مؤتمر أربيل مقررات... انجازات

في العام الماضي عقدت مجموعة من اللقاءات بين السادة المسؤولين في القيادة الكوردستانية والكوادر السياسية والبرلمانية والثقافية الكوردية الفيلية في بغداد فأبدى كل واحد منهم اهتماماً بالغاً بقضية هذه الشريحة من شعبنا الكوردي ومعاناتها وما تعرضت اليه من عمليات التهجير والتسفير وضياع الاموال والاولاد وتوجت تلك اللقاءات الشخصية بعقد مؤتمر أربيل في شهر كانون أول 2005 شارك فيه اعداد كبيرة من ابناء هذه الشريحة من داخل العراق وخارجه والحق يقال انها كانت تظاهرة كبيرة ومهمة وفرصة ذهبية لألتقاء وجهات نظر ممثلي التيارات السياسية المختلفة جمعتهم القواسم المشتركة موحدة في الموضوع والهدف إذعقد المؤتمر برعاية السادة رئيس الاقليم ورئيس الوزراء فضلاً عن حضور ممثل عن السيد رئيس الجمهورية العراقية.

لقد طرحت في المؤتمر العشرات من الآراء وجرت المناقشات التي امتدت في بعض المرات الى ساعات من الليل والكل كان يسعى من اجل هدف واحد وهونصرة الكوردي الفيلي الذي كان الظهير الحقيقي ووقود الثورة الكوردستانية التي ضحى من اجلها بالمال والأرواح واستبشر الجميع بالمقررات خيراً وعم السرور كل القلوب وأنتهى المؤتمر بتشكيل لجنة لمتابعة المقررات وهنا بدأت المشكلة فقد تم تشكيل اللجنة على اسس المحاصصة والعلاقات الشخصية حيث ضمت بين اطرافها عناصر ليست بمستوى المسؤولية ومن اعضائها بعض الاخوة القاطنين في الدول الأوربية منذ اكثر من ربع قرن وهذا ما جعل من تواجدهم المستمر وتفاعلهم مع المشاكل الفيلية من الامور الصعبة بالأضافة الى غيابهم عن المجتمع العراقي والفيلي هذه الفترة الطويلة. ان خطورة مشكلة الكورد الفيليين تتطلب جهوداً كبيرة من جانب كوادر واشخاص ذو ي خبرة علمية وثقافية بالموضوع كما تتطلب عناصر مدركة ومعايشة لهذه المعاناة ومتمكنة من طرق جميع الابواب وعن طريق جميع المحافل السياسية والرسمية واشراك المجتمع المدني في ايجاد الحلول الجذرية للمشكلة الا أنه وللأسف الشديد وبالرغم من تأكيد السادة المسؤولين في الاقليم على ضرورة ايجاد الحلول الا أنه لم تتحقق ولو فقرة واحدة من مقررات المؤتمر وتركت المشكلات كلها على الرفوف ولم يتطرق اليها أحد ولم تتناولها أية دائرة أو منظمة بشكل جدي وهذا ان دل على شيء فأنما يدل على الاسلوب البروتوكولي لتشكيل اللجان وانها كانت في الحقيقة اسقاط فرض ليس الا . ان وجود بعض اعضاء اللجنة من المقيمين في الخارج لم تكن في ذاتها مشكلة فأنهم دون شك أخوة اعزاء واكثرهم عانوا من المأساة ومنهم كانوا الضحية أيضاً فكان الاجدر ان يتم تشكيل لجان منهم تعمل خارج العراق لزيادة تعريف الرأي العام العالمي بهذه القضية والسعي للحصول على الدعم المالي والمعنوي للمساعدة في الاسراع لأعادة الفيليين الى وطنهم العراق من جانب المنظمات الدولية الرسمية وغير الرسمية أن تطبيق مقررات مؤتمر أربيل يتطلب قدراً كبيراً من الجهود ونكران الذات من جانب اعضاء اللجان وترك كل المحاصصات والخلافات الشخصية جانباً وان كانت الاحزاب الكوردستانية هي الارضية الصلبة التي يقف عليها المواطن الكوردي ولو لا ها لما وصل الشعب الكوردي في العراق الى تحقيق اهدافه العادلة بعد هذه التضحيات الجسام من جانب الكورد داخل الاقليم وخارجه لذلك فأن الواجب الكوردي والانساني يتطلب اعادة النظر في تشكيل اللجنة وان تناط اعمالها بشخصيات قادرة على الفور في حل المشاكلات والمآسي الانسانية للكورد الفيليين والسعي بكل جد من اجل اعادة البسمة الى الشفاه الحزينة وارجاع شيء من الأمل الى نفوس جردتها السلطة الدكتاتورية من ابنائها واموالها سلطة خلفت وراءها جيوش من اليتامى والثكالى والأرامل وخلفت بلد يعيش ابناؤه في ظروف القرون الوسطى من فقدان الخدمات الرئيسة في وقت يطفو العراق على بحر من النفط والخيرات التي لا تقدر ولا تثمن. أما في الآونة الأخيرة فقد ظهرت شخصيات تدعي مسؤوليتها عن الملف الفيلي وضرورة ايجاد الحلول للموضوع ذاته فهو يستحق التقدير ولكن المفروض ايضاحات تامة حول هذا الملف وآلية العمل في هذا المجال ومرة أخرى نؤكد على الجدية التامة وبذل أقصى الجهود لتطبيق مقررات مؤتمر أربيل وكل تقاعس في هذا المجال من شأنه أن يلحق المزيد من الحيف والمزيد من الحقوق الضائعة ومزيداً من المآسي والآلام .

فريدون كريم ملك

المصدر: جريدة افاق الكورد، العدد -52 -8/ 8/ 2006