نداء إستغاثة..

مرة أخرى يطلق القاضي الفاضل زهير كاظم عبود مبادرة كريمة، بتوجيه نداء إستغاثة إلى الحكومة العراقية لمساعدة أحد المنسيين في المنافي وهو السيد يحيى المفضل ذلك الشاب الذي التقيته في أحد المؤتمرات الحقوقية في واشنطن، دائم النشاط والعمل بتفاني في إعداد دراسات قانونية حول مستقبل العراق، إذ كنا مجموعة حقوقية نعمل سوية بروحية الأنسان العراقي المهني المستقل.

نداء مساعدة سيد يحيى المفضل أغرقني في حسبات وسحل ذكرياتي الى الوراء، عن قصة حقوقي عراقي فكر في الحد من فعالية النظام السابق من خلال دراسات ومشاريع قانونية، إنتهى به المطاف وحيدا عاجزا عن الحركة في ظل العراق الجديد، إذ إنسّل اليه حبربش المنطقة الخضراء أصحاب المحابس والسبح وسرقوا منه الحلم والأمل كما هو ألحال في مصير وطنه العراق.

اليوم نوجه نداء لأجل أحد ضحايا العراق الجديد يحيى المفضل، ربما غدا سوف يوقع العراقيون نداءً لأجل القاضي زهير كاظم عبود الذي نذر نفسه للمجابهة القضائية قبل إنطلاق عمل المحكمة الجنائية العليا، أو الدكتورعدنان الظاهر عالم كيمياء الذرة صاحب الفكر الأدبي المضاد الحيوي لفكر البعث.. وآخرين من نخيل المنافي.

لماذ؟ ما الحل؟
قبل 9 أبريل كنا نصحو كل يوم على مكرمة وهدية من القائد والحزب والثورة بدون إحم ودستور ودولة وقانون. كما عاش العراقيون تجربة مريرة مع سفارات صدام ومطاردتها للمعارضين، وتسخيرها للشرف العربي لإهانة الشرف والكرامة العراقية.

النداءات تكرس وتجدد ثقافة المكرمة والأرتزاق السياسي ، إذ أن صيانة وحماية حقوق العراقيين لا ترتبط بشخص رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء وإنما بوظيفة الوزارة والرئاسة التي يديرها شخص منتخب. أين حقوقنا نحن المواطنين العراقيين بموجب الدستور؟.

· أين حقوق الكورد الفيلية بإعادة الجنسية العراقية إليهم؟ أم أن التبعية العثمانية ما زالت عنوانا لوطنيتنا؟
· ما هو مصير أحفاد أبو ذر الغفاري في منافي الربع الخالي في رفحاء؟ أم أنّ ذي النورين يتشفع بنورانيته أمام الشعب؟
· أين حقوق المنفيين خارج العراق؟ بعد 9 أبريل عاد حبربش الأحزاب سماسرة الطائفية والمقابر الجماعية إلى العراق وزراء ومستشارين بشهادات مزورة عوضوا ما فاتهم بشراء فيلا أو منتجع، أما الأخرين فما يزال النفي والتهميش والإجتثاث ينهش إنسانيتهم.
· أين حقوق الأغنياء الفقراء من أبناء الأهوار في أعادة الأعتبار لوطنيتهم، أم كتب عليهم أن يدفنوا في مقابر جماعية مع النفط لأستثمار دهون عظامهم في زيادة آبار النفط الخام؟
· أين حقوق المجانين؟ أين أنتم من 25 مليون مختل نفسيا وعقليا بسبب الحروب والحرمان والإضطهاد السياسي؟ نحن نشتهر بكثرة المجانين لإسباب سياسية، لدينا من أصيب بلوثة عقلية نتيجة التعذيب بسبب فكره السياسي أو عراقي من اهل الله إستدرجه سائق تاكسي مخبر سري إلى الحديث بتذمرعن عدم توفر معجون الطماطة في الأسواق، إنتهى به المطاف الى الجنون، تعلموا الدرس من العدو(الصهيوني) ،حيث أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي إن الوزارة أمام مهمة صعبة لإعادة الثقة الى المواطنين وتأهيلهم نفسيا، لما عانوه من أزمة نفسية بسبب حرب أمدها شهرا واحدا، عكرت تمتعهم بعطلة الصيف.
· أين حقوق الطفل العراقي؟ أحباب الله أصبحو أرباب الشيطان مخيلتهم في الرسم لاتتعدى طلقة أو مدفع أو صاروخ إذ ماتت في ضمائرهم الوردة والطير والفراشة، في كل صباح ينشدون إنشودة الحرب (الكونة والمكاونة): "أنا جندي عربي بندقيتي في يدي ... طيط طيط طاط".صمتت في قلوبهم أغاني الحياة والحب.
· أين حقوق المرأة العراقية؟ الأم ،الزوجة ،الشابة ،الأرملة، اليتيمة. طالما أبدع الشعراء في التعبير عن حنان الأم العراقية من خلال دراما تكشف قدرتها على حمل علاكة المسواك وطفلها الرضيع معا بحنان وقوة في سوق شعبي مزدحم . أما اليوم فأن هذه الأم تترك طفلها الأشعث شحاذا في الشارع بكامل قواه القملية، كي تتفرغ هي للحصول على قنينة غاز تضعها على كتفيها كأنها رباعا.
· أين حقوقنا في الاستمتاع بالفن وحرية الكلمة والشعر والأدب؟ أم أن الثقافة الحبربشية في المدح والذم والتقديس والتسييس والتحزب والإجتثاث والتهميش أخذت دورها في تحشيش العقل العراقي؟ لماذا إختفت مهرجانات المسرح والشعر والسينما والفنون الشعبية والرقص ؟
· أين حق الهور والجبل والسهل والصحراء؟ أم ما تزال تعاني الإبادة البيئية من الكيمياوي والتجفيف وصهيل المزنجرات؟
· أين الكهرباء الماء، الهواء، حقنا في التنفس والعيش بحياة كريمة؟

أين حقوق الأنسان العراقي المستقل المجرد من كل الصفات والالقاب؟

أين حقوق الحقوقي العراقي المهني المستقل يحيى المفضل ؟

تلك هي حقوق الإنسان كما وردت في بنود الدستور والشرائع الدولية شأنها شأن الفيدرالية وحصانة المرجعية والعتبات المقدسة والطقوس والشعائر الدينية .

سيدي الفاضل القاضي زهير كاظم عبود

سأدون إسمي في سجلات الإستغاثة وأرجوا إعداد لائحة أغاثتي ربما من مرض عضال أو عوز عيش أو دفن جسدي المتفسخ في وطن قد يتفسخ. حسبي أن يسترزق سياسي من موتي أو مرضي أو عوزي في مكرمة من لدنه، دون أن يذرف من أجلي دموع السنيورة..لايوجد بينهم لا سنيور ولا سنيورة.

حقوقنا في الدستور والقانون..لا غير

ضرغام الشلاه
27/08/2006

المصدر: الاخبار، 27/8/2006