دستور ماشافش حاجة
دانا جلال
وطن الجميع، 30/7/2005
نشرت الصحف والمواقع الالكترونية العراقية نص مسودة الدستور العراقي الدائم بغية مناقشتها ومن ثم إقرارها بعد الاستفتاء العام. ورغم الفيتو المتخذ بحق عراقيي المهجر ومصادرة حقهم بعملية
الاستفتاء فان الفيتو لايمكنه منع حق إبداء الرأي الذي نشك بتأثيره الكبير في صياغة الدستور ومناقشته لاسباب ليست فنية . و لأننا لانؤمن بالفني في العملية السياسية في العراق ،لذا نسلط الضوء على
بعض النقاط الواردة في المسودة .
في البدء كان الخطأ
حينما تشير مقدمة المسودة إلى مسألة شرعية تمثيل الشعب العراقي من قبل اللجان المختلفة والتي تعمل بجد من اجل إنهاء عملها ضمن السقف الزمني المحدد لها لا يمكننا ان نناقش أعضاء قائمتي
الائتلاف العراقي والتحالف الكوردستاني لامتلاكهم حجة شرعية صناديق الانتخابات ، ولكن إضفاء شرعية التمثيل على الذين قاطعوا العملية الانتخابية وأرادوا ان يكونوا و برغبتهم مهمشين لمعرفتهم
بنتائج الانتخابات التي كانت ستفرز حقا حجمهم الحقيقي ، إضافة إلى ما توفره عملية المقاطعة من إمكانية رفع شعار ( المهمشين والمظلومين ) كتكتيك سياسي للحصول على العطف الداخلي والخارجي
ومن ثم فرض الخطاب السياسي للبعثلوطية بعد سقوط الصنم وباسلوب ابتزازي من خلال التهديد بعرقلة العملية السياسية، يجعل من إمكانية شرعنة تلك القوى مسألة غير شرعية . فقد ورد في مقدمة
المسودة :- ( نحن ممثلي شعب العراق بإرادة الله ورغبة الشعب الحرة نعلن إننا وضعنا الدستور لتحقيق الأهداف الآتية ) . اِن حصول طلقاء العملية السياسية على الشرعية جعلتهم قادرين على
فرض اجندتهم في مسودة الدستور من خلال فسح المجال للبعث بالظهور والعمل بشكل واضح من خلال الفقرة الواردة في مسودة الدستور (يحظر فكراً وممارسة تحت أي مسمى كان كل فكر يتبنى
العنصرية والتكفير والإرهاب (أو يحرض أو يمجد أو يمهد أو يروج له) وبخاصة البعث الصدامي .
ان الإشارة إلى البعث الصدامي ومن ثم تمهيد الطريق لبعث غير صدامي كأن يكون ( البعث السبعاوي ) يعتبر أحد انتصارات طلقاء تحرير العراق من الفاشية.
كمب دستور وهزيمة مفهوم الشعب الكوردي
حينما تحصل على بعض الجزء مقابل خسارة معظم الكل تصبح العملية تكرارا واستنساخا لانتاج معاهدات وكمبات لن تنتهي بديفيد ، فإقرار كتلة الائتلاف وطلقاء العملية الديموقراطية الـ
15 عشر
ببعض المتحقق من حقوق الشعب الكوردي المشروعةبعد انتفاضة آذار وانتخاب البرلمان الكوردستاني وتشكيل حكومة الإقليم ليس مكسبا دستوريا ان لم نقل إنه هزيمة سياسية وتراجعا لا في الحقوق
فقط بل تراجعا وتشويها منظما لمفهوم وحدة الشعب الكوردي الذي تجسد في أحد فقرات مسودة الدستور (المادة الثالثة: يتكون الشعب العراقي من قوميتين رئيستين هما العربية والكردية ومن قوميات
أساسية (قومية أساسية) هي التركمانية والكلدانية والآشورية والسريانية والأرمنية والشبك و(الفرس) ومن ايزيدية وصابئة مندائيين، يتساوون كلهم في حقوق وواجبات المواطنة) .
ان النص أعلاه يفرض أسئلة قد تكون غبية من وجهة نظر البعض وهي :-
أحقا لا يميز صاغة الدستور بين مكونات الشعب العراقي من خلال إعطاء الهوية القومية على الطوائف الدينية ؟
وإن كانوا يعرفون فتلك مصيبة تجعلنا نعيد صياغة الأسئلة وقراءة الأحداث من جديد.
فهل من المنطقي إلغاء الهوية القومية عن الكورد الايزيديين والشبك واعتبارهم قومية أساسية إضافة إلى إلغاء الهوية القومية عن الصابئة المندائيين .
ان إلغاء الهوية القومية وخلق واصطناع قوميات غير موجودة في العراق كالقومية الفارسية يجعلنا نقول ان لجنة صياغة الدستور بحاجة إلى مليون مام جلال ليعيد عليهم المرافعة الكبرى لا بعرض
خرائط ووثائق قديمة ومختلفة المصادر لاقناع الآخرين بكوردستانية كركوك ، بل هم بحاجة إلى خرائط وكتب لاصل الملل والنحل في العراق
حتى انت يا دستور !! إذن فلينزف الكورد الفيليين
لايمكن توجيه النقد إلى الطلقاء الـ 15 في مواقفهم الشوفينية والمذهبية تجاه الكورد الفيليين ، وكذلك لا يمكننا انتقاد قائمة الائتلاف التي عملت وما تزال تعمل على دغدغة مشاعرهم المذهبية على
حساب انتمائهم القومي، ولسان حالهم يقول ( إنكم الوحيد ون الذين لا يمكنكم الانتماء إلى جذوركم القومية وعمقكم التاريخي ) أما نحن فلنا الحق بالتعصب والانطلاق نحو حدود الشوفينية .
ان إلغاء الهوية القومية عن أي مكون قومي يمثل شوفينية قومية وان كانت مغلفة بشعار الدين .
ولكننا نوجه نقدنا للقائمة الكوردستانية التي كنا ومازلنا نعتبرها القوة الفعالة و القادرة على مواجهة المشروع الظلامي في العراق .
لا اعرف كيف وافقتم التنازل عن اجمل مكون من مكونات شعبنا الكوردي وزهرة عراقيتنا (الكورد الفيليين) .
ان مسودة الدستور وهي تلغي الهوية القومية للكورد الفيليين و تجعلهم فُرسا ، لا تمثل انتهاكا صارخا بحق المواطنة العراقية، بل جهلا بابسط مفاهيم المصطلح المعرفي . كان الأجدر ببعض صاغة
الدستور ان لا يزايدوا على صدام في شوفينيته حيث اعتبرهم جرذ العوجة كوردا ومن تبعية إيرانية ، ولاداعي لشرح الفرق بين الإيراني والفارسي وان كان الذين كتبوا تلك الفقرة بحاجة إلى معرفة ألف
باء الفرق بين الدولة والقومية.
ان المطلوب من جميع أعضاء الجمعية الوطنية من الكورد الفيليين وضمن أية قائمة كانوا ان يشكلوا كتلتهم في الجمعية للدفاع عن هويتهم القومية كونهم كوردا وعن هويتهم الوطنية كونهم عراقيين ،
وخلاف ذلك يمكنهم العودة إلى أحضان جرحهم الذي يحدد نهايات العذاب في العراق .
ان من يوقع على اعتبار الكورد الفيليين فُرسا سوف يرتكب خيانة اكبر من خيانة السادات في خيمة كمب ديفيد .
واخيرا نقول لقيادة الحركة التحررية القومية الكوردية وهي تمثل جزء مهما وفعالا في الحركة الديموقراطية العراقية :- ( ان القبول بجمهورية إسلامية تضع المرأة أسيرة لقانون الأحوال الشخصية
الرقم 137 والتي تم إجهاضها فترة مجلس الحكم المؤقت ، ان القبول بعدم فرض أي قانون يتعارض مع ثوابت الإسلام ومن ثم جعل الدستور الدائم تفسيرا للقران الكريم والحديث النبوي واجماع الفقهاء
، ان القبول بعودة البعث الغير صدامي ، ان القبول بإلغاء الهوية القومية للكورد الفيليين ناهيك عن هويتهم الأشد عراقية من الذين يريدون مصادرة حقهم القومي والوطني بجعلهم اليوم عبارة عن فرس
إيرانيين وغدا مجوسا مُهجرين .
كل تلك الفقرات ستعيدنا إلى نقطة الصفر ، لنبدأ الحديث مرة ثانية عن الحلم بعراق ديموقراطي وفيدرالي ، ولكن مع اختلاف التحالفات والخنادق وحينها لن يجد شعبنا الكوردي غير القوى الديموقراطية
واليسارية العراقية حليفا استراتيجيا في النضال من اجل بناء العراق الديموقراطي الفيدرالي والعلماني الدستوري .