الكورد الفيليون بين الماضي الاسود وامل المستقبل

المتتبع للاحداث التي جرت على عوائل الكورد الفيليين خلال السنوات العجاف للانظمة التي حكمت العراق في السابق وآخرها نظام البعث المقبور يجد حجم المأساة الكبيرة التي يندى لها جبين الانسانية، والمعيب في الامر كله، الحديث الخجول عن هذه المأساة وتوثيقها او على اقل تقدير استذكارها لتكون عبرة لحكام الحاضر والمستقبل في العراق الجديد ومحاولة تثبيت هوية هؤلاء الناس الذين عاشوا مأساة لم يتم نسياتها ابدا وخصوصا في فترة سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي الذي شهد اعتى واسوأ حملة قادتها اجهزة النظام الصدامي القمعية بتهجير الالاف من الابرياء بحجة بائسة لاتمتلك الدليل على صحتها وهي تبعيتهم الايرانية، وكأن هؤلاء المساكين الذين شردوا وهُجِروا في عتمة الليل وابعدوا الى الحدود مع ممارسات دنيئة لا يمكن وصفها الى بوصف دقيق ومعروف وهو (سقوط الصفة الانسانية من هؤلاء المرتزقة الذين دربهم صدام واعوانه من اجل تفتيت الهوية العراقية) هم غير عراقيين ولم يتعايشوا مع اخوتهم في السراء والضراء.

لقد عاش هؤلاء الناس في العراق منذ الاف السنين والوثائق التاريخية تثبت عراقيتهم وتمسكهم بالهوية العراقية ومشاركتهم الفاعلة في بناء البلد وجهودهم الكبيرة في دعم اقتصاده وعلى الدوام ، ولكن يبدوا ان الحقد الدفين وحب السيطرة على الثروات ، والقدرة من خلال السلطة والسيف في سرقة اموال هؤلاء لدورهم الكبير في بناء الاقتصاد وامكانيتهم المادية في ادارة مفاصل من اقتصاد البلد، جعلت من هؤلاء يزدادون حقدا ويوغلون في التعامل غير الانساني مع هذا المكون ومن ثم تهجيرهم وسرقة ممتلكاتهم وبيوتهم واموالهم وشركاتهم اما الفقراء منهم فقد تم استبعاد الشباب عن عوائلهم واخذهم في سجون سرية لا يعلمها الا الله وعصابة البعث الصدامي المقبور وبعد سنين تم تصفيتهم في مقابر جماعية.

اليوم وبعد ان حقق العراقيون انجازهم الاكبر بالقضاء على نظام الطاغية لابد لنا ابتداءً من القادة السياسيين والاحزاب والشخصيات المؤثرة في المجتمع ان تنظر لهذا المكون الكبير الذي تستشف خلال التعامل مع الاغلبية منهم محبتهم للعراق وحرصهم على خدمته ، في ان يكون هناك موقف داعم لهؤلاء من خلال تثبيت حقوقهم العامة التي ينبغي ان تجد لها الحلول السريعة ومنها استرداد ممتلكاتهم التي نُهبت وسُرقت، ينبغي ايضا اعادة الجنسية العراقية لمن تم اسقاطها عنه مع ضرورة العمل من خلال المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني على اعطائهم الدور المستحق لهم كونهم جزءُ من هذا النسيج الاجتماعي الجميل.

اعتقد ان الاخوة الكورد الفيليين على الرغم ما عاشوا من ماض اسود وتاريخ قبيح من الاذلال والمهانة والقتل المبرمج هم اليوم ماضون بقوة لتحقيق مستقبل زاهر ومشرق من خلال الاندماج الكلي في المجتمع وازالة اثار الماضي القبيح وهم بحاجة الى جهود الجميع لدعمهم ومنحهم المزيد من القوة لتعزيز ارادتهم في خدمة العراق والمشاركة في تعزيز الديمقراطية فيه.

عزيز الخيكاني

المصدر: شفق نيوز، 1/10/2011