اذا لم تكن فيليا.. فلا تكن عراقيا!

المواطنة نسبة إلى الوطن وهو مولد الإنسان و البلد الذي هو فيه. و جاء في معجم "الصحاح" للجوهري أن الوطن محل الإنسان؛ ثم اتسع معنى المواطنة ليشمل إضافة إلى النسبة إلى البلد، الشعور بالتعلق به، أكثر من غيره، و الانتماء إلى تراثه التاريخي وعاداته ولغته. وتشير كلمة مواطن تاريخيا إلى كل عضو داخل مجتمع أو دولة وبصفة أعم إلى كل شخص يعترف بسيادة هذه الدولة التي يمكنه أن يطالبها بحمايته،

وكانت المواطنة تشير في العصور الإغريقية والرومانية إلى كل إنسان مدعو بثروته وجاهه إلى ممارسة سلطة سياسية وتسيير شؤون المدينة ،اما نحن الكورد الفيليين عشنا وتربينا وكبرنا في بلد لا يعرف المواطنة ولامعنى حقوق الانسان،حتى ان وزارة حقوق الانسان هي حديثة الولادة في العراق وقد تأسست بعد سقوط النظام المباد في 2003 ، فقد سلبنا حق العيش بحياة كريمة وهجرنا وغربنا وجعلنا من دون اي قيمة عند البلدان الاخرى، وافقدنا انسانيتنا والتي هي حق من حقوق الانسان كرمه بها الله سبحانه وتعالى على سائر خلقه، فالانسان هو الذي يصنع الوطن والحضارات التي يتحدث عنها التاريخ لذلك نلاحظ ان الدول المتقدمة تقدس الانسان وتعطيه الاهمية الكبيرة اكثر بكثير من الارض. على عكس العراق الذي تعدى على هذه القدسية.

مما اضطر البعض من العراقيين الى ترك البلاد مهاجرا الى بلد اخر والبحث عن حياة جديدة تحسسهم بانسانيتهم. باستثناء الكورد الفيليين الذين تركوا بيوتهم وممتلكاتهم واصدقائهم وذكرياتهم في عملية تهجير قسري، وتم ترحيلهم الى حدود ايران لا لشيء إلا لكونهم كوردا فيليين بينما كان يتدفق على العراق الملايين من دول الجوار ومنهم من هم من المجرمين ومدمني المخدرات، ويعامل معاملة حسنة وكأنه من اصحاب الدار. فلقد فشل العراق في كل شئ واهمها حقوق الانسان ، ولو كنت مواطنة من بلد اخر لكنت قلت ما بال هؤلاء العراقيين يعيشون في بلد يملئه الخير ولا خير في حياتهم؟ ما بال هذا البلد الذي تفنن بتدمير البلاد والعباد وممارسة اذلال واحتقار الاخرين من ابنائه وخصوصا الكورد الفيليين بشتى انواع الوسائل التي لا تخطر على بال الانس والجن؟ واصبح حاله كحال رواندا ويوغسلافيا وغيرها من البلدان التي لا يجمعها غير حدودها؟ ما بالهم قضوا حياتهم في الحروب وبعد ان انتهت حروبهم تفرغوا لقتل بعضهم! عندما بدأت بكتابة مقالتي هذه تبادر الى ذهني الى ان كل الذين سيقرؤونها يشككون بعراقية الكورد الفيليين، مثلما فعل نظام صدام عندما نعتهم بانهم ليسوا عراقيين وانهم من التبعية الايرانية لكننا لانقل عنهم وطنية وحبا للعراق. والجميع يعلم ما مررنا به من ظلم واضطهاد. مما جعلنا ورغما عنا نتمنى جنسية وطن يسوده السلام والمحبة يعامل جميع مواطنيه بنفس الدرجة ولايصنف مواطن من الدرجة الثانية، يوفر له عمل محترم وضمان وتأمين صحي، يحترم حرية التعبير والرأي، جنسية لايكتب فيها الديانة او العشيرة او الطائفة او القومية التي يحارب من اجلها، فقط يريد ان يحس بقيمته كانسان ليس الا. ان حب الوطن هو ليس تعلم او درس من الدروس ولكن على الفطرة اي انه يولد وهو يحب وطنه الذي عاش فيه، ومن المعلوم لدى الكثير من ابناء الكورد الفيليين ولدوا ونشأوا خارج العراق في ارض المهجر منذ تهجير ابائهم قسرا من موطنهم الاصلي العراق، لكن مع ذلك يعشقون العراق ويفتخرون بوطنيتهم وبانتمائهم ويتمنون ان يعودوا الى وطنهم. لانهم يعتزون بقوميتهم وبعراقيتهم، ولايتمنون الا ان يكونوا فيليين وعراقيين.

اسراء شاواز

المصدر: شفق نيوز، 30/8/2011