نساء فيليات ... الأم ..(ام حسن)

في زيارتي الاخيرة الى مقبرة وادي السلام في النجف الاشرف ، قبل بضعة ايام من الأن ، وبعد وقوفي على قبور الاقارب ، قادتني قدماي الى قبر المرحوم ( عبد الرحمن ابو حسن ) رحمة الله والد اصدقائي المغتربين الاخ الكبير حسن والاخ الاعلامي انور وقريني الاخ جواد ، وبعد قرائتي سورة الفاتحة على روحة الطاهرة قادني خيالي من اكبرة مقبرة في العالم الى مقبرة صغيرة في ايران حيث قبر المرحومة عقيلة صاحب القبر الذي اقف امامه الأم (ام حسن) (كيفية) التي اعتبرها مثل أمي الله يرحمها...... ، هذه المرأة التي عشت معها اياما في كنفها و(ياما) أكلت من لذيذ طبخها ، و(ياما) اختزن الكثير من الذكريات اللطيفة معها فأم حسن ليست واحدة ككل النساء بل انها فريدة في طبعها وحبها للوطن لاتدانيه اية أمرأة حسب ، ولا انسى ابدا أم حسن (كيفية) كما كنت انا واولادها واصدقاء اولادها نناديها بهذا الاسم وهو اسمها الحقيقي حيث كانت تغضب وتلاحقنا بشتى السباب الجميل .. لأم حسن وقفتان لاانسهما ابدا .. الاولى حين جاءت الى بغداد خلسه ايام معركة عاصفة الصحراء عام 1991 بعد ان هجرت في الثمانينيات من القرن الماضي حيث دخلت بغداد وبغداد لم تسقط بعد والنظام لايزال قويا في بغداد جاءت من ايران عبر محافظة ميسان على ما اظن ولم يعرف بأمرها أحد سوى بعض الكورد الفيلية الذين حالفهم الحظ بالبقاء في العراق ومن خلال علاقتي بهم فهم كانوا يثقون بي جيدا نقلو لي خبر وجودها فدهشت وحقيقة كنت خائف عليها وعلى من كان يؤيها فقد كانت انذاك مجازفة كبيرة، وسارعت الى ان التقيها وفعلا تم اللقاء بيني وبينها وأنبتها على المجازفة الا انها كانت قوية وواثقة من نفسها فقالت لي رحمها الله جئت لااطمئن على داري المسلوب وعلى جيراني الاعزاء وسوف ازور قبر زوجي واهلي وازور مرقد امير المؤمنين ، ثم عادت الى ايران حيث اتت ، تصوروا أن أمرأة بسن الستين عاما واكثر لماذا جازفت بالقدوم الى بغداد اليس حبها للوطن والناس نعم هي الحقيقة لاغير .
ان هذه الحادثة او القصة لم ترسمها اية أمرأة سوى أم حسن الشجاعة ولم تفعلها اي امراة من قبلها من النساء وتحديدا النسوة الفيليات وتستحق هذه القصة ان تدون في التأريخ الماساوي للكرد الفيلية العراقيين وطبعا في تاريخ النسوة العراقيات المناضلات .
اما الذكرى الثانية التي جمعتني اياها ، حيث كانت أم حسن من اول طلائع النساء اللواتي هجرهم النظام السابق من الكورد الفيلية اللواتي وصلن الى العراق بعد سقوط النظام عام 2003 ألا ان الظرف قد اختلف عن سابقة وايضا جائني خبر وصولها بسرعة حيث سارعت للقاء بها بعد ان ابلغوني بمكان تواجدها في منطقة نواب الضباط عند احد اقربائها بجانب الرصافة وطبعا كان اللقاء مختلفا عن سابقة فارفقتها اياما فكنت اتجول بها بسيارتي الخاصة بين الاقرباء والجيران وكانوا مستغربين جدا ان أم حسن تروي لهم كيف انها راتهم حين جاءت خلسة ولم تسلم عليهم فانيوها ولكنها اقنعتهم بان عدم الذهاب او السلام عليهم في تلك الفترة هو خوفا عليهم من بطش النظام في حال معرفة امرها وفي الاثناء وصل ابنها الصغير من الدنمارك ابو سالار حيث تجمع الشمل كذلك ابنها الكبير وصل من ايران وذهبنا بسيارتي وسيارة لااحد الجيران في سفرة الى المراقد في النجف وكربلاء وكانت رحلة لن تنسى ، ثم ودعناها ومع الاسف كان وداعا اخيرا مع الام ام حسن حيث وفاها الاجل هناك في ايران ولم تحقق ام حسن حلمها في العودة الى الوطن ودارها الذي سلب منها قسرا .
رحمك الله ياامي ياام حسن الشجاعة .. الوفية.. الكريمة.. الوطنية .. حفا تستحقين ان تكوني المراة المثالية وعلما من اعلام النسوة الفيليات .. صحيح ان طولك لايتجاوز المئة وخمسون سم الا انك تملكين قامة شامخة .. هنيئا لاولادك وبناتك بان تكوني لهم اما يفاخر بها وتكون مضرب الامثال .. رحمك الله يأم حسن .. وألى جنة عدن انشاء الله

معن محمد حسن
mhmaan@yahoo.com

المصدر: صوت العراق، 22/4/2012