معاناة الكورد الفيليون

من هم الكورد الفيليون ؟ واين يسكنون داخل العراق؟ وما هي معاناتهم؟
الكورد الفيليون في العراق هم شريحة مهمة من المجتمع العراقي وهم بالأضافة الى تواجدهم في مدينة بغداد فقد سكنوا المدن العراقية الاخرى التي تمتد من جنوب كركوك شمالا وحتى البصرة جنوباً ومن الحدود الايرانية شرقاً الى السواحل الشرقية لنهر دجلة غرباً.
أزداد عدد الكورد الفيلية في بغداد بعد تأسيس الدولة العراقية بشكلها الحالي.
كان للكورد الفيليين دور كبير في تنمية وتطور الاقتصاد العراقي. وكذلك كان لهم ولا يزال تأثير على الثقافة العراقية. تعرض الكورد الفيليون الى مختلف انواع التمييز العنصري والمظالم وسوء المعاملة على أيدي الحكومات العراقية المختلفة وخاصة حكومة صدام وحزب البعث حيث أنه لم تتعرض شريحة اجتماعية واسعة من المجتمع الانساني في العصر الحديث الى انواع من الظلم والقهر مثلما تعرضت له هذه الشريحة ومن اشد هذه الاجراءات التعسفية بحق هؤلاء المظلومين ألغاء هويتهم العراقية وتسفيرهم الى الخارج بين فترة وأخرى وبشكل غير قانوني كما ان الاكراد الفيلية من اهم عناصر مكونات النسيج الاجتماعي في العراق بصورة عامة والكوردستاني بصورة خاصة.

لا بل ان محبتهم لمدينة بغداد فوق كل الاعتبارات والحدود وقد لا اغالي بقولي بأنهم يعشقون بغداد بعد حبهم الكبير لـ(كوردستان) فقد ساهموا في اعلاء بناء أسس دار السلام منذ تأسيسها الأول وشاركوا في التطور الصناعي والثقافي في العراق وتحملوا المشاق في ايصال صوتهم الحر الأبي الى كافة شرائح المجتمع حتى أنهم كانوا في طليعة مؤسسي الحركات السياسية في العراق الحديث. لا ريب ان أصالة هذا القوم تتعدى حدود التهميش التاريخي الذي منوا به كنتيجة مباشرة لتخلف الوعي العام حول ثقافتهم وانتمائاتهم فكما ذكرت فأن الفيلية تواجدوا في الحركات السياسية العراقية ولا ريب ان جميع سجون العراق من شمالها ا لى جنوبها كان دار للفيليين فهم مناضلون أشداء حملوا رايات الاحزاب السياسية عموماً دون ان يتواجدوا في كتلة موحدة (فيلية) وكانت هويتهم الوحيدة عراقية حرفة وبقوا يتكلمون بأحلى لهجة من لهجات اللغة الكوردية لا بل حتى بغداديتهم لهجة متميزة اصيلة ونقية .
الفيليون اليوم يتخبطون بين الانتماء القومي والسياسي والطائفي فبينما ترفع اصوات تنادي بالهوية الفيلية المستقلة هناك أصوات أخرى تدعوالى عدم تجزئة الشعب الكوردي الى طوائف وملل واعتماد الهوية الكوردستانية كمظلة موحدة من ابناء هذه الامة اذ أخذوا مكانهم الطبيعي في الاحزاب السياسية الكوردية ويتبوأ عدد منهم في مراكز مرموقة.
لكن الظلم الذي وقع بهم وخاصة ضمن سياسة النظام السابق في تهميشهم وسوق العديد منهم وبالمئات من بيوتهم واعمالهم وتهجيرهم على أساس كونهم من التبعية الايرانية وهي سياسة استعمارية قديمة تهميشية وتفريقية للتركيب التعددي للشعب العراقي جاء بالويلات علينا كنتيجة للصراع العثماني مع الامبراطورية الفارسية وتركهم في العراء وراء الحدود في ايران.
وهذا الامر قد جلب مآسي كبيرة الى هذه الشريحة المهمة وبعد أن طال الانتظار ترك العديد منهم هذه الدنيا الفانية بحسرة الى رؤية عروستهم البهية بغداد ولكن ابنائهم واحفادهم بقوا على وفائهم وقد عاد العديد منهم الى ديارهم.
كانت الاسواق البغدادية بصورة عامة مكاناً طبيعياً للتجار الفيليين فهم أعتادوا على مزاولة التجارة في اكثر مناطقها وبالخصوص شارع الرشيد وشارع النهر بأسواقها وشارع الجمهورية وسوق الشورجة التاريخية وقد كانوا من كبار التجار ولكن لم ينسوا انتمائهم القومي ابدا|ً والغريب ان الفيلي يرى الفيلي كوردياً اصيلاً وهذا يدل مدى اعتزازهم بأنتمائهم القومي وبكورديتهم.
ان تكامل النسيج الاجتماعي الكوردي مهم جداً في هذه المرحلة الحالية وفي المستقبل ، ان الواجب القومي والانساني يتطلب من حكومة اقليم كوردستان الاهتمام بهذه الشريحة المهمة وعدم اهمال قضاياها وتقديم التسهيلات اللازمة لهم وتشجيعهم لأنماء ثقافاتهم وتطلعاتهم المستقبلية التي تجري لتصب في مصب الخير العميم رغم اختلاف ينابيعها مكوناً النسيج الثقافي الوطني الكوردي .
وأود أن اشير الى مسألة أخرى مهمة تخص هذه الشريحة المظلومة وهي مسألة البطالة ان ما تعانيه الشريحة الفيلية في الداخل من العائدين أو هؤلاء القلة التي بقت في العراق واسعفهم الحظ النجاة من طوق التهجير والتصفية لهو أمر مأساوي حقاً.
فالبطالة المتفشية في الوسط والجنوب بشكل عام والتي في غالبيتها قد فقدت مصادر عيشها ورزقها ولا زال من كان يملك عقاراً أو محلاًِ تجارياً يرتزق منه. ونتمنى ان يتحسن الوضع بصورة عامة ومشكلة هذه الشريحة بصورة خاصة.هي تمشية معاملات الجنسية وعقود الزواج والوثائق الاخرى للتوظيف والدراسة ،لعل وعسى ان لاتتأخر بعد الان ليستقروا ويعيشوا.

سهام مصطفى
جريدة افاق الكورد
العدد -53- 15/8/2006