يوم فيلي خالد في واسط

يوم فيلي خالد في واسط إحتفالية تلو أخرى يزداد الشعب الفيلي تألقاً وتوهجاً وهم يتدفقون حشوداً جماهيرية لتلبية نداء الوحدة وتوحيد الكلمة، وهم يرسمون لوحة زاهية بلون الربيع تفوح منها روائح العطر الفيلي ومؤطرة بالتكاتف والتآزر ، ليبرهنوا للعالم إنهم شعب حي وقوي يستطيعون أن يعبروا المصاعب والمحن وقد غادروا محطات التشتت والتمزق الى محطات التلاحم والوئام، ويوم بعد يوم تزداد الأواصر والروابط الإجتماعية قوةً وصلابةً وتقارباً، وتتقلص الفجوات بين طبقات المجتمع وتتقارب الأفكار بعضها من بعض لتحد من ظاهرة الإختلافات وتلغى المسافات الوهمية وتتباعد عن الصراعات الفئوية والحزبية والشخصية، وتتسامى عن كل شيء من أجل القضية الفيلية النبيلة. لقد شعت أنوار الفيلية في فجر يوم بهيج في محافظة واسط (واسطة العقد للكورد والعرب) لتنسج بخيوطها الذهبية ثوب عرس فيلي، لتزحف القلوب قبل الأجساد والأرواح قبل النفوس ولتمتزج دموع الفرح مع بسمات ثغور قد غادرها الحزن في ساعة اللقاء الخالد، زحفت الجماهير وهي تتطلع بشوق الى مستقبل مشرق زاهر يليق بها وتحقق أحلامها وأمنياتها، وتمسح غبار الظلم والتهميش وتزرع المحبة والسلام في حديقة الوطن. طوبى لشهداء الكورد الفيليين الأبرار الذين أينعت ثمار دمائهم الزكية التي روت أرض العراق الغالي ولم تذهب تضحياتهم سدى في مهب الريح، فكانت لتلك الدماء الأثر الواضح والمساهمة العظيمة في إستنهاض المبادئ والقيم ورفع الشعور بالمسؤولية إتجاه المكون الفيلي لإثبات الذات والهوية ونصرة قضيتها ، وكان لزحف الجماهير الفيلية الكبير في الإحتفالية التي دعى اليها المؤتمر الوطني العام للكورد الفيليين خير دليل على النقلة النوعية المستقبلية في هذا اليوم الخالد الذي سيسجل في سفر التاريخ لمحافظة واسط وتضاف لتلك الأيام الخوالد، وبشائر خير وفرح وتفاؤل حسن بمستقبل واعد زاخر بالعطاءات والقدرات المعطاءة والجهود الحثيثة في سبيل أكمال المسيرة والتقدم الى الأمام بخطوات ثابتة ورصينة وهي دلالة واضحة على أن هذه الدماء قد قطفت أكلها وساهمت بشكل مباشر في رص الصفوف وتوحيد الكلمة الفيلية تحت خيمة واحدة الا وهي خيمة المؤتمر، وليبدأ العد التصاعدي لبداية مشروع فيلي جديد قديم مبني على أسس علمية وعملية له إطار فلسفي وفكري وذات رؤى جديدة تحتضن وتستقطب الجميع دون إستثاء بغض النظر عن الميول والإتجاهات والأفكار وإتباع صيغ العمل المؤسساتي الممنهج في تحديد الخطوات والمسارات وفق آليات عقلانية وسياقات منطقية تتوافق مع معطيات الأحداث ومقتضيات الظروف وتداعيات الصراعات السياسية والإجتماعيـة، والدراية والحكمة وفضلاً عن الحنكة السياسية في إستغلال الزمان والمكان المناسبين للمطالبة بالإستحقاق الوطني، والتعامل الدستوري والقانوني مع المؤسسات الحكومية في كيفية إسترجاع الحقوق المغتصبة ووضع أولويات الحقوق من حيث الأهم والمهم. أن المكون الفيلي هو الحلقة الذهبية لما يمتلكه من سمات وخصائص ينفرد بها عن المكونات العراقية الأخرى من حيث العقيدة والقومية وله مقومات ومعطيات تجعله يأخذ دوراً محورياً ريادياً في مد جسور الأخوة الوطنية والتعايش السلمي وزرع المحبة والوئام بين جميع مكونات المجتمع العراقي وردم الهوة وإصلاح الفجوة وتقريب وجهات النظر المختلفة وايجاد الحلول الناجعة لكل المشاكل والمعوقات التي تقف ضد العملية السياسية والإقتصادية والأمنية التي أصبحت الهم والشاغل الرئيس للمواطن!؟ أن الموجات الفيلية التي زحفت صبيحة يوم 3/3/2012 لتملأ قاعة الإدارة المحلية في واسط والتي لم تستوعبهم ليملؤا الممرات وقوفاً، وهو دليل على تنامي الشعور بالمسؤولية والوعي الشعبي الفيلي لخطورة المرحلة الحالية وعواقبها ربما ستكون وخيمة لو لم يتداركوا الوضع على عجالة وضرورة رص الصفوف وتوحيد الكلمة لمواجهة التحديات والصعوبات في سبيل المشاركة والشراكة الحقيقية في العملية السياسية، وكذلك من أجل تحقيق المطاليب الفيلية المشروعة في إسترجاع الحقوق المسلوبة والممتلكات المغتصبة، أن المسؤولية وهي كبيرة وجسيمة تقع على عاتق الجميع دون إستثناء في سبيل النهوض بالواقع الفيلي وتعريف المجتمع العراقي بكل أطيافه وألوانه بمعاناتنا وتضحياتنا ومعرفة كل ما جرى علينا من ظلم وجور وإضطهاد، فهنيئاً لكم يومكم الخالد هذا وقد دقت بشائر النهوض لعهد جديد يتسم بالمصداقية والشفافية في التعامل مع كل فئات المجتمع الفيلي بغض النظر عن كل شئ وفتح أبواب التشاور والتحاور لتقريب وجهات النظر ونبذ الخلافات وكل من يحاول وضع العصى في عجلة هذا المشروع، أننا جميعا أمام مسؤولية تأريخية كبيرة تحدد المعالم الحقيقية والحجم الحقيقي للمكون الفيلي وإنتفاضة حاسمة لنكران الذات والإبتعاد عن الغرور والمصالح الشخصية والفئوية، وإنتهاج مفاهيم جديدة تعتمد على العقل والتفكير الجمعي وتجنب كل ما هو متكلس ومتحجر لا يقوى على هضم المستجدات والحداثة والتغييرات التي طرأت على المجتمع والواقع، وأن نعقد العزم وبعقيدة راسخة بأن هذا المكون مهما تعرض للمحن والنكبات من قبل أعداء الإنسانية فسيبقى شامخاً كالجبال يضمد الجراح مهما كانت عميقة ولا نظن إن هناك أعمق مما جرى علينا، وإنه يعبر بحر الملمات وموجات الأحزان الى ضفة التحدي والتألق والفرح، ولتملأ قلوبنا البهجة والسرور متفائلين بإشراق يوم جديد مفعم بالأمل والأمنيات والحلم الكبير في التعايش والعيش بسلام ووئام على أرض السلام والمحبة أرض عراق الخير... آن الآوان لنقتل الخوف (من مسمى الفيلي) في نفوسنا والذي لازمنا وصاحبنا لعقود طويلة ومغادرة صومعته المهينة وإستلهام الشجاعة من شهداءنا وإحياء روح الكفاح لتسلق القمم وإنتهاز ظروف المرحلة الجديدة وإغتنام الفرص الذهبية وعدم هدرها، وكما تقول الحكمة ( من لا يحاول تسلق الجبال فسيبقى أبد الدهر في الحفر)... وعلينا تسلق الجبل... وعلى الله فليتوكل المتوكلون.

علي حسين غلام
ali_g1955@yahoo.com

المصدر: صوت العراق، 7/3/2012