بين أفعال المالكي و أقوال البارزاني حوصرت السياسة في أضيق ابوابها... الدولة الكوردستانية لا تُبنى بالتحالف مع الهاشمي ايضا....

ما يعيشة الكورد في جنوب كوردستان هذه الايام و ما تمكنوا من رد للحقوق كان من أحدى ثمار التحالف الاستراتيجي بين الشيعة و الكورد في العراق و ايران ذلك التحالف الذي نجم عن ظروف موضوعية مرتبطة بطريقة تكوين دولة العراق و خلافات العراق السني مع أيران على الرغم من أنه أي التحالف الكوردي الشيعي الايراني يحمل في ثناياه متناقضات كثيرة و لا يستند على عوامل مادية متينة ابسطها الاحتلال الايراني لشرق كوردستان.

لجوء الثورة الكوردية بقيادة البارزاني الاب و بعدها بقيادة البارزاني الابن و الطالباني الى أيران و أحتماءهم لفترة طويلة من الزمن تمتد من ستينات القرن الماضي و الى الان بشاه أيران و بعدها بولاية الفقية الايرانية، كان من أحدى الاسباب الرئيسية لما وصلت اليه الحركة الكوردية في اقليم كوردستان الان و ما تتمتع بها من مزايا تختلف عن باقي أجزاء كوردستان. و على الرغم من أن تحالف البارزاني و الطالباني مع ايران ألحق اضرارا كبيرة بالكورد و لكن محصلة ذلك التحالف الغير متكافئ هو ما نحن علية اليوم من فيدرالية هشة و أرجاع لنصف أراضي جنوب كوردستان الى الحاضنة الكوردية و تكوين حكومة يستطيع من خلالها أن يكون الطالباني رئيسا بلا صلاحيات للعراق و البارزاني رئيسا لاقليم كوردستان و يضمنوا لاحزابهم 17% من ميزانية العراق الاجمالية.

عدم وجود ظروف موضوعية لتشكيل تحالف أخر مماثل بين باقي أجزاء كوردستان و القوى الشيعية فيها أو أي طرف أخر، يعتبر من أحدى الاسباب الرئيسية لعدم تمكن الكورد في شمال و شرق و غرب كوردستان من الحصول و لو على نصف حقوقهم كما هو الحال في العراق و تحرير نصف أراضيهم المحتلة.

على القيادات الكوردية عدم نسيان الحقائق التأريخية أعلاه على الرغم من أنها تحمل في طياتها الكثير من المأسي و عدم الثقة و الخيانات و أن يفكروا ألاف المراة قبل أن يلجؤوا الى هدم ما بنوه من تحالف بين الشيعة و الكورد و بدماء الشعب الكوردي.

الخلاف الحالي بين دولة القانون للمالكي و دولة الكوردستاني للبارزاني هي الى حد كبير وليدة لجوء طارق الهاشمي الى اقليم كوردستان و دخول البارزاني و الطالباني كأطراف في الخلاف الجاري بين المالكي و العراقية أن لم نقل دخولهم كطرف في الصراع الشيعي السني الممتد لاكثر من 1400 سنة من الان. على الرغم من أن البارزاني صرح في الكثير من المناسبات بأنه ليس طرفا في الخلاف الشعي السني الجاري بين المالكي و الهاشمي، ألا أنه شاء أم ابى طرف في هذة القضة بسبب حمايته للهاشمي و عدم استعدادة للتفريط به و محاولته أستغلال ذلك الخلاف بشكل و لو غير مباشر.

أذا كانت العقود النفطية و المادة 140 و تطبيق الدستور خطا احمرا بالنسبة للكورد و للبارزاني فأن تحالف البارزاني و الطالباني مع الهاشمي و القائمة العراقية خط أحمر هو الاخر بالنسبة للمالكي و قائمة دولة القانون. الذين يقتلون اليوم في كربلاء و النجف و بغداد و ديالى و الكثير من المدن العراقية الاخرى هم في غالبتهم من الشيعة و هذا يفرض على المالكي و غيرة وضع حد لتلك العمليات. و قد ثبت بالجرم المشهود أن الذين يقومون بتلك العمليات هم داخل الحكومة و داخل قوى الامن و الشرطة. و الكل يعترف بأن الوزارات الامنية مخترقة. فلماذا يستبعد الوزراء و نواب الرئيس و حتى الرئيس و رئيس الوزراء من هذا الاختراق؟؟؟؟

عدم الدخول كطرف في الخلاف الشيعي السني مرتبط بالاعمال و ليس بالاقوال و على البارزاني أن يترجم حياديتة الى أفعال و أن لا يحمي الهاشمي و قيادات العراقية بحجة العادات الكوردية و يترك الطرفين ينهون خلافاتهم بطرقهم و ليس من خلال الكورد و الحاق الضرر بعمله هذا بالتحالف الكوردي الشيعي القديم و التأريخي و الذي لا بد أن يستمر طالما كان العرب السنة في العراق و من ورائهم تركيا يقفون ضد تطبيق المادة 140 و أرجاع الاراضي الكوردستانية الى حاضنة كوردستان.

و هذا لا يعني بأننا ندعوا الى جبهة شيعية كوردية ضد السنة في العراق بل أننا ندعوا الى تحالف يكون أساسا لترسيخ العدالة بين جميع القوى و القوميات التي تعيش داخل العراق و أن يكون ذلك التحالف خطوة في طريق وضع حد لتجاوزات بعض القوى السنية على حقوق الكورد و الشيعة و محاولتهم فرض سيطرتهم المذهبية و المناطقية على العراق.

ما هو مفروغ منه أن طارق الهاشمي و من وراء صالح المطلق و بقية العنصريين يمارسون نفاقا كبيرا مع الكورد و يريدون و بشكل مدروس أحداث شرخ في العلاقات الكوردية الشيعية. فهم أي الهاشمي و قياداته لا يعترفون بالحقوق الكوردية لا سرا و لا علنا و هم العائق الاول لعدم تطبيق المادة 140 و لكنهم في هذه المرحلة صامتون صمت الشيطان الاخرس ليس فقط أمام تطبيق المادة 140 و لكنهم لم يدلوا بأي تصريح ضد اقوال البارزاني حيال تشكيل الدولة الكوردية التي لطالما و قفوا ضدها من على القنوات الفضائية. و بسكوتهم المنافق هذا يريدون تعميق الخلاف بين المالكي و البارزاني كي يتحول لاحقا الى خلاف كوردي شيعي و يشكلوا بعدها تحالفا هشا مع البارزاني كي يسيطر من خلاله العرب السنة و بدعم تركي على الحكم في العراق.

على الكورد أن يدركوا أنهم لا يستطيعون بناء تحالف استراتيجي مع القيادات السنية الحالية و أن حصل فانه قصير المدى و لكن التحالف الكوردي مع الشيعة في العراق يمكن أن يكون استراتيجيا و طويل المدى. لان التحالف الكوردي مع ايران قد يتعرض الى أزمة في القريب العاجل بسبب أحتلال أيران لشرق كوردستان. و لكن نشوء خلاف أيراني مع اقليم كوردستان يجب أن لا يعني بالضرورة خلافا كورديا شيعيا في العراق. لان أيران دولة و لا تمثل رأي الشيعة في العراق و لا حتى في أيران.

أن بناء دولة كوردستان لا تأتي بتأزيم الوضع في العراق و أن يتحول الكورد الى أعداء لجميع الاطراف المتواجدة في العراق بل على الكورد أن يخلقوا جوا من التفاهم مع جميع الاطراف كي يستطيعوا الجلوس على مائدة المفاوضات من أجل حل المشاكل بينهم و من أجل تمهيد الارضة للاستقلال أيضا. فلا يمكن للكورد أن يعيشوا كاسرائيل و سط أعداء يتربصون بها. بل على الكورد أن يخلقوا جوا من الثقة بين جميع القوميات الاخرى في المنطقة و هنا لا نقصد الحكومات.

فعلى سبيل المثال لا الحصر أستقلال جنوب السودان أتي يجلوس الطرفين على مائدة المفاوضات و تهيئة أرضية مناسبة على الرغم من وجود خلافات حدودية بينهما. و هكذا بالنسبة لاقليم كوردستان أيضا.

المالكي بأفعاله حيال الكورد و طريقة تعاملة مع القضايا العالقة مع الكورد و البارزاني بأقوالة التشنجية المؤقته يريدان أدخال الكورد و الشيعة في خلاف هم في غنى عنه و على القوى الشيعية و الكوردية الخيرة البدء بحوار من أجل تواصل الثقة بين الكورد و الشيعة. و نخص هنا جميع القوى و الشخصيات الشيعية الخيرة ومنهم الشاب عمار الحكيم الذي قد يستطيع تمثيل رأي جزء كبير من الشارع الشيعي بكل ما يحملة من حكمة و أتزال في الطرح و التصريح.

وعلى المثقفين الكورد ايضا العمل على ابعاد شبح خلاف شيعي كوردي في العراق وأخراج السياسة الكوردية من بين البصله و قشرتها و نقصد هنا المالكي و الهاشمي فقصيتنا أكبر من أن تنحصر بين شخصين لا يعترف أي منهما بحقوق الشعب الكوردي و لا العراقي بشقيه الانساني و السياسي.

هشام عقراوي

المصدر: موقع الاخبار، 24/3/2012