حوزة الشيخ المفيد للكورد الفيلية (الشيعة)
المهندس صارم الفيلي
sarimrs@hotmail.com
صوت العراق، 31/7/2005
أنشأت في عاصمتنا الحبيبة حوزة علمية دينية لشريحة ذابت ولاءا في حب ألأمة المعصوميين من اهل البيت (ع)
وهم الفيليون أو قل الشيعة الكورد لأعداد جيل منهم يتفقه في الدين اصولا وفروعا وفق المنهج الأمامي الأثني
عشري وقد تراس الحوزة هذه الشيخ بريد الفيلي . انتهى الخبر .
لأضيف تعليقي الخاص حول بعض السمات الفكرية للشيخ المفيد الذي يعتبر من أوائل علماء الشيعة الذين بذلوا
جهودا جبارة في اتباع المنهج العقلي في العقليات والمنهج العقلائي في العقلائيات ، والفرق بين العقلية انها
نظرية تجريدية ، اما العقلائية هي التي تتعلق بالفكر المفتقر الى الأنسان ، أو لنقل الفكر الذي يتحرك في مساحة
دائرتة البشرية ،انه العقل العملى ، أو الحكمة .
وجد الشيخ المفيد ضرورة استخلاص الفكر اطلاقا من تضارب الأخبار ان وجدت ، بل هي كذلك موجودة بدرجة
أو اخرى في كنب الحديث ، بسبب بعض الواضعين الذين دسوا حتى في الأسانيد لأصحاب موثوقين من أئمة
أهل البيت (ع) كزرارة مثلا ، لتدخل بعض هذه الأحاديث الموضوعة المخالفة للقرآن الكريم وثابت السنة النبوية
الأثني عشرية الصحيحة ، هذه التلفيقات ، في تلك العصور التي افتقدت الى مالدينا من تكنولوجيا الوصول الى
المعلومة - مع ذلك نجد تزويرا أو تضخيما أو نقلا غير أمينا للخبر في عصرنا الحالي- فكيف الحال في زمن الشيخ
المفيد (قدة) ، كان الشيخ يدرك الخطورة اكثر عندما تتصل ببعض تفصيلات أو شروحات لقضايا عقيدية بعدم
اكتفائه عندها بأحاديث احاد ، بدون قرائن اخرى كي لا تسهم في تشكيل عقلا جمعيا ، يؤدي لمنهجية خاطئة
في طرائق التفكير ، نجد صدى لها تبريرات شرعية للأرهاب من قبل بعض رجال الدين خارج مذهبنا الأصيل
الذي اسس له أولئك العمالقة في الفكر في تلك الأزمنة الصعبة ، وفي مقدمتهم شيخنا موضوع المقالة .
كان يمقت تقديس الحديث بقطع النظر في المتن والسند ، أي المضمون وطريقة وصول الحديث فيما يتعلق
بموصليه كأشخاص ، وكان يذهب ابعد من ذلك الى ملاحظة ودراسة الأجواء الفكرية وصراعاتها السياسية
أو الكلامية ، التي تذهب ببعض اصحاب الأتجاهات غير المنسجمة تماما مع خط الأمامة الأصيل كأمتداد لخط
الرسالة المحمدية ، وشرحا لها بشكل يثري مضمونها ، تلك الأتجاهات التي كانت تنحرف بزوايا صغيرة أوكبيرة
عن الخط الأصيل ، الى وضع الاحاديث التي تتناسب مع تفكيرهم أو تساعدهم على ان ينتصروا لمتبنياتهم الفكرية .
ان نهجه كان يعتمد على حركة العقل الأنساني الباحث عن الحقيقية المنفتح المستنطق لمداليل الألفاظ الحديثية ، مرتكزا
على مصادر الأسلام الأصلية التي تشكل قناعة واعية عميقة للفكر عنده ، وهو يتعامل مع قضاياه التفصيلية .
انها وعي الفكرة بالمستوى الذي يملك المجادل فيه الحجة القوية التي تدافع عن الحق وتبطل شبهات الباطل.
أسس الشيخ منهجا تطويريا للثقافة الأسلامية اللازمة لدعاة الدين ، يتناسب مع تغيرات الأزمنة والعصور وتدافع
الحضارات ، كي يكون الداعية في مستوى العصر ، وان لا يصبح حجة لخصوم الأسلام بضعفه الثقافي ، وانما
حجة عليهم ، بل محاورا حضاريا معهم لتقليص مايمكن تقليصة من فجوات، تأسيسا لمبدأ التعايش في ظل الأختلافات
مع الحفاظ على الأصالة الأسلامية والوعي السياسي الأجتماعي العميق بها .
تحية منا اتباع منهج المعصومين (ع) للشيخ المفيد بتأسيس الفيلية لحوزتهم بأسمه في بغداد .