أكاديميون وباحثون يناقشون تأثير الكورد الفيليين في تاريخ العراق التعليمي

"الكورد الفيليون في المناهج التعليمية"، عنوان الندوة التي اقامتها منظمة البيت الكوردي، السبت، وتحدث فيها الاستاذ في علم اللغة في كلية الاداب جامعة بغداد عبد العباس عبد الجاسم، والاستاذ المساعد في قسم اللغة الكوردية في جامعة بغداد، الباحثة يسرى محمد عبد الله، وحضرها جمع من المثقفين والاكاديميين.

وتناول عبد العباس في بحثه المعنون "المكون الكوردي الفيلي بين التهشيم والتهميش"، التقصير الحاصل في الدراسات المتعلقة بالكورد الفيليين وتاريخهم، مرجعا ً اسباب ذلك الى الثنائية التي يتمتع بها وضع الكورد الفيليين، من حيث كونهم "كوردا ً وشيعة".

أشار الى ان "القدم الكوردية الفيلية هي اول قدم رسخت على نهر دجلة منذ الاف السنين قبل الميلاد، وانهم اول من سكن هذه الارض"، مشيرا الى ان "الكورد الفيليين تواجدوا حتى قبل العنصر العربي الذي لم يظهر في العراق الا في الالف الاول قبل الميلاد، إضافة الى ان كثيرا من الكلمات الكوردية الفيلية توجد في ملحمة جلجامش العراقية الشهيرة".

وتطرق الباحث الى اسهام الكورد الفيليين في العراق المعاصر "اثبت الكورد الفيليون التصاقهم بالعراق ولاسيما في المجال الاقتصادي"، وضرب مثلا على ذلك بتواجدهم في سوق الشورجة اكبر اسواق بغداد وقلبها التجاري، مشيرا الى ماقدموه من تضحيات في نضال العراقيين ضد الانظمة السابقة وبالخصوص النظام السابق.

وقال "قدم الكورد الفيليون 22 الف شهيد وهو رقم كبير مقارنة بعددهم الذي كان يتكون من مليونين ونصف المليون نسمة".

وانتقل الباحث بالحديث الى اوضاع الكورد الفيليين بعد التغيير في نيسان 2003 واشار الى انهم لم يأخذوا استحقاقهم و مازالوا "مشتتين ومهمشين" برغم انهم كانوا يتقدمون الصفوف بالتضحيات.

وقال ان المفارقة تتمثل في ان اصحاب القرار في الدولة العراقية الجديدة يصرون على ضرورة اشراك الكورد الفيليين في مرافق الحكم والدولة و"لكنهم لم يطبقوا ذلك".

واشار الى ان اسهامهم في ثورة العشرين كان واضحا لاسيما في الفرات الاوسط "عن طريق الاحزاب اليسارية العراقية"، لافتا الى ان "حامل راية الجبور في الحلة ابان الثورة كان كورديا فيليا".

وطالب المسؤولين بالاهتمام بقضايا الكورد الفيليين "على العراق ان يراجع حساباته فاستحقاقاتنا ما زالت حبرا على ورق برغم مطالبة ذوي القرار بتنفيذها"، مؤكدا ً على انه "منذ 2003 لم يتغير شيئا اساسيا فيما يتعلق بحقوق الكورد الفيليين".

وتساءل "هل كانت دماؤنا ماء ً ام هل كانت دعوات انصافنا مزايدات؟"

واضاف عبد الجاسم، ان وزارتي التعليم العالي وحقوق الانسان درست موضوع المناهج وقررت ادخال مواد تتعلق بالكورد الفيليين ومعاناتهم في المناهج الدراسية كجزء من محاولاتها لانصاف الاقليات، كما قررت ادخال نتاجات ثقافية لهم في المقررات الدراسية.

وشدد عبد الجاسم على الاهمية القصوى لإنشاء قناة فضائية خاصة بالكورد الفيليين.

اما الباحثة التدريسية في قسم اللغة الكوردية في جامعة بغداد يسرى محمد عبد الله، فكان بحثها تحت عنوان "البحوث والدراسات عن القضية الكوردية"، شخصت فيه التقصير فيما يتعلق بالدراسات المتعلقة بالكورد الفيليين، متطرقة الى عدم وجود أي رسالة حتى في ما يتعلق باقسام التاريخ في الجامعات على مستوى الماجستير والدكتوراه في هذا الموضوع.

وطالبت باقامة جسور التواصل بين المنظمات الفيلية والجهات الاكاديمية لاسيما في الجامعات.

واوضحت الباحثة "طلبة الجامعات لدينا يتناولون باطروحاتهم تاريخ اوروبا واميركا في حين يعجزون عن دراسة التاريخ الكوردي الفيلي"، مشيرة الى "قلة الدراسات الاكاديمية في هذا الجانب اضافة الى النقص الواضح في عملية النشر التي يقوم بها الكرد الفيليون ولا تصلنا مؤلفاتهم". وأشارت الى ان الذي يصل اليهم في الجامعة هو النشريات الصادرة عن مؤسسة "شفق" فقط.

وانتقدت عبد الله ضعف الاداء الكوردي في بغداد فيما يتعلق بالانتخابات "نحن نرى ابتعاد المرشحين الكورد عن بغداد ولا ترفع صورهم الا في ايام الانتخابات".

والقى رئيس مجلس ادارة مؤسسة شفق علي حسين فيلي كلمة تحدث فيها عن وجود قصور واضح في حضور الاكاديميين للندوات الخاصة بالشأن الكوردي الفيلي، وقال "توجد منظمات كثيرة للكورد الفيليين، ولكن مقابل ذلك يحق لنا ان نتساءل: وكم انجزنا؟".

واضاف أن "قضية الكورد الفيليين بحاجة الى اناس مبدئيين وليسوا موظفين".

وقال فيلي "ما اكثر ما تحدثنا عن قضية ابادة الكورد الفيليين ولكن لا توجد دراسات واكاديميين مختصين بذلك".

واضاف، ان "التوترات السياسية تؤثر مباشرة على المنهاج التعليمي".

وانتقد تقصير كلا من الحكومة المركزية وحكومة اقليم كوردستان، وتطرق الى اسهام مؤسسة شفق في اصدار المجلات والمؤلفات المتعلقة بشؤون الكورد الفيليين، اضافة الى البث الحي لاذاعة مؤسسة شفق على مدى 20 ساعة في اليوم، و البرامج التي خصصتها للاطفال في رأس السنة المنصرمة والتي اسهم فيها عدد كبير من الاطفال.

وانتقد فيلي احالة قضية الكورد الفيليين الى الموضوع الطائفي مشيرا الى ان معاناتهم هي من ضمن معاناة جميع العراقيين.

وفي ختام الندوة جرى فتح باب النقاش والمداخلات التي تناولت شتى الامور المتعلقة بموضوع الندوة واجاب الباحثان عن اسئلة المتداخلين.

يشار الى ان عبد العباس عبد الجاسم هو دكتوراه في علم اللغة في كلية الآداب / جامعة بغداد، وله نحو 45 مؤلفا ً في النحو، اما الدكتورة يسرى محمد عبد الله، استاذ مساعد رئيس قسم اللغة الكوردية في كلية التربية (ابن رشد).

يشار إلى أن جامعة بغداد، قد كشفت في كانون الاول الماضي عن قرب إضافة مادة تدريسية جامعية تتناول الجرائم التي ارتكبها النظام السابق بحق الكورد الفليليين.

وقالت يسرى محمد عبد الله التدريسية في قسم اللغة الكوردية في جامعة بغداد لـ"شفق نيوز"، إن "القسم قد وافق على اضافة إبادة الكورد الفيليين لمادة (حقوق الانسان والديمقراطية) في المرحلة الاولى من التدريس الجامعي على وفق كتاب موجه من الامانة العامة لمجلس الوزراء الى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ثم وجهته الوزارة الى لجنة العمداء التي ارسلته بدورها الى قسم اللغة الكوردية في جامعة بغداد لبيان رأينا بشأن الموضوع".

وأضافت أن "الموافقة يجب ان تعمم على جميع جامعات العراق عن طريق لجنة العمداء في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومن ثم يأخذ القرار طريقه الى التطبيق".

صادق الازرقي

المصدر: شفق نيوز، 7/1/2012