الدكتور جعفر محمد كريم ـ الانسان .. الطبيب .. السياسي
الدكتور جعفر محمد كريم.. شخصية وطنية كوردية معروفة.. ناضلت من اجل القضية بكل ما اوتيت من قوة.. لكنها لم تنل حقها الكافي في الكتابة ووصف ملامح هذا الانسان النضالية في
بداية حياته السياسية حتى رحيله.. ويعود هذا التقصير في عدم الاهتمام لمثل هكذا شخصية من ناحية الكتابة والتوضيح .. لأن الاقلام الكوردية لم تأخذ دورها في التصدي لتؤرخ حياة
المناضلين الرواد الذين لا يمكن فصل سيرة حياتهم عن مسيرة الحركة التحررية الكوردية..
وتكمن الاهمية في الكتابة عن الدكتور (جعفر محمد كريم) لكونه مناضلاً ورفيقاً للبارزاني الخالد(رحمه الله) .. واحد المؤسسين للحركة التحررية الكوردية الى جانب (حمزة عبد الله وصالح
اليوسفي ورشيد باجلان) وغيرهم من الرواد الذين اثمروا مسيرة العطاء الكوردي بنضالهم ضد الظلم.. حياة الدكتور جعفر بدأت من زرباطية التي شهدت صراخ طفل اعطى للقضية
الكوردية كل ما يملك وكانت ولادة الدكتور (جعفر محمد كريم) وسط عائلة وطنية كوردية فيلية، وقد نشأ وترعرع في بغداد، و والده احد الشخصيات الاجتماعية المعروفة واحد مؤسسي
جمعية الكورد الفيليين في العاصمة بغداد عام 1946 حياة الدكتور المهنية كانت تعبيراً عن التواضع..فقد عرف بتواضعه ومحبته للفقراء.. وقد كان يصف العلاج لكثير من مرضاه مجاناً
مراعاة لحالتهم المعيشية عندما كانت لديه عيادة طبية في محلة (باب الشيخ) وقد استمر على عمله كطبيب حتى بعد استقراره في العاصمة الايرانية طهران حيث كان يفتح عيادته يومين في
الاسبوع مجاناً.. وقد انضم الدكتور الى منظمة (هيوا )في كوردستان العراق التي كانت تمثل في ثلاثينيات القرن الماضي لصدام وطموحات المثقفين والشباب الكورد.. وقد ساهم بشكل
رئيسي في جريدتي (شورش) و (رزكاري) في عام 1945 وكذلك انخرط في صفوف الحزب الديمقراطي الكوردستاني (البارتي) الذي كان قد فتح مرحلة جديدة في نضال الشعب
الكوردي.. وقد انتخب الكتور جعفر في (المكتب السياسي) في المؤتمر التأسيسي المنعقد ببغداد في 16 / 8 / 1946 .. وقد عرف بأنه من ابرز مثقفي الحزب.. والتحق بصفوف ثورة
البارزاني وعمل في مهاباد .. وربطته علاقات وثيقة مع الشهيد (قاضي محمد) رئيس جمهورية مها باد.. ومن جهة اخرى كان للدكتور نشاط بارز في الحياة السياسية الوطنية العراقية
وعلاقاته كانت وثيقة مع الحزب الوطني الديمقراطي وخاصة رئيسه المرحوم (كامل الجادرجي) ونتيجة لنضاله الدؤوب فقد تعرض الدكتور (جعفر) الى الاعتقال والمضايقات مرات عدة
منها اعتقاله في اربيل عام (1942) بسبب انتمائه الى منظمة هيوا وارسل من اربيل الى معتقل العمارة .. كما واسقطت عنه الجنسية العراقية عام ثمانية واربعين بذريعة التبعية الايرانية
رغم انه عراقي الولادة مما اضطره ذلك للانتقال الى طهران والاقامة فيها .وفي طهران ايضا اعتقل لمدة ثلاث سنوات لانه ساهم في خدمة جمهورية مهاباد واطلق سراحه بعدها ثم عاد
ليعتقل مرة اخرى بعد سقوط حكومة محمد مصدّق الوطنية وتعرضه لعمليات تعذيب طويلة في المعتقل الشاهنشاهي ..وبعد قيام ثورة تموز عام(1958) في العراق اصدرت حكومة عبد
الكريم قاسم قرارا باعادة الاعتبار للمناضلين العراقيين من العرب والكورد الذين انتهكت حقوقهم المدنية وذلك عن طريق منحهم الجنسية العراقية التي اسقطت عنهم .. ورغم الحاح العديد
من الاصدقاء عليه رفض الدكتور (جعفر محمد كريم) الرجوع لانه افنى حياته كأحد الناشطين المعادين للوجود الاجنبي ومن المطالبين بالحياة الديمقراطية والحقوق القومية المشروعة للشعب
الكوردي وعموما فقد كانت عيادة الدكتور جعفر ملتقى للعراقيين وبالاخص الكورد من كافة انحاء كوردستان فقط كان قبلة للمحبين وهكذا استمرت حياته الى ان توفي عام 2000
شاكر الفيلي
جريدة آفاق الكورد، العدد: 51- 1/8/ 2006