الفيليون : آراء في أصل التسمية

إختلفت الأراء في معنى كلمة (فيلي) التي تطلق على جمهرة واسعة من الكورد . فهي تعني عند بعض الباحثين (الثورة) وعند آخرين قد تعني (المتمرد والعاصي) على تقارب المعنيين فيما أورد باحثون آخرون الكلمة على أنها تعني (الشجاع والفدائي الثائر) وقد نسب الرحالة (هوكوكروته) الكورد الفيليين بأنهم من سلالة العيلاميين ليس بسبب إن موطنهم هو نفسه موطن العيلاميين بل أستند إلى أسباب بيولوجية من تشايه الوجه على سبيل المثال وليس الحصر ويرى بعض الباحثين إن أصل تسميتهم بالفيلي مأخوذة من أسم الملك بيلي (peli) الذي أسس سلالة عيلامية أمتد حكمها من 2220 ق.م وحتى عهد آخر ملوكها (يوزور أينشو سيناك) 2670 ق.م وقديماً تتلفظ الفاء باء وتحول الإسم مع تقادم الأزمنة إلى كلمة (فيلي) على غرار تحول الإسم الفارسي القديم (بارس) إلى (فارس) الحالية. على أن المؤرخين تناولوا شؤون تلك السلالة العيلامية في أبحاثهم وكتبهم بإسم سلالة (أوان) نسبة إلى مدينتهم (أوان) العيلامية .

ويرى آخرون إن الملك بيلي أقام أول مرة في مدينة شوش في العام 2220 ق.م كالبروفيسور (جورج كامرون) (4). وأكتشف إسم الملك بيلي على قطعة أثرية في معبد كيريريشا تعود إلى 2250 ق.م وقد أوردها (والتر هينتس) في كتابه الموسوم (دنيا ئي لام الضائعة) فيما أورد إسم الملك بيلي أيضاً المحقق يوسف مجيد زاده في كتابه (تاريخ وتمدن إيلام) ومن الباحثين من يرى إن كلمة (فيلي) أشتقت من كلمة (فهلة، بهلة، بهلو) (5) برغم التقارب اللفظي الموجود بين هذه الكلمات وكلمة (فيلي) إلا أنه ليس هناك أية علاقة في المعنى والمبنى بينهما من ناحية التفسير حيث لم يطالعنا التاريخ على مثل هذه بحيث تكشف أي نوع من الرابطة بينهما فضلاً عن عدم معرفة ماهية القصد هنا وراء الإسم (فيلي) وهناك رأي آخر يعد كلمة (فيلي) ببعد جغرافي عبر ربط الإسم بأسماء (بهلة ، بهلي) وهي أسماء لمنطقة في (زرين آباد) ويرى باحثون آخرون إن لقب (الفيلي) كان يطلق على والي لورستان التي كانت عاصمته (خرم آباد) في زمن الوالي حسين قولي خان أحد أشهر الأمراء الفيليين والذي تمتع بإستقلال شبه تام عن إيران وكان يطلق على عاصمته (خرم آباد) تسمية (خرم آباد فيلي) 6) .

كما أطلق ولاة بشتكو على أنفسهم لقب الفيلي وأطلقوها بدورهم على رعاياهم وما خضع لنفوذهم من عشائر كوردية أخرى بعيدة الصلة بهم أتت من مناطق كوردستان الأخرى وأندمجت معهم منذ عام 1585 م وحتى عام 1929 م عهد آخر الولاة اللور الفيليين غلام رضا (7). ويعتقد البعض إن الإسم (فيلي) أنحدر من كلمة (فيل) لأن الساكنين في منطقة (بشتكوه) كانوا يدربون الفيلة وإن الفيل الأبيض الذي دهس القائد الأسلامي أبو عبيد قائد الجيش الإسلامي في معركة الجسر كان مدربه من سكان المنطقة بل وحتى الفيل الذي دهسه ملكاً لقوم منهم وهذا الرأي خاطئ بلا ريب للأسباب التاريخية واللغوية التي تدحضه نظراً للفاصل الزمني البعيد بين أصل الفيليين القديم وتاريخ معركة الجسر الحديث أولاً ولفظة (فيلي) ليست عربية الأصل لكي تخضع لمقاييس وقواعد مفردات اللغة العربية . ثانياً فضلاً عن ظهور الكورد ومنهم الشريحة الفيلية إلى الوجود قبل ظهو رالعرب في التاريخ إستناداً إلى إبن خلدون في (تاريخه) وجعفر خيتال في مجموعة آرائه . ووصف (شوبرل) الفيليين بأنهم قبائل كوردية متعددة إستوطنت المناطق الجبلية مابين تركيا وإيران ولم يورد ذكر إسم العراق هنا لأنه كان جزءاً من الدولة العثمانية.

وقد وردت قبيلة اللر (باللر الفيلية) في مباحث المستشرق الدنماركي (أس.جي.فيلبرك) والبروفسور (جن راف كارتويت) والدكتور جواد صفي والمحامي عباس العزاوي الذي أكد وجود عشيرة (دوزارده) الكوردية في مدينة العمارة التي ربما كانت تسمى بإسم تلك العشيرة قبل تسميتها الحالية حيث يقول : (العمارة هذه البلدة بنيت في عام 1278 هـ 1861 م وكانت تسكنها عشيرة دوزاده من اللر الفيلية ومجموعات قبلية أخرى) ( 8) (7) . وعلى تباين وتنوع اللهجات والمظاهر الإجتماعية قسمت الشرف نامه الكورد إلى أربع مجاميع وهي (الكرمانج ، اللر ، الكلهر ، الكوران) فيما أورد العلامة الكوردي محمد أمين زكي في كتابه (تاريخ الكورد وكوردستان) وصفاً للمؤرخ الجغرافي الشهير ياقوت الحموي يصف فيه (اللر) بأنهم كورد يسكنون الجبال الواقعة مابين إقليم خوزستان وإقليم أصفهان . وتسمى بلادهم ببلاد اللر أو اللرستان وروى المسعودي عن مملكة فيلان شاه المتأسسة بعد الفتح الإسلامي لإيران حيث أقيمت هذه المملكة في غربها وكانت تسمى (مملكة صاحبة السرير) ومن ذرية بهرام كور حيث يشرح قائلاً (سميت صاحبة السرير لأن يزدكر الساساني عند هزيمته ترك سريره الذهبي وخزانته وأمواله مع رجل من ولد بهرام جور ليسير بها إلى هذه المملكة فيحرزه هناك إلى وقت موافاته فقطن الرجل في هذه المملكة وأستولى عليها وصلب الملك من عقده فسمي صاحب السرير ودار مملكته تعرف بالجمرج وله إثنا عشر ألف قرية . خشن منيع وهو يغير على الخزر مستظهراً عليهم لأنهم في سهل وهو في جبل وفيلان شاه هو الإسم الأعم لسائر ملوك السرير) (9). وقد ورد ذكر ملك فيلان شاه في مباحث كل من الدكتور محمد جواد مشكور ومحمد حسن خان 10) . وفي عام 1184م برزت الدولة الأتابكية الخورشيدية الفيلية غرب إيران والتي أستمر حكمها حتى عام 1598م حيث سقطت على يد شاه الصفوي عباس الأول باشر بعدهم حكم ولاة الفيليين الذين دام حكمهم حتى عهد بهلوي رضا خان التي شهدت تجزئة المنطقة الفيلية إلى ثلاثة أقاليم هي (لورستان وبشتكو وإيلام) وأستطاع الفيليون تأسيس حكومة لهم في العراق للفترة مابين 1524م و1533م برئاسة (ذو الفقار نخود) وهو رئيس عشيرة موصللو الكلهرية، حيث احتل بغداد بعد مقتل ابراهيم سلطان خان والى بغداد من قبل اسماعيل الصفوي وقد استقرت الاوضاع في عهده وبسط حكمه على بقية المدن العراقيةالتي لم تدم طويلاً إذ أسقطها شاه طهماسب الأول، وفي نهاية عهد شاه عباس تأسست الحكومة الديرية الفيلية في البصرة على يد أفراسياب باشاه وأستطاع كريم خان زند، وهو من عشيرة الزند احدى عشائر اللور الاصلية (الفيلية) التي كانت تسكن منطقتي بيدي وكمازان التابعتين لملاير في القرن الثامن عشر الميلادي من إقامة الحكومة الفيلية الزندية في إيران والبصرة والتي أسقطها القاجار. ومن الجدير بالذكر إن الأمير جابر بن مرداوه إتخذ اللقب الفيلي وسمى أتباعه بالفيلية بل وسمى إمارته (إمارة كعب الفيلية) وأطلق على أرضه المثلثة الشكل بين كارون وشط العرب بعد أن جعلها مدينة عامرة وإتخذها عاصمة ثانية له بأرض الفيلية والتي وجدت فيها قوات عسكرية من أبناء الكورد

( 1 )
الفيليين أرسلهم الوالي حيدر خان عرفاناً بالجميل الذي أسداه إليه الوالي الفيلي حيدر خان والي بشتكوه حين طلب الشيخ منه المساعدة وذلك أثناء الحملة الأتكليزية التي قام بها السير جيمس أوترام على المحمرة (إمارة كعب في الأهواز) في 6 آذار عام 1857م في زمن الشاه الإيراني ناصرالدين شاه الذي حكم بين (1896م-1848م) نتيجة لقيام الجيش الإيراني بالهجوم على بعض المؤسسات البريطانية في بلاد الأفغان مما جعلت ذريعة لإشعال الحرب بين الدولتين. وسارت القوة الأنكليزية وتعدادها ستة الآلاف جندي في شط العرب وجزيرة أم الرصاص في جانب العراق وقصفت مدينة المحمرة تمهيداً للإستيلاء عليها في 26 آذار 1857 م والذي تم بعد ذلك وقد التزم ولده الشيخ خزعل باللقب الفيلي وأطلق هو الآخر على رعاياه إمتناناً منه لتلك المساعدة التاريخية (11) . وحدود بلاد الفيليين تشتمل على كرمانشاه وكركوك شمالاً ونهر دجلة والخليج جنوباً ومناطق للورستان وبختياري وأقساماً من فارس شرقاً وكوردستان والعراق العربي ونهر دجلة غرباً ولم يكن الزعيم عبد الكريم قاسم ليجانب الحقيقة بقوله أمام الوفد الفيلي الذي زاره في 14 / 10 / 1958 لتهنئته (إن المناطق التي تبدأ من الضفاف الشرقية لنهر دجلة هي موطن الكورد الفيليين منذ القدم) وقد ورد في مجلة المجمع العلمي الكوردي (اللور ولورستان) للباحث علي سيدو الكوراني نص للرحالة اللورد كرزون جاء فيها ( لورستان ولاية عاصمتها خرم آباد ويحدها شرقاً .

المعاني والدلالات للمفهوم الكوردي للتسمية
ومعاني (اللر) والفيلي

يذهب جلّ اللغويين الكورد في العراق ان تسمية (فيلي) تطلق على الكورد المتداولين الكوردية اللرية كافة والتي تسمى مجازاً في احيان اخرى بالكوردية الكرمنشاهية (13) وحسب رأينا إن هذه التسمية غير صائبة لأن لهجاتها الفرعية هي (اللكية ، الكلهرية) اللرية الفيلية وقد سميت (اللرية الفيلية) بهذا الأسم لأن الكوردية اللرية تنقسم قسمين مهمين هما:-

1- (لوري فيلي) ومنهم من يطلق عليها (لوري اصلي) وتسمى مناطقهم باللور الصغير (لوري كوجك) وكذلك في منطقة بشتكوه او لورستان الصغرى وتعد مدينة (خرم آباد) العاصمة الادارية الفعلية للر الفيلية حتى عام 1929م عهد الولاية الكوردية الفيلية الأخيرة بأمرة غلام رضا خان (14) هذا فيما يخص الأجزاء الكوردية الفيلية في كوردستان ايران.

2- (لوري بختياري) ومنهم من يسميها بلهجة اللور البختيارية وتسمى مناطقهم باللور الكبرى (لوري بزرك) وتنتشر ما بين دزفول شمالاً حتى شيراز جنوباً واصفهان شرقاً واقليم الأهواز محافظة خوزستان غرباً . وتعد مدينة مال مير (ايزج) التاريخية بالقرب من مسجد سليمان في محافظة خوزستان مركزاً لكبار امرائهم (15) ويورد الاستاذ عبد الجليل الفيلي (16) أستناد اً الى ما أكده الاستاذ أيرج السيستاني في مؤلفه الذي مر ذكره من أن ( (اللر الصغير منذ القرن السادس عشر الميلادي عرف باللور الفيلي) وعلى وجه العموم فأن تاريخ القرن السادس عشر وان كانت السنة غير محددة لدى ايرج السيستاني الا انها مطابقة مع التاريخ الذي ذكره علي سيدرو الكوراني في بحثه (17) الذي جاء فيه (عام 1585 م وهو عام تولي حسين خان الحاكم الثالث والعشرين من حكام الدولة الخورشيدية في لورستان الصغرى) وتختلف التسميتين (لوري) و( فيلي) من حيث شموليتها او تفرعها في جهة العراق وجهة ايران فالتسمية (لوري) نادر التداول بين الكورد الفيليين في العراق واذا ما اطلقت التسمية لدى البعض (لوري) فأنها تعني الانتماء القبلي الى قبيلة صغيرة من بين صفوف الفيليين في العراق تعرف بأسم (لر) حيث ان التسمية (فيلي) محصورة في كوردستان الملحقة بالجانب الايراني في منطقة بشتكوه حيث تسمى بهذا الاسم ولاة هذه المنطقة وأطلقوها بدورهم على رعاياهم ومن هو تحت نفوذهم، ففي ايران يسمى الكورد الفيليين بأسماء عشائرهم المحلية ومناطقهم فهناك إقليم لورستان الذي يسمى بها الكثيرون فضلا عن اسماء قبائلهم المحلية مثل البختياري واللك والممساني وغيرها في حين تطلق تسمية (فيلي) في العراق على الناطقين بالكوردية اللرية وتفرعاتها، وتعد تسمية شاملة لهم، وساهمت الادبيات الكوردية الصادره في العراق في ترويج اللقب وأشاعته عبر أطلاق التسمية بالمطلق بالاستناد الى عامل اللهجه وهو أستناد خاطىء بلاشك كما ساهمت الاطلاقية العمومية لسكان محافظات كوردستان على الناطقين باللهجة اللورية لقب فيلي بالاستناد على عامل اللهجه وهو ذات الخطأ الذي وقعت فيه الادبيات الكورديه وهذا يعني ان اللور تسمية عامة شاملة في كوردستان ايران وان فيلي لقب فرعي والحالة هذه في العراق معكوسة حيث ان (لوري) يعد اسماً خاصاً وهنا لابد من التمييز الواضح بين اقليم لورستان في اجزاء ايران كونها شيء ووجود شريحة الكورد الفيليين في كوردستان المتحد مع العراق شيء آخر، حيث ان تسمية (فيلي) التي تطلق على الكورد القاطنين شرق دجلة والعاصمة بغداد وبقية المدن من وسط وجنوبي العراق نتيجة موجات الترحيل القسرية وعمليات التطهير العرقي التي طالتهم في محاولات صهرهم قومياً وخاصة في العهد الصدامي المقبور لايعني بالضرورة انهم من اقليم لورستان او منطقة بشتكوه في كوردستان إيران . كما ان اللر واللر الفيلي لاتعني بالضرورة انهم من كوردستان المتحد مع العراق.

وهناك قبائل من الكورد الفيليين من لايقرون بلقب (فيلي) مثل قبيلتي أركوازي وقره لوس وقبائل اخرى في مناطق مندلي وخانقين كما ان هناك قبائل تقطن كوردستان الجنوبي / كوردستان العراق ترجع بأصولها الى الكلهر ، والك ، اللر ومن هذه القبائل شيخ بزيني والشرف بياني والدلو. (18) ويظهر مماتقدم ان مدلول كلمة الفيلي وفي معناه العام ودلالته الاصطلاحية يشمل جميع القبائل الكوردية التي تقيم في الاجزاء الجنوبية من كوردستان على الجانب الايراني المسمى إقليميا لورستان،

( 2 )
وتشمل تحديداً محافظتي ايلام وكرماشان والتي قسمت في السنوات الاخيرة الى محافظات عيلام ، لورستان ، جوار محل ، شهر كورد وفي الجانب العراقي المناطق التي أشرنا إليه ومن الجدير بالذكر ان انعدام محافظة او اقليم بأسم لورستان في العراق قد ساهم في بروز تسمية (فيلي) واندثار كلمة (لوري) الا في حدود ماذكرناه، وفي هذا المجال يورد الاستاذ محمد توفيق وردي (19) مايلي :- (الفيلي كلمة حديثة لاتطلق على اخوتنا الكورد في منطقة (بشتكوه) وطنهم الاصلي بل هي اصطلاح عراقي صرف لأن الاسم العلمي والتاريخي الذي اطلق على اخوتنا الكورد هو (لر الصغرى) و (لر الكبرى) فليست هناك فيلي في ايران بل لكل قبيلة اسمها) ورغم ان الاستاذ محمد توفيق وردي يبالغ في الغاء كلمة (فيلي) في ايران من جهة ويتوهم في كون اصطلاح الفيلي حديث لأن السبب الذي يكمن وراء تصوراته اختلاف دلالة وتسمية (فيلي) في العراق عنها في ايران كونها تسمية شاملة لهم في كوردستان العراق وتسمية فرعية في كوردستان إيران وحصراً بمنطقة بشتكوه ، ان من الاسباب التي جعلت تفسير مفهوم الفيلي بهذا الشكل في كل من العراق وايران كلمة (فيل) (بفتح الفاء وتسكين الياء واللام) حيث تعني في الكوردية اللرية (السهل) وترادف في العربية الفصيحة كلمة (فلاة) و(فله) في اللهجة الشعبية الدارجة (كلفظ ثاني مرادف للمعنى) وبهذا الصدد يورد الاستاذ عبد الجليل الفيلي (20) ( الاستاذ جرجيس فتح الله ذكرلي بان الكاتب والناقد المعروف (نوري ثابت) كتب في جريدة حبزبوز الساخرة في حينه يقول :- ان الاصل في اطلاقها على الكورد الفلاوية ثم صححت الى فويلي وان الكلمة مأخوذة من كلمة فلاة- فلوات العربية وهو تخريج منا في الواقع حيث ان كلمة فلوات العربية تعني الارض المنبسطة او البطحاء القليلة الكلأ والماء حين ان المناطق التي يسكنها الكورد الفيليون تشتمل على السهول والجبال وتتميز بوفرة الكلا والمياه والمراعي وتنتشر فيها الانهار الكبيرة (الوند وكله نكير وسيروان وصيمرة وكنجياجيه م كما تكثر فيها العيون والجداول .

كما ان الشاعر الكوردي المعروف عبد الله كوران (21) اطلق على الفيليين في قصيدته التي القاها بمناسبة زيارة نادي الكرة الرياضي الى السليمانية عام 1961 (ابناء كوردستان الذين يقيمون هناك في السهول) وفي بيت آخر من شعره (وكان علي ان لاأرتوي من كبدي البعيد الساكن في السهول) وهناك من يعتقد بأن الفيليين الموجودين في المناطق الجبلية في ايران أنما كانوا في الاصل من كورد في العراق وقد لجأوا الى تلك الانحاء مضطرين بسبب تعرض مناطقهم الى الغزوات والفتوحات التي قام بها العرب للمناطق السهلية شرق دجلة (مناطق الكورد الفيليين التقليدية في العراق) أيام الفتوحات الاسلامية وغاية هذا الاعتقاد احكام صلة الاسم (فيلي) بالفيول (اي السهول وهو اعتقاد يقترب من الحقيقة ويكاد ان يكون مسلماً به لولا ان اعداداً من اللور الفيليين القاطنين في المناطق الجبلية في ايران بالاضافة الى كون الفيليين اصحاب امارة قوية في الماضي هم اكبر بكثير من حيث العدد والنفوس من اخوانهم وانسابهم في العراق وسهوله كما ان تواجد قسم منهم في المناطق الجبلية المتفرقة من كوردستان الجنوبي / كوردستان العراق . يبعد هذا المعنى (معنى السهل والسهول) وتسمية (فيلي) تعني (والي) وهي بلفظها تذكرنا بأصطلاحي (فرهي ، فلهي) في اللغة الفارسية القديمة (بفتح الفاء في الكلمتين وتسكين باقي الحروف) والتي تعني : رئيس ، زعيم ، شيخ (22) كما ان اصطلاح فيلار وفيلارك (23) لدى اليونانيين ايام السلوقين (خلفاء الاسكندر وقائده سلوقس) وايام البيزنطينين تعني المعنى نفسه زعيم ، رئيس ومن الجدير بالذكر ان اطلاق التسميات بهذا الشكل امر معتاد ووارد فقديماً سمى الكورد القاطنون في السليمانية (ولاية شهرزور) بالكورد البابانيين نسبة الى (بابه- بهبه) 24) وتعني الاب (الروحي – الاعتباري) وهي كنيسة دينية اكثر منها (رسمية او دنيوية) وهو لقب امراء وشيوخ الكورد في شهرزور والسليمانية قديماً فيما نسمي الكورد القاطنين في اربيل ايضا بالكورد السورانيين نسبة الى (سور) (25) وتعني الاحمر وهي الكنية الشعبية للأمراء المحليين في اربيل وماجاورها قديماً.
ان اتخاذ تسمية فيلي صفة الشمولية واعتبار اللور لقباً خاصاً في العراق يعد من الناحية العلمية الاكثر موضوعية وتطابقاً مع الحقائق التاريخية لأن كلمة (فيلي) او (بيلي) القديمة مرخمة من لقب (فهلوي - بهلوي) الاسم القديم الذي رافق الشعب الكوردي منذ العصور الوسطى وايام الساسانيين ثم العرب المسلمين قديماً المعاصرين لأيام الرسول (ص) والخلفاء الراشدين والدولتين الاموية والعباسية .

يقول زبير بلال اسماعيل في تاريخ اللغة الكوردية (26) مانصه :- (وكذلك الحال بالنسبة الى اللهجة الفيلية لأن كلمة فيلي التي اصبح فيها الباء فاءً ، والهاء ياءً وفق قواعد تبديل الاصوات في اللغات الايرانية اصبحت اسماً (اللور) الفيلي وقد اشتقت (به بلي - به رتي) (27) القديمة وهي اسم البارتين الاشكانيين وهذا ما تقوله نفسه.. العالمة اللغوية باكيزة رفيق حلمي في بحثها المنشور عام 1973 (28) والثابت في امر اللغة البهلويه ان اسمها جاء من اقدم نص ورد في الكتب الفارسية (29) على صورة (برتوه) (بفتح الباء المثلثة تشبه في لفظها حرف p في اللغة الانكليزية) وسكون الراء وفتح الفاء والواو وقد حدثت تطورات لفظية كثيرة طرأت على كلمة (برتوه ) وبمرور الوقت ونتيجة لتداولها بين شعوب وامم مختلفة صارت تلفظ بشكل (بهلوسرتو) (30) وكلمة سرتو او سرتي هو اللفظ الذي عرف به الشعب الكوردي لدى الفرس الاخمينين مما يدل على ان البهلويين اقروا بكورديتهم بادىء ذي بدء ثم تطورت الى (بهلوي ثم فهلوي) (31) والتي شاعت زمن اليونانيين المعاصرين او البارث الى زمن الدولة الساسانية وحتى الفتح الاسلامي والى فترات متأخرة من الفتح الاسلامي (32).

وقلب التسمية الكوردية (فيلوي) من لفظه الى (فيلي) قد جاء تكريراً للكلمة المرادفة لكلمة (فهلوي) وهي (فهلي) وتؤكد المصادر الاسلامية القديمة من ان (فهلوي اسم منسوب الى فهلة) فمن الناس من لفظة (فهلة) عند التسبب بشكل (فهلي) كما

( 3 )
لفظ اسم فهلة بشكل فهلوي بأضافة الواو والياء كما في الاسماء العراقية (موصلي / مصلاوي ، حلي / حلاوي ، بصري / بصراوي ، بدري /بدراوي) فأن نطق (فيلوي) بلفظ (فيلي) جاء تكراراً للكلمة المرادفة لكلمة (فهلوي) وهي (فهلي) اي تكريرها بشكل (فيلي) بتحويل الهاء في (فهلي) الى ياء في (فيلي) ومنذ اواخر العصر العباسي بدأ الفظ (فهلي) يحل محل (فهلوي) ويدلنا على ذلك ياقوت الحموي وفي معجمه (33) في حدود سنة 625 هـ / 1227 م وهي السنة التي وضع فيها الكتاب الذي اهداه بخط يده الى خزانة الوزير القفطي (34) حيث ذكر ياقوت الحموي عن لفظة (فهلوي)( 35 ) مانصه :- (فهلو : بالفتح ثم سكون ولام ويقال فهلة) نرى من هذا المقتطف ان الناس في ذلك الوقت كانت تعلم لاسيما مثقفوهم بأن (فهلوي) منسوب الى (فهلة) وبدلاً من (فهلوي) يقال (فهلة ( 36) ان الكورد بعكس الفرس لفظوها (فيلي) بقلب الهاء في (فهلي) الى ياء (فيلي) لأن حرف الهاء في اللغة الكوردية نادر التداول ويستعيض عنها لفظاً بحرف الباء واسم (بلاد فهلة) اطلق على الجهات التي انتشر ولايزال ينتشر فيها الكورد وهو ماذكره ايضاً ياقوت الحموي حيث قال :- (شيرويه بن شهردار بلاد الفهلويين سبعة).

ومن خلال هذا النص يتضح بأن ياقوت الحموي قد استند الى تحديد الجهات التي يطلق عليها (فهلة / فهلوي) الى اهل البلاد ذاتها والتي يطلق عليها (فهلة) كـ (شيروان بن شهردار) فأن كان شيرويه كوردياً فإننا نعلم يقيناً بأن الكورد في عصر ياقوت قد حددوا دلالات ومفهوم كلمة (فهلة / فهلوي) بالأرجاء والانحاء التي نزلها الكورد في ذلك الوقت واذ كان شيرويه فارسياً لعلمنا من مصدر فارسي من عصر ياقوت بأن (فهلة / فهلوي) غير مخصوصة بالمناطق التي يقيم بها الفرس ويقصد هذا الرأي نفسه خسرو الجاف (37) من ذلك يتضح ان (فهلي / فهلوي) المتطورة الى صيغة (فيلي) اسم قديم لبلاد الكورد ومن الجدير ذكره من ان لاعلاقة بين الاسم (بهلوي) الاصل الاول لكلمة فهلي القديم والقاب شاهات ايران المتأخرين في تاريخ ايران المعاصر وخاصة الشاه الايراني (رضا خان بهلوي) يرجع بنسبة لقب بهلوي الى عشيرة بالاني (الباء الفارسية تشبه حرف الانكليزي p ) من حيث النطق والتهجئة وهي احدى العشائر الفارسية التي أقامت في منطقة (مازندران) وبالتحديد منطقة (سواركوه) (جبل الفرسان) ولاتوجد اية علاقة عرقية او سلالية (واقعية) بين لفظ بالاني (بالاني) مسمى العشيرة الاصلية التي يعني اسمها (الاجلال) وهي جمع لكلمة (جلة) التي تعني ما يوضع تحت سرج الخيول من قماش أو سواه بقصد منع الخدوش والجروح الناجمة عن الإحتكاك على ظهور الخيول

ولاضفاء شيء من الجمال والهيبة لمظهر الجياد وهذا هو المعنى في كلمة بالان - بالاني التي تأتي للنسب والانتساب ليس اكثر ، غير ان المتزلفين للبيت الايراني المالك حاولوا ارجاع نسب الاسرة المالكة الى اسرة حكمت ايام الساسانيين بأسم (بايندي الهلواني او باواني بهلواني) ليضيفوا نفحة كاذبة من الابهة الفارغة وهالة من العظمة الزائفة على عراقة الاصل لقد تم الخلط بين لفظ (بالاني) من قبل المصادر شبه الرسمية في ايران (38) في العقد العشرين ، ولفظ البهلوي ، وكان ذلك بطبيعة الحال على حساب الحقيقة التاريخية التي تشوه ماهية هذا الاصطلاح (اي البهلوي) ودلالته اللغوية والعرقية فضلاً عن ان الفروق العرقية والحضارية بين (الفريسيين) او (البهلوانيين) والفرس القدماء واضحة منذ القدم حيث يورد المؤرخ طه باقر في كتابه الموسوم (مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة) (39) حيث جاء مانصه : - (وكانت الفروق بين الفريقين وبين الاقسام المتحضرة من ايران فروقاً واسعة بحيث لم تستطيع تسويتها فترة الحكم الغربي بعد مرور ازمان طويلة وكثير ما كان الإيرانيون يظهرون العداء ازاء الحكم الفرثي و(يقصد طه باقر بالفرثيين اي الفهلويون) او البهلويون لفظ اسمهم لدى الاقوام الاخرى المعاصرة ومنهم الارمن على سبيل بحيث انهم لم يعتمدوا ابان الازمات على مساعدة بلاد فارس .

احمد ناصر فيلي

المصدر: موقع حكومة اقليم كوردستان، 29/8/2006