الكورد الفيليون ثراء للتنوع العراقي


محمد علي السماوي

الكورد الفيليون ابناء العراق الاصلاء ينتمون للوجود العراقي وللوطنية العراقية، وقد سجلوا وطنيتهم وإنتماءهم عبر سجل تاريخهم الذي يثبت لهم وجودا انسانيا وقوميا ضمن تشكيلة الطيف العراقي الذي وصفه علماء الاجتماع انه إثني قومي متنوع، تؤلف لحمته اقوام سكنوا ارض الرافدين منذ فجر التاريخ، ووجودهم تضرب جذوره اعماق الزمن، فمنهم العرب والكورد والتركمان والكلدان الاشوريون وغيرهم من الاقليات، ولكل دينه وعقيدته وطقوسه، يسودهم التلاحم والاخاء والتسامح والتعاون، كلهم اشتركوا في بناء حضارة العراق، وعملوا من اجل سموه والحفاظ عليه والدفاع عنه بروح وطنية متأججة ومسؤولية عالية.

والكورد الفيليون كاحد مكونات المجتمع العراقي له مساهماته الوطنية المتميزة التي لا تغيب عن الذاكرة في شتى الميادين كالانتفاضات التي قاموا بها، لينددوا بالقرارات الجائرة والمعاهدات المكبلة للشعب العراقي وخنق حرياته وغمط حقوقه التي ابرمتها انظمة الحكومات الدكتاتورية السابقة التي توالت على ادارة البلاد ، والتي حاولت ان تنكر حق الفيليين في الحياة السياسية وشراكتهم الحقيقية في العمل السياسي . كما ان لهم مواقفهم الشجاعة في المواجهة والتصدي للطغيان والظلم والمطالبة بالحرية والديمقراطية للشعب العراقي والحكم الذاتي للكورد . فضلا عن ممارستهم التجارة وعملهم الوطني في ازدهارها وانعاشها مستغلين ذكاءهم ومهاراتهم في تقدم الاقتصاد العراقي ونموه.

هذا غيض من فيض من مواقفهم المشرفة والمشرقة التي دونتها الايام في السفر الخالد لتاريخهم بكل فخر واعتزاز، فالفيليون جزء عضوي من الامة الكوردية ومن الشعب العراقي، لكنهم وقع عليهم حيف واجحاف وطالتهم جرائم اعتداء على حقوقهم الانسانية والوطنية ولازالت معاناتهم قائمة تنتظر من يمسك زمام الامور، ويسعى الى رص وتوحيد الصفوف بدلا من التشرذم والتفرقة، ويبادر الى إنهاء هذه المعاناة والمأساة، كما انهم يشكلون نسبة لها ثقلها في المجتمع لذا يجب ان يمتلكوا حقوقهم الانسانية والوطنية التي لاتقبل المماطلة والتسويف او بالاحرى لايمكن ان توضع تلك الحقوق على مائدة من يتاجر بها عند الحاجة.

لذلك لا جرم ان تشكل منظمات المجتمع المدني لتعمل على منع اي نوع من انواع استمرار الجرائم بحقهم، كفى بما اصابتهم من كوارث كالترحيل القسري والتهجير ومصادرة اموالهم المنقولة وغير المنقولة وسحب الاوراق والمستمسكات الرسمية كالجنسية العراقية وهوية الاحوال الشخصية وغيرها مما يثبت هويتهم وانتماءهم الوطني، وجرائم الانفال والمقابر الجماعية وغيرها من جرائم الجينو سايد، فضلا عن ان الكثير من الكورد الفيليين يعيشون في ملاجىء اقيمت لهم في دول الجوار ودول اخرى وهذه تفتقد الى ابسط القواعد الصحية فهم يعانون شظف العيش والفاقة والحرمان.

هذا من جانب ومن جانب اخر اننا وبعد تسع سنوات من التغيير والفيليون يعانون الكثير من غمط الحقوق والتهميش، فسياسة التهميش والاقصاء هذه اثرت سلبا على تمثيل الكورد الفيليين في الحكومة والدوائر الحكومية فقد أبعد الفيليون عدا بعض الاستثناءات، وهذا بدوره انعكس على عدم تحقيق اي من حقوقهم التي سلبت منهم خلال فترة حكم النظام المباد رغم الوعود المعسولة، فبقي واقعهم على ما كان عليه بل ازدادوا سوءا، وذلك لانعدام وجود من يمثلهم في الاجتماعات والمؤتمرات فهم يفتقدون من يوصل صوتهم ويوصف معاناتهم في امور كثيرة كمسألة الجنسية العراقية والقبول في الكلية العسكرية وكلية الشرطة.

فمن لهم لينهي هذه المحنة؟ ويعمل على تشكيل مؤسسات مجتمع مدني تعنى بهم وتشخص مطالبهم اضافة الى دعم تلك المؤسسات وتثبيت اسمهم كطيف عراقي اساسي حيثما جاء ذكر المكونات والاطياف العراقية في الوثائق الرسمية المعتمدة وتذليل الصعوبات والعقبات في انجاز معاملاتهم الرسمية.

وقد تبنت وزارة الهجرة والمهجرين تسهيل معاملات الفيليين وتعاطفت مع قضاياهم إذ شكلت لجنة مشتركة لهذا الغرض وهذا التعاطف ينطلق من دوافع شرعية وانسانية وقومية بما يعزز مكانة الانسان العراقي والدفاع عن حقوقه المشروعة، ويمكن ان تعد هذه الخطوة ايجابية يثنى عليها ويجدر بدوائر ومؤسسات الدولة الاخرى وفي الوزارات التي لها علاقة بهذا الشأن ان تحذو حذو وزارة الهجرة والمهجرين وان تسرع في انجاز الملفات العالقة فيما يخص العقارات التي صودرت منهم وان تعمل على استرداد الحقوق لاصحابها الشرعيين او تعويضهم بما تقره القوانين المرعية وعند ذلك يتحقق جانب من جوانب العدالة بروح ديمقراطية مخلصة خدمة لصالح ابناء شعبنا.

محمد علي السماوي

المصدر: شفق نيوز، 5/5/2012