هل فقد العراق الجديد جزءا من تاريخه المكتوب ؟

من العراق
صحيفة الرافدين الالكترونية،
25/4/2004

ادت اعمال النهب على نطاق واسع والتي طاولت بشكل خاص المكتبة والمحفوظات الوطنية قبل عام كامل مع سقوط نظام صدام حسين الى ضياع جزء مهم من تاريخ العراق المكتوب خصوصا تلك المحفوظات المتعلقة بالملكية وهي مسالة بالغة الاهمية في بلد شهد نزوح عشرات الالاف من المواطنين.

وقد تعرضت مباني المكتبة والمحفوظات الوطنية مرتين للسلب او الحريق عندما سقط النظام في نيسان- ابريل من العام الماضي فيما تلف قسم من الوثائق التي تم تحييدها قبيل الحرب بفعل المياه التي غمرتها في الاقبية.

وقال مدير المحفوظات الوطنية سعد اسكندر "ان ستين في المئة من المحفوظات التي تضم ملايين الوثائق الخاصة بالوزارات والسجلات ووثائق الملكية منذ العهد العثماني فقدت" مشيرا الى ان تصنيف ما تبقي من الوثائق يتطلب عاما كاملا من العمل.

وكانت محفوظات معظم الوزارات من العهد العثماني (
1638-1918) والانتداب البريطاني (1920- 1932) والعهد الملكي (1932-1958) ثم الجمهورية بعد ذلك قد جمعت داخل هذه المباني.

واوضح اسكندر ان "هذه الوثائق فريدة وهي تمثل الارث المكتوب للدولة العراقية الحديثة الذي فقد الى الابد".

وقال ان النتائج سكتون كارثية لضياع سندات الملكية وتوزيع الاراضي والتركات الخاصة باوقاف المساجد من العهد العثماني والتي كانت وثائقها الاصلية محفوظة اما في بغداد او اسطنبول.

وكان النظام السابق طرد عشرات الالاف من الاكراد من مناطق كركوك وسنجار في خطته لتعريب الشمال واستقدم مكانهم عربا من الجنوب لتغيير الخريطة السكانية.

ويطالب الجميع الان من العرب والاكراد باستعادة ممتلكاتهم وحقوقهم وياتون لمراجعة المحفوظات التي تؤكد مطالبهم.

وخلال العهد السابق ايضا استولت الدولة والمقربون من صدام حسين على اراضي المعارضين المسجونين او المنفيين او الذين تم اعدامهم.

ويروي اسكندر "قبل شهر واحد جاءنا رجل يريد ان يراجع المحفوظات ليثبت ان النظام السابق اعطى احد اقربائه ارضا صادرها في اطار سياسة التعريب .. لم نستطع ان نقول له شيئا فقد اختفى قسم كبير من السجلات ويلزمنا سنة على الاقل لتصنيف ما تبقي من وثائق".

ويتابع "مراجع اخر جاء من الموصل في الشمال ليراجع السجلات القضائية في الاربعينات التي تثبت كما قال انه كان يملك ارضا معينة".

قبل الحرب امكن نقل عدد من هذه الوثائق للعهدين الملكي والعثماني الي قبو الادارة العامة للسياحة لكن القبو غمرته المياه وعندما تم اكتشاف الامر في اب- اغسطس كان القسم الاكبر قد تلف وفقد نهائيا.

وقال هوشيار محمد مستشار السلطة الموقتة للائتلاف لدى وزارة الثقافة "قمنا بنقل الوثائق بواسطة احد المتعهدين لكن المتعهد تسبب في فقدان عدد من هذه الوثائق بسبب عدم الخبرة" وقد عمل بعض الخبراء الاميركيين علي حفظ الوثائق المتضررة على امل ترميمها.

ونجت المكتبة العامة واكثر من مليون كتاب من الحريق لكن المجلدات الثمينة سرقت.

وقالت مسؤولة قسم الكتب التراثية القديمة حليمة حسين "سرق القسم الاكبر من مجموعة
300 مجلد قديم اهمهما من دون شك كتاب ابن سينا ( قانون الطب) الذي يعود الي القرن التاسع (980-1037) وقد ادي تدخل احد رجال الدين الشيعة في الوقت الذي كانت فيه اعمال النهب على قدم وساق في انحاء بغداد الى انقاذ عشرات الالاف من الوثائق والكتب التي تم الاحتفاظ بها في احد مساجد مدينة الصدر.

ومن سخرية القدر ان المحفوظات الوحيدة التي ظلت سليمة علي حالها كانت تلك التي قامت وزارة الداخلية بنقلها قبل اندلاع الحرب.