
وغير المنقولة واسقاط الجنسية العراقية عنهم ومصادرة وثائقهم الثبوتية. ولايزال الآلاف منهم يعيشون في مخيمات وفي ظروف قاسية لايستطيع اي من دعاة المصالحة الوطنية ان يعيش
فيها لمدة بضعة ايام.
ـ المقابر الجماعية التي لم يكتشف منها لحد الان الا القليل.
ـ جريمة حلبجة ووادي باليسان.
ـ جريمة حملات الانفال.
ـ تسميم الاهوار وتجفيفها وتشريد سكانها.
ـ التعريب.
ـ التبعيث.
ـ عسكرة المجتمع.
ـ استخدام العقاب الجماعي.
ـ ممارسة سياسة الرعب.
ـ التعذيب النفسي والجسدي والجنسي ( هل دخل احد دعاة المصالحة الوطنية الى مديرية الامن العامة وسؤل: شتحب تشرب ببسي لو سفن آب، والعراقيين يعرفون ما يحصل فيما بعد للـ
"الضيف" ).
ـ قطع اعضاء الجسم كـ اللسان والاذن واليد والقدم.
ـ وشم الجبين.
ـ اعدام الآلاف من قوافل المناضلين والمجاهدين وكل من يخالفهم الرأي.
ـ تدمير البلد واقتصاده.
ـ خوض ثلاث مغامرات عسكرية فاشلة تسببت في ولادات ذو تشوه خلقي وازدياد عدد حالات مرض السرطان بشكل غريب ناهيك عن الامراض الغريبة.
ـ ترك اعداد كبيرة من الايتام والارامل والعوانس والكثير من المشاكل الاجتماعية المعقدة.
ـ استخدام سم الثاليوم في تصفية المعارضين.
ـ تفجير اجساد المعارضين وهم احياء.
ـ سرقة واهدار المال العام.
ـ تفشي الامية والجهل بين قسم كبير من المواطنين.
ـ تهجير وتشريد اكثر من 4 ملايين مواطن الى خارج العراق وبذلك خسر العراق الكثير من مختلف الكفاءات.
ـ حرمان المواطنين من التمتع بالحرية والديمقراطية.
ـ تحويل العراق الى بقرة حلوب مجانية للدول العربية.
ـ حرمان المواطنين من الكثير من الاشياء التي يتمتع بها حتى مواطني الدول الفقيرة..
ـ ترك النظام بعد سقوطه وبسسب ادارته الرعناء الفاشلة بلد يسوده اكبر فاسد اداري في العالم وشعب اغلبه يعاني من الفقر والمرض والبطالة ونقص الغذاء.
ـ القضاء التام على الشعور الوطني والولاء للوطن وصار الولاء للامة العربية والصنم.
ـ توقف عجلة التطور والتمنية على كل الاصعدة عدا ادوات القتل والتخريب ( الاسلحة ).
والحبل على الجرار...
لقد تحرر العراق من قبل قوات التحالف الدولي ( قوات التحرير ) بعد انبطاح واختبأت اجهزت النظام القمعية ( الحرس الجمهوري، الحرس الجمهوري الخاص، جهاز الامن الخاص،
الحرس الخاص، فدائيي صدام، جيش القدس الذي كان يتكون من 6 ملايين عنصر، الجيش التقليدي، قوات وزارة الداخلية، المرتزقة المجرمين الاجانب من قومجية شارع حيفا البعثيين
ومرورا بمنظمة مجاهدي خر الايرانية وبقية العربان الفاشلة في اوطانها .. والخ ) في بيوتها خلف النساء والاطفال.
بعد تحرير العراق تم السكوت على البعثيين وكل الجرائم التي اقترفوها ولذلك استفحل هؤلاء المخانيث وخاصة بعد اطلاق سراح الآلاف منهم بالرغم من وجود الاثباتات بأقترافهم جرائم
بشعة مثل التفخيخ والذبح والتخريب والتهديد والاغتيالات وايواء حلفائهم من الارهابيين الاجانب وخاصة البهائم المفخخة.
استفحال البعثية المخانيث وازدياد جرائمهم هو بسسب محاولة تطبيق سياسية عفى الله عما سلف التي طبقها سابقا الزعيم الوطني العراقي الشهيد عبد الكريم قاسم. وبعدها غدروا بالزعيم
كرد جميل له.
من الملاحظ، هو ان كلما شارك البعثية اكثر في العملية السياسية كلما ازادت جرائمهم الارهابية الدموية اكثر لسبب بسيط وهو: اقترابهم اكثر من المعلومات الامنية. ابسط برهان هو ازدياد
جرائمهم بعد دخولهم العملية السياسية.
اذن هناك الآن جلاد وضحية. دعاة المصالحة الوطنية ولاسباب عدة منها الضغوط الخارجية يمدون يد المصالحة للجلاد وبدون تخويل الضحية ولا اجراء استفتاء كما جرى في الجزائر على
سبيل المثال.
هناك مقومات اساسية يجب ان تتوفر لكي ينجح مشروع السيد المالكي على المدى البعيد ويؤدي الى استقرار وامن حقيقي، اهم هذه المقومات هي:
ـ اخذ موافقة صاحب الشأن الحقيقي، الضحية، قبل كل شئ.
ـ رد اعتبار الضحايا بشكل رسمي وعلني.
ـ الكشف ان اماكن المقابر الجماعية التي لم تكتشف لحد الان والكشف عن مصير المجهول للشهداء الاخرين.
ـ الاقرار بالجرائم.
ـ محاكمة الجلادين الكبار وتنفيذ الاحكام الصادرة بحقهم.
ـ الاعتذار للضحايا والتعهد خطيا بعدم تكرار الجرائم مستقبلا.
ـ اعادة حقوق الضحايا وخاصة تلك المنهوبة من قبل الدولة ابان الفترة الصدامية الدموية المظلمة.
ـ تعويض الضحايا تعويضا عادلا.
هل يريد الجلاد المصالحة فعلا؟ الجواب هو لا لا لا. انهم يريدون اعادة عقارب الساعة الى الفترة الصدامية الدموية المظلمة، سنواتهم الذهبية. ان هؤلاء لايعترفون بالطرف الاخر
ويتعاملون مع الاخر على مبدأ السيد والعبد. وبالنسبة لهؤلاء يعتبرون المواطن المسلم الشيعي، على سبيل المثال:
ـ رافضي.
ـ كافر.
ـ الذي يقتل كذا عدد من الشيعة يدخل الجنة.
ـ عميل.
ـ احفاد ابن العلقمي.
ـ ابن زنة.
ـ ابن متعة.
ـ عجمي.
ـ ايراني.
ـ فارسي.
ـ راضع من صدر عجمية.
ـ كل شيعي فارسي، حتى وان كان ينتمي الى قومية اخرى غير الفارسية كالكردية او التركمانية او العربية على سبيل المثال. لاحظ كتاب ( الشيعة والدولة القومية في العراق ) للمؤلف
الاستاذ حسن العلوي.
ـ الاحزاب العراقية الاسلامية الشيعية ما هي الا احزاب ايرانية.
والخ من القاب واتهامات تعكس الاخلاق الحقيقية للبعث.
هذا بالاضافة الى التصريحات الاجنبية المشجعة، بعض الامثلة:
ـ الهلال الشيعي ( تصريح ملك الاردن عبد الله ).
ـ ولاء الشيعة الى ايران ( رئيس جمهورية مصرحسني مبارك ).
ـ الشيعة روافض كفرة ( فتوى دينية صادرة من علماء دين، وخاصة في السعودية ).
بالنسبة للخلافات الدينية يجب حسمها من قبل رجال الدين لمختلف المذاهب قبل كل شئ، لان ذلك ليس من اختصاص السياسيين.
يا دعاة المصالحة الوطنية: يجب ان تفهموا ان هؤلاء لايريدون مصالحة ولايعترفون بكم ان كنتم مسلمين شيعة او اكراد. فهولاء يذبحون العوائل ويقومون بجرائم التطهير الطائفي ويفجرون
الاماكن المقدسة وينفذون اجندات اجنبية قومجية طائفية مريضة. هؤلاء القتلة يطبقون المثل ( ضربني وبكى سبقني واشتكى ). فهم يقتلون ويذبحون ويخربون ثم يذهبون الى جامعة الرفيق
عمرو موسى وبعض الدول الطائفية القومية العربية والمؤتمرات العربية والاسلامية والسفارة الامريكية والبريطانية ليشكوا من اضطهاد ضحاياهم لهم. صفقة شراء الاسلحة التي قام بها
الرفيق المجاهد مثنى حارث الضاري مع رومانيا قبل عدة اشهر دفعة ثمنه، 10 مليون دولار امريكي، العائلة الحاكمة في قطر. ولكن ولحسن الحظ نجحت الحكومة العراقية بألغاء
الصفقة.
الخلاصة:
بما ان مشروع المصالحة الوطنية الذي اطلقه رئيس الوزراء يفتقد الى المقومات الاساسية المهمة المذكورة اعلاه فهو مشروع لمصالحة غير وطنية واصطناعية ومفروضة على الطرف
الاهم، الضحية.
وبما انها غير طبيعية ومفروضة فسيكون مصيرها بالتأكيد الفشل.
الشئ الايجابي الوحيد في مشروع المصالحة الوطنية هو تقليل جزئي لعدد الداعمين للارهابيين البعثيين ولكن هذا لاينهي الارهاب البعثسلفي. البعثيين وخاصة الصداميين منهم لايفهمون الا
لغة واحدة الا وهي العنف. العنف كان ولايزال الادات الوحيدة للبعث لحل اي شكلة كانت. لذلك يجب استخدام اليد الحديدة في معالجتهم ومعاقبتهم على جرائمهم لكي نتخلص من شرهم
ولتزعل الجامعة العربية وعمرو موسى والدول القومجية الطائفية التي لاتذخر جهدا الا وتبذله للضغط على الولايات المتحدة الامريكية التي تقوم بدورها بالضغط على النخبة السياسية
الحاكمة في العراق المظلوم.
كاحد الضحايا اود ان اؤكد التالي لدعاة المصالحة الوطنية: ليتصالح كل دعات المصالحة الوطنية من قادة الاحزاب العراقية والكوردستانية وقوات التحرير وغيرهم مع الصداميين المجرمين
فهذا شأنهم اما انا كضحية لا اتصالح مع الجلادين الا في حال توفر المقومات المذكورة اعلاه.
بعض دعاة المصالحة الوطنية يؤكدون على المصالحة ليس من دافع وطني وانما حفاظا على الكرسي ولايهمهم معاناة الضحايا وليس لديهم اي احساس اتجاه مشاعر وآلام الضحايا وما
تعرضوا له ومعاناتهم خلال سنوات طويلة.
عدم معاقبة المجرمين البعثيين الصداميين واعادة تأهيلهم واعادتهم الى جهاز ادارة البلد ماهو الا خيانة وطنية والاجيال القادمة سوف تلعن كل دعاة هذه المصالحة.
ليعلم الاستاذ المالكي: اذا استمرت الليونة والتنازلات للبعثيين واستمرالاستثمار في ماتسمى المناطق الساخنة لارضائها واستمرار حرمان المناطق الهادئة التي كانت ولاتزال تعاني من
التمييز والحرمان فتوقع قيام انتفاضة جماهيرية عارمة اعظم من انتفاضة عام 1991، لاتستطيع لا الحكومة ولا القوات المسلحة العراقية ولا المرجعية الدينية الحكيمة ولا قوات التحرير من
ايقافها او السيطرة عليها. وماذا سيكون مصير العراق حينها؟ نعم اننا نسير بأتجاه انتفاضة جماهيرية وليس حرب اهلية او طائفية اذا لم تحصل تغييرات حقيقية وشجاعة.
فوزي قطان
28/8/2006
مهجر منذ عام 1980، من ضحايا العصابة الصدامية الطائفية الشوفينية الفاشية