رسالة الى الأخت العراقية الأصيلة أم احمد

القاضي زهير كاظم عبود
موقع البرلمان العراقي، 6/10/2003

قرأت رسالتك بتمعن وأنا أشعر بالمرارة التي توجع القلب، قرأت وجعك الأنساني في زمن هجين يتنكر للحقيقة والحق، ويحاول بعض من يخلط الحقائق أن يفرض علينا مايعتقد وكأنها الحقيقة وهي غير ذلك.
ياسيدتي العراقية المنصف من أهلنا وأصحاب الضمائر التي لم تزل حية تنبض، واصحاب المروءة والشهامة العراقية الذين لايقبلون في قولة الحق لومة لائم، يتفقون على حقيقة من حقائق العراق المريرة، حقيقة ماكانت في بال الناس ولاتدبروها حين قامت السلطات العراقية الشوفينية والقمعية بأفتعال لعبة خبيثة كان الأنسان وقودها تجسدت في تسفير أخوتنا من أهل العراق ممن كانت أصولهم أيرانية.
هذه اللعبة القذرة التي طالت أعداد كبيرة من أبناء شعبنا العراقي لم تكن دون سبب أو دون تخطيط، فقد كانت أحد المخططات التي بدأتها السلطة البعثية في محاربة شيعة العراق، اذ لم يشمل التسفير كل التبعيات وكل الأصول الأيرانية أذا لم يكن من أبناء الشيعة أو الوسط والجنوب.
غير أن مازاد المخطط قذارة وبؤساً أن يتم تسفير شريحة عراقية أصيلة أشتهرت بين العراقيين بأصالتها ونقائها وكونها من الأكراد وأقصد بهم الأكراد الفيلية.
لم يكن مخطط بعثرة الأكراد الفيلية الا بسبب مواقفهم السياسية المناهضة للبعث وللسلطات القمعية أولاً ومن ثم كون أغلب أبناء هذه الشريحة العراقية من الشيعة الجعفرية.
غير أن ما أغاظ السلطة أكثر كون الأكراد الفيلية من المخلصين لقضية شعبهم العراقي دون النظر الى قوميتهم، أي أن الكرد الفيلية كانوا يناضلون ويقدمون الشهداء ضمن الحركات السياسية في العراق للمطالبة بعراق ديمقراطي، دون أن يوقفهم ذلك عن المطالبة بحقوق أخوتهم القومية من الكرد.
وأستطيع أن اجزم لك أيها الأخت العراقية أن مايزيد المرء فخراً أن يكون من ابناء الكرد الفيلية، فالميزة العراقية في الوطنية بمقدار مانقدمه لقضية شعب العراق، ولو تمعنتي بصور الشهداء وأسماء الشهداء ومالحق الكرد الفيلية من مخططات وظلم أنساني فادح لم تتعرض له شريحة منها، وأصرار هذه الشريحة على مواصلة العطاء والتمسك بصلابة بعراقيتهم قبل أن يكونوا من الكرد، حينها ستدركين أن العراق بكل قومياته سيفتخر بالكرد الفيلية، وهذا الفخر يكمن في ضمير كل عراقي وليس فقط من ذكرتي من الأسماء التي يفتخر بها العراق هم من يشار لهم، أشير لك الى الشباب الذين تم تغييبهم في سجون صدام والى الأطفال الذين دفنوا أحياء بعد أعدام امهاتهم وأبائهم، والى الشباب الذين زجتهم السلطة في حقول الألغام في حرب أيران أو ممن بادلتهم بالأسرى على أساس انهم ايرانيون، وأشير لك الى العوائل التي تبعثرت وماألتم شملها حتى بعد عشرات السنين.
ياسيدتي نتقدم ننحني أمام هذه الشريحة العراقية والتي وكما ذكرت بكتاباتي السابقة، ممن تفتخر الجنسية العراقية بهم، ويفتخر الوطن بعراقيتهم ويفتخر الأكراد بأنتسابهم الى القومية الكردية. ويقيناً أن الكثير من الحقوق التي يجب أن يتقدم بها أصحاب الضمائر في العراق لأعادة الأعتبار وأعادة جزء مما لحق هذه الناس من ظلم وجور وصمت دولي مريب.
ثقتي بشعب العراق أنه لن ينس الطيبين ممن تضرروا وعم الظلم في سنوات عمرهم وطال عليهم ليل العراق، ثقتي بشعب العراق أنه سينصف الكرد الفيلية بما يليق بالفيلية والعراق. أختي الكريمة أم احمد بالرغم من المرارة التي لمستها في رسالتك أتمنى أن تثقي أن اخوتك يتعاطفون مع مشاعرك ولافرق بين كردي فيلي مستقل أو ملتزم بفكر سياسي فقد كان الظلم الصدامي لايفرق بين العراقيين في نشر ظلمة وبطشه.

تحية لك ولكل الأكراد الفيلية الذين أرى أرتفاعهم الوطني دوماً والسلام.