ارتشاف الكورد الفيلية من المؤتمر القادم

أن العراق المثخن اليوم بالجراحات وشعبه يعاني الكثير من مصاعب الحياة ، والتراجع في مجالات العلم والمعرفة ، وهي حالة خطيرة جداً ، حيث الابقاء على الوضع الحالي يحمل الكثير من المخاطر ، ان الوضع الحالي وما يحمله من تطور للمخاطر والتحديات ، وبما يهدد عملية البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، والمطلوب معالجات ملموسة تنطلق من المصالح العليا للبلاد ، ومزيد من التصرف العقلاني على ضرورة المرونة السياسية واخضاع المصالح الحزبية الضيقة للمصالح العليا لشعبنا ووطننا ، ووضع المواطن العراقي في المنزلة العليا على حساب المصالح الانانية ، الشخصية والفئوية ، والبحث عن بديل اخر لنظام المحاصصات الطائفية ، هو البديل الديمقراطي وتفعيل مشاركة المواطن بشأن العام ، وعبر اعتماد الهوية الوطنية .
ان ما يميز المشهد السياسي الحالي في العراق بعد جلاء القوات الامريكية ، انه من الاستعصاء السياسي ناجمة بالاساس عن الصراع المحتدم بين القوى السياسية المتنفذة على الساحة العراقية حول السلطة والثروة والنفوذ وتحجيم للطرف الآخر ، الى جانب استشراء الفساد واستفحاله بصورة نادرة المثال حتى على المستوى الدولي ، أي انه صراع لتعزيز نظام المحاصصة واعادة انتاجه ، وسبب الصراع السياسي هو غياب الإرادة السياسية لدى القوى المتنفذة في الحكم ، وغياب اعتماد مبدأ اقتسام السلطة على قاعدة الديمقراطية والمشاركة الحقيقية في صنع القرار .
انسحاب القوات الامريكية من العراق في نهاية عام 2011 عدم تبلور بدائل حقيقية للخروج من الازمة مما أضفى على الوضع السياسي المزيد من التعقيد ، لاحظنا تدهور العلاقة بين الكتل السياسية الحاكمة والمتنفذة ، واشتداد التراشق الإعلامي والاتهامات المتبادلة بين ممثليها ، ان تفاقم الصراع بين "الشركاء" في الحكومة وبلوغه المديات التي وصلها اخيراً هو في واقع الامر صراع يدور في بشأن الهيمنة والنفوذ وانتزاع المزيد من المكاسب وحفاظ على مواقعه وامتيازاته ، بالاستناد الى المحاصصة الطائفية والإثنية ، هي أس المشكلة وجذرها الرئيسي ، ان تعمق الأزمة والتراشق وافتعال المشاكل بين القوى المتنفذة وانفجارها ، فهي تفاقم معاناة السكان جراء سوء الخدمات ، وندرة فرص العمل ، ومشاكل معيشية وحياتية واقتصادية متزايدة ، وهم بهذا يتحملون نتائج التفريط بخبرات أناس كفوئين في المجالات التربوية والتعليمية والاقتصادية والعلمية .
المشاركين في المؤتمر الوطني المزمع عقده بين الكتل السياسية المتصارعة ، بأن لا يتضمن اللقاء عرضا للقضايا الشخصية للسياسيين وقناعات الأشخاص والمواقف الخاصة بهم ، وإذا ما كانت النيات سليمة هدفها التخلص من الأزمة التي تعصف بالبلاد ، وإذا ما لم يتخلَّ القيادات السياسية المتنفذة عن نهجهم الحالي في التمسك بالمحاصصة والمصالح الفئوية الضيقة وعدم ابداء المرونة والاستعداد لتقديم التنازلات المطلوبة للتوصل الى حلول تضع مصلحة العراق فوق كل اعتبار ، سيظل المؤتمر يدور في الحلقة المفرغة .
إذا تعوّل الكتل المتنفذة في ايجاد الحل للازمة القائمة تشارك فيه كل اطياف الشعب العراقي . أن معظم ابناء الشعب العراقي يعول الكثير على المؤتمر الوطني المرتقب عقده كمنفذ من الازمة السياسية الخانقة التي عصفت بالعملية السياسية . من الضروري ان تلتفت المؤتمرين لأهمية احترام مكونات الشعب العراقي بغض النظر عن أي مكون ما يحمله من فكر او يؤمن به من دين او مذهب ستساهم في نجاح المؤتمر الوطني ، فأي مكون يعتز بإنسانيته وكرامته ويجب ان يكون محل احترام وعدم تهميشه ، وعلى المشاركين في المؤتمر أن ينشرحوا على قضايا تخص مكونات الشعب العراقي ولا سيما مكون الكورد الفيليي ، وثم يبحثوا قضايا اعمارالبلاد وبناء بنيتها التحتية ومناقشة واقع المجتمع العراقي ومطالب الناس والحاجات الضرورية لهم ، فان تكون هذه المسائل المحور الرئيسي للنقاش فيما بين القيادات السياسية المشتركة .
إذا كانت النيات سليمة لدى الجميع للتخلص من الأزمة راهينة يجب عدم اختصار المؤتمر على الكتل الكبيرة في البرلمان المتصارعة فيما بينها حول المحاصصة الحزبية والطائفية ، ضرورة مشاركة كافة مكونات الشعب العراقي بدون شروط تعجيزية بغض النظرعن عدم تواجدهم في البرلمان ولا سيما شريحة الكورد الفيلية ، والتي يجب ان تكون هذه الشريحة ركن مهما في المؤتمر إضافة الى استجواب الى مطاليبها ومظلوميتها ، لانها تشغل مساحة غير قليلة في الساحة السياسية العراقية والكوردستانية وكذلك لها دور في حياة الاقتصادية والاجتماعية داخل المجتمع العراقي ولهذا من ضروري أن على ان يكون اشراكها بوفد يتناسب مع ثقلهم الاجتماعي والسياسي لكي يساهم في عملية ترسيخ مفاهيم الديمقراطية وبناء الدولة المدنية .
مشاركة الكورد الفيلية من ذوي التاريخ النضالي الحافل في المؤتمر التي يجب ان تضع اللجنة التحضيرية نصب عينيها في ما تعده لخارطة الطريق سوف تلعب هذه الشريحة دوراً فاعلاً في عقد المؤتمر ونجاحه .
اخيرا وليس اخرا ... دعوة الى الكورد الفيلية داخل العراق و في بلدان المهجر للاسراع في تسمية المرشحين ان يكونوا من الشخصيات السياسية الفيلية المستقلة والمعروفة في الاوساط السياسية لحضور هذا الاجتماع الوطني والمشاركة الفاعلة في بناء المرحلة السياسية المقبلة ، لطرح قضاياهم ومعاناتهم ، وكيفية سلب حقوقهم الوطنية منذ تهجيرهم القسري سنة 1971 .

محمود الوندي

المصدر: صوت العراق، 20/2/2012