اعتذار الدول دليل النضوج السياسي والتقدم الحضاري ـ فاعتذري يا دولة العراق من الكورد الفيلية وبقية الضحايا

الاعتذار من قبل الدول والحكومات من مواطنيها او من الشعوب الاخرى ضحايا جرائم الابادة الجماعية والتطهير العرقي والجرائم ضد الانسانية والتمييز والاضطهاد دليل النضوج والتواضع السياسي للدولة المعتذرة وتعكس اعترافا منها بالجرائم التي ارتكبتها حكومات سابقة ضد مواطنيها او ضد شعوب اخرى. وهذا الاعتذار يعكس رقي الانظمة والتقدم الحضاري السياسي والاجتماعي والمدني لهذه الدول.

فالحكومات تعتذر للضحايا بالرغم من ان الحكومة أو الحكومات التي اقترفت القتل والتدمير والتمييز والاضطهاد ضد مواطنيها أو ضد الشعوب الاخرى هي حكومات حكمت البلد قبل سنين او عقود او حتى قرون وليس الحكومة التي تقدم الاعتذار الرسمي للضحايا. وهذا ما حصل في المانيا (التي اعتذرت حكومتها بعد الحرب لضحايا جرائم النازيين خلال الحرب العالمية الثانية والتي لم ترتكبها هي نفسها) واستراليا (التي اعتذرت قبل سنوات معدودة لسكانها الاصليين عن التمييز الذي مارسته ضدهم مختلف الحكومات المتعاقبة منذ قرون) وتركيا (التي اعتذرت مؤخرا للكورد في درسيم عن الجرائم التي ارتكبتها الحكومة التركية في بداية ثلاثينيات القرن الماضي) وتونس (التي اعتذرت حكومتها الحالية من العراق عما قامت به حكومتها السابقة عن تشجيع ذهاب الارهابيين الى العراق) وامريكا والسويد وكندا وبريطانيا وغيرها. ولكن يبدو ان دولة العراق الجديد لا زالت تحتاج الى وقت طويل كي تنضج سياسيا وتواكب ركب الحضارة الانسانية كي تعترف بالجرائم الكبرى التي ارتكبتها الانظمة السابقة ضد مواطنيها ومن اوائلهم واكثرهم تضررا الكورد الفيلية الذين تعرضوا للإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتمييز واسقاط الجنسية والتهجير القسري لأكثر من 600,000 منهم وتشتيتهم ومصادرة ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة وتجريدهم من كل مستمسكاتهم ووثائقهم وحجز اكثر من 20,000 من شبيبتهم والغدر بهم بخبث ومكر وبأساليب وحشية تتردد السلطات العراقية البوح بها لهولها وبشاعتها.

فمتى تواكب دولة العراق الجديد التقدم والحضارة الانسانية والنضوج السياسي وتعتذر من الكورد الفيلية ضحايا الانظمة السابقة عن جرائم الابادة الجماعية والتطهير العراقي والجرائم ضد الانسانية التي ارتكبت بحقهم؟ خاصة وان هناك اساس قانوني وسياسي لمثل هذا الاعتذار وهو ما ثبتته المحكمة الجنائية العراقية العليا في حكمها الصادر في 29/11/2010 بان قتل وتهجير الكورد الفيلية كان جريمة ابادة جماعية وقرار مجلس النواب العراقي الإجماعي رقم 18 بتاريخ 1/8/2011 بعدّ ما جرى للكورد الفيلية جريمة ابادة جماعية. ومتى تعتذر الدولة لبقية الضحايا من العرب والكرد والتركمان وغيرهم.

ان اعتذار الدولة من الضحايا سيرفع من مكانة العراق في المجتمع والراي العام الدولي وسيعكس تواضع حكامه بدل غرورهم، حيث اثبت التأريخ القريب ان اكبر ضحية للغرور هو المغرور نفسه.

لقد طالب اتحادنا في كلمته في يوم الشهيد الفيلي 1/4/2012 بان تقدم دولة العراق اعتذارا لذوي الشهداء ورد اعتبار للكورد الفيلية لأن الاعتذار من الضحايا ورد الاعتبار اليهم يساهم معنويا في تخفيف جزء من آلامهم ومعاناتهم الطويلة. ولكن المؤسف جدا ومما يؤلم الضحايا كثيرا هو ان دولة العراق تقوم بدلا عن ذلك وباسم المصالحة الوطنية ومسميات اخرى برد الاعتبار للذين شاركوا في تنفيذ سياسات النظام السابق التي ادت الى ارتكاب تلك الجرائم وسببت المآسي الكبيرة والمعاناة والجروح العميقة للضحايا.

الاتحاد الديمقراطي الكوردي الفيلي
11/4/2012

info@faylee.org    www.faylee.org