المهرجان التوثیقي لشهداء العراق إدانة لجرائم نظام صدام الدكتاتوري

تقرير: محمد الكحط
تصوير: سمير مزبان

جرائم صدام ونظامه المقبور، جرائم لا تغتفر، أنها صفحة سوداء في تاريخ البشرية، فذلك النظام البعثي المجرم أرتكب من الجرائم التي يعجز البشر حتى عن تخيلها، وتعددت أساليبه وتفنن في أجرامه، والذي أراد من خلالها إخضاع إرادة شعبنا لمشيئته، ولينفذ مخططاته العدوانية ضد شعبنا أولا وضد دول الجوار، وضد كل من يعارضه أو حتى من يشك في ولائه أو ظنّ أنه لا يسير مع ركبه، ولم يسلم منه حتى بعض أعضاء حزبه الذين عارضوا توجهاته، ولكي لا تنسى تلك الصفحة السوداء من تاريخ العراق الحديث، ولتظل ذكرى للأجيال القادمة لتعرف ما مر به شعبنا من معاناة وبهذا الخصوص شهدت العاصمة السويدية ستوكهولم أفتتاح المهرجان التوثیقي لشهداء العراق الذي أقامته مؤسسة الشهداء وبمشارکة المحکمة الجنائیة العراقیة العلیا ووزارة الشهداء والمؤنفلین في اقلیم کردستان وبرعایة سفیر العراق في السوید الدکتور حسین مهدي العامري، والذي أستمر للفترة من 23/11/2011 ولغایة 25/11/ 2011م، وتحت شعار ((جرائم حزب البعث وصدام هي جرائم ضد الانسانیة والعلم والثقافة والبیئة))، حيث كان یوم الافتتاح 23/11/2011م، خاص بالسلك الدبلوماسي وحضره الوزير المفوض في السفارة العراقية الدكتور حكمت جبو ومعاون الملحق الثقافي العراقي الدكتورة بتول الموسوي، وبحضور ممثلين عن البرلمان السويدي والمؤسسات السویدیة وممثلي الهیئة الاستشاریة للأحزاب السياسية العراقية المتواجدين في السويد، وكان الحضور متميزا من قبل السلك الدبلوماسي السويدي والتمثيل الأجنبي المتواجد في السويد، فقد حضر العديد من سفراء الدول العربية والأجنبية بالإضافة الى رئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية السويدية، وممثلين عن منظمات المجتمع المدني المتواجدة في السويد، وأستمر المعرض بعدها في الیومین التالیین 24 و 25 نوفمبر 2011 حيث كان مفتوحا للجمهور العام.

في يوم الأفتتاح وبعد قص الشريط من قبل سفير العراق إيذانا ببدأ المهرجان، عزف النشيد الوطني العراقي "موطني"، ووقف الجميع دقيقة صمت مع قراءة الفاتحة على أرواح شهداء شعبنا العراقي.

ومن ثم ألقى السفير العراقي كلمة باللغة الإنكليزية مرحبا بالضيوف ومنوها الى أهمية هذه الفعالية لتبيان جرائم نظام صدام المجرم، وكون ضحاياه بالملايين من شهداء ومعوقين وسجناء ومهجرين، وقال أنه شخصيا أيضا كان أحد ضحايا ذلك النظام، مؤكدا بأن هذا المهرجان يعكس جزءا بسيطا وجوانب قليلة من جرائمه.

بعدها القى رئيس لجنة الشهداء والسجناء السياسيين في البرلمان العراقي الشيخ محمد الهنداوي كلمة عكس فيها معاناة شعبنا من النظام الدكتاتوري، وأكد ان هنالك 241 مقبرة جماعية من ضحايا النظام المقبور الذي أراد قهر إرادة شعبنا من خلال حملات القتل والحروب والمذابح وعمليات الأنفال السيئة الصيت، والسجون لخيرة أبناء شعبنا، واليوم لابد أن نعري جرائم النظام الصدامي، وهذه خطوة على هذا الطريق، ثم قدم نائب رئيس مؤسسة الشهداء الأستاذ فارس عمر برواري كلمة مطولة عدد فيها بعض جرائم النظام الذي أوغل بالجريمة والإرهاب ضد شعبنا وعلى كل مكوناته، فقد صفى الأحزاب وأعدم كوكبة من الوطنيين والأحرار وأعضاء الحزب الشيوعي وغيبّ الآلاف في السجون عام 1963م، ومن ثم عام 1968م وحتى سقوطه عام 2003م، كما صفى العلماء والمفكرين والمبدعين، وأعدم عدد كبير من الإخوة المسيحيين والمسلمين واليهود عام 1969م، أعدم كوكبة من رجال الدين في يوم واحد علم 1973م، وكذلك تصفية الكثير من رجال الدين المقلدين منهم الشهيد محمد باقر الصدر وأخته بنت الهدى، وأعدام كل من ينتمي الى حزب الدعوة والحزب الشيوعي والأحزاب الكردية والدينية، ومسح مدينة الدجيل بأكملها وهجر أهلها، كما قام النظام بترحيل أكثر من 20 ألف إنسان من المناطق الكردية وحرق أكثر من 120 قرية كردية بين عامي 1975- 1979م، وأعتقل عشرات الآلاف من عشائر البرزانيين وأعدمهم وصودرت ممتلكاتهم، وقيامه بحملة الأنفال السيئة الصيت، حيث تم تهديم 4500 قرية وفقدان 182000 مواطن كردي ناهيك عن القصف المدن الرئيسية، ولا ننسى جريمة حلبجة في 16 آذار عام 1988م، وما عمله ضد أبطال الأنتفاضة في آذار 1991م، وفقدان حوالي 300000 مواطن عراقي خلال بضعة أيام، وأضطرار مئات الآلاف الى الهجرة الى الدول المجاورة، وأعدام التجار بتلفيق تهم باطلة ضدهم ومصادرة أموالهم، وأخيرا وليس آخرا جريمة بيئية كبرى وهي تجفيف الأهوار العراقية وتهجير سكانها. بعدها تطرق الى ما قامت به مؤسسة الشهداء من نشاطات لتعويض عوائل الشهداء. مطالبا الجميع بأدانة تلك الجرائم ومعاقبة كل الحكومات والمنظمات التي قدمت الدعم للنظام البعثي الصدامي.

كما لا ننسى ما أرتكبه النظام الشوفيني بحق أبناء شعبنا الأصلاء من الكرد الفيلية، حيث هجرهم بعد أخذ وثائقهم وممتلكاتهم ورماهم على الحدود مع أيران وقام بحجز شبابهم ومن ثم تم تصفيتهم في جريمة بشعة لا يمكن نسيانها أبدا.
وفي فقرة جميلة ضمن البرنامج، قدمت الفنانة لبنى العاني مساهمة غنائية لبغداد ولأطفال العراق بالعربية والانكليزية، حيث أضفت على الفعالية طقوسا فنية جميلة، ومن ثم تجول الجميع في أرجاء المعرض الذي تنوعت محتوياته من السجلات والصور والكتب والأفلام التوثيقية الى مقتنيات الشهداء التي وجدت مدفونة معهم وهم أحياء، منها لعب أطفال وملابس نساء وشيوخ ورجال، كما عرضت حبال الإعدام وأدوات التعذيب وكسر العظام وجهاز الأخصاء التي كان النظام المقبور يستخدمها لكسر إرادة أبناء شعبنا، كانت جولة مؤلمة وسط ذكريات الذين أستشهدوا أو تعذبوا أو سجنوا تحت رحمة من لا رحمة عنده، أن مأساة شعبنا كبيرة وأكبر من هذا المهرجان والمعرض، نحن بحاجة الى متحف دولي ليبقى شاهدا أمام البشرية لما فعله نظام البعث الصدامي المقبور.
وفي حوار مع نائب رئيس مؤسسة الشهداء الأستاذ فارس عمر برواري، سألناه: نجد ضرورة أن تطلع جميع دول العالم على تلك الجرائم، هل لديكم نية لذلك...وما هو هدف هذا المعرض بالدرجة الأولى؟

أجاب، ان هذا المعرض يطوف ثلاث مدن هي برلين للفترة من 18-20 نوفمبر، وستوكهولم للفترة 23-25 نوفمبر، ومن ثم لاهاي (دنهاخ- هولندا) للفترة من 28-30 نوفمبر 2011م، هدفنا إيصال رسالة عن مدى دموية النظام البعثي وفضح جرائمه، وان الضحايا لازالوا لم يحصلوا على حقوقهم حتى الآن.
كما أستفسرنا عن أمكانية أن يصل المعرض الى دول أخرى خصوصا تلك التي لم تعترف بتلك الجرائم...؟، فقال: أن هنالك فكرة في زيارة الجزائر ولبنان، أما الدول الأخرى فهنالك صعوبات تحول دون ذلك.

وتم اللقاء مع رئيس لجنة الشهداء والسجناء السياسيين في البرلمان العراقي الشيخ محمد الهنداوي، وتحدثنا عن حقوق عوائل الشهداء والسجناء والمهجرين قسرا والتي لازالت تواجه البيروقراطية والروتين والطلبات التعجيزية.
وأكد أنه مستعد للأستماع الى أية شكوى ومتابعتها، وهو يسعى مع الآخرين لأن يأخذ كل ذي حقٍ حقه، وهو يرحب بأي مواطن لديه مشكلة تخص اللجنة. شكرناه وتمنينا للجنة البرلمانية ولمؤسسة الشهداء كل التوفيق والنجاح في أعمالهم من أجل خدمة ابناء من ضحوا بأرواحهم في سبيل الحرية والعدالة لشعبنا.

صور من المهرجان:

المصدر: صوت العراق، 26/11/2011