أناشد ضمير العراقيين !

الطيبة والسخاء والكرم والوفاء ماركات عراقية مسجلة ، ليس أنا من يقول ذلك ، ربما تكون شهادتي مجروحة كوني عراقي ، لكني اكتب شهادات سمعتها بحق شعبنا أيام الحصار . كنت أعيش منفيا متنقلا بين الأردن ودول أخرى .سمعت أكثر من جار يقول:" لو مر الحصار علينا لهلك اغلبنا من الجوع" .
أيام الحصار اعرف عراقيين أغنياء تكفلوا بمعيشة اسر عراقية فقيرة، لم يتركوا هذه الأسر تجنح ، أو ترمي أفرادها في حبال الجريمة ، أو تقع في حبال السلطة .
أكاد اجن وأنا أتسلم أكثر من رسالة يوميا من منظمات مجتمع مدني ومعارف ، يطلبون فيها مبالغ بسيطة لمساعدة أيتام وأرامل ، أو يطلبون تكملة بناء غرفة ، أو سقف لدار محتاجين متعففين.هذا ما تعرضه بعض الفضائيات العراقية أيضا .
آخر من أدمى مقلتي هو لقاء معاد بث من على شاشة العراقية للفنان الكبير والمناضل الصلب فؤاد سالم قبل مرضه الأخير .كان متعففا ولم يطالب بشيء ، تمنى على الإعلام عدم نسيانه وطالب ببث أغانيه. ارجع سبب عدم عودته للعراق لعدم وجود دار سكن له ولأسرته ، هو من غنى( بيت العراقيين هوه بيتنه) !!.
كان توماس أدسن المخترع الأمريكي في ال65 من العمر حينما احترق مختبر اختراعاته وأبحاثه ، لم تكن شركات التامين موجودة حينها ، لم ينتظر طويلا .بعد أيام من الحادث جاءه شيك بمبلغ 75000 ألف دولار من فورد .المبلغ يعادل الملايين في وقتنا الحالي .
لم يسبق لأدسن ان أحسن إلى فورد ، كل ما عمله أدسن انه أثنى على تجارب فورد وأبحاثه على محركات السيارات وطالبه بالاستمرار.
المؤثر في هذه القصة ان فورد قال:" ان تشجيع أديسون هو الذي دفعني لتكملة مشواري وحصلت على كل هذه الثروة"
لقد قايض فورد موقف أديسون بالمال !!!.
من سيقايض مواقف فؤاد سالم الوطنية والنضالية ضد النظام السابق ؟.
من سيقايض فؤاد سالم على أغانيه الثورية والشعبية المؤثرة ، التي تربت على سماعها أجيال كاملة ؟.
من سيعيد البسمة والأمل لفؤاد سالم وأسرته ومحبيه ؟ .
جدير بالدولة ان تنتبه للمضحين والمناضلين مثل قحطان العطار وكوكب حمزة وكاظم عبود ، وغيرهم من الفنانين والشعراء والأدباء والإعلاميين والرياضيين من المشاهير العمالقة ، الذين أعلنوا معارضتهم لسلطة البعث في جبروتها ، الذين ظلت مواقفهم ثابتة .لم يمدحوا صنم ألعوجه ولم تتدنس أفواههم أو أقلامهم أو مواقفهم برياء أو تملق للبعث .
لم يمدحوا زعيم دولة جاره ، ولم يغني أو يكتب احدهم لمدينة وعاصمة عربية غير بغداد ، لم يحزنوا لموت الأمير الفلاني ويلغوا حفلاتهم ، لم يتملقوا حكام الخليج ويبدلوا جنسياتهم العراقية بجنسية خليجية ، لم يحزنوا على أي عاصمة أو مدينة عربية مثل حزنهم على العراق وما حل به وبالعراقيين ، ولم يلبسوا زي بلد آخر ويتمايلون رقصا أمام شيوخه !
اعرف انها مسؤولية دولة ، لكن التركة ثقيلة واللصوص كثر!!.
على أغنياء الشعب القيام بواجبهم الأخلاقي والوطني والديني تجاه أبناء بلدهم .
من ناضلوا ضد صدام ونظامه لم يكونوا من تنظيم أو حزب واحد أو طائفة واحدة ، بل كانوا شدة ورد حَوَت كل ألوان الطيف العراقي .
ان أعدنا الاعتبار لبعضهم لأنهم قريبين من أحزاب السلطة ، علينا ان لا ننسى الآخرين .!!!.
هؤلاء عملة وطنية نادرة يجب ان نفرش لهم سجاجيد قلوبنا الحمراء، نكرمهم ولا ندعهم وهم في آخر أعمارهم عرضة للإهمال .
أيعقل ان يموت المبدعون والمشاهير من الوطنيين على مصاطب النسيان ؟. وتعود الأضواء تشتعل من جديد لرجال كل العصور .
هل يعقل ان يعيش فؤاد سالم دون راتب مجزي وان تصرف رواتب تقاعدية مجزية للقتلة من أجهزة صدام الأمنية ؟ .
فؤاد سالم ضمير الشعب وقت الشدة ، هو من رددت خلف أغانيه أفئدة العراقيين وحناجرهم ، هو من يحظى بشعبية لا يحظى بها الكثير من الساسة والبرلمانيين !!.
هل نجازي ابن الشعب وفنانه وضميره بجزاء مثل هذا ؟
أناشد ضمير العراقيين النجباء ، الذين اعرفهم جيدا بان ينتبهوا لفؤاد وأمثاله من المشاهير وان ينتبهوا لحال المحتاجين من العراقيين .
على من تفننوا في تشريع القوانين ، التي تصب في مصلحتهم ان يشرعوا قوانين تحمي كرامة العراقيين من العوز.
حتى ننهي ذلة لله يامحسنين ،في بلد النفط والماء واللصوص !!.

للنضال ضد الطغاة وجه واحد ، فلا تجعلوه بأوجه عدة

حسن الخفاجي
7-3-2012
Hassan _alkhafaji_54@yahoo.com

المصدر: موقع الاخبار، 7/3/2012