برلماني كوردي: المالكي اطلق رصاصة الرحمة على مشاريع التقارب

عدّ ممثل الكورد الفيليين في برلمان اقليم كوردستان، الأحد، التصريحات التي اطلقها رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي بشأن الكورد الفيليين ومطالبته أن "يجتمعوا تحت خيمة معينة واحدة وان تكون لهم هوية مستقلة كباقي مكونات الشعب العراقي"، بمثابة اطلاق رصاصة على مشاريع التقارب بين وجهات النظر المختلفة وكل مساعي ازالة الفوارق بين مكونات المجتمع العراقي.

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قال في كلمة له خلال حضوره الذكرى الثانية لتأسيس المؤتمر الوطني العام للكورد الفيليين أمس السبت إنه يجب ان يكون للكورد الفيليين هوية مستقلة بهم، ولا بد من خيمة تجمعهم لتبريز هذا المكون من بين المكونات التي تتقاتل على الشراكة وتهمشهم، مضيفا أن العراقيين بحاجة الى ان يعرفوا من هم الكورد الفيليون لأن الكثير منهم بحاجة الى التعريف، والكثير من ابناء هذا المكون هم من العلماء في الحوزات العلمية الذين يعملون مع العراقيين وهم لايعرفون انهم كورد فيليون.

وقال علي حسين فيلي في تصريح خاص لـ"شفق نيوز" على هامش تلك التصريحات إن "الحديث الذي جرى على لسان المالكي متداول في أكثر من محفل إلاّ ان النتيجة واحدة فيها سواء على الصعيدين الكوردي والشيعي، فمن حقنا ان نتساءل: هل التصريحات التي ادلى بها دولة رئيس الوزراء، صدرت عنه بصفته رئيسا للوزراء، ام بصفته زعيما لجهة سياسية معينة"، موضحا ان "لكل حالة تفسيرا وتحليلا معينا، وهي في كل الاحوال رسالة واضحة في توقيتها حيث ان العيون ترنو للزيارة المرتقبة لوفد حكومة اقليم كوردستان الى بغداد لمناقشة القضايا العالقة بين الجانبين".

وعبر فيلي عن اعتقاده أن "حزب الدعوة الاسلامي حزب عريق معروف بنضاله وتضحياته العالية وقدم اعدادا كبيرة من الشهداء؛ مستدركا انه "من المعروف ايضا انه كلما ازداد اعداد الشهداء تزداد معها المسؤوليات والالتزامات تجاههم وتجاه ذويهم".

وتساءل فيلي "كم من الشهداء والمغيبين من الكورد الفيليين ادرجوا ضمن تلك الاعداد المتزايدة من الشهداء الذين عدّوا من شهداء حزب الدعوة؟" مبينا ان "الكورد الفيليين يعدون شهداءهم من شهداء العراق وليس شهداء اية جهة معينة بحد ذاتها".

وبشأن ما أشار اليه المالكي من مظلومية الكورد الفيليين واحياء ذكراهم في المؤتمر، عدّ فيلي "أي جهد بهذا الاتجاه انجازا مهما وعملا نبيلا"، مستدركا ان "الشيء الذي يجب ان نشير اليه هو ان اسلوب طرح المظلومية والمعاناة يجب الا يخلق لنا ظلامات ومعاناة جديدة".

وحول مطلب رئيس الوزراء من الكورد الفيليين ان يكونوا تحت خيمة واحدة ومسمى معين، سماها (خيمة مستقلة للكورد الفيليين)، وعدها هوية لهم، تساءل فيلي "هل هذه الهوية هي هوية عراقية، او انها هوية قومية او هوية مذهبية"؟، قائلا ان "هذه فكرة جديدة، فهل نعدّها مقدمة لشيء جديد؛ وهو الزام ابناء شريحة كاملة بالانضواء تحت خيمة معينة واحدة ".

واستغرب فيلي ان يطلب من الكورد الفيليين ان تكون لهم مرجعية واحدة، وعدّ المؤتمر العام مرجعا للكورد الفيليين، مؤكدا على ان "التنوع في التوجهات السياسية داخل كل المكونات شيء بديهي ولكن الغريب ان يطالب الكورد الفيليون ان تكون لهم مرجعية واحدة!"، موضحا ان " الاتجاهات السياسية والدينية والمذهبية تتشكل لدى الانسان حسب القناعة الشخصية؛ فيتخذ الانسان مرجعية معينة حسب ما يراه فيها من ممارسة واعمال وافعال؛ ولا تتولد المرجعية بشكل قسري".

وطرح فيلي تساؤلا اخر مفاده "كيف يحق للمالكي مطالبة الكورد الفيليين الانضواء تحت هذه الخيمة الوحيدة؛ في وقت لم يستطع فيه ضم كل الشيعة تحت خيمة حزبه (حزب الدعوة الاسلامية)؟".

وعبر فيلي عن ان "الكورد الفيليين ممتنون لدولة رئيس الوزراء بتذكير العراقيين جميعا وكافة المسؤولين ومن ضمنهم القيادة الكوردية بمظلومية ونضال وتاريخ شريحتنا الفيلية"، منوها الى ان "اعتراف دولته بالقصور تجاه شريحتنا من ناحية استعادة الحقوق هو اعتراف بقصور كل الجهات المعنية كوردية كانت ام عربية".

وتساءل فيلي أنه "في الفترة التي كان (وما زال) فيها السيد المالكي رئيسا للوزراء حدثت كوارث وتفجيرات كبرى في مناطق الكورد الفيليين في بغداد، فما الذي فعله دولة رئيس الوزراء من اجراءات ملموسة لمتابعة ما نتجت عنها تلك الكوراث ضمن مناطق الكورد الفيليين؟"، مستفسرا عن "عدد الكورد الفيليين الذين شملتهم مكارم دولة رئيس الوزراء في التعيين والوظائف الرسمية في الدولة العراقية نظراً لكونهم كورداً فيليين فقط؟".

وشدّد فيلى على انه لابدّ أن "نذكر دولة رئيس الوزراء، انه في ظل حكومته يطالب الكوردي الفيلي الذي يريد استعادة املاكه وحقوقه ان يراجع هيئة المساءلة والعدالة (بعد اكثر من ثلاثين عاما من الغربة بعد التهجير والتسفير)"، منوها الى أن "مسألة استعادة الجنسية؛ ومع كل ما طرح حولها من ضجة؛ ما زالت مسألة غير محسومة، ولا حل جذري لها لحد الان".

واشار فيلي الى ان "الاهتمام بالمشاعر الدينية والمذهبية امر مباح للجميع، ولكن ان يطلب منك ان تعاني من العذاب اليومي من اجل قضية مذهبية ليس شيئا معقولا" مستغربا ان "يطلب الى الكوردي الفيلي ان يصبح كورديا او ان يطلب الى الشيعي ان يصبح شيعيا، في الوقت الذي لم يقصر في كونه كورديا او شيعيا (في حين ان كون الكوردي الفيلي كورديا او شيعيا لم يرفع عنه الظلم والحيف الذي تعرض له)".

ورفض فيلي استغلال المشاكل والخلافات ضمن اطار المكون الواحد لاغراض سياسية قائلا ان "بيتنا الكوردي يعاني من مشاكل داخلية معينة وكذلك الاخرون ايضا لديهم مشاكلهم"، مستدركا أن "هذا لا يعني استغلال مشاكلنا وخلافاتنا لتصديرازمات ومشاكل الغير الينا".

كما عبر فيلي عن اعتقاده ان "الكلمات التي اطلقها المالكي كانت بمثابة طلقة الرحمة على مشاريع التقارب بين وجهات النظر وكل المساعي التي بذلت بها باتجاه ازالة الفوارق بين مكونات المجتمع العراقي وتقوية اللحمة الوطنية"، مبيناً ان هذه "التصريحات جاءت تقويضاً لذلك العمل النبيل وانهاء لكل تلك المساعي الحميدة".

وخلص فيلي الى القول إن "كلمات المالكي حملت في طياتها رسالة الى الكورد خارج الاقليم بان عليهم ان يفكروا في مسميات ومناهج جديدة وليس في النهج والمسمى الواضح والصريح الذي يحملونه وهو كورديتهم (أي ان الهدف هو سلب صفة الكوردية عن كل كوردي يعيش خارج اقليم كوردستان)".

وبيّن فيلي ان "ما اوردناه من رأي ليس دفاعا شخصيا عن الكورد الفيليين ولكن هذا الخطاب الجديد من اعلى سلطة سياسية في البلد تجاه قضيتنا ترتب عليه ان نضاعف نحن من حجم مسؤولياتنا"، منوها الى انه "يجب ان نأخذ كل ما نطق به على محمل الجد لان هذه الكلمات مؤشرات على ترسيم مستقبل جديد لهذا المكون في عراق لا ندري الى اين يسير؟".

المصدر: شفق نيوز، 1/10/2011