كيف أصبحت المرأة الفيلية قدوة لنساء العالم؟

لا أحد ينكر المحجة البيضاء بما تحتله المرأة من المكانة العظيمة البالغة الاهمية في حياة المجتمعات، اذ انها تشكل نصف المجتمع فهي الركيزة الاساسية في بنائه، وحجر الزاوية في الاسرة. انها الام الرؤوم والشقيقة الشفوقة والحبيبة الخطيبة والزوجة المعشوقة والابنة العزيزة والصديقة الصدوقة. انها الصفات المحببة نجدها في المرأة الفيلية التي تعد المرأة المثالية في الصبر والتضحية والوفاء.

اذ انها تلقت صدمات الليالي الرهيبة والنكبات المتتابعة من الأزلام القساة الذين سخرهم النظام الشوفيني المباد الذي اقل ما يوصف به انه نظام جائر فردي تسلطي عنصري دموي قاتل فاتك لأبناء شعبه. اوعز لرجاله الجلاوزة ان يفتكوا بابناء الوطن الاصلاء الكورد الفيليين فشرعوا يطرقون ابواب المنازل ليلاً ليرعبوا اطفال وسائر وافراد العوائل. كانت الام الفيلية تشاهد اولئك الرجال الذين نزعت من قلوبهم الرحمة وهم يسوقون الزوج وفلذات الاكباد الى السجون من تصفيتهم بتغييبهم في المقابر الجماعية. اضافة الى ترحيل الشيوخ والنساء صوب الاراضي الايرانية ورميهم في ارض مليئة بالالغام وتحت وطأة البرد القارص، فضلاً عن الجوع وانفصالهم عن ارض الوطن مهد الآباء والاجداد ومصادرة دورهم واموالهم وسلبهم المستمسكات الرسمية التي تثبت حقوقهم وهويتهم ومواطنتهم. كل ذلك تجرعته المرأة الفيلية اضافة لما اصابها من الرعب والارهاب، فهي تحمل على عاتقها جبالاً من الهموم والغموم والآلام.

فلله دَرُّك ايتها الام الفيلية! ما اصبرك؟ وما اشد قدرتك على تحمل الكثير من الويلات والنوائب! ورغم ذلك انها تبقى عنوان الشجاعة والبطولة حين تجتاز الحدود وسط الالغام وشبح الموت يتراءى امام ناظريها.

بالرغم من تلك المآسي لا تزال محافظة على شرف انتسابها الى الهوية الكوردية، ولم تزدها تلك المحن إلا عنفواناً وقوة وتمسكاً بكرامتها. انها المرأة الاصيلة التي تحملت الكثير من الظلم الاجحاف والجور مما لا يستطيع تحمله احد، كل ذلك تجعلها اكثر عزيمة وصبراً.

ولم يغتَّ من عضدها حتى تنطلق لتبدأ المشوار من جديد، وتنزل ساحة العمل لتجلب لقمة العيش بشرف في اقسى الظروف فكانت هي الاب والام لليتامى الصغار الذين لايزالون زغب الحواصل فظلت هي المعين الذي يستند اليه كبار السن العاجزين فحلت محل الرجل الغائب والمغيب او المشغول في سوح النضال لمحاربة الطغاة الاعداء والدكتاتورية وانها وقفت جنباً الى جنب مع الرجل في حلبة النضال ضد الشوفينية والعنصرية فهي بحق الانموذج المشرف للمرأة.

الا ان هذا العنصر الحيوي في المجتمع لم ينل نصيبه من التشريعات والقوانين التي تؤكد حقها إلا النزر القليل وضاعت الحقوق وضاعت معها المرأة الفيلية فكانت قوانين العدالة قد اخذت مكانها على الرفوف العالية وضاعت في المهملات. لذا وجب علينا ان نعمل بجهد متواصل من اجلها وانصافها ونعوضها عما اصابها من حيف لتداوي جراحها ومواساتها بفقدان اعزتها من زوج وفلذات الاكباد الخالدين لأنها بحق المرأة الفيلية ذات الانموذج المثالي في الصبر والشجاعة والتحمل والنضال والعمل، انها بحق قدوة لنساء العالم جميعاً.

فالف تحية واكبار للمرأة وخاصة الكوردية الفيلية في يومها العالمي.

محمد علي السماوي

المصدر: شفق نيوز، 13/3/2012