هل يعي الجميع مسؤوليته إزاء الكرد الفيلية في العراق؟

ليلة أمس اتصلت بي عبر الهاتف سيدة كردية فيلية فاضلة أشارت لي بأنها أدركت بأن المؤتمر العربي لنصرة القضية الكردية هو من صنع العرب حقاً ولا تدخل للكرد في الإقليم فيه إلا الضيافة. أكدت لها بأن استنتاجها سليم حقاً، إذ لم يتدخل أي شخص من غير العرب في شؤون المؤتمر وأبحاثه وقراراته، بخلاف ما كتبه كتبة ووعاظ السلاطين الذين دفعهم سلوكهم السياسي بالذات ومن يعتمدهم في الحديث والشتم نيابة عنه.
ولكن العجيب والغريب في الاستنتاج في آن حقاً هو ما أشارت اليه بقولها ما يلي: لأن خطابكم في افتتاح المؤتمر تضمن فقرة عن الكرد الفيلية ولأن بيانكم الختامي تضمن هو الآخر فقرة عن أوضاع الكرد الفيلية المزرية وحقوقهم المغتصبة التي لم تسترد حتى الآن والتي لم يلتزم بها ويدافع عنها إقليم كردستان العراق حتى الآن، وبالتالي أصبح الكرد الفيلية يشعرون باليتم وهم موزعون على الأحزاب الإسلامية السياسية الشيعية التي جرتهم إلى مواقع طائفية دون أن يكونا هم يومياً من الطائفيين. وأوردت لي الست في حديثها كيف لم يرشح التحالف الكردستاني أي كردي فيلي في قائمته عن بغداد، بل كانوا مرشحيه كلهم من الإقليم وليس من كرد الفيلية من سكنة بغداد، إضافة إلى ضياع حقوق الكرد الفيلية لأن البرنامج الانتخابي لعام 2010 لم يتضمن أي فقرة حول حقوق الكرد الفيلية.
ثم قالت أنتم العرب من اصدقاء الشعب الكردي تلتزمون بقضية الكرد الفيلية أكثر من كرد الإقليم.
ابديت شكري على تقديرها لنشاطنا المستقل ومصداقية قراراتنا بشأن القضايا الكردية لا في العراق فحسب على مستوى الأمة الكردية، وبضمنهم الكرد الفيلية، وعلى مستوى الجغرافيا، أي كل اقاليم كردستان الموزعة على الدول الأربع. ولكني أكدت لها بأن علينا جميعاً أن نعمل من أجل إقناع الحكومة العراقية الاتحادية وحكومة إقليم كردستان بضرورة التزام تنفيذ ما جرى الاتفاق بشأنه بشأن حقوق الكرد الفيلية، هذه الشريحة المعطاءة من بنات وأبناء الأمة الكردية والشعب العراقي، التعجيل بها وجعلها لا تحس بهذه الغربة في وطنها وبهذا الإهمال غير المبرر لقضاياها وهي التي تعرضت لعملية تصفيات جسدية وإبادة جماعية وجرائم ارتكبت بحقها تعتبر ضمن جرائم ضد الإنسانية.
لا نستحي من القول بأن قضية الكرد الفيلية لم تحض بالاهتمام الكافي من جميع الأحزاب والقوى السياسية في العراق ولا من المسؤولين في الحكومة الاتحادية وفي الإقليم وإلا لما تعثرت القضية هذه السنوات التسع المنصرمة. ولهذا نأمل أن ينتبه الجميع إليها قبل أن تتحول إلى غصة في نفوس الكرد الفيلة وكافة اصدقاء الكرد الفيلية.
لقد تشكلت هيئة خاصة في رئاسة الجمهورية أولك إليها الشأن الكردي الفيلي برئاسة الأستاذ الصديق عادل مراد، وهو من الكرد الفيلية، الذي يحس بالجرح الفيلي ويدرك مدى المرارة التي تعتصر قلوب هؤلاء الناس حتى الآن لأنهم لم يستردوا حقوقهم المشروعة. ولكن لم تثمر عن شيء يذكر حتى الآن وربما عطل عملها أيضاً.
أجد نفسي ملزماً أن أتوجه إلى خمس جهات أساسية في العراق مطالباً إياها بالعمل على تلبية كافة مطالب الكرد الفيلية، وهي ليست مطالب تعجيزية بأي حال وقابلة للتنفيذ خلال فترة قصيرة جداً أمدها ستة شهور في ابعد الاحتمالات، هي:
** رئاسة الجمهورية وبشكل خاص السيد رئيس الجمهورية الذي رافق معاناة الكرد الفيلية وبعضهم قيادي وكادر في الاتحاد الوطني الكردستاني.
** رئاسة وحكومة إقليم كردستان باعتبارهم شريحة اساسية مهمة من فئات الشعب الكردي والأمة الكردية وتقع على عاتق الإقليم مسؤولية التزام قضاياهم والدفاع عن مصالحهم تماماً كما يدافعون عن مصالح الشعب الكردي في الإقليم ذاته.
** رئاسة حكومة العراق الاتحادية باعتبارها مسؤولة عن جزء من الشعب العراقي تعرض للاضطهاد والقتل والتهجير والنهب والسلب ولا بد لهذه الشريحة ذات التاريخ الوطني اكبير أن تستعيد حقوقها ومصالحها عبر التزام رئيس الحكومة بها، كما اوعدها أكثر من مرة.
** مجلس النواب العراق الذي اصدر القرارات الصائبة باعتبار ما ارتكب بحق الكرد الفيلية يدخل ضمن جرائم الإبادة الجماعية وضد الإنسانية أن يضغط باتجاه تنفيذ ما اتفق عليه لصالح الكرد الفيلية.
** الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني التي تردك المصائب التي عانى منها الكرد الفيلية وعليهم تقع مسؤولية التزام قضاياهم والدفاع عنها.
إن الأمانة العامة للتجمع العربي لنصرة القضية الكردية ستبقى تلتزم قضية الكرد الفيلية وتدافع عنها لأنها قضية عادلة ومشروعة وفئة محرومة من استعادة ما اغتصب منها خلال عقود حكم البعث الفاشي والدكتاتورية الغاشمة.
وأن الأمانة العامة تعاهد الكرد الفيلية على تحريك قضيتهم دوماً لكي لا تركن إلى النسيان كما جرى تأكيد في الكلمة التي القاها أمين عام التجمع في مؤتمر التجمع العربي الأول التي تضمنت ما يلي:
" 3. التضامن مع الكرد الفيلية في استعادة حقوقهم المغتصبة من النظام الفاشي والتي لم تسترد حتى الآن رغم مرور تسع سنوات على سقوط الدكتاتورية الشوفينية الصدَّامية ".

كاظم حبيب
29/5/2012

المصدر: صوت العراق، 29/5/2012