عذرا..شهداءنا الكورد الفيليين

جرت التقاليد لدينا كمسلمين ان نقوم باجراءات اكرام الموتى وهو دفنهم في مقبرة وادي السلام في النجف الاشرف وتسبقه مراسيم خاصة في تشييع الموتى وسط تجمع الاهل والاقرباء، ثم بعد ذلك اقامة مأتم للرجال والنساء يستمر ثلاثة ايام وتستمر زيارات الاقرباء للتخفيف عن اهل الفقيد ومواساتهم ثم اقامة اربعينية ،ثم اقامة سنوية تجدد فيه الحزن على من فقدناهم، وهذا هو المتعارف عليه،كل ماذكرناه هو امر طبيعي توراثنه من ديننا الحنيف ولاغرابة في الامر ،ولكن الغريب بل الذي لم يحدث ولااتمنى ان يحدث لبني البشر، هو ماجرى للكورد الفيليين على يد اعتى نظام دكتاتوري عرفته البشرية، في ليلة وضحاها وبدون سابق انذار، ولالجريمة تذكر، سوى انهم عراقييون كورد مسلمين وشيعة، وساهمو بشكل فعال في اقتصاد العراق هذه جريمتهم، التي نالو فيها عقابهم ان يهجرو وتصادر اموالهم ويرمون بهم على الحدود العراقية الايرانية رجالا ونساء واطفال ومسنين دون شفقة او رحمة وبعض كبار السن والاطفال لاقو حتفهم في تلك الظروف الصعبة، ولم يكفي الجلادون ذلك فقام بعزل الابناء ممن لم يتجاوزو الخمسة عشر ربيعا مع بقية الشباب ، ليزج بهم في دهاليزه المظلمة ،اكثر من ستة عشر الف من شباب الكورد الفيليين العراقيين، اختفوا بين سجون ابو غريب ونقرة السلمان ،تم اعدام هم بوحشية بتجربة الاسلحة الكيماوية عليهم التي استخدمت فيما بعد بحق اهلنا الكورد في حلبجة، اختفى شبابنا كأنهم لم يكونو واختفت اجسادهم، وبقيت حسرة الفراق ترافق عوائلهم الذين حرمو من شاهد على قبور ابناءهم يستذكرو فيه لحظات الفراق التي حرمو منها رغم مرور تسع سنوات على سقوط الصنم ، ووجود مؤسسة للشهداء ومنظمات وهيئات اكتشفت الكثير من المقابر الجماعية خلفها ذلك النظام المقبور، ولكن للاسف لم يعثر على رفاة شباب الكورد الفيليين، احدى الامهات التي وافها الاجل بعد طول الانتظار قالت قبل رحيلها عن الدنيا .. لقد كنا نسمع ان الموتى اخبارنا وقد طردونا من منازلنا وسكنها ارباب الجلادون، وهل سيكون له قبر فاشم ترابه ، ولكن عزاءوها انها لحقت به بعدفراق ثلاثون عاما، فعذرا شهداؤنا قد رحلتم وسط عذاباتكم وانينكم وفرقو الاهل عنكم وسلبو دياركم مع وجود مجلس الامن والامم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمات حقوق الانسان التي يبدو انها كانت في سبات مدفوع الثمن، وعذرا شهداؤنا فالحكومة الحالية واحزاب السلطة لديها امور اهم منكم انتم في عليين عند رب كريم، وهم بتقسيم الكعكة منهمكون، فعذرا شهداؤنا انتم ذقتم المرار لكي يذوقو اليوم حلاوة الكعكة . الكاتب /صلاح شمشير البدري

صلاح شمشير البدري
salahalbadree@yahoo.com

المصدر: صوت العراق، 2/4/2012