الملا شعبان ...رحلة مع المنابر الحسينية

رجعت بي الذاكرة إلى الوراء وإلى أيام الطفولة في عقد الخمسينيات من القرن الماضي عندما وقعت عيناي على صورة ملا شعبان، من خلال الموكب الحسيني في منطقة (عكد الأكراد) وتذكرت مقهى المرحوم ميرعلي وشخصيات الطرف (الحي) الذين غادروا هذه الدنيا الفانية |إلى دنيا البقاء وتذكرت جيداً الموكب الحسيني الذي أقامه المرحوم ميرعلي بمساعدة جميع البيوت في المنطقة وكيف تحول الشارع في الليل إلى أشبه ما يكون بقاعة على جانبيه الأرائك وعلى أرضية الشارع فرشت (الباريات) وهي حصران من القصب ممتدة لعدة مئات من الأمتار، إنها لم تكن مواكب حسينية فقط وإنما كانت منتديات ومجالس محبة بين أبناء تلك الأحياء والتي ذكرتني بكل هذا هي الصورة التي عثرت عليها لملا شعبان القارئ الحسيني الذي ذاع صيته في وقته في بغداد بالإضافة إلى مدن عراقية أخرى، فقد كان يحيي الكثير من المآتم في البصرة ومدن أخرى.

ولد المرحوم الملا شعبان وإسمه الكامل شعبان رحيم علي من عشيرة الماليمان الكوردية في مدينة بغداد عام 1912 وخدم المنبر الحسيني أكثر من نصف قرن بالإضافة إلى المآتم الحسينية كان يستغل تلك المناسبات بإلقاء القصائد والخطب الوطنية التي بسببها تعرض إلى الإعتقال أكثر من مرة من جانب السلطات، أما مهنته الرئيسة فكانت في تجارة الفواكه والخضر كما يعد المؤسس الأول لنقابة الكيل والحمالة التي إندمجت مع نقابة الخدمات الإجتماعية. بسبب المضايقات والإعتقالات المستمرة إضطر إلى ترك المنابر العلنية خصوصاً في الستينيات من القرن الماضي وفي الفترات التي منعت المواكب من قبل السلطة كما إتخذت إجراءات شديدة ضد المخالفين لتلك الأنظمة. إستمر شعبان في مسيرة العطاء الديني والإجتماعي والسياسي حتى وافاه الأجل في عام 1983، رحم الله شعبان ورحم كل رموز الشعب العراقي.

جريدة آفاق الكورد
العدد -53- 15/8/2006