جرائم "غسل العار " في كردستان تحميها التقاليد المتخلّفة والتطرّف الديني

أربيل/ المدى، 3/3/2012

كشفت تقارير صحافية بريطانية سابقة نشرت سنة 2008 عن بعض الاسباب التي أدت الى تصعيد وتيرة جرائم الشرف في إقليم كردستان العراق. ويروي تقرير نشرته صحيفة "إندبندنت" البريطانية، قصة "روناك" التي هربت إلى ملجأ للنساء في السليمانية بعد أن اتهمها زوجها بالخيانة،

إلا أنها لم تسلم إذ أطلقت عليها النار من أعلى أحد الأبنية وأصيبت في عنقها قبل أن تجرى لها عملية جراحية أنقذت حياتها.. وينقل التقرير عن الأمم المتحدة إن أكثر من 350 امرأة قتلت في كردستان العراق بجرائم شرف خلال الأشهر الستة الأولى من 2007.
وتقول الصحيفة: إن أحد أسباب انتشار جرائم الشرف في العراق هو انتشار الهواتف المحمولة التي تحتوي على كاميرات وذلك بسعر رخيص. ويشير التقرير إلى أن الرجال يحبون تصوير أنفسهم عندما يمارسون الجنس، ومن ثم يقومون بتوزيع الصور على أصدقائهم فينتهي الأمر بفضيحة تؤدي إلى جريمة. وكانت قضايا جرائم الشرف المتعلقة بصور الجوال قد بدأت عام 2004 مع انتشار فيلم جوال جنسي بين صبي وفتاة في الـ17 من عمرها في عاصمة إقليم كردستان أربيل. وبعد يومين من تداول الفيلم قتلت الفتاة بيد أسرتها وبعد أسبوع قتل الصبي بيد أقاربه.
وقال التقرير إنه بالرغم من الأرقام المرعبة لضحايا جرائم الشرف في العراق، فإن إقليم كردستان الذي تتولى رئاسته حكومة علمانية هو المنطقة الوحيدة التي تشهد تحسنا في حقوق المرأة على عكس بغداد حيث تبرز الأحزاب الإسلامية الدينية.

بعض الإعلاميين الكرد حمًّل الدين والفتاوى التي تصدر من الجهات المعنية بأنها وراء تنامي ظاهرة العنف الموجّه ضد المرأة الكردستانية فالإعلامي الكردي بدران أحمد حبيب نشر على موقع أكانيوز قبل مدة مقالا بعنوان: (الدين متورط في قضية العنف ضد المرأة) تطرق فيه إلى قضية ختان المرأة وموقف رجال الدين منه، منتقدا المواقف الضبابية لهم في مسألة تحريمه أو تحليله.
بعد إلغاء وزارة المرأة في الكابينة الحكومية السابقة طالبت منظمات المجتمع المدني بتأسيس مجلس يكون حلقة وصل بينها وبين الحكومة مكون من ثمانية أعضاء وله مقر وحيد في أربيل وإحدى مهامه الرئيسة هي رصد ومتابعة حالات العنف ضد النساء.
أديبة عبدول عضوة المجلس صرحت للمدى قائلة: ظاهرة العنف ضد النساء برأيي الشخصي أسبابها عديدة وهي منتشرة في المناطق الريفية التي تسودها الأعراف العشائرية وامتدت بمرور الزمن إلى المدن، فلابد للجهات الإعلامية المختلفة في إقليم كردستان توعية المجتمع بالمخاطر الجسيمة لهذه السلوك المشين،فالأب يقتل ابنته والأخ يقتل أخته، لذا يجب إنزال أشد العقوبة بالفاعلين، وأدعو القضاء إلى عدم التساهل مع تلك الجرائم، فالقانون هو الفيصل والرادع لتحجيم الظاهرة وتداعياتها، كما أجد من الضرورة بمكان توعية المرأة الكردستانية بعدم اللجوء إلى الانتحار كوسيلة للتخلص من الضغوطات، فهناك الآن دور حكومية خاصة منتشرة في محافظات الإقليم الثلاث توفر الحماية والعناية للنساء وأدعوهن إلى مراجعة تلك الدور في حال تعرضهن للعنف والاضطهاد الأسري.

الأرقام تتحدّث
قصص محزنة عن فتيات يهربن إلى المجهول من قتل محتم بسبب علاقة عاطفية مع شاب، ونساء يقتلن أو يحرقن بحماية أعراف جرمية تسمى " غسل العار " والتي انطوت تحتها جرائم أخرى لاعلاقة لها بغسل العار، أرقام وإحصاءات رسمية ومن منظمات محلية ودولية مهتمة بهذه الظاهرة تؤكد أن محاولات حكومة إقليم كردستان من قرارات ولجان مختصة استطاعت أن تحد بصورة جزئية من ظاهرة تشوه معالم التطور العمراني والاقتصادي في الإقليم.
وشكلت حكومة الإقليم لجنة متابعة للحد من هذه الظاهرة بعد أن أخفق قانون أصدره مطلع الألفية الجديدة برلمان كردستان يقضي بعدم تخفيف العقوبة في حالة "غسل العار" في كبح العنف ضد النساء. ورغم الجهود الحكومية إلا أن الظاهرة طافية على السطح خصوصا مع اهتمام منظمات مجتمع مدني بهذه القضية
تقرير وزارة حقوق الإنسان أكد عام 2007 أن 533 امرأة أقدمن على الانتحار أو تعرضن للقتل خلال عام 2006. وأظهر أن عدد النساء اللاتي انتحرن أو قتلن عام 2005 كان 289 امرأة لكنه ارتفع إلى 533 امرأة عام 2006، وازدادت نسبة الانتحار بين الضحايا من 22% عام 2005 إلى 88% عام 2006 كما ارتفعت نسبة القتل من 4% عام 2005 إلى 6.34% في 2006. وأشار إلى أن "غالبية النساء اللواتي يتعرضن إلى العنف تتراوح أعمارهن بين 13 و18 عاما.
وحدد التقرير أنواع العنف الذي يمارس ضد المرأة بالضرب والاعتداء الجنسي والوعيد بالقتل والسب والقذف والزواج القسري والخطف والتحريض على الزواج والإبعاد عن الدراسة بالقوة. وقال مسؤول في حكومة الإقليم إن تشكيل اللجنة يأتي نتيجة اهتمام الحكومة بإيجاد حلول،وهناك لجان أخرى من وزارات الأوقاف والتربية والداخلية والعدل لمواجهة هذه الظاهرة.

تقول عضوة برلمان كردستان ومسؤولة لجنة المرأة فيه " فيام " للمدى: إن جرائم الشرف موجودة في كل أنحاء العراق، وبسبب التكتيم الإعلامي عليها فإنها تكاد تكون غير واضحة للرأي العام وهي موجودة في كردستان على شكل انتحار وقتل ولها أسباب عديدة، منها أن الحكومة لم تقم لحد الآن بما يتوجب عليها القيام به للحد من هذه الظاهرة بالرغم من أنها أصدرت بعض القوانين لمحاربة هذه الظاهرة، ثانيا أن الكثير من جرائم الشرف تقع في القرى والأرياف مما يصعب حصرها، لكن هناك جهود لتعديل قانوني الأحوال الشخصية والعنف الأسري، والحد من هذه الظاهرة من مسؤولية البرلمان والحكومة ومنظمات المجتمع المدني للبحث عن الأسباب الحقيقية ومعالجتها. وعلينا الاعتراف بأن نسب هذه الجرائم قد تصاعدت بما فيها قضايا انتحار الرجال.

مصدر حكومي: ارتفاع نسب 2008
و أفاد مسؤول في حكومة إقليم كردستان العراق أن 27 امرأة كردية على الأقل تعرضن للقتل خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2008 بتهمة ضلوعهن في علاقات غير شرعية.
ويوضح المصدر "تنحدر عشر قتيلات من أربيل، وإحدى عشرة من دهوك وست من السليمانية، بالإضافة إلى محاولات الانتحار التي قامت بها 97 امرأة أخرى خلال الأشهر الأربعة الماضية، 60 منهن من أربيل و21 من دهوك و16 من السليمانية".
وأضاف أن "حكومة إقليم كردستان شكلت منذ بداية 2008 لجنةً لمعالجة كل أشكال العنف ضد النساء، وعلى رأسها جرائم الشرف"، موضحاً أنه تم، منذ ذلك الحين، تنظيم حملات توعية وإدراج مادة حقوق الإنسان في المقرر التعليمي في المدارس بينما تولى الزعماء الإسلاميون التنديد بهذه الظاهرة باعتبارها منافيةً للتعاليم الإسلامية.

الشؤون الاجتماعية: دور حكومية "سرية" للمعنّفات
الحكومة لم تدخر جهدا في معالجة تلك الظواهر اجتماعيا واقتصاديا وأمنيا، مصدر في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية رفض ذكر اسمه أكد لـ"المدى" أن الإعلام يضخم من هذا الموضوع، فالأرقام التي يشار إليها قد تكون غير دقيقة، وأشار إلى وجود دور حكومية تُعنى بإعادة تأهيل النساء المهددات من قبل ذويهن والمعنفات أسريا لأسباب تختلف بين حالة وأخرى كاكتشاف الأهل علاقة عاطفية لابنتهم أو زواجها من شخص رفض ذووها تزويجها إياه وهروبها معه وغيرها من الأسباب، ولكن المعاناة واحدة وهي مصادرة حق المرأة في اختيار طريق تشق به حياتها.
تبدأ المرحلة الأولى للمرأة في دور الرعاية تلك بتسلم قضيتها ومن ثم يقوم المسؤولون في تلك الدور بتوفير مستلزمات معيشتها مع النزيلات الأخريات وبعد ذلك تعقد جلسات استماع يشرف عليها أطباء نفسيون وباحثون اجتماعيون لتشخيص المشكلة ومن ثم مساعدتهن في الاندماج بالمجتمع من خلال تعزيز ثقتهن بأنفسهن وزجهن في دورات مهنية لتعلم الخياطة والحرف الأخرى، وإذا كان عندهن أطفال لم يبلغوا الخامسة من العمر تتم رعايتهم مع أمهاتهم وتوفير كل ما يحتاجونه لإكمال حياتهم بصورة طبيعية.
ولم تفلح محاولاتنا في معرفة أماكن تلك الدور الحكومية لإجراء لقاء مع النزيلات حفاظا على حياتهن من تهديدات الأهل في حال معرفة أماكن تواجدهن، ولتبقى كثير من الحقائق طي الكتمان، فالمعالجة والرعاية تتمان بعيدا عن أعين الإعلام.
لكن الإحصائيات المتعلقة بجرائم الشرف تتباين في إقليم كردستان، ففيما تنشر المؤسسات الحكومية أرقاما تؤكد انخفاض انتشار هذه الظاهرة، يعتبر الكثيرون أن ذلك محاولة من حكومة الإقليم للحد من الاهتمام الإعلامي الدولي بهذه الظاهرة التي تعد ملفا حقوقيا واجتماعيا شائكا راح ضحيته مئات النساء.
الناشطة الحقوقية خانم رحيم لطيف التي تدير مؤسسة "آسودة" لمناهضة العنف ضد المرأة،، سلطت الضوء على تفاصيل ونقاط هامة في القضايا المرتبطة بالعنف الأسري وجرائم الشرف في المدن العراقية بشكل عام والمدن الواقعة في إقليم كردستان، تحديدا، وذلك في مؤتمر "حقوق الإنسان والإعلام الجديد 19-20 أبريل/نيسان 2010" الذي نظمته وزارة الخارجية الهولندية.

وفي حديث لإذاعة هولندا العالمية قالت خانم رحيم لطيف "إن فعاليات مؤسسة "آسودة" توسعت في مدن عراقية عديدة، إذ افتتحت فروعا في أربيل وبغداد بعد أن كانت مقتصرة على مركزها الرئيسي في مدينة السليمانية وتعزو السبب في فتح مكاتب للمؤسسة في تفشي هذه الظاهرة في المجتمع العراقي.نشاطات كثيرة قمنا بها وأهمها حماية النساء المهددات بالقتل وتوفير ملاجئ للإقامة المؤقتة والمساعدات المالية، ومساعدتهن من الناحية القانونية."
وتعتقد خانم لطيف أن هذه الظاهرة لم تعد مقتصرة وللأسف على الكرد في داخل العراق، بل شملت أماكن تواجدهم في بلدان أوروبية، ومنها بريطانيا على سبيل المثال.
ووفقا لخانم لطيف فإن عدة أسباب تقف وراءه هذه الظاهرة منها العادات والتقاليد الموروثة كذلك الفهم الخاطئ للدين، ولكن الدور الكبير يعود للعادات والتقاليد المغلوطة، ولا تنفي خانم أن صعود أحزاب الإسلام السياسي ساهم في تغذية الفكر العشائري والقبلي، فالتطرف الديني والتعصب العقائدي ساهما في تغذية العنف ضد المرأة.

تعددت الأسباب والموت واحد
تؤكد منظمات وناشطات مدافعات عن حقوق المرأة في إقليم كردستان العراق تزايد حالات جرائم الشرف ضد النساء تحت تسمية غسل العار خاصة في السنوات الأخيرة. وتشير العديد من هذه الجهات إلى أن التقاليد العشائرية ونظرة المجتمع للمرأة إضافة إلى تلكؤ الجهات المعنية في الحد من هذه الظاهرة وعدم وجود قوانين صارمة تعاقب المجرمين. كل هذه الأمور ساعدت على استمرار الرجل والعائلة أو العشيرة في انتهاك حقوق المرأة وحتى قتلها.
حكومة إقليم كردستان تحاول السيطرة على هذه الظاهرة وذلك بإصدار قوانين خاصة لحماية المرأة. المجلس الوطني للإقليم عقد أكثر من جلسة ناقش فيها التقارير التي أصدرتها منظمات إنسانية حول ارتفاع معدل قتل النساء وعدم فاعلية الخطط التي وضعتها حكومة الإقليم لحماية المرأة وصيانة حقوقها. وتصدر الكثير من المنظمات والجهات الرسمية تقاريرها الدورية بخصوص جرائم الشرف تتضمن أرقاما وإحصائيات لعدد الضحايا،ولكن دائما هناك تضارب في هذه الأرقام. (بخشان زنكنة) رئيسة لجنة الدفاع عن حقوق المرأة في البرلمان أكدت للمدى صعوبة الحصول على إحصائيات دقيقة وان ما تذكره المنظمات في تقاريرها من أرقام هو غير دقيق ولا يمكن الاعتماد على أية جهة رسمية أو غير رسمية لمعرفة إن كانت حالات قتل النساء بدافع الشرف في ارتفاع أم لا.
وتؤكد المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة وجود هذه الظاهرة في باقي المحافظات لكن الظروف التي يتمتع بها الإقليم وخاصة الاستقرار الأمني أتاح للعديد من الجهات تسليط الضوء على هذه الانتهاكات. والحقيقة هي تفشي هذه الظاهرة في عموم العراق وليس فقط في إقليم كردستان ولكن الظروف الأمنية غير المستقرة والعمليات الإرهابية التي تحدث في أجزاء مختلفة من العراق شكلت غطاء مناسبا للعديد من العوائل أو الرجال لارتكاب هذه الجرائم وقتل النساء.

ماذا يقول القانون؟
يقول القاضي (عبد الرحمن سليمان) المدعي العام في محكمة دهوك:إن القانون واضح في مثل هذه القضايا ودوره قوي إذا ما وصلت القضية إلى المحكمة لكنه أشار إلى أن العلاقات الاجتماعية كثيرا ما تتحكم بمصير هذه القضايا وتسيطر عليها وتحول دون وصولها إلى المحاكم. وأكد سليمان أن هروب مرتكبي هذه الجرائم أو لجوءهم إلى رؤساء عشائر من الأسباب التي أدت إلى تفشي هذه الظاهرة.
القاضي أكد إحالة العديد من القضايا إلى القضاء تحت تسمية القتل غسلا للعار لكنه أشار إلى وجود بعض الممارسات التي تعيق عمل الجهات القانونية للتحقيق في جرائم أخرى مشابهة منها أن معظم القضايا التي تردهم تأتي تحت مسميات أخرى كالانتحار أو الوفاة نتيجة حريق أو قضاء وقدرا ولا تأتي تحت اسم جريمة قتل غسلا للعار.
فيما أوضح القاضي عبد الرحمن سليمان: أن إقليم كردستان أجرى بعض التعديلات على قانون العقوبات العراقي وبالتالي تكون محاسبة ومعاقبة كل من يقوم بقتل المرأة بدافع غسل العار مثل أية جريمة قتل أخرى.

الجميع سواسية
وتؤكد جهات عدة أن جرائم الشرف التي ترتكب لا تقتصر على ديانة أو طائفة،حيث أن ضحايا تلك الجرائم هم مسلمون أو مسيحيون أو من طوائف و أقليلات دينية أو عرقية مختلفة ما يؤكد أن العشيرة والقبيلة والتقاليد الاجتماعية هي التي تسمح بارتكاب مثل هذه الجرائم،في حين تمنع كل الديانات السماوية وتحرم قتل الإنسان مهما كان السبب، وبالتالي عدم وجود أية أحكام شرعية تجيز القتل إن كان لدى المسلمين أو المسيحيين أو لدى الأقليات الدينية الأخرى كالإيزيديين، وأن من يرتكب هذه الجرائم هو قاتل ومذنب أمام الله والدولة.

إحصائية سنة 2009 للحالات المسجّلة فقط
حسب آخر الإحصائيات الرسمية في كردستان العراق (للحالات المسجلة فقط) وصل عدد النساء اللواتي تعرضن إلى العنف 2658 امرأة في سنة 2009، منهن 414 امرأة انتحرن حرقا أو تم حرقهن! وحسب هذه الإحصائية فإن 70% من النساء المنتحرات كانت أعمارهن تتراوح بين 14-30 سنة.
وكان التوزيع على المحافظات الثلاث كالآتي:
151 حالة حرق في أربيل، 188 حالة حرق في السليمانية، 75 حالة حرق في دهوك.

بيانات الصحة سنة 2010
مديرية الإحصاء في وزارة الصحة بإقليم كردستان زودت (المدى) بقاعدة لبيانات الوفيات من النساء، لسنة 2010 كانت مختلفة بعض الشيء عما ينشر في وسائل الإعلام إذ لم تسجل أية حالة انتحار لامرأة في أربيل والسليمانية ودهوك! أما حالات الوفيات الأخرى للنساء فهي موضحة بالجداول أسفل الصفحة:

القانون لا يردع
وحسب المحامي إسماعيل حقي، فإن القانون العراقي يصدر أحكامًا خفيفة على الرجال الذين يرتكبون هذه الجرائم. لكن رجل الدين عمر عبد القادر يرد على الذين يرون التباسًا بين العرف والدين في التعامل مع جرائم الشرف.
ويقول "إن الالتباس يكمن في التفسير الخاطئ، فمثلاً أن الرجل الذي يجد زوجته متلبسة بالزنى ويقتلها، فليس عليه دية، ولا قصاص، ولا غيره.
إن الانفتاح الاجتماعي ساهم في نقل تفاصيل الحوادث إلى الملأ عبر نشرها في وسائل الإعلام من صحافة وتلفزيون. ولعل أشهر حادثة نقلها الإعلام، رجم الفتاة (دعاء خليل أسود) حتّى الموت في بلدة بعشيقة، في كردستان العراق، على يد خالها وعمّها وحشد من أقاربها وأهل البلدة. ودعاء كانت من أبناء الطائفة الإيزيدية، وهي أقلية دينية، معتقداتها مأخوذة من ديانات عدّة، ويتكلم أبناؤها الكردية.
المحامي عثمان صالح طه نائب رئيس فرع محامي أربيل صرح للمدى قائلا:في سنة 2002 تغير قانون غسل العار في الإقليم لتصبح الجريمة بمثابة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وفق المادة 406 الفقرة (أ) من قانون العقوبات، واستدرك قائلا: بصراحة إن هناك تأثيرات عشائرية ونوازع دينية قد تؤدي لأن يخفف القضاء الحكم الصادر بحق الجاني ولكنها حالات قليلة جدا ولا أستطيع أن أقول بأنها غير موجودة إطلاقا،فالمجتمع الكردي كجزء من المجتمع الشرقي تسوده الأعراف العشائرية والدينية.

قصة نجاة
وتبلغ القسوة الاجتماعية مديات أبعد حين تقتل فتاة لمجرد أنها أقامت علاقة عاطفية مع شاب، حين تسعى العائلة إلى التخلص منها. ويتحدث كامل حسين كيف فرّت ابنة الجيران من أهلها لأنهم اكتشفوا علاقتها العاطفية مع شاب آخر، ولم يعد يسمع لها أي خبر منذ العام 2009.
ويعتقد كامل أنها نجت من براثن قاتلها بأعجوبة. لكن المشكلة الأكبر، بحسب حسين، هي أن هروب الفتاة لم يغير من الأمر شيئا، فقد كثرت الشائعات حول مغزى هروبها، بل أن هناك من يظن أنها قتلت فعلاً، وأخفيت جثتها.

آخر التقارير عام 2012
كشف مسؤول مكتب "رابرين" لمتابعة مكافحة العنف ضد المرأة، عن أن أعمال ممارسة العنف ضد المرأة ازدادت بشكل ملحوظ خلال الشهرين الماضيين، بالمقارنة مع العام الماضي. وقد أوضح الرائد حسن خوشناو مسؤول مكتب "رابرين" لمتابعة مكافحة العنف ضد المرأة، في مؤتمر صحافي في قضاء رانية التابع لمحافظة السليمانية، بأن نسبة أعمال ممارسة العنف ضد المرأة ازدادت خلال الشهرين الماضيين، بالمقارنة مع العام الماضي، مؤكداً أن نسبة قتل النساء في تزايد مستمر.وأضاف خوشناو: أن ارتفاع نسبة قتل النساء، يعود إلى وجود نسبة كبيرة من الأسلحة غير المرخصة في المنطقة، مشيراً إلى أن مديريتهم سجلت 352 حالة عنف ضد المرأة في حدود منطقة رانية.وطالب اخوشناو، من الجهات المعنية بفتح مراكز حماية المرأة في منطقة حوض بيتوين وبشدر، مطالباً في الوقت ذاته بأن يتم تحويل مكتبهم إلى مديرية ليتمكنوا من تقديم خدمات أفضل للحد من أعمال العنف ضد المرأة.