هل هي مهزلة أم تُراها ( المؤامرة )
 

فؤاد جواد
fuadjawad@aol.com
1/7/2005

وكِلاهُما مرُّ
فقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى ولم يبق من قوس الصبر منزع
فإلى أين التوجه والملاذ للأبرياء العزَّل ، بل وأين المفزعُ
فالتكافؤ منعدم بين طرفي الدفاع والإعتداء
بين شعب يريد أن يحمي بيته وعائلته وأطفاله ونفسه وهو أعزل
ومكتوف اليدين ، ومكشوف ومعروف وظاهر للعيان . مضطرّاً للتنقل
والإنتقال جرياً وراء رزقه أو مقتضيات دراسته أو قضاء حاجة له
أو لأهله وعياله الأمر الذي يضطره للوقوع فريسة سهلة وغنيمة
دسمة بين سفّاحين خطرين قتلة سفلة حاقدة على كل ما يمت ُّ للإنسانية بصلة
لاتربطنا وإياهم ثمَّة رابطة ، لا قوميّة ولا دينية ولا وطنية، بل ولاحتى
إنسانية ، لأنهم ليسوا من البشر أصلاً ، وإنما هم مجرد وحوش ضالّة
جاهلة طليقة مدججة بجميع أنواع الأسلحة الفتّاكة ، فلا يردعها عاصمٌ
من دين ولا يكبح جماحها مبدأٌ أخلاقي ، بل ولا يخفف من طيشها وغلوائها
واندفاعها وازعٌ من ضمير.
بل دأبت على التسلل يوميّاً من خارج حدودٍ(مُنفرجةِ الساقين) مفتوحة
لهم على مصراعيها للدخول والخروج منها وإليها كما يشاؤن ويشتهون
داخلين مدججين بأنواع الأسلحة ، وخارجين محمَّلين بصنوف المسروقات
من آثارٍ ودولار ، أي ( من هالمال حمل جمال ) ، تماماً كما هي الحال مع
( زمال الطمَّة ) رايح محمَّل ، وراجع محمَّل .
والناس واجمون ( فاغرو الأفواه ) ( زائغو الأبصار ) ( معطّلو الأفكار)
وعلامات الإستفهام ترتسم على جباههم المغضَّنة بعذاب السنين العجاف
لعهد صدام الَّلعين ، الذي أخشى ما أخشاه أن يقودهم تفاقم الأوضاع الرهيبة
التي لا تطاق وسيرها الحثيث من سيِّء الى أسوأ ، للحنين الى عهده البغيض
إلتماساً للغوث والنجاة مما هم فيه غارقون ، مادام الكل عاجزاً عن إيقاف
هذا النزيف الدموي المستمر دونما هوادة . تماماً كمن يلوذ من الرمضاء بالنار،
فيصدُق عليهم ، عندئذٍ ، قول الشاعر :

دعوتُ على عمروٍ فلما فقدتُهُ بُليتُ بأقوامٍ بكيتُ على عمروٍِ

ِ فلا الجيش ولا الشرطة ولا الحرس الوطني ولاقوات البيشمركة ولا قوات بدر
بل ولا قوّات التحالف ( الشِفيَّة ) بقادرة وحتى كتابة هذه السطورالتي يغطِّي
صريرَها أصواتُ الإنفجاراتِ المتتالية، ربما كل بضعة دقائق ،على إيقاف
هذه الشلالات الحمراء المتدفقة باستمرارٍ مرعب ينذر بخطر كارثيٍّ جسيم
مالم نتدارك الوضع المتفاقم بوحدة الصف وتوحيد القوى ونبذ الخلافات
والتصدي لهذه الهجمة الشرسة بكل ما في وسعنا و طاقاتنا من حول وقوة .
وما حكَّ جلدك مثلُ ظُفرك
وإلاّ فهل يعقل مخلوق ما بأن كل هذه القوّات الباسلة ، المجهَّزة بمختلف صنوف
الأسلحة الفتّاكة والمدرَّبة على أعلى مستويات وفنون قتال الشوارع و حرب المدن
بل وغير المدن ، ستعجز يوماً ما عن محق هذه الكلاب السائبة الضالّة
المنتشرة في طول البلاد وعرضها ، مبثوثة بين ظهراني شعب بائسٍ مسكين
مهيَّض الجناح أنهكته الحروب المتتالية التي أقحم في أُتونها رغم أنفه .
يسرحون ويمرحون هنا وهناك على أرض الرافدين كما يشاؤن ويشتهون
ودونما رقيب أوحسيب ، في الوقت الذي تركوا بناتهم وأخواتهم وأمهاتهم
يرتعنَ ، بدورهنّ ، ويلعبنَ كما يشأنَ ويشتهينَ في غيابهمَ ، بالتنفيس عن
أنفسهنَّ بممارسة هوايتهنَّ عملاً بالحقيقة الغريزية الأزلية:
( غاب القط ، إلعب يافار) ...
وكما تعرفون فإن للصبر حدود . والحليم تكفيه الإشارة ...
كم سبق وقلنا وكررنا مع لفيف من إخوتنا من الكتّاب الأفاضل المتفاعلين
بشدة مع الأوضاع الجارية في الوطن الحبيب، ممن يحسون بنبض الشارع
العراقي الكئيب . حول كيفية معالجة الأوضاع المتردية وما ينبغي إتخاذه من
إجراءات عاجلة لاجتثاث هذه الآفة المستشرية في أوردة وشرايين الجسد الطاهر
لبلادنا .
واقترحنا ، ضمن ما اقترحنا إتخاذه من إجراءات تقتضيها الضرورة القصوى
والظروف الحالية التي يمر بها البلد ، ولكن ما من سميع ولا من مجيب .
من بين تلكم الإجراءات التي سبق واقترحناها وهي لاتخفى على أحد ، ما يلي :
- غلق الحدود وضبطها كلياً لفترة مناسبة ، ومضاعفة أعداد حرس الحدود بما
يكفي لفرض رقابة صارمة ودقيقة على كل شبر منها ، ليلاً ونهاراً ، تجهيزهم
بأحدث الأسلحة والمعدّات والنواظير الليلية والمصابيح الكشّافة وقنابل الإضاءة
بغية كشف المتسللين وإبادتهم عن بكرة أبيهم . وقطع دابرهم بردع الآخرين ممن
تسوِّل لهم نفوسهم المريضة إجتياز الحدود العراقية .
- منع التجول في أنحاء البلاد كافة ، كما في حالة عملية " الإحصاء العام "
والبدء بعملية تفتيش عام ، لاتترك " كُنجاً " إلاّ وأخضعته للتفتيش الشامل والدقيقً .
- إستنفار جميع القوى الشعبية المخلصة التي يهمها إنقاذ الوطن من براثن الغوغاء
والدخلاء والمخربين للمساهمة مع قوات الجيش والشرطة والمليشيات الشعبية والأمن
و المخابرات برصد المشتبه بهم وتشخيصهم ومتابعة تحرُّكاتهم وإكتشاف أماكن
تواجدهم ومناطق سكناهم ومعرفة من يوفِّر لهم المأوى ويقدِّم لهم المساعدة .
- جمع المشتبه بهم في معسكرات ، تراعى فيها الإعتبارات الإنسانية الضرورية
لحين إستكمال الإجراءات التحقيقية اللازمة بحق المقبوض عليهم على أساسٍ من
الحق والعدل والقانون ، ولئلاّ يظلمُ أحدٌ فتيلا . فيتمُّ إخلاء سبيل الأبرياء على الفور
ويُساق من تثبت مساهمته أو شروعه بالمساهمة في أي عمل إجرامي ضد الشعب
والوطن ليلقى مصيره العادل ، وتطبَّق بحقِّه ، عندئذٍ ، الآية الكريمة :
ولكم في القصاصِ حياة ياأولي الألباب .
- الإستعانة بالعيون والشرطة السرية للتغلغل والإندساس والتسلل بين تنظيمات
وهياكل الإرهابيين في الداخل والخارج و بهويّات وهميّة ، لاسيّما من يتقن منهم
إحدى اللّهجات العربيّة . بغية الوصول إلى خلاياهم ومعرفة رؤسائهم وكشف
مخططاتهم ، كيما يتسنى إستئصال شأفتهم من الجذور،
وإلاّ سنبقى في مكاننا نردِّدُ الهوسة الشعبية التالية :
عَلهَرَّنَّّة طحينج ناعم لا تخافين وكُل ساعة َلَنَّة مهَوسين ...
- حظر بيع وشراء وتأجير الدور والمحلات والسيارات لأي شخص أجنبي إلاّ
بعد الحصول على إذن و ترخيص من دوائر الأمن والمخابرات العامة .
- إلزام أصحاب الفنادق ومدرائها بإبلاغ دوائر الأمن والمخابرات عن أي شخص
يشتبهون به ، وتزويد الجهتين المذكورتين بقوائم وكشوف بأسماء النزلاء يوميّاً .
- تخصيص جوائز ومكافآت لكل من يدلي بمعلومات تؤدي أو تساعد على القبض
على الإرهابيين وأعوانهم ومساعديهم .
- الإسراع بإعادة المهجَّرين والمسفَّرين وتشكيل لجان متخصصة من ذوي الخبرة
في جميع المحافظات لتسهيل وتيسير عودتهم وإعادة الجنسية العراقية لمن أًسقطت
عنهم أو سحبت منهم وإعادة أملاكهم وأموالهم إليهم وتعويضهم عما فقدوه وخسروه
التعويض الكامل والمجزي ليكونوا عوناً وشركاء مخلصين في عملية البناء و الدفاع
عن الوطن ،
لاسيّما (الكرد الفيليون) وهؤلاء يستحقون منا وقفة تأمُّل خاصة :
أولئك الذين لايجاريهم في مدى وشدَّة إخلاصهم وتفانيهم لتربة الوطن مخلوق .
هذا فضلاً عما عُرِفوا به من صفاتٍ مشرِّفة قلَّما تتوفَّر في
غيرهم ، كالقوة والشجاعة والإقدام والذكاء وتعدد المواهب والصدق والإخلاص
والأمانة والوفاء والتضحية والفداء والكرم والإيثاروالترفُّع عن الغدر والخيانة .
وقيل بحقهم (ضمن قصيدة طويلة) ما يلي:
قيل من جنٍّ فُطِرنا بعدما شاهد الإنسُ دهانا ارتعبا
واحدٌ منا يضاهي عدداً من خيار الناس نأتي العجبا
قدمي فوق الجبال جبلٌ لايطول قدمي من رغبا
هاهمُ أهلي فهل نرضى لهم في جحيم الظلم أمسوا حطبا
.......
( آهِ ، لو عرفهم العالم على حقيقتهم ) لما وصلوا لماهم عليه الآن من تفرُّقٍ
وتشتُّتٍ وتشرذُم ...
فحذارِ من ضياع هذه الثروة الوطنية الثمينة في غياهب المهجر ... حذار ...
- مضاعفة أعداد القوات المسلحة من الجيش والشرطة والأمن والمخابرات وتجهيزهم
بكل مستلزمات الجيوش الحديثة وتدريبهم على مختلف صنوف الأسلحة المتطوِّرة
وفنون القتال والحروب الحديثة .
- التعجيل بمحاكمة أركان النظام البائد وعدم التلكّؤ في ذلك والإسراع بسوقهم أمام
محكمة خاصة تتشكل من كبارالقضاة ذوي الخبرة الطويلة في مجال محاكم الجنايات.
- معالجة الفساد الإداري وتطهير أجهزة الدولة كافة من المفسدين وذوي الضمائر
الميِّتة ، من مرتشين وجواسيس ومتواطئين مع الإرهابيين و مرشديهم والمتعاونين
معهم بأي شكل كان . وإحالة من يثبت عليه الفساد للتحقيق والمحاكمة .
- تحسين أحوال المعيشة بزيادة رواتب الموظفين والمستخدمين والمتقاعدين ،
مدنيين وعسكريين
- تشغيل العاطلين بإيجاد فرص عمل لكل من يقدر عليه. وإعادة تشغيل
المتقاعدين الراغبين بالعودة للخدمة ممن نتوسَّم فيهم الخير وخدمة الوطن
بإخلاص وتفانِ .
- توفير جميع السلع والخدمات وتجهيزات الماء والكهرباء والغاز
والمواصلات والإتصالات والنقل والبريد .
- مراقبة الأسعار وضبط سعر الصرف للعملات الأجنبية مع الدينار العراقي .
- إعادة العمل بنظام الحرّاس الليليين ( الجرخجيّة) لفترة مناسبة و لحين إستتباب
الأمن والنظام في أرجاء القطر .
- التخلُّص كلّياً من هذه العقدة المزمنة المستعصية المسمّاة ( المحسوبية والمنسوبية )
والإستعاضة عن الذين تم تعيينهم دونما جدارة وإستحقاق بالعناصر الكفوءة المخلصة
الذين تُرِكوا وهُمِّشوا تماماً ( كالأيتام في مأدبة الِّلئام)
بينما فتحت الأبواب كليّاً أمام الإنتهازيين والوصوليين والنفعيين وجماعات(كل العهود)
فضلاً عن الأقارب والمقرَّبين والأصدقاء الحميمين من (حبال المضيف) للإستئثار
بالمناصب العليا والرفيعة ، كلٍّ حسب مدى شدَّة وثاق علاقته (بقائد الغفلة) .
ولتتذكروا دوماً الأية الكريمة :
إنَّ اللهَ لايُغيِّرُ ما بقومٍ حتى يُغيِّروا ما بأنفُسِهِم …
وليفئ الله تعالى بالمحبة والأخوَّةِ والسلام على ربوع بلادنا .

فؤاد جواد
fuadjawad@aol.com