خير الله طلفاح: الخال الذي أوصل صدام الى الرئاسة

هارون محمد، لندن
موسوعة صوت العراق، 29/12/2003

اضطر صدام الى مغادرة قرية (العوجة) في الطرف الجنوبي من مدينة تكريت، الى بغداد ليقيم في بيت خاله، خير الله طلفاح، المفتش التربوي في تربية الكرخ، بعد خلافات ومشاكل مع زوج أمه ابراهيم الحسن، الذي كان يضيق به ويعده عبئاً عليه، وكانت رغبة صدام ان يستمر في ثانوية تكريت طالباً فيها، وعدم الانتقال الى العاصمة، المدينة الكبيرة والصاخبة - كما يصفها دائماً- ولكن زوج الأم، الذي عرف بالشراسة والعربدة واللصوصية في أوساط الفلاحين والمزارعين بالمنطقة، رفض أن يتكفل بتغطية مصاريفه اليومية من طعام وشراب وملابس، وكان يعايره دائماً، بأن أعمامه يجب ان يتكفلوا به ويعيلوه ويقوموا على تربيته وتنشئته، فقد كان عيباً اجتماعياً وعشائرياً، أن يعيش الصبي أو الشاب في منزل أمه المتزوجة من رجل غير أبيه، وهذه العادة لا تزال باقية وسائدة الى يومنا الراهن في القرى والقصبات وحتى المدن الكبيرة في العراق.

ولكن مشكلة صدام كانت أن أكبر أعمامه، حسن المجيد، كان أفقر فلاح في القرية، وصاحب عيال كثيرين، يسكن بيتاً طينياً صغيراً لا يسع أسرته الكبيرة، كما ان قدراته المالية لا تسمح له بإعالة صبي ينشد الدراسة ويرغب في إكمال تعليمه، وهو الذي لم يسمح لأولاده، كامل وهاشم وعلي، بالاستمرار في الدراسة، فكانوا معه مساعدين في الفلاحة والزراعة، بأراضي حسين الندا، الذي كان يملك اغلب المساحات الزراعية في قرية العوجة والمناطق المجاورة لها.

ولم يكن أمام صدام إزاء تلك الحالة غير الانتقال الى بغداد، والإقامة في بيت خاله خيرالله، الفسيح في جانب الكرخ والدوام في الثانوية القريبة من المنزل.

صدام في بغداد
وقد حدث تحول كبير في حياة أسرة خير الله طلفاح، عقب ثورة 14 تموز (يوليو) 1958، بعد ان جاء وزير للمعارف، صديق قديم لخيرالله، هو الدكتور جابر عمر المحسوب على التيار القومي، وتذكر الوزير الجديد، صديقه، معلم المدارس الابتدائية القديم، والمفتش التربوي خيرالله طلفاح، فاختاره مديراً لدائرة المعارف في العاصمة، وهو منصب عال في قياسات ذلك الزمن.

وسر صدام، لتعيين خاله في منصبه الجديد، للمزايا التي حصل عليها الخال، من ناحية الراتب الجيد، والسيارة الرسمية المخصصة له، والمكانة التي اصبح فيها، بعد سنوات من المعاناة والعيش المتعثر، وفتح صدام عينيه على الوضع الجديد، وأدرك ان اختيار خاله، في الموقع الجديد، جاء للصداقات التي عقدها مع رجال سياسيين مناهضين للحكم الملكي الذي قوضته الثورة، وعرف ايضاً ان عدداً من معارف خاله، تبوأوا وظائف ومراتب عالية، وسمع من خاله أسماء طرقت اذنه لاول مرة، تحتل مراكز رفيعة، وعرف ان العقيد احمد حسن البكر، عضو المجلس العرفي العسكري، زميل دراسة وصديق لخاله، وهناك معرفة تربط بين خاله وعدد من المسؤولين الكبار، أمثال محمد مهدي كبة عضو مجلس السيادة، وصديق شنشل وزير الإرشاد، إضافة الى وزير المعارف جابر عمر. وتوقف صدام إزاء اسم احمد حسن البكر، ليس لانه من منطقته تكريت، وانما لانه ضابط كبير، وهو ما كان ينشده في نفسه، لانه كان راغباً في الانخراط بالكلية العسكرية.

كان صدام في ذلك الوقت، قد اجتاز المرحلة المتوسطة بنظام (الزحف) الذي أعلنته ثورة تموز (يوليو)، وقضى بانتقال الطلبة الراسبين والمكملين في جميع الفصول الدراسية الى صفوف لاحقة، وألغى الرسوب الدراسي لذلك العام فقط 1958، فقد خرج صدام من امتحان البكالوريا للصف الثالث، في الفصل الاول، مكملاً بدرسي، اللغة الانكليزية والرياضيات، وكان أمله ضعيفاً في اجتيازهما والنجاح في الامتحانات التكميلية، فجاء (الزحف) نعمة له، كما كان يردد دائماً في صيف ذلك العام، ولم يبق أمامه، غير التقدم الى الكلية العسكرية/ دورة التموين والإعاشة، عندما قرأ أعلاناً بذلك في شهر أيلول (سبتمبر) من كل عام.

وفي تلك الفترة، حدثت مشكلة بين صدام وخاله، على خلفية رغبة الخال في تعيين ابن أخته في وظيفة استخدامية، كان قادراً عليها في مديرية معارف بغداد، وطرح الخال الفكرة على صدام بتعيينه كاتباً مستخدماً في إحدى دوائر او مدارس تلك المديرية، براتب شهري بحدود عشرين ديناراً، وهو راتب كبير على شاب مثل صدام في تلك الايام، ويستطيع إكمال دراسته الثانوية في المدارس المسائية، وكانت كثيرة ايضاً في تلك المرحلة، غير ان صدام تمسك برأيه في الدخول الى الكلية العسكرية، ورفض عرض خاله بالتعيين في الوظائف التي اقترحها عليه، وكان النظام في الكلية العسكرية ولا يزال يتضمن دفع رواب شهرية للطلبة المنتسبين إليها كمصروفات جيب، إضافة الى المأكل والملبس والإقامة طيلة فترة الدراسة.

واستجاب الخال الى رجاء ابن أخته، وربما وجد خياره جيداً لانه سيبعده عن بيته، ولا يتكفل بإعاشته ومصروفه، والذين يعرفون خيرالله طلفاح وبخله الشديد، وطمعه الشخصي، يدركون ان إعفاءه من مثل هذه الالتزامات، يشكل سعادة له.

اللقاء الأول بين البكر وصدام
ولأن الخال لا يعرف من الضباط ذوي الرتب الكبيرة ، غير العقيد احمد حسن البكر عضو المجلس العرفي العسكري، فقد قاد ابن أخته صدام الى منزله، في حي قريب من منزله بجانب الكرخ، قبل ان ينتقل الى حي (علي الصالح) ولاول مرة يتعرف صدام، على احمد حسن البكر، ويجلس قبالته ويرد على أسئلته واستفساراته.

في البداية سأل البكر صداماً عن عمره والدرجات الامتحانية، التي حصل عليها وعن أوضاعه الصحية، وفي نهاية الجلسة التي لم تستمر غير بضع دقائق، سجل البكر المعلومات المتعلقة بصدام ووعده باللقاء مع العقيد عبد اللطيف الدراجي آمر الكلية العسكرية والتوسط لديه لقبوله في الكلية المذكورة.

وقد شعر صدام بالزهو وهو يقابل لاول مرة ضابطا في الجيش يحمل على كتفيه رتبة عقيد وكانت كبيرة ومهيبة يومذاك ومضت أيام بعد اللقاء مع البكر، كانت ثقيلة على صدر صدام الذي كان يتمنى ان يقبل شهر أيلول (سبتمبر) أسرع من الريح، ليقدم أوراقه الى الكلية العسكرية، ويستقل بنفسه بعيداً عن أجواء الصخب التي دأب الخال خيرالله، على إثارتها في المنزل بسبب الضغوط النفسية التي كان يتعرض لها في عمله الرسمي من قبل الموظفين والمراجعين لدائرته من المعلمين والمدرسين ومدراء المدارس الابتدائية والمتوسطة والإعدادية، وخصوصاً من الشيوعيين الذين استهجنوا تعيين طلفاح في هذا المركز الرفيع، وهو الذي تحوم حوله شبهات النازية تارة والرجعية تارة اخرى، فتهمة النازية لصقت به عندما جند في خدمة الاحتياط العسكرية عام 1941 خلال حركة رشيد عالي الكيلاني، فقد ادعى حينذاك انه معجب بالقائد الألماني ادولف هتلر، ويتابع انتصاراته على الحلفاء، ولما أخفقت الحركة وهرب أبطالها الى خارج العراق، ودخلت الجيوش البريطانية واحتلت البلاد من جديد، سرحت وحدات الاحتياط العسكرية التي دعتها الى الخدمة حكومة الكيلاني، وكان من بين أفرادها خيرالله الذي راح يزعم انه سرح من الجيش، لانه يحب هتلر ويلاحق أخباره وخطبه وتصريحاته، وبعد سنوات وعندما كان رئيساً لجمعية المحاربين القدماء عام 1973، أصدر كتابا أطلق عليه عنوان(حياتي) مقلداً عنوان كتاب الزعيم النازي )كفاحي). أما صفة الرجعية، فقد لحقت به بسبب العطف الذي كان يلقاه من خليل كنة، أحد مساعدي نوري السعيد، والوزير المزمن في حكوماته، فعندما تولى كنة وزارة المعارف عام 1954، رفع خيرالله من معلم مدرسة ابتدائية الى مدير لها ثم نقله الى وظيفة مفتش تربوي، كما سجل على خيرالله طلفاح انه كان من مناصري علاء الدين الوسواسي الذي كانت حكومات العهد الملكي ترشحه نائباً عن تكريت، وأحد مفاتيحه الانتخابية.

وقد نجحت بالفعل ضغوط الشيوعيين وانصار عبد الكريم قاسم في الإيقاع بخير الله طلفاح وعزله من وظيفته كمدير عام للمعارف وأعادته الى وظيفته السابقة مفتشاً تربوياً على الملاك الابتدائي، وكانت شهادة الحاج سعدون الناصري، أحد مسؤولي الحزب الشيوعي في تكريت، التي تقدم بها الى حكومة الثورة ضد طلفاح وكشف فيها عن تعاونه السابق مع خليل كنة، وخدماته الدعائية والانتخابية للوسواسي، سبباً أساسياً لإقالته من وظيفته الرفيعة.

وفي منتصف أيلول (سبتمبر) 1958، أعلنت الكلية العسكرية عن فتح باب القبول للطلبة الجدد، لدورتيها، الضباط ونواب ضباط الإعاشة. وتقدم صدام مشفوعاً بوساطة احمد حسن البكر الى آمر الكلية العقيد عبد اللطيف الدراجي.

ولعله من سوء طالع صدام، ان وزارة الدفاع ورئاسة أركان الجيش، أصدرتا تعليمات مشددة الى الكلية العسكرية، ومستشفى الرشيد العسكري، بضرورة قبول الطلبة اللائقين فعلاً في الكلية، وأكدت ضرورة الفحص الطبي وأهميته، ورفض الوساطات والتدخلات في عملية القبول مهما كان مصدرها.

وكان وزير الدفاع الزعيم عبد الكريم قاسم، ورئيس أركان الجيش الزعيم احمد صالح العبدي، وهما من قادة الثورة ومنفذيها، قد اصدرا هذه التعليمات، لوقف مهزلة قبول طلاب غير مؤهلين للخدمة في الجيش، كما كان يحصل في العهد الملكي، الذي كان المسؤولون فيه يتساهلون كثيراً مع أبناء الذوات وشيوخ العشائر والوزراء والبرلمانيين ورجال الأعمال والتجار، وقبولهم دون الوقوف إزاء درجاتهم الامتحانية وقابليتهم الجسمانية وأحوالهم الصحية.

والمهم ان الاختبار الطبي الذي جرى للتلميذ المتقدم صدام حسين مجيد الناصري كما كان مؤشراً في اضبارته التي كانت محفوظة في الكلية العسكرية في الرستمية حتى عام 1968، وتحمل رقم 43/ش/1958، أثبتت انه يشكو هزالاً في الجسم، نتيجة نقص الدم، ودرجة رؤية عينيه كانت ستة على تسعة، وليس تسعة على تسعة، كما كانت مطلوبة من قبل ادارة الكلية، وعليه فقد ثبت انه غير صالح للدخول الى الكلية العسكرية والخدمة في الجيش، ولم يتم قبوله.

وفي اعتراف نادر من صدام حسين الى هذه الحادثة، التي يحرص على تجاهلها، قوله في حديث له خلال استقباله مجموعة من القادة العسكريين والضباط لمنحهم انواط شجاعة وأوسمة لدورهم في الحرب العراقية الايرانية في منتصف عام 1986 قال:
انه كان يحلم بان يكون ضابطاً وتقدم للدخول الى الكلية العسكرية، دون إشارة بالطبع الى دورة نواب ضباط الإعاشة، غير ان بصره لم يساعده في القبول بينما قبل ابن خاله عدنان خيرالله وزير الدفاع لاحقاً، بعد ان نجح في الامتحان الطبي.

خيبة وإحباط
عندما أبلغ صدام حسين مجيد الناصري، نتيجة سقوطه في الفحص الطبي وعدم قبوله في الكلية العسكرية، أظلمت الدنيا في وجهه، وأصابه غم كبير، ونقل عن مدحت ابراهيم جمعة، وهو أحد أصدقائه ومسؤول حزبي له فيما بعد ان صدام اخبره عندما كانا سوية لاجئين في القاهرة، انه لم يفكر في السياسة والأحزاب إلا في اللحظة التي علم فيها برفض قبوله في الكلية العسكرية، ومن يومها بدأ حقده على الزعيم عبد الكريم قاسم، رئيس الوزراء ووزير الدفاع الذي اصدر في حينها أوامر وتعليمات مشددة الى الكلية العسكرية بعدم قبول غير اللائقين فيها من جميع النواحي التعليمية والصحية.

ويقول أحد زملاء صدام في ثانوية الكرخ، ويدعى أحمد دحام الكرخي وكان يسكن قريباً من منزل طلفاح: ان صدام غادر بغداد الى بيت أعمامه في قرية )العوجة) عند ظهور نتيجة عدم قبوله في الكلية العسكرية لما أصابه من إحباط وحزن، وبقي هناك أربعة أيام، عاد بعدها وسجل مجدداً في الصف الرابع من ثانوية الكرخ وداوم فيها، وكان الألم بادياً عليه، ثم انقطع عن الدراسة وسمعنا انه سافر من جديد الى قريته في العوجة، غير انه عاد الى الدراسة بعد غياب ثلاثة أيام، قال فيها انه عاد أمه المريضة.

وتلاحقت الأحداث، ففي اليوم التالي على دوامه بالمدرسة، فوجئت إدارة ثانوية الكرخ بمجموعة من أفراد الشرطة، تحيط بالمدرسة، ويتقدم آمرها من مدير المدرسة، وفي يده ورقة إلقاء القبض على الطالب صدام حسين مجيد، صادرة عن مديرية شرطة بغداد.

وعرفت إدارة المدرسة ومعلموها وطلابها، ان التهمة الموجهة الى صدام هي قتل أحد أقاربه في تكريت، فقد ثبت بالأدلة والشهود ان صدام حسين اقدم على قتل قريبه الشيوعي الحاج سعدون الناصري، في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) 1958، مما أدى الى موته عند نقله الى المستشفى.

وذكر حينها ان خيرالله طلفاح الحانق على سعدون الناصري لدوره في عزله من مديرية معارف بغداد، حرض ابن أخته صدام على الانتقام منه، وحسب ما أفاد ذوو الضحية خلال التحقيق بالقضية، ان طلفاح وعد صدام بتزويجه ابنته الكبرى، الطالبة في دار المعلمات الابتدائية (ساجدة) إذا قام بالعملية، مؤكداً له انه سيعين له عدة محامين للدفاع عنه.

وإزاء ذلك فقد اتجهت أصابع الاتهام الى خيرالله طلفاح نفسه، فاعتقل الى جانب صدام في موقف (السراي) ببغداد، وبعد أيام تقدم أحد أشقاء سعدون الناصري بشكوى على زوج أم صدام، ابراهيم الحسن متهماً إياه بان صداماً فر الى بيته بعد ارتكابه الجريمة، وانه يعلم بها ولم يبلغ عنها، فاوقف هو الاخر، ونقل من تكريت الى جانب صدام وطلفاح، وقدم الثلاثة الى محكمة الجزاء الكبرى..

أول محاكمة
ونظراً لان القتيل، محسوب على الشيوعيين، ومسؤول عن منظمة الشبيبة الديمقراطية في تكريت، وهي إحدى واجهات الحزب الشيوعي العراقي، إضافة الى احتدام الصراع السياسي بين البعثيين من جهة، والشيوعيين من جهة اخرى، فقد أخذت الجريمة طابعاً سياسياً، وتقدم أربعة من المحامين البارزين وهم عبد الرحيم الراوي وهزاع عمر التكريتي وعبد المحسن الدوري وعبد الوهاب الخطيب، للدفاع عن المتهمين الثلاثة.

ونجح المحامون الأربعة، وبتواطؤ مكشوف من أعضاء لجنة التحقيق والمحكمة في براءة المتهمين الثلاثة، رغم ان ستة شهود، كانوا يجلسون في مقهى بالقرب من مكان الجريمة، أكدوا في المرافعة الأولى انهم شاهدوا (ابن أخت خيرالله) هكذا وردت على ألسنتهم في إشارة الى صدام وهو يضرب الحاج سعدون الناصري، غير ان خمسة منهم تراجعوا في شهاداتهم في الجلسة الثانية، وأفادوا انهم لم يتبينوا ملامح القاتل جيداً، لبعد المكان الذي وقعت فيه الجريمة عن مكان جلوسهم إضافة الى حلول الظلام، غير ان الشاهد السادس ويدعى خضير رحمن، أكد انه شاهد بوضوح صدام ابن أخت خيرالله طلفاح، يضرب عمه سعدون الناصري ويهرب.

وافرج عن المتهمين الثلاثة، صدام حسين مجيد الناصري، خيرالله طلفاح، ابراهيم الحسن، بعد توقيف استمر أكثر من أربعة اشهر.

وإزاء ذلك تقدم شقيق القتيل وهو ضابط في الجيش برتبة ملازم ثان يدعى عامر الناصري، بشكوى أمام محكمة الشعب برئاسة العقيد فاضل عباس المهداوي، ننقل هنا مادار فيها:
المدعي العام المقدم ماجد محمد امين: للشاهد الملازم عامر أخ استشهد في تكريت، فهل يستطيع ان ينور المحكمة عن أسباب هذا الحادث والذي آسف له الشعب العراقي بأجمعه؟

الشاهد: أخي كان بالانتخابات الأخيرة (رئيس المحكمة العقيد المهداوي مقاطعاً) من هو أخوك؟

الشاهد : حاج سعدون التكريتي، كان في تلك الانتخابات (يقصد الانتخابات النيابية التي جرت قبل ثورة 14 تموز وقاطعتها الأحزاب والشخصيات الوطنية) هو والجماعة الذين معه دعوا الى مقاطعة الانتخابات، أما خيرالله طلفاح الذي كان يشتغل لعلاء الدين الوسواسي، وتربى على يد خليل كنة جاء مع علاء الوسواسي واخذ يدعو الى انتخابه، وحصل سوء تفاهم في وقتها، بعد ذلك عين خيرالله طلفاح بعد 14 تموز (يوليو) مديراً لمعارف لواء بغداد، واعتقد ان اخبارية من أخي ومن علي حسين الرشيد معاون دار المعلمين في أبي غريب قدمت بأعمال خيرالله السابقة وعلاقته بعلاء الدين الوسواسي وخليل كنة، ولا اعرف كيف عرف خيرالله بذلك، فاعتقد ان الإخبارية كانت سبباً في نقله من مدير معارف اللواء الى مفتش على الملاك الابتدائي، فأرسل يوم 14/10/1958 ابن أخته (الذي تبرأ منه أعمامه براءة رسمية) وهو رباه منذ كان طفلاً بعد وفاة والده، فضرب أخي، واحب ان اذكر ان جميع المحامين لم يقبلوا التوكل عن خيرالله في هذه الحادثة، إلا عبد الرحيم الراوي وهزاع عمر التكريتي، وعبد المحسن الدوري وعبد الوهاب الخطيب.

الادعاء العام: من الذي عين طلفاح في هذا المنصب الجديد؟

الشاهد: وزير المعارف وكان جابر عمر.

الادعاء العام: بالنظر الى هذه المعلومات، وحصلت لدي معلومات أخرى تربط بين هذه الحوادث، ان تلك الإخبارية وصلت الى الآمن وعن طريق الآمن وصلت الى خيرالله وقام بالعمل الشنيع وأرسل شخصاً وقتل الشهيد.

أطلق سراح صدام وخير الله طلفاح وابراهيم الحسن، وخرج الثلاثة الى منزل طلفاح بالكرخ في تظاهرة شارك فيها الأصدقاء والمعارف وعدد من البعثيين في المنطقة الذين وصلت اليهم أنباء كسب الشاب صدام الى الحزب خلال سجنه، وكان عدد من المعلمين البعثيين من سامراء قد اعتقلوا بسبب عراك مع زملائهم الشيوعيين في المدينة خلال انتخابات نقابة المعلمين وتعرفوا على صدام وكيفية قتله الشيوعي سعدون بقلب جامد ودم بارد، فكان لهم ما أرادوا ونجحوا في كسبه الى البعث بدرجة نصير. ومن الحكايات الطريفة عن تلك الفترة ما رواه المحامي فيصل حبيب الخيزران القطب البعثي السابق وكان معتقلا في السجن نفسه حينذاك حيث يقول: ان البعثيين بعد ان تمكنوا من ضم صدام الى الحزب اتجهوا الى زوج أمه ابراهيم الحسن في محاولة لكسبه الى صفوف البعث، وبعد ان شرحوا له أهداف الحزب بلغة مبسطة تتناسب مع فهمه، وافق على الانضمام الى الحزب، ولكنه سأل من اتصل به، كم تدفعون (معاشا) لي؟ فضج الجميع بالضحك، فقد كان يتصور ان الحزب وزارة أو دائرة حكومية أو شركة، لا بد ان يدفع رواتب لمنتسبيه وأعضائه.