مسؤول سابق في الاستخبارات الإيرانية:
طهران تنشر عملاءها في العراق من الشمال إلى الجنوب

«الحاج سعيدي» تحدث إلى «الشرق الأوسط» عن خطط لقتل مراجع الشيعة غير المتعاونين

جريدة الشرق الاوسط، 3/4/2004

لندن: علي نوري زاده
كشف مسؤول ملف العراق السابق في الاستخبارات الإيرانية في حديث لـ«الشرق الأوسط» معلومات عن الحضور الأمني الإيراني المكثف في العراق، والذي لا يقتصر على المدن الشيعية وحدها يمتد من زاخو شمالا إلى أم الخصيب جنوبا.
وقال المسؤول الذي يعرف في العراق باسم «الحاج سعيدي» إن توغل عناصر استخبارات الحرس الثوري وفيلق القدس في الأراضي العراقية لم يحصل خلال الحرب وبعدها فقط بل إن المئات من عملاء الاستخبارات بينهم العديد من اللاجئين العراقيين والمعاودين (العراقيين الذين طردهم نظام صدام حسين في السبعينات والثمانينات بدعوى أنهم من أصول إيرانية)، عادوا إلى داخل العراق عبر المناطق الكردية الخارجة عن سلطة الحكومة المركزية قبل الحرب، وبعد الحرب استفادت الاستخبارات الإيرانية من خلو المناطق الحدودية من أي رقابة لإيفاد مجموعة من خيرة عناصرها إلى العراق بعضهم متنكرون بزي الطلبة ورجال الدين والبعض الآخر ضمن الميليشيات التابعة للتنظيمات الشيعية.
وأشار «الحاج سعيدي» الذي هرب من إيران مؤخرا إلى أن تصفية آية الله محمد باقر الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق في الصيف الماضي كانت «من أهم إنجازات عناصر استخبارات فيلق القدس الذين تمكنوا من تنفيذ مهمتهم والخروج من العراق بدون أي صعوبة» على حد قوله.
وكشف «الحاج سعيدي» عن محاولة فاشلة لاغتيال المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني، مشيرا إلى أنه وجه عبر صديق كان قد زار السيستاني في بيته عشية عيد الأضحى في العام الماضي، تحذيرا إلى المرجع الشيعي بعدم استقبال بعض الطلبة ورجال الدين القادمين لزيارته من إيران بعد العيد. ومن ثم اتصل «الحاج سعيدي» حسبما أورده في حديثه لـ«الشرق الأوسط» مع أحد مرافقي السيستاني من داخل العراق، وأعطاه تفاصيل الخطة الموضوعة لاغتيال السيستاني. وأضاف أن خطة أخرى وضعت لاغتيال آية الله إسحاق الفياضي أيضا. وحول أماكن وجود عناصر الاستخبارات الإيرانية في العراق، قال «الحاج سعيدي»، إن هناك بعض المكاتب معروفة للجميع في السليمانية ودربنديخان في الشمال، وهذه لا تسمح للسلطات الكردية لعناصرها بمزاولة أنشطة متعارضة مع أمن العراق ومصالحه الوطنية، بينما الخطر يأتي من المكاتب التي لها واجهات غير واجهة الأمن والاستخبارات، ومنها 18 مكتبا لمؤسسات «خيرية» في الكاظمية ومدينة الصدر (الثورة سابقا) في بغداد وكربلاء والنجف والكوفة والناصرية والبصرة وغيرها من المدن التي يشكل الشيعة الأغلبية فيها. وتحت غطاء مساعدة الفقراء والمستضعفين بالمال والدواء وحاجات الحياة اليومية من الغذاء إلى اللباس، يجري في هذه المكاتب يوميا تجنيد عملاء جدد. وأكد «الحاج سعيدي» أن مخطط الاستخبارات الإيرانية لتحويل العراق إلى إيران ثانية واسع، ويجري التركيز حاليا على تجنيد الآلاف من الشبان الشيعة، للمرحلة التي ستجرى خلالها الانتخابات البرلمانية في العراق. ويتعين على المجندين أن يقوموا بتعبئة أقاربهم ومعارفهم بالتصويت للمرشحين الذين تختارهم الاستخبارات الإيرانية.
وأشار «الحاج سعيدي» إلى أن شبكات الإذاعة والتلفزيون ووكالات الأنباء الإيرانية وبعض الصحف القريبة من أجهزة الأمن تعد من ضمن الواجهات الأخرى التي يدخل تحت غطائها عناصر فيلق القدس واستخبارات الحرس الثوري إلى العراق. ويذكر ما يزيد على 300 مراسل، وفني لهذه الشبكات والصحف والوكالات، يعملون الآن في العراق ولا يستبعد أن تكون استخبارات الحرس وفيلق القدس دست بعضا من عناصرها كصحافيين ينتقلون في مختلف مناطق العراق ببطاقاتهم الصحافية ويوصلون رسائل وتوجيهات مكاتب الاستخبارات إلى عملائها المحليين في العراق.
وبخصوص ما يقال عن تخصيص مليار دولار من قبل القيادة الإيرانية لمنع قيام دولة ديمقراطية حديثة علمانية في العراق، قال المصدر إن مخصصات المكاتب الأمنية العلنية والسرية في العراق تزيد على سبعين مليون دولار في الشهر، وهناك خمسة ملايين دولار يتم توزيعها في بعض الحوزات الدينية في إطار الرواتب الشهرية للطلبة والمساعدات المقدمة إلى بعض رجال الدين المتعاونين.
إلى ذلك فإن ما يزيد على 2700 وحدة سكنية من البيوت والشقق والغرف في كربلاء والنجف جرى تأجيرها من قبل متعاونين محليين لإسكان عملاء الاستخبارات وفيلق القدس في 14 مدينة عراقية.
وأضاف «الحاج سعيدي» أن الإجراءات التي اتخذتها الإدارتان الكرديتان في شمال العراق ضد الأجهزة الإيرانية في الأشهر الأخيرة دفعت استخبارات الحرس الثوري واستخبارات فيلق القدس إلى تنفيذ خطة هدفها إثارة التركمان الشيعة ضد الأكراد. وأضاف أن بعض قادة التركمان الشيعة سافروا إلى إيران حيث تلقوا مساعدات مالية ضخمة وضمانات بشأن وقوف إيران إلى جانبهم في حالة حصول مواجهات بينهم وبين الأكراد.
واختتم «الحاج سعيدي» حديثه قائلا: في الثمانينات وبأمر الإمام الخميني نقلنا معركتنا مع أميركا إلى لبنان حيث ضربنا مقر المارينز والسفارة الأميركية في بيروت وقمنا بخطف ويليام باكلي مدير المخابرات المركزية في الشرق الأوسط والعديد من المواطنين الأميركيين. وقد اضطرت أميركا إلى الاعتراف بدورنا في لبنان، واليوم ننقل معركتنا مع أميركا إلى العراق بناء على أوامر مرشد الثورة للاعتراف بدورنا هناك أيضا.