العائلات الكردية تعود إلى خانقين ... والعربية مهددة بالرحيل

جريدة الحياة، 22/7/2004

بغداد - بشرى الحمداني

شهد قضاء خانقين في محافظة ديالى (شمال شرقي بغداد) عودة عائلات كردية رحّلها بالقوة النظام السابق إلى المحافظات الجنوبية بهدف "تعريب" خانقين وجلب عائلات عربية محلها، في إطار سياسة اتبعها نظام صدام حسين لتغيير خريطة العراق السكانية.

وقال ياسين عزيز، وهو من العائدين إلى قضاء خانقين، انه ترك المنطقة عنوة أسوة بالعديد من العائلات الكردية المُرحّلة. وعاد عزيز بذاكرته إلى بداية الثمانينات حين أجبر وعائلته على ترك منزلهم من دون السماح لهم "حتى بأخذ الملابس الخاصة". وروى حكاية ترحيله لـ"الحياة" قائلاً: "نُقلت مع عائلات عدة في شاحنات كبيرة إلى الناصرية". وأضاف: "استأجر أحد مسؤولي الحزب (البعث) آنذاك منزلاً لي ولعائلتي لمدة شهر واحد فقط، وبعدها كان عليّ أن أتولى ترتيب أموري بنفسي". وتابع: "كان المسؤول يطرق باب منزلي كل أسبوع ليتأكد من عدم عودتنا إلى خانقين".

وعبر هوشيار دلشاد عن سعادته وعائلته لعودتهم إلى المنطقة التي وُلد فيها. وقال لـ"الحياة": "عانيت كثيراً بعد ترحيلي، فكنت أعمل في إحدى شركات النفط في خانقين وفوجئت بخبر نقلي للعمل في إحدى المؤسسات في الكوفة (محافظة النجف)". وأضاف: "كان الأمر صعباً عليّ وعلى عائلتي، وطوال الـ
15 عاماً التي قضيتها هناك، لم استطع نسيان منزلي الذي شيدته بعرق جبيني". وقال مبتسماً: "الحمد لله ها أنا اليوم أعود إليه بعد غياب طويل".

وقال شيراز دلكار ان العائلات العربية لا تُجبر على إخلاء منازل المهجّرين الذين عادوا الى خانقين. وأوضح ان هذه العائلات "تُعطى مهلة شهر أو شهرين لإفراغ منازلنا، على رغم أننا خرجنا منها بالقوة". وأوضح ان العائلات العربية التي كانت تقطن خانقين منذ سنين طويلة "معروفة، وتملك بيوتاً باسمها وهي غير مشمولة بترك منازلها". لكنه قال ان المنازل التي تُخلى تعود فقط الى العائلات التي هُجّرت وما زالت تملك وثائق بامتلاكها.

ولم تعد كل العائلات المهجرة إلى خانقين، بحسب ما قال عثمان عمر الذي أضاف: "هناك الكثير ممن اعتادوا العيش في محافظات أخرى ووجدوا عملاً ثابتاً وأحبوا العيش هناك".

وبينما تفرح العائلات الكردية العائدة الى خانقين، تشعر عائلات عربية بأنها مهددة بالطرد الآن وبدء حياة جديدة في مكان آخر. وقال السيد علي حسين، أحد المطالبين بترك منزل اقامته التابع لإحدى العائلات الكردية العائدة، "ما ذنبي أنا؟ سكنت هنا بعدما وفر لي النظام السابق التسهيلات من سكن ملائم وبإيجار زهيد". وقال انه كان على علم بأن المنزل يعود الى عائلة كردية مرحّلة "إلا انهم أفهموني بأن الأكراد لن يعودوا الى منزلهم اذ اصبح لكل منهم منزل خاص في كل محافظات العراق". وأكمل وعلامات الحزن بادية على وجهه: "أين أذهب أنا وعائلتي بعدما اعتدت العيش هنا وأصبحت لي مهنة اعتاش منها".