مبررات تنظيمات سياسية كوردية خارج كوردستان ـ الكورد الفيليه

د. مجيــــد جعفـــر
10/7/2005

هل هناك مبررات لإقامة تنظيمات سياسية كوردية (كوردية فيليه مثلا) خارج كوردستان؟ الجواب نعم. ومن الممكن الإشارة إلى عدد من العوامل التي تبرر وتشجع على تأسيس تنظيمات سياسية للكورد القاطنين خارج إقليم كوردستان العراق بشكل عام، والكورد الفيليه بشكل خاص. اولا كثرة عددهم، وثانيا تجاربهم الغنية ودورهم البارز والمشهود له في صفوف الحركة التحررية الكوردستانية وفي صفوف مجمل المعارضة العراقية وثالثا لشراسة أساليب الاضطهاد والمظالم التي تعرضوا لها على يد دولة العراق بسبب هويتهم وانتمائهم وقوتهم التجارية والاقتصادية والمهنية والتضحيات الجسام التي قدموها نتيجة ذلك. كثرة عددهم وتواجدهم في "المركز" والوسط والجنوب يعطيهم وزنا ملموسا في العملية الديمقراطية والبرلمانية سيكون لصالحهم ولمصلحة جميع الكورد في العراق ولصالح كل العراق. يمكن ألإشارة إلى المبررات التالية التي لها صلة بالكورد الفيليه أنفسهم من جانب وبكوردستان وقيادتها من جانب أخر:
 

عوامل لها صلة بقضايا الكورد الفيليه ("خصوصيات" قضايا الكورد الفيليه):

إضافة إلى مشاركة الكورد الفيليه للشعب الكوردي في العراق ككل في التطلعات والطموحات القومية العامة المشتركة، فان للكورد الفيليه (وبقية الكورد المقيمين خارج كوردستان)، قضايا لها خصوصيات عديدة تتطلب نظرة وتقييما وحلولا محددة قد تختلف عن تلك التي تتعلق بقضايا كوردستان. يمكن ذكر ما يلي من بين أهم هذه الخصوصيات ما يلي:

1 ـ مكان الإقامة: الغالبية العظمى من الكورد الفيليه تقطن خارج كوردستان العراق، في بغداد خاصة وفي وسط وجنوب العراق. لذا ترتبت على ذلك نتائج وتبعات كثيرة، أكثرها سلبية وبعضها ايجابي، من بينها:

أ ـ تعرضهم بشكل مباشر ولدرجات اكبر للتمييز والتفرقة والضغوطات والمضايقات في مختلف مجالات الحياة وللصهر القومي القسري على يد سلطات الدولة العراقية خلال فترات طويلة أشدها قسوة في السبعينات والثمانينات.

ب ـ تعرضهم لضغوطات غير مباشرة اجتماعية واقتصادية وثقافية ونفسية ("إكراه" غير مباشر) وفي مجال العمل والتعليم/الدراسة وغيرها تضغط عليهم لإخفاء انتمائهم وهويتهم القومية ولغتهم الكوردية، وأحيانا حتى الادعاء بأنهم عرب، لتجنب التعرض لهذه الضغوطات ومن اجل أن يتم "قبولهم" من قبل القومية السائدة في محيطهم الا كوردي.

ج ـ اعتبار المقيمين منهم في المركز (غالبية الكورد الفيليه) خطرا مباشرا على النظام السابق بسبب عددهم السكاني وقوتهم الاقتصادية-التجارية وحجم النخب السياسية والتكنوقراطية عندهم.

د ـ النظر للمشاركة الفاعلة للكورد الفيليه في الحركة التحررية الكوردستانية وبقية قوى المعارضة العراقية كخطر مباشر على النظام الصدامي، مما ادى بدوره إلى شدة قسوة وعداء ذلك النظام الدكتاتوري ضدهم.

2- تجريدهم من المواطنة ومصادرة جميع الوثائق الثبوتية العراقية: تعرض الكورد الفيليه لمشاكل يومية ومعاناة سيكولوجية واقتصادية واجتماعية وثقافية مستمرة بسبب التشكيك بمواطنتهم العراقية لمبررات شوفينية، تطغي عليها عقدة الاستعلاء، وتجريد القسم الأكبر منهم من المواطنة، بحجج مثل "الأصل" و"التبعية" (حسب قانون الجنسية العتيق الذي سُنَّ بعد خلق دولة العراق الحالية فَقَدَ كل العراقيين عراقيتهم وصاروا جميعهم "تابعين" لدولتين اجنبيتين هما تركيا، وريثة الإمبراطورية العثمانية، وإيران، وريثة الإمبراطورية الصفوية، لذا تم تقسيم العراقيين إلى تبعية "عثمانية" وتبعية "إيرانية") واصبحت التبعية الأولى دليل الأصالة والثانية الشك في "الولاء للوطن".

3 ـ التسفيرات والتطهير العرقي: نظرت دولة العراق التي كانت تسيطر عليها النخبة السياسية ذات "التبعية العثمانية" للكورد الفيليه كغرباء عن العراق وتعاملت معهم كأجانب غير مرحب بهم لأسباب قومية-شوفينية وسياسية (على رأسها تبعات الصراع الطويل بين الإمبراطوريتين الصفوية والعثمانية للسيطرة على "بلاد ما بين النهرين") واقتصادية وغيرها رغم ان الكثيرين منهم كانوا، قبل تجريدهم منها، يحملون شهادة الجنسية العراقية من "التبعية العثمانية" او مسجلين في تعداد النفوس منذ إحصائيات النفوس الأولى ومن بينها سنة
1947 وما بعدها. تم تنفيذ سياسات التسفير والصهر العرقي والإبادة بأساليب متنوعة (من بينها استعمالهم وهم أحياء عند إجراء التجارب على الأسلحة الجرثومية والكيماوية قبل استخدامها في حلبچه وغيرها في كوردستان، او سحب دمائهم لاعطائها لجرحى الحرب العراقية-الايرانية – وهاتان الجريمتان تبوبان كجرائم ضد الانسانية). جرت هذه التسفيرات بموجات اختلفت في شدتها حسب أفكار وسياسات ومواقف الحكومات العراقية المختلفة، كانت أشدها وأكثرها قسوة ولا إنسانية حملات التسفير في بداية الثمانينيات والتي سبقتها حملات اخرى اعوام 1969 و1970-1972.

4 ـ رسم الحدود الدولية : تواجد الكورد الفيليه على طرفي الحدود بعد رسم الحدود الدولية بشكل اعتباطي وكنتيجة للحروب بين الإمبراطوريتين العثمانية والصوفية والتشدد في فرض هذه الحدود ومراقبتها وتحولها إلى مناطق عسكرية، مزق عوائلهم وسبب لهم مشاكل جمة خاصة في أوقات توتر العلاقات ومن ثم الحرب (
1980-1988) بين الحكومتين العراقية والإيرانية. كما استغلت القوى القومية المتطرفة هذا الواقع لإثارة الشكوك حول مواطنة وولاء الكورد الفيليه للعراق وإثارة الضغينة والحساسيات ضدهم.

5 ـ التعدديـة والتنافس: التعددية والتنافس هما من بين مستلزمات الديمقراطية شرط أن لا تؤدي إلى "الاحتراب" بل إلى قبول واحترام الآخر والتعاون والتضامن ووحدة الصف على القضايا العامة الرئيسية والأساسية، خاصة في الأوقات العصيبة والمصيرية.


عوامل لها صلة بقضايا كوردستان العراق:

هناك قضايا تتعلق بكوردستان العراق تؤثر على الكورد الفيليه ووضعهم بشكل مباشر وغير مباشر، من بين أهمها ما يلي:

1 ـ تحول إستراتيجية القوى السياسية في كوردستان العراق من التأكيد على "الكوردية" إلى التأكيد على "الكوردستانية"، أي تغليب العامل الجغرافي (كوردستان) وسكانها بجميع المكونات القومية والدينية على العامل القومي (الكوردي). يؤدي هذا بدوره إلى وضع تركيز أضعف وإعطاء اهتمام أقل بقضايا الكورد الفيليه عند القيادة السياسية الكوردستانية وقضايا الكورد المقيمين خارج كوردستان بشكل عام بالمقارنة مع قضايا سكان كوردستان من كورد وقوميات وأديان أخرى (بأستثناء المستوطنين).

2 ـ على رأس أولويات القيادة السياسية الكوردستانية في المرحلة الحالية هي الفدرالية وكركوك وغيرها من الأماكن التي تعرضت للتطهير العرقي والموقف من قوات الپيشمه‌رگه والحصة في الموارد العامة والدستور الدائم. أما القضايا الأخرى فدرجات أسبقياتها وأولوياتها هي منخفضة لدى القيادة السياسية الكوردستانية بالمقارنة مع هذه القضايا.

3 ـ اعتبار القيادة السياسية الكوردستانية الكورد الفيليه جزء من الشعب الكوردي في العراق شأنهم شأن بقية الكورد من سورانيين وبهدنانيين وهوراميين وأزديين وشبك وكاكائية وغيرهم. إضافة إلى أن بعض القوى حاول ويحاول استغلال خصوصية قضايا هذه المكونة او تلك من مكونات الشعب الكوردي من اجل دق إسفين في صفوفهم من اجل تمزيق الصف الكوردي العام لأضعاف الكورد عموما بهدف عدم تلبية الحقوق والمطالب المشروعة لكل مكونات الشعب الكوردي في العراق. إلا أن القيادة السياسية لم تعر في نفس الوقت اهتماما فعليا كافيا لخصوصيات قضايا ومشاكل الكورد المقيمين خارج كوردستان عامة والكورد الفيليه خاصة، من أجل وضع حد لمحاولات هذه القوى أن تصل إلى أهدافها تلك.

4 ـ شعب كوردستان العراق يمر الآن بمفترق طرق وتطورات مصيرية حاسمة وحساسة ستحدد مصيره الآن وفي المستقبل المنظور. لذا تتركز كل جهود وطاقات القيادة السياسية الكوردستانية على تحقيق وتثبيت هذه القضايا المصيرية الحاسمة والحساسة المتعلقة بكوردستان العراق في العملية السياسية الجارية حاليا وفي الدستور الدائم.

5 ـ قـد توجد تساؤلات لدى بعض الأوساط الكوردستانية حول مدى ودرجة غلبة العامل القومي بالمقارنة مع العامل المذهبي عند الكورد الفيليه والذي قد يؤدي بدوره إلى تحديد ولائهم السياسي. إذا تم النظر إلى نتائج الانتخابات في بغداد والوسط والجنوب فمثل هذه الشكوك والتساؤلات لا يمكن الإجابة عليها بشكل موضوعي لعدم وجود أية إحصائيات حول عدد المشاركين من الكورد الفيليه في هذه الانتخابات وكيفية تصويت المشاركين منهم في التصويت وكيفية توزع أصواتهم على مختلف القوائم الانتخابية. إلا أن هذه النتائج يثيرها المتشككون من بين هذه الأوساط للادعاء بأن "
95% من الكورد الفيليه" صوتوا لغير القائمة الكوردستانية دون تقديم أي دليل أو إثبات على ذلك. الإشارة هنا إلى وجود مثل هذه الشكوك والتساؤلات والادعاءات هي أولا ربما أنها مؤشر على وجود قلق مشروع لدى قياديين كوردستانيين بسبب عدم نجاح أحزابهم في كسب هذه الأصوات العديدة (والذي يؤدي بدوره إلى تساؤل مشروع هو لماذا لا يقوم هؤلاء القياديون – من ذوي الآفاق الواسعة والمتفتحة من غير الذين قد يتصورون أنهم قد يكونوا من بين "المعصومون من الخطأ" ـ في النظر إلى سبب أو أسباب عدم نجاحهم في كسب أصواتهم، إذا افترضا، من قبيل المناقشة فقط، أن النِسب التي يقدمها البعض تعكس الواقع الحقيقي)، وثانيا أنها تتطلب من الكورد الفيليه بذل جهود اكبر بين الأوساط الكوردستانية لتقديم شرح أفضل لقضاياهم ومشاكلهم التي قد لا يقدرها البعض من هذه الأوساط حق قدرها، مع الأسف الشديد.

6 ـ يرى قسم من القيادات الكوردستانية إن القوى السياسية الكوردستانية أنها بذلت وتبذل الجهود من اجل رفع الغبن عن الكورد الفيليه ولتحقيق المطالب والمكاسب المشروعة لهم وإعطائهم مراكز مسؤولية وفسح المجال أمامهم للعب دورهم السياسي في العراق الجديد. الإشكالية في "فسح المجال" أمام الكورد الفيليه مقيدة بشروط ألانتماء و/أو الولاء الحزبي ويتم ذلك ضمن أطرها وشروطها هي وليس على أسس ألانتماء القومي والولاء والوطني والكفاءة والقابلية السياسية والمهنية.

7 ـ ربما توجد ملاحظات لدى قادة لبعض القوى السياسية الكوردستانية حول مواقف البعض من الكورد الفيليه (الذين كانوا في مراكز مسؤولية عالية في الحركة التحررية الكوردستانية) بعد نكسة آذار
1975 وتعاون هذا البعض مع النظام السابق، وحول دور البعض ألآخر منهم في الوقت الحاضر. لكن مثل هذا الملاحظات لا تقتصر على الكورد الفيليه بل على أفراد من مختلف مكونات الشعب الكوردي في العراق ولو بدرجات متفاوتة. كما أن بعض قيادات هذه القوى "غاضبة" على شفافية وصراحة عدد من الكتاب من الكورد الفيليه الذين عبروا عن آرائهم علانية ومن منطلقات المصلحة العامة داعين إلى وحدة الصف الكوردي ونبذ الاقتتال وسمّوا الصالح بالصالح والخطأ بالخطأ بشكل صريح وعلني.

8 ـ أنه لأمر طبيعي أن لا تشجع الأحزاب القائمة على تأسيس كيانات سياسية جديدة لأسباب عديدة ومتباينة من بينها المنافسة السياسية أو محاولة هذه الكيانات أخذ البعض من أعضاء ومؤيدي وأنصار تلك الأحزاب أو منافستها في كسب مؤيدين جدد.

9 ـ عدم قدرة العديد من الكورد الفيليه من الذين يتسنمون مراكز قيادية في الحزبين الكردستانيين الرئيسيين وغيرهما من الأحزاب العراقية وغيرها ولأسباب واضحة على حمل أحزابهم على إعطاء اهتمام أكبر وبذل جهود أكثر من اجل قضايا ومصالح الكورد الفيليه، رغم وجود تباين في المواقف واستثناءات بين هؤلاء القياديين.

10 ـ يلاحظ البعض عدم مواكبة القوى السياسية الكوردستانية للتغيُّرات والتطورات السياسية والتنظيمية المعاصرة لبلورة رؤية جديدة وحديثة حول كيفية تنظيم الكورد، بمن فيهم الكورد الفيليه، القاطنين خارج كوردستان في داخل العراق أو خارجه (الشرق ألأوسط وأوربا وأمريكا الشمالية واستراليا) على ضوء التطورات والأوضاع والظروف الجديدة والمستجدة في العراق والعالم، بل بقيت رؤيتها تنحصر على نفس الأشكال والهياكل التنظيمية التي سارت عليها منذ إنشائها، والمتأثرة كثيرا بالأشكال والهياكل التنظيمية للأحزاب "اليسارية" الكلاسيكية (الشيوعية أو الماركسية) التي بدأت نفسها في تغيير أساليب وأشكال وهيكلية تنظيماتها في العراق والعالم. وإذا جرت مقارنة بين الأحزاب ألكوردستانية والحزب الشيوعي العراقي يلاحظ أولا تعدد الأحزاب الكوردستانية في حين كان هناك حزب شيوعي عراقي واحد منذ البداية ثم شكل له فرعا في كوردستان حتى أقرّ تشكيل الحزب الشيوعي الكوردستاني، وثانيا هو عدم وجود فصل صريح وشفاف بين "الإدارتين" و"الحزبين"، في منطقتي ألإدارتين (هولير والسليمانية) وخارجهما إضافة إلى تعدد مراكز القرار قبل انتخاب الأستاذ مسعود البرزاني رئيسا للإقليم.

11 ـ علاقة قيادة الحركة الكوردستانية مع المركز: علاقات الحركة الكردستانية مع المركز أثرت وستؤثر على مواقفها العملية (ليس التعاطف والتضامن) تجاه قضايا ومشاكل الكورد الفيليه مع دولة العراق والحكومات العراقية، وقيّدت وتقيد، بدرجات متفاوتة، حرية ومجالات تحركها في هذا الشأن. حصلت مثل هذه الحالة عندما قام النظام السابق بحملات تسفير الكورد الفيليه علم
1969 وأعوام 1970-1972 إذ كان رد فعل العديد من القيادات الكوردية "فاترا" بسبب "عدم الرغبة في توتير العلاقات مع حكومة بغداد" بسببها، حسب رأي عدد من القياديين آنذاك (في حين كانت مواقف مصطفى البرزاني، أبرز قائد تأريخي معاصر للكورد، وقياديين آخرين، مؤيدة لحقوق الكورد الفيليه وايجابية تجاههم ومشجعة لهم عمليا في ستينات وسبعينات القرن الماضي). وحصل ثانية في أعقاب أشرس حملة ضد الكورد الفيليه عندما غضت قوة سياسية كوردستانية النظر عن المآسي الجسيمة التي كان يتعرض لها الكورد الفيليه آنذاك وأجرت مفاوضات مع نظام صدام في 1983-1984. أما الآن وبسبب انشغال القيادة الكوردستانية بالقضايا المصيرية المتعلقة بكوردستان، خاصة وضع كركوك والمناطق الأخرى والدستور الدائم، ذات اعلى الأولويات لديها، أما القضايا الأخرى خارج كوردستان فليست ضمن أولوياتها الرئيسية.

12 ـ ليس من المتوقع أن تتبنى الجهات العراقية ألأخرى مناصرة ومساندة الكورد الفيليه عمليا وبجدية في سعيهم لاستعادة حقوقهم. وصل الأمر ببعض الكتاب على الانترنيت من المحسوبين على هذه الجهات إلى حدّ التهديد بإبعاد مَن لم يبعدهم صدام من الكورد الفيليه عن بغداد ومصادرة حقوقهم وممتلكاتهم، وربما حجز شبيبتهم أيضا (من يعرف؟) ولو أنهم لم يذكروا ذلك صراحة، لمنع "تكريد" بغداد و"انتقاما" لجهود القيادة الكوردستانية إلغاء آثار التطهير العرقي في المناطق الممتدة من خانقين ومندلي إلى سنجار مرورا بكركوك خاصة عودة المستوطنين في هذه المناطق إلى أماكن إقامتهم الأصلية. من بين الأسباب الرئيسية لهذا الموقف هو أن ألكثيرين من المستفيدين من الأملاك المصادرة من الكورد الفيليه في بغداد وغيرها من مناطق العراق هم من المحسوبين عليها (هذه الممتلكات هي في الحقيقة مسروقة من قبل دولة العراق وفي البداية "تمت مصادرتها إلى وزارة المالية" والآن تعتبرها نفس الدولة "أملاك متنازع عليها" بين أصحابها الشرعيين الأصليين وبين القاطنين فيها حاليا - في حين أن ممتلكات اليهود المسفرين والمغادرين منذ عام
1948 هي أموال مجمدة يستطيعون استعادتها نظريا).

13 ـ أظهرت نتائج الانتخابات الأخيرة ضُعف الأحزاب الديمقراطية واليسارية رغم تأثيرها السياسي الملموس. أما القوى القومية غير الكوردية فلا يتوقع منها أن تكون مؤثرة في قضايا الكورد الفيليه. كما أن هذه القضايا ليست ضمن أولويات هذه الأحزاب ولكن من المنتظر أن تكون على استعداد لنصرة ومؤازرة الكورد الفيليه في جهودهم لاستعادة حقوقهم.

14 ـ عدم إعطاء القوى السياسية الكوردستانية/الإقليم أهمية فعلية لحقيقة كون الكورد الفيليه هم العمق السياسي والقومي لها في المركز وفي وسط وجنوب العراق وبأن للكورد الفيليه وزن لا يستهان فيه في العملية الديمقراطية والبرلمانية بسبب حجمهم السكاني (في انتخابات المجلس الوطني وغيرها وفي الاستفتاءات) ووجود كوادر تجارية وسياسية وتكنوقراطية كثيرة يمكن للإقليم الاستفادة منها ومن قدراتهم وخبراتهم وتجاربهم ورساميلهم وبأن هناك حاجة لتحشيدهم وكسبهم لصالح المصالح العامة لجميع ألكورد ومن ضمنهم الكورد الفيليه، بأفعال وإجراءات وآليات عمل محددة، لا بمشاعر وعبارات التعاطف والتضامن وألتاييد فقط (وليس بنسيانهم "سهوا" إذ يجعل ذلك "العذر أكبر من الصوچ"). والتباطؤ في اتخاذ إجراءات وآليات عمل منذ الآن ربما يكرر في الانتخابات القادمة والاستفتاء القادم نفس نتائج الانتخابات لقائمة التحالف الكوردستاني في بغداد والوسط والجنوب التي جرت في
30/01/2005 والتي لم ترضى عنها القيادة الكوردستانية كما عبر عن ذلك عدد منهم بقولهم إن "95% من الكورد الفيليه في بغداد صوتوا لغير قائمة التحالف" بل لغيرها). حتى عند أعطاء قياديين من الأحزاب الكوردستانية تصريحات أو تقديم مطالب حول تصحيح تبعات سياسات تغيير الواقع القومي والتهجير القسري في مناطق كوردستان للنظام السابق فإنهم، بشكل عام، لا يشيرون لا من قريب ولا من بعيد إلى التهجير القسري (التسفيرات) للكورد الفيليه. ونفس "الموقف" يلاحظ عند ذكرهم شهداء الكورد وكوردستان فإنهم يذكرون كل مجموعات الشهداء باستثناء الـ 5000 إلى 10000 شهيد من المحجوزين من الكورد الفيليه. هذا الواقع يسبب ردود فعل ليست إيجابية بين الكورد الفيليه ويشعرون أنهم منسيون في حسابات هؤلاء القادة وهذا بدوره تفسح ألمجال واسعا للقوى الأخرى أن تؤثر عليهم بمختلف الأشكال. أليس من الأفضل للقيادات رؤية الواقع الكوردي الفيلي كما هو وليس كما قد يصوره لهم بعض "مصادرها" غير الدقيقة؟


الخلاصـــــة

يرى الكثيرون من الكورد الفيليه (وبين الكورد عموما من القاطنين خارج كوردستان العراق) والذين تزداد أعدادهم باستمرار أن من ألأفضل لهم ولبقية الإطراف، وعلى ضوء ما ورد أعلاه من مبررات، أن يحاولوا أن يأخذوا أمورهم في أيديهم من أجل انتزاع مواطنتهم وحقوقهم وممتلكاتهم المسلوبة منهم ومعرفة مصير شهدائهم الذين احتجزهم وسجنهم ثم "صفاهم" النظام الصدامي ولرد الاعتبار إليهم وتحقيق تطلعاتهم المشروعة للعب دورهم في العراق الجديد كبقية مكونات الشعب العراقي والذي يتناسب مع حجمهم السكاني وأدوارهم وخبراتهم في الحركة السياسية الكوردستانية وفي صفوف المعارضة العراقية وضخامة المآسي والخسائر المادية والبشرية التي تعرضوا لها، شرط صيانة وحدة الصف الكوردي في كل العراق والحفاظ على أقوى العلاقات مع القوى السياسية الكوردستانية وقياداتها وحكومة ألإقليم، وطَلَب مساندتها ودعمها وتأييدها لجهود الكورد الفيليه لانتزاع حقوقهم ("الحق يُؤخذ ولا يُعطى" في نظمنا السياسية)، وإقامة أحسن العلاقات مع جميع مَن يساندون ويؤيدون مثل هذه الجهود.