الكوردي الشيعي ... بين حقائق القومية و أوهام المذهب

علي الاركوازي
14/3/2004
rebwar110@hotmail.com

يُشكل الشيعة نسبة كبيرة من الشعب الكوردي في العراق ويتجاوز عددهم 2 مليون نسمة منهم حوالي 1.5 مليون كوردي فيلي يتوزعون على بغداد وبعض مدن الوسط والجنوب واكثر من نصف مليون كوردي في محافظتي ديالى ( خانقين والسعدية وجلولاء) وكركوك ... وقد عُرف عن هؤلاء حالهم حال بقية الشيعة حبهم الكبير وتمسكهم بأهل بيت النبي عليهم السلام لكن الذي ميزهم عن الآخرين اعتزازهم الشديد بقوميتهم ودفاعهم القوي عن ثوابت شعبهم و أمتهم .... وقد نالت هذه الشريحة الكبيرة من الشعب الكوردي من الظلم والاضطهاد ما لم ينله بقية شرائح الشعب العراقي لكونهم كورد اولا وشيعة ثانيا أي جمعوا بين المُنكرّين ( بالنسبة للأنظمة المتعاقبة على حكم العراق ) وبلغ الظلم والاضطهاد أعلى درجاتها في عهد البعث البائد ووصل الذروة عندما تسلط لقيط العوجة على الحكم في العراق. فبدأت عمليات التسفير والتهجير لقسم كبير منهم بحجة تبعيتهم الإيرانية وتم الاستيلاء على ممتلكاتهم و أموالهم وعقاراتهم، وسُجن خيرة شبابهم ليُقتلوا فيما بعد شر قتلة وعن طريق التجارب الكيماوية ، إما القسم المتبقي منهم فقد عُومل معاملة العبيد فمنهم من هُدمت قراهم وتم ترحيلهم إلى المحافظات الوسطى والجنوبية ومنهم من حُورب في قوته وقوت عياله ومنهم من زُج به في السجون ومنهم من سُحل سَحلا إلى جبهات القتال في أفواج الجيش الشعبي ليُقتل هناك أو يؤسر أو يُعاق ، ونتيجة لتلك الممارسات هرب الكثير منهم من الجحيم الذي اصبحوا فيه فولوا بوجوههم شطر الجمهورية الاسلامية الشيعية أملا في الخلاص مما يتعرضوا له، وعند الوصول إلى إيران كانت المصيبة اعظم فقد وجدوا عشرات الآلاف من الذين سفرهم صدام يعيشون في مخيمات تفتقر إلى ابسط مقومات الحياة ووجدوا شبانا في عمر الزهور اضطرتهم الظروف القاسية في ارض الاسلام الشيعي إلى التطوع ضمن كتائب ( البسيج ) وفيلق بدر لمحاربة اخوتهم على الجانب الآخر وكانت الجثث تتوالى على المخيمات و صراخ الأمهات والآباء تصك سمع الملكوت .... وبالإضافة إلى السلسلة الطويلة من الممارسات التعسفية التي كانت تمارس ضدهم من قبيل محاربتهم في العمل والدراسة وغيرها لاقى أولئك المساكين ممارسات اكثر بشاعة وقسوة الا وهو التمييز العنصري ، فلا يغفر لك أيها الكوردي المسكين اعتناقك مذهب اهل البيت لأن الكوردي في عرف القوم لا يُعامل معاملة البشر، و أول الممارسات العنصرية كانت محاولة سلخ الكوردي من هويته القومية عندما كانوا يُطلقون عليهم اسم ( عربها ) أي العرب ثم تبعه تمييز آخر بتفضيل العرب القادمين من مدن كربلاء ونجف عليهم في كل شيئ لا حبا في أولئك أو في مدنهم بل زيادة في إذلال الكورد وتحقيرهم ... ووصل التمييز العنصري حتى إلى حوزاتهم العلمية وخاصة في قم عندما كان الطالب الأفغاني والهندي والباكستاني وحتى القادم من أمريكا يُعامل معاملة افضل من الطالب الكوردي الذي صدق و للأسف ان محاولاته للتفقه في الدين قد يُساعد على تغيير معاملة القوم له ... ونتيجة لكل تلك الممارسات اضطر الكثير من الكورد إلى الهرب من إيران وكأن الله قد كتب على هذا الشعب ان يهرب من بلد إلى بلد وينجو من يد ظالم ليقع في يد حاكم اكثر ظلما وفي بلدان الاسلام المصدر الوحيد للتشريع فيها !!!!...

تنفس الناس الصعداء بزوال الحكم البعثي الصدامي وكان اكثر الناس سعادة هم الكورد الشيعة لانهم وكما قلنا سابقا كورد أولا وشيعة ثانيا أي كما كانت مأساتهم مزدوجة كانت فرحتهم أيضا مزدوجة .... ولكن وكما يُقال ( ما كل ما يتمناه المرء يدركه ) إذ اكتشفوا بأنهم منسيون من الجانبين فلا الكورد اهتم كما يجب بقضيتهم ولا الشيعة يأبهون بوجودهم ..فهل هناك مصيبة اعظم من هذا ؟؟؟...

نعم هناك مصيبة أعظم... وهو موقف الحوزة العلمية في النجف وموقف بعض الصناديد من ماركة ( تالي وكت ) من الذين لم يكن لهم اسم لا في العير ولا في النفير واصبحوا بقدرة قادر زعماء وقادة ومراجع تذكروا كل ما لحق بشيعة علي عليه السلام من ظلم و إجحاف منذ زمن الرسول صلى الله عليه وآله وحتى يومنا هذا الا شيئا واحدا وهي مسالة الكورد الشيعة وحقوقهم فلم نسمع من مرجع واحد أو قائد واحد من الذين بيّنا( ماركتهم) ولا زعيم واحد ينطق بكلمة حق واحدة للدفاع عن هؤلاء بل قاموا بما لم نكن نتوقعه وهو تحولهم إلى ( شقاوات – مقتدى الصدر نموذجاً ) لحماية الشيعة التركمان كلما خرجوا في مظاهرة للتنديد بالشعب الكوردي بل صاروا يهتفون معهم وبكل وقاحة ( لا اله الا الله كوردستان عدو الله – تحيا الاخوة العربية التركمانية )...
و وسط كل هذا العهر الذي نراه ونسمعه اليوم من حقنا ان نتساءل:
أين شيوخنا الكورد الشيعة الذين درسوا في حوزات قم و طهران ومشهد ؟
لماذا لا نراهم ؟
ماذا يقولون عن من يُسَمينا أعداء الله ؟
ألسنا شيعة مثل إخواننا الشيعة التركمان؟
أليس إمامُنا علي بن ابي طالب عليه السلام هو إمام مقتدى الصدر و إمام الشيعة التركمان ؟
لماذا لم يبعثوا إلى المراجع الكرام ليستفتوهم في حلية اتهام الكورد بأعداء لله ؟

نحن نعلم انهم لا يستطيعون الكلام ولا الاعتراض ولا حتى مجرد التفكير في الاستنكار لان الذي لا يجرؤ على إلقاء محاضراته بلغته لا يجرؤ على المطالبة بحقوق شعبه ...

ان شيوخنا الكرام ( الكورد الشيعة ) ودون خلق الله جميعا لا يستطيعون أو لا يجرئون على إلقاء محاضراتهم الدينية باللغة الكوردية مع علمهم أن الشيخ الهندي والباكستاني و الإيراني والعربي يفتخر عندما يلقي محاضراته بلغة شعبه..

تعسا لشيخ يُشتم شعبه ولا يبالي!
تعسا لشيخ يُوصف شعبه بعدو الله ولا يبالي!

اقول للمراجع الكرام في النجف الأشرف:
بأننا ( الكورد الشيعة ) لن نتاجر بديننا ولن نساوم في عدالة قضيتنا ولن نستجدي عطف احد وسنبقى شوكة في حلق أعداء شعبنا الكوردي مستلهمين القوة والعزيمة من إمامنا الذي افتخر به زين العابدين عليه السلام عندما قال (انا ابن مكة ومنى انا ابن زمزم والصفا ..إلى ان قال من العرب سيدها ومن الوغى ليثها )... فكما افتخر إمامنا بعروبة جده علي ابن ابي طالب عليه السلام نفتخر نحن بقوميتنا الكوردية فنحن ابناء ميديا و خسرو، نحن ابناء محمود الحفيد والبارزاني و قبل هذا وذاك نحن ابناء كوردستان ، لا نخشى في قول الحق لومة لائم ...
ان تصريحات بعض المحسوبين على الحوزة برفض المطالب المشروعة للشعب الكوردي ستكون لها نتائج وخيمة ستضر بمصالح الشيعة قبل الإضرار بمصالح الكورد ، وان ترديد الهتافات المعادية للشعب الكوردي في المظاهرات التي تنظم باسم الحوزة وباسم المرجعية ستكون لها آثار خطيرة على الشيعة قبل الكورد ....
نريد منكم أيها الكرام ان تقفوا اليوم موقفا يتطلبه الدين منكم كما وقفه من قبل السيد محسن الحكيم والسيد محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليهما ، وذلك بالتنديد بكل الممارسات الغير مسؤولة والتجاوزات الخطيرة واستنكار ما يمارس ضدنا وضد شعبنا الكوردي من ظلم وجور وعدم اعتراف بحقوقنا القومية المشروعة في العيش الكريم ضمن مناطقنا التاريخية وان تفتوا بحرمة وصف الكوردي بعدو الله وان تستنكروا أقوال ذلك المراهق الذي شبهنا باليهود عندما خطب في بعض البسطاء و من مسجد الكوفة التي أضحت أسيرة جنود مهديه ان القانون الانتقالي شبيه بوعد بلفور ...
هل تقبلون يا سادة يا كرام ان يُشبهنا بعض الحمقى المُعَمَمين باليهود ونحن اتباع مذهب اهل البيت ؟؟
وهل حصول الكوردي سواء كان شيعيا أم سنيا على حقوقه المشروعة مشابه لحصول اليهودي على حقوقه ( الغير مشروعة عندكم ) ؟.
كنا نظن إننا نعامل كمواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة في عهد الحكومات المتعاقبة على حكم العراق لكننا اكتشفنا في إيران وفي العراق إننا شيعة من الدرجة العاشرة ...
فهل تقبلون ان نبقى شيعة من الدرجة العاشرة ؟
وهناك حقيقة أخرى تقول ان الذين تصدوا للمرجعية في النجف الأشرف قديما وحديثا كانوا من قوميات شتى مثل التركي ،الفارسي، الأفغاني، الهندي والعربي ولكنا لم نسمع يوما بمرجع كوردي !!
فهلا شرحتم لنا الأسباب ؟؟؟ أدام الله ظلكم الوارف....

و اقول لأخوتي الكورد الشيعة ...
ان خمس أموالكم التي تدفعونها إلى بعض وكلاء المراجع تذهب كمصاريف جيب للمرتزقة الذين يشتمون شعبكم كما حصل في كركوك وتذهب كمصاريف جيب لبعض الشقاوات الذين تركوا الدين واصبحوا يعملون ( بودي كَارد للشيعة التركمان )...
ان كوردستان و أطفال كوردستان وأرامل شهداء كوردستان و ابناء شهداء كوردستان أولى بخمس أموالكم وبزكاتها من الذين لو توفرت لهم القوة لفعلوا بكم ما فعله صدام وربما اكثر...

لقد أصبحنا أمام حقيقة صارخة واحدة تقول إننا كورد قبل كل شيئ فلنعمل على هذا الأساس ولنترك أوهام المذهب...