الارتباط التاريخي بين المناطق الكوردية، مندلي أنموذجا

لقد اثبتت الوقائع التاريخية ارتباط تاريخ مندلي بالآثار الموجودة في بعض المناطق الكوردية.

بهذا الشأن يورد الكاتب والباحث الآثاري (هـ . و . ف . ساكز) (1) الارتباط الوثيق بين آثار جوخة مامي الواقعة قرب مندلي وآثار مناطق الكورد في جنوب غرب ايران : (يوجد فخار ملون اسمه سامراء ، يعود تاريخه الى قرابة 5500 ق- م ، وفخار سامراء اكثر تزويقا وابهى منظرا من الناحية الجمالية من فخار حسونة . وتقع بعض مستوطنات سامراء جنوب المنطقة الزراعية المطرية ، وتبين انهم لابد ان يكونوا قد استعملوا بعض اشكال الري البدائي : وقد تم التعرف الى آثار القنوات صغيرة في بعض المواقع التي تمتاز بسمات سامراء ، في جوخة مامي بالقرب من مندلي على الحدود مع ايران .

وفي جنوب غرب ايران ، الذي يرتبط جغرافيا بجنوب بلاد الرافدين عن طريق سهول الانهار ، وجدت مستوطنة زراعية في منطقة علي كوش بعد 6 الاف عام ق- م . بفترة وجيزة ، لكن بالنسبة الى جنوب بلاد الرافدين لايوجد دليل حتى الان على وجود مثل هذه المستوطنة قبل حوالي 5500 ق- م . غير ان جميع ما تثبته أدلة الحفريات بالنسبة الى الحقبة قبل 5500 ق- م . هو غياب القرى الدائمة ، لاغياب العنصر البشري . ولكن من المحتمل ان الرعويين البدو أو الجماعات التي عاشت على صيد الاسماك والطيور وجني النباتات الصالحة للأكل قد استقروا في جنوب بلاد الرافدين قبل ان تظهر المستوطنات الزراعية الدائمة بفترة طويلة ، ولذلك فان القول ان سبب المستوطنات الاولى هم مهاجرون ليس بالنتيجة الضرورية . ولكن لكي يعرفوا زراعة المواد الغذائية لابد من انهم كانوا على اتصال بطريقة ما مع جماعات زراعية في مكان آخر . ولعل هذا الاتصال حدث مع (جوخة مامي) ، ما دام المزارعون الاوائل في جنوب بلاد الرافدين يستعملون الشعير من النوع المسمى بالصفوف الستة (sex- rows) ، وقد عثر عليه هناك ايضا ولكن بمعزل عن نوعية ذات الصفين التي تزرع في اقصى الشمال) . أما عن فرية ان الساكنين في مناطق سكن الكورد الفيليين من غير ارومة فان الكاتب والباحث الآثاري (هـ . و . ف . ساكز)* يذكر : (هناك أسماء كثيرة من الافراد الذين يوصفون في الوثائق المسمارية بانهم (مارتو) أو أموريون ، ليست من النمط السامي الغربي الموحد . إذ توجد ايضا بعض الاقوام ممن يوصفون بانهم (مارتو) في أماكن تقع شرق دجلة وحتى في عيلام . واستنادا الى هذه الأسس ، ميز بعض الباحثين سابقا بين هجرتين قام بها (مارتو) أو الاموريون ، واطلق على الجماعة التي يفترض انها سابقا ، اولئك الذين حلوا شرق دجلة ، اسم (الكنعانيين الشرقيين) ، على ان الدلائل المتوافرة الآن تشير الى حصول موجات هجرة متتابعة على مدى أجيال ، لاموجتين منفصلتين سابقة ولاحقة . أما الاختلاف في الاسماء فقد حصل لان العوائل الامورية التي اندمجت في المجتمع صارت تميل في تسمية ابنائها باسماء سومرية وأكدية ، اكثر من الاسماء السامية الغربية) . وحول وقت وجود الفرس في المناطق التي سكنها الكورد ، التي اصبحت فيما بعد سببا لتسمية المناطق وتسمية ساكنيها بطلا بالاسماء الفارسية لكون السلطة بايديهم ، يورد الكاتب والباحث الآثاري (هـ . و . ف . ساكز)** : (خلال الربع الثاني من الالفية الاولى كان الفرس يتحركون جنوبا في غرب ايران ليستقروا في ما كان سابقا منطقة عيلام . ومن كانوا في الاصل اتباع الميديين أصبحوا في منتصف القرن ال6 ق- م الطرف المهيمن ، فذهبوا الى غزو بابل ووضع حد لآخر سلالة محلية حكمتها) . فيما نقرأ تعليق للكاتب هـ . و . ف . ساكز*** على إحدى الصور التي تخص نقشا بارزا لقوات آشور پانيبال يذكر فيها تاريخ وصول العرب الى العراق بالشكل الآتي : (في اثناء حكم آشور پانيبال (668- 627 ق- م) بدأ العرب الدخول إلى جنوب بلاد الرافدين والانخراط في الصراع على السلطة . يصور هذا النقش البارز قوات آشور پانيبال وهي تطاردهم) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- هـ . و . ف . ساكز \ البابليون ، لندن بالانكليزية 1995 ، ترجمة سعيد الغانمي ، مراجعة أ . د . عامر سليمان ، ط- 1 2009 دار الكتاب الجديد المتحدة ، توزيع دار أويا للطباعة والنشر والتوزيع والتنمية الثقافية- ليبيا ، ص- 41 ، 42 .

* هـ . و . ف . ساكز ، المصدر السابق ، ص- 138 .

** هـ . و . ف . ساكز ، المصدر السابق ، ص- 202 .

*** هـ . و . ف . ساكز ، تعليق على صورة برقم 78 .

اعداد : جعفر مؤيد

المصدر: شفق نيوز، 8/5/2012