اهي عملية تفريس للكورد الفيلية ام تهميشهم ؟

قيس قره داغي
صوت العراق،
31/7/2005

لا يختلف اثنان على ان الكورد الفيلية اكبر شريحة من بين شرائح كورد العراق فيما أذا قارناهم مع بقية شرائح الشعب الكوردي في العراق من حيث عدد النفوس ، صحيح ان العراق لم يشهد على مر التأريخ أي تعداد سكاني سليم وكل ما حدث من احصاء سواء في العهد الملكي او الجمهوري يكتنفه الشك والتزوير والتلاعب الفظيع من شأنه تفريغ العملية من المبتغى والهدف الاصلي والقيمة العلمية لها ، الا ان المرأ بامكانه تقدير نفوس الكورد الفيلية بما لا يقل من ثلاثة ملايين نسمة كحد وسط بين من يبالغ في العدد ومن يناقص العدد لاسباب سياسية بحتة .

والكورد الفيلية هم الشريحة الوحيدة التي يشاركون معظم العراقيين في العيش في مدن كوردستان الى محافظة البصرة في اقصى الجنوب العراقي مع كثافة ملحوظة في مدن خانقين ومندلي والبدرة وجصان والحي والكوت وعلى الشرقي والعمارة وبعض احياء بغداد القديمة .

والكورد الفيلية هي الشريحة الوحيدة التي طعمت كافة الاحزاب الوطنية من اقصى اليسار الى اقصى اليمين بخيرة مناضليه ومفكريه وكوادره السياسية ساهمت في تأسيس العديد من الاحزاب الكبيرة والعريقة في العراق منها الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الشيوعي العراقي واخرى .

وأذا كانت شرائح الشعب العراقي جميعها تعتبر مظطهدة وحقوقهم مهضومة من قبل الانظمة السابقة وخاصة النظام الدكتاتوري السابق فشريحة الكورد الفيلية قد نالت حصة الاسد من هذا الاضطهاد وهي خبرت المقابر الجماعية وعمليات اختبار المواد الجرثومية والغازات السامة والكيمياوية على آلاف من شبابها المحتجزين لدى السلطة بدون اي ذنب اقترفوه ، بل كان اغلب هؤلاء جنودا في جيش السلطة في جبها ت القتال ضد ايران القي القبض عليهم بامر رئاسي ارتجالي بعد ما تم تجريد ذويهم من الاوراق الثبوتية وحجز اموالهم المنقولة وغير المنقولة وثم تهجيرهم الى ايران ، فقط عدد المهجرين منهم يعادل عدد نفوس دول مستقلة بذاتها تعتبر عضوة في منظمة الامم المتحدة . اما السجون والمعتقلات العراقية فقد كانت مليئة منذ القدم بمناظلي هذه الشريحة .

والكورد الفيلية هي الشريحة التي كانت وعلى الدوام داينمو التجارة في العراق , وهي الشريحة التي يجب ان يسجل بحقها حقيقة عدم انخراط ابنائها وبناتها بشكل مفرط الى الاحزاب الرسمية التي كانت تقود وتحكم العراق الا القليل الذي لا يكوّن اية نسبة مئوية وهي بذلك الشريحة الاكثر نقائا بين جميع الشرائح الاخرى التي انخرطت اعداد من ابنائها الى صفوف حزب البعث ومنظماتها الرديفة طواعية او كرها او تماشيا مع المنافع الشخصة .

والكورد الفيلية هي الشريحة الوحيدة التي ابتعدت عن التقوقع في قوقعة الطائفة او القومية دون انكار انتمائها الكوردي والشيعي ، تلك الاصالة التي ركزت مطرقة النظام عليها دوما ولعل مقولة احد قضاة الحكم القراقوشي تعد طريفة اكثر من شائعة تتداولها السن العراقيين عندما كان يحاكم كورديا فيليا قائلا : ( انت هم كوردي ، هم شيعي وهم شيوعي ) والانتمائات الثلاثة تلك كانت كفيلة بان تجلب تهم العمالة والخيانة لصحاحبها في العراق السابق .

والكورد الفيلية هي الشريحة التي عاشت منذ اجيال كثيرة في اوساط ذات اكثرية عربية دون ان تنصهر لغتهم الكوردية في بودقة الاكثرية ، فقد بقوا محافظين لها الى جانب تمسكهم بعاداتهم وتقاليدهم الكوردية الاصيلة رغم ابتعاد ابنائهم وبناتهم من الدراسة الكوردية في اكثر مناطق العراق .

هذه الشريحة المناظلة والمضحية ابدا ، لا زالت معرضة الى نفس المخاطر التي حدقت بهم في ظل الانظمة السابقة وها تخرج مسودة الدستور الى العلن وهي اهم بالون اختبار للنظام الجديد وفيه علامات اجحاف ظالمة بحقهم ، فمن جهة يصفه احدهم بالفرس ومن جهة أخرى تخلو هذه الوثيقة من ذكرهم كواقع ملموس في العراق بعد ما تمت الاشارة الى اقليات دينية وأثنية لا ترتقي الى عدد الكورد الفيليين باي حال من الاحوال .

مهما كانت النية والهدف من هذا القصور الذي ينم عن الجهل والعداء المركب ، فان واضعي هذه المسودة قد حكموا على الدستور بالموت وهو في الجنين فلا يمكن ان تكون هذه المسودة التي تخترقها ثقوب وعيوب قانونية عديدة معبرة عن ارادة الشعب العراقي الذي انتخب هؤلاء الاعضاء ، وبالتالي لا يعقل ان يصوت العراقيين على دستور لا خير فيه يهضم حق اهم شريحة منهم .

فأذا كان تهميش الكورد الفيلية ذنب قبيح ، فاعتبارهم من الفرس عذر اقبح بكثير من الذنب .

النتيجة :
شهور أخرى اهدر من عمر البدء بعملية بناء الدولة العراقية .