تشابه القدر بين أحداث الأكراد الفيلية وغفران قطر
حمد سالم المري
almarri1001@hotmail.com
الوطن الكويتية، 29/7/2005
من قدرة الله تعالى ان تتشابه الاحداث والوقائع التي تحدث للبشر رغم اختلاف الاشخاص والامكنة والازمنة لهذا قص الله تعالى في كتابة العزيز قصص الاولين للعبرة والعظة كما ظهر علم التاريخ
ليؤرخ كل ما يجري على الارض من احداث وينقله للاجيال القادمة للاستفادة من هذه الوقائع في تسيير واقعهم والتخطيط لمستقبلهم، فالناظر الى كتب التاريخ يجد ان هناك احداثا ووقائع تشابه الاحداث
التي تجري حاليا وكأن التاريخ يعيد نفسه من جديد ولكن للأسف قليل من الحكومات العربية تأخذ العبرة والعظة من هذه الاحداث، فها هي الاحداث تتشابه بين الاكراد الفيلية في العراق زمن نظام صدام
حسين البعثي عام 1980 وأحداث عشيرة آل غفران من قبيلة آل مرة في قطر في
وقتنا الحالي، فرغم التباعد العقائدي والعرقي بين الاكراد الفيلية في العراق وعشيرة
الغفران في قطر ورغم التباعد الجغرافي بين قطر وكردستان العراق الا ان الاحداث التي
وقعت لهاتين الفئتين تتشابه الـى حد بعيد، ففي العراق قام صدام حسين المدعوم
لوجستيا من قبل الادارة الامريكية في حربه ضد ايران في ذلك الوقت باسقاط الجنسية
العراقية عن الاكراد الفيلية الشيعية الذين يشكلون 2% من اكراد العراق
وطردهم من اعمالهم وصادر ممتلكاتهم وابعدهم الى ايران بعد ان وجه اليهم تهما متنوعة
ومختلفة، فبادىء الامر اتهمهم بالعمالة للحكومة الايرانية ومحاولة قلب نظام حكمه
بعد ان قام نفر من الاكراد الفيلية بمحاولة اغتيال فاشلة لنائب رئيس وزرائه في ذلك
الوقت طارق عزيز. ثم بعد ذلك ألصق تهمة ازدواجية الجنسية فيهم كونهم من الشيعة
محاولا ترويج حجة بأن اصولهم ايرانية مع ان العالم اجمع يعلم بأنهم اكراد وان
الاكراد ينتشرون بين العراق وايران وتركيا وسوريا ولم نسمع بأن أيا من الدول هذه
طردت الاكراد الذين يعيشون في اراضيها بتهمة ان اصولهم ترجع الى دولة اخرى يعيش
فيها اكراد. وبعد تهجيرهم الى ايران قام صدام حسين باعادة الجنسية العراقية الى نفر
قليل جدا من ابناء الاكراد الفيلية بعد ان غير جنسياتهم من عراقية تبعية عثمانية -
أي العراقي الاصلي - الى عراقية تبعية فارسية. اما في قطر فقد قامت الحكومة القطرية
المدعومة لوجستيا من الادارة الامريكية حاليا بإسقاط الجنسية القطرية عن اكثر من
ستة آلاف مواطن قطري من ابناء عشيرة الغفران من قبيلة آل مرة وما زال مسلسل اسقاط
الجنسية جاريا والرقم في زيادة مطردة اتهمتهم في بداية الامر بتورطهم في المحاولة
الانقلابية الفاشلة عام 1996 بعد ان شارك عدد قليل من ابناء العشيرة في هذه المحاولة التي اراد منظومها اعادة الامير السابق الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني الى سدة الحكم ولكن
بسبب مشاركة عدد من القبائل والاسر القطرية في المحاولة الانقلابية ومنهم اشخاص من اسرة آل ثاني غيرت الحكومة القطرية تهمتها لابناء عشيرة الغفران الى تهمة جديدة هي ازدواجية الجنسية وان
اصولهم ترجع الى الجزيرة العربية التي تحكمها المملكة العربية السعودية ولهذا عمدت حكومة قطر إلى طرد جميع ابناء العشيرة من وظائفهم الحكومية والخاصة وأوقفت رواتبهم منذ شهر اكتوبر
2004 حتى يومنا هذا وحرمتهم من التمتع بالرعاية الصحية والتعليمية المجانية كونهم في نظرها اصبحوا مخالفين لقانون الاقامة وصادرت منازلهم التي ما زالت تملكها الدولة ومنعتهم من التصرف
بأموالهم المنقولة كالسيارات والعقارات التي يملكونها الا بعد استخراجهم جنسية سعودية ولكن بسبب تمسك ابناء عشيرة آل غفران بحقهم وارضهم قطر امرت الحكومة القطرية قواتها الأمنية المتمثلة في
شعبة البحث والتحري بالقاء القبض على كل فرد من ابناء العشيرة وسجنه في سجن الابعاد مع العمالة السائبة حتى يضطر لتوقيع تعهد باستخراج جنسية سعودية وبعدها يعطى مهلة لا تتجاوز الأيام
المعدودة للهجرة الى المملكة العربية السعودية مع جميع افراد أسرته بجوازاتهم القطرية وبكفالة شخص قطري يتعهد بعد ادخالهم الى الاراضي السعودية بأن يرجع الى قطر ومعه جوازاتهم القطرية التي
ستصادرها الحكومة القطرية. ولكن بسبب الضغط الاعلامي على الحكومة القطرية قامت ادارة الجنسية في قطر بارجاع الجنسية القطرية لبعض الافراد من ابناء العشيرة بعد تغييرها من جنسية قطرية
اصلية الى جنسية بالتجنيس استبدال فيها مقر الميلاد من الدوحة الى الرملة -منطقة في الربع الخالي- التابعة للمملكة العربية السعودية.
ورغم ان احداث الاكراد الفيلية مضى عليها اكثر من خمسة وعشرين عاما الا ان قدرة الله تعالى غيرت الاحوال فقد انقلبت واشنطن على صدام حسين الذي كانت تؤيده في السابق بعد ان تغيرت
مصالحها القومية فارسلت جيوشها لتحتل ارضه وتزيل حكمه وتقتل ابناءه وتسجنه في زنزانة يغسل ملابسه الداخلية بيده ثم تسلمه للحكومة العراقية ليقف ذليلا امام القضاء ليحاكم على جرائمه التي
ارتكبها ضد شعبه ومنهم الاكراد الفيلية فهل ستعتبر حكومة قطر من جريان التاريخ؟ فقد صدق المثل القائل (دوام الحال من المحال).