مؤتمر الكورد الفيليين ببغداد مبادرة مباركة

في خضم الصراعات السياسية والتجاذبات بين الكتل والاحزاب المشاركة في ادارة دفة الحكم ببغداد نجح الكورد الفيليون في عقد مؤتمرهم الثاني ببغداد والذي يستحق المباركة والدعم والاسناد باخلاص وتفان من قبل العراقين والكورد وعلى الاخص الكورد الفيليين انفسهم كي لا يبقى التشرذم سمة من سمات الواقع الحالي.
ومن الفخر والمشرف أن تحضر كوكبة من السياسيين ورجال الدولة على رأسهم السيد رئيس الوزراء نوري المالكي والسيد عمار الحكيم والسيد فوزي الاتروشي واسماء بارزة اخرى يضيق المجال عن ذكرها هذا المؤتمر مما يدلل على مكانة شريحة الكورد الفيليين في العراق .
يمثل المؤتمر خطوة جادة لشحذ الطاقات والهمم لنيل حقوق الكورد الفيليين المشروعة التي صادرها النظام الصدامي المقبور ، وهو ما دعونا له منذ سنوات على الاخص بعد المؤتمر الذي عقدناه في ستوكهولم واعلان اقامة البرلمان الكوردي الفيلي العراقي في الخارج عام 2008 واكدنا على ضرورة توحيد جهود المنظمات الكوردية الفيلية داخل الوطن وعقد مؤتمر مشابه لمؤتمر ستوكهولم يوحد نشاطها وجهودها كي تتوحد جهود الجميع - في الداخل والخارج - من أجل تحقيق اهدافنا المشروعة ، وقدمنا ندوة في الانترنيت / البالتاك دعونا فيها الى هذا المسعى ( رابط الندوة اسفل المقال )
لا أحد يجهل مدى ما تعرض له الكورد من ظلم واضطهاد خلال حكم الطغمة الصدامية ، وعلى الاخص شريحتنا الفيلية بسبب وجودها في مدن العراق الوسطى والجنوبية والعاصمة بغداد ، ورغم حرب الابادة التي تعرض لها الفيليون الا انهم لم يهادنوا النظام الصدامي ابدا ، ورفعوا بوجهه راية الكفاح والنضال حتى سقوطه المدوي ، و لكن رغم جسامة التضحيات التي قدموها ، فما زال مصير الالاف من شبابهم وابنائهم الابرار مجهولا .
ان حقوق الكورد الفيليين معروفة للجميع و لا ضير ان نذكر بها مـرة اخرى عسى أن تنفع الذكرى وأهمها :
اولا : إعادة الاوراق الثبوتية للكورد الفيليين التي صادرها منهم النظام السابق .
ولما كانوا لا يملكون اية مستندات ووثائق حاليا لذلك يتعذر عليهم تلبية الطلبات المستحيلة لدوائر ومؤسسات الدولة العراقية التي تبدأ من البطاقة التموينية وتنتهي بشهادة الجنسية سيئة الصيت التي كانت سيفا مسلولا على رؤوس الكورد الفيليين ، ولازالت حجة لئيمة تواجههم بها الدوائر والمؤسسات العراقية التي تحاول اللف والدوران لتغمط حقوقهم المشروعة والتي حصل عليها من هب ودب ممن قدم الى العراق من دول الجوار العربية والاسلامية .
ان تسهيل معاملات الكورد الفيليين يجب ان تحظى برعاية وزارة الهجرة والمهجرين ، والتي تظهر عاجزة عن فعل أي شيء يستحق الذكر لهم ، وعلى مجلس النواب العراقي فسح المجال أمام هيئة مستقلة من الكورد الفيليين لتصبح هيئة مرتبطة بمجلس النواب او رئاسة الوزراء تتابع التشريعات الصادرة وتنفيذها مشابهة لهيئة النزاهة او لمؤسسة الشهداء .
ان قضية الكورد الفيليين ليست قضية مذهبية او قومية فحسب ، انها قضية كوردية ، عراقية ، انسانية وسياسية تحمل جميع هذه التوصيفات بالتمام والكمال ، تعني العراق وشعبه من شماله الى جنوبه ، فان لم يحصل الكورد الفيليون على حقوقهم فلن تسعد بقية ابناء الشعب العراقي بمكاسبها. ان تقاسم املاك الكورد الفيليين وعدم تعويضهم عن ما لحق بهم من اضرار جراء مصادرة الدولة العراقية لاملاكهم يعد من الامور التي يجب ان يقف عندها السياسي العراقي والسلطة التشريعية العراقية ، فكيف تسمح لنفسها التمتع بمغانم المظلومين دون ان تنفذ القوانين التي تعيد حقوق المواطنين المسلوبة.
ثانيا : ان عدد شهداء الكورد الفيليين يعد بالالاف المؤلفة ، ولم تقدم الدولة العراقية والمؤسسات القضائية والتشريعية والتنفيذية أية معلومات عن طرق واساليب اختفائهم و كيفية تغييب الاف الشباب الابرياء وتشريد الالاف من ابناء شريحتنا المناضلة .
ولم تقدم اية تعويضات لذوي الشهداء ، وما زلنا لا نعرف اين ذهبت تلك الالاف من الضحايا وكيفية تصفيتها .
ان حجم الجريمة المرتكبة بحق الكورد الفيليين جريمة ابادة جنس كما أقـر ذلك مجلس النواب العراقي ، ولكن مما يؤسف له ان مجلس النواب اقر الامر واستراح ، وكأن الامر لا يعنيه ولا يعني أيـة مؤسسة حكومية اخرى . صدر القرار ولكن دون متابعة او تنفيذ اي شيء . وهذا اسوء ما يمكن ان يحصل من قبل أيـة حكومة او مجلس نواب مسؤول عن حقوق المواطنين .
ولا يسعنا الا ان نذكر جميع الاطراف وعلى الاخص الحكومة العراقية والقوى السياسية العراقية الوطنية وحكومة اقليم كوردستان والاحزاب الكوردية المناضلة بان للكورد الفيليين عليهم دينا لا يستطيعون نكرانه ، وعليهم الوفاء بعهودهم، ويؤسفنا ان يصرح السيد رئيس الجمهورية مثلا ان اسم الكورد الفيليين سقط سهوا من برنامج الانتخابات ، او ان يصرح السيد رئيس اقليم كوردستان بفضل الكورد الفيليين على مسيرة النضال الكوردي والكوردستاني في الوقت الذي لا تتحقق في اقليم كوردستان تطلعاتهم وامالهم ويظلون ينتظرون كرامات المؤسسات في الاقليم دون جدوى رغم مرور اكثر من عقدين من السنين على تحرر كوردستان من حكم الطاغية الصدامي .
ان من اولويات مهام حكومة اقليم كوردستان تخصيص بعض مشاريع الاسكان للكورد الفيليين الراغبين في العودة من ايران ومن الدول الاخرى الى وطنهم العراق وخاصة كوردستان ، وكذلك منح التسهيلات الادارية لانتقال الكورد الفيليين الذين يرومون الانتقال الى كوردستان بسبب التهجير والارهاب وتوفير فرص العمل والحصول على مقاعد مناسبة في الوظائف العليا المخصصة للكورد وكوردستان ، و تخصيص بعض المناصب للكورد الفيليين في برلمان الاقليم و مجلس النواب العراقي و الوزارات .
ان الكورد الفيليين يمثلون حلقة الوصل بين المكونات العراقية وهم أفضل رابط يربط بين الدولتين العراق وايران ، وسيكونون في المستقبل القريب أهم قطب سياسي في الحراك العربي الكوردي الايراني نظرا لتوسط اقليم الكورد الفيليين بين ايران والعراق وشموله على أهم المدن التاريخية العريقة مثل المدن الواقعة على طول جبل حمرين – سورين - والتي تسمى مناطق كرميان ، وفي ايران لهم حواضر ومدن كبيرة مثل كرمانشاه وايلام وايوان وغيرها وفي العراق يشكلون نسبة هامة من سكان مدن بغداد و واسط والعمارة وخانقين وكركوك وبعقوبة وجلولاء ومندلي والسعدية وشهربان وغيرها مما سيؤهلهم للعب دور الوسيط الايجابي في السياسة الاقليمية في الشرق الاوسط مادامت المنطقة مقبلة على تغيرات كبيرة منتظرة وعلى الاخص في العراق وايران والخليج .
كما يجدر بنا أن نشير الى تصريح السيد رئيس الوزراء نوري المالكي حول تثبيت هوية خاصة للكورد الفيليين الذي اثار اللغط ، واعتقد ان شيئا من الالتباس لازم هذا التصريح ، فقد فهمه البعض بانه يهدف الى تجريد الكورد الفيليين من هويتهم القومية وتغليب هويتهم المذهبية ، ولا اظن ان السيد رئيس الوزراء نوري المالكي اراد ذلك لانه صرح في بداية حديثه في معرض بيانه حال الكورد الفيليين بانهم قد مسهم الضر والاذى بسبب كونهم كوردا وشيعة ، فلا مبرر لان تحذف هوية الفيليين الكوردية مثلما اراد نظام صدام بقراراته القرقوشية التي طالب فيها الكورد الفيليين بالتسجيل ضمن العشائر العربية والاتيان بالقاب وانساب وعشائر عربية او يكون مصيرهم خارج الحدود ، وهو ما فعله مع الالاف من الكورد الفيليين، بل امعانا باجراءاته العنصرية قام بتطليق الزوجة من زوجها وتهجير الزوج الى ايران وغير ذلك من افعال بائسة لم تفت في عضد الكورد الفيليين ابدا وظلوا شوكة في عين النظام المقبور حتى رميه في مزبلة التاريخ .
ان الخطوة التالية للمؤتمر الذي عقد ببغداد والتي بحاجة الى السير قدما نحوها هي العمل على عقد مؤتمر شامل يجمع بين الكورد الفيليين في الداخل والخارج وان يكون جامعا للتيارات الكوردية الفيلية دون تمييز ، وعدم وضع كوابح وموانع على الوان الطيف الكوردي الفيلي بسبب الانتماء او العقيدة او المذهب او الرأي او غير ذلك من مبررات تحرم المواطن الكوردي الفيلي العراقي من الاسهام في بناء وطنه الذي ضحى من أجل تحرره وازدهاره ، ونتمنى ان تبادر حكومة اقليم كوردستان ايضا بتنظيم موسع تمهيدي لمثل هذا المؤتمر في اقرب وقت ومن أجل توحيد جهود الكورد جميعا لصالح و خير الوطن والامة جمعاء.

رابط ندوة عن الكورد الفيليين
http://www.youtube.com/watch?v=JLaJkrk1M_0
رابط مؤتمر ستوكهولم
http://www.youtube.com/watch?v=efG7k9IZuus&feature=related

مؤيد عبد الستار
2011/10/7