إقليم خاص بالكرد الفيليين

لم تتعرض أي من المكونات العراقية إلى ظلم يوازي ما تعرض له الكرد الفيليون سواء في الزمن الغابر او في الزمن الحالي تحت ظل حكم الأحزاب الشيعية العراقية.ففي العهد السابق صب النظام الصدامي حقده عليهم لأسباب قومية وطائفية فهم كرد من حيث القومية وشيعة من حيث المذهب . فتعرضوا إلى ظلم وتنكيل وقهر لم يشهد له التأريخ الحديث مثيلا إلا في زمن النازيين الألمان عندما أبادو اليهود في معسكرات الأعتقال سيئة الصيت, إلا ان هولوكوست الكرد الفيليين فاق حتى هولوكوست اليهود.

فالنظام الصدامي المقبور لم يكتف بسلب الممتلكات المنقولة وغير المنقولة لهم وهم الذين كانوا يسيطرون على التجارة في سوق الشورجة الشهير ببغداد ,بل رمى بالعوائل الفيلية خارج الحدود حيث كانت الألغام بإنتظارهم بعد ان سجنهم لأشهر في زنزاناته الرهيبة. فأستشهد من أستشهد وعوًق من عوًق وأما من كتبت له النجاة فعاش في مخيمات اللجوء في إيران الأسلامية تحت أقسى الظروف ولم يسمح لهم لا بالعمل ولا بالسفر وذلك لعدم إمتلاك الكثيرين منهم لوثائق رسمية إيرانية حتى هاجر الكثير منهم إلى الدول الأوروبية التي إحتضنتهم وأوتهم فتوزعوا في بقاع الأرض المختلفة.

فلقد هجر النظام السابق عوائل الكرد الفيليين بحجة ان أصولهم إيرانية وهي حجة واهية لأنهم عراقيون منذ القدم حيث إستوطنوا في الشريط الحدودي الفاصل بين العراق وإيران وبعد توقيع إتفاقية سايكس بيكو تم تقسيم أراضيهم بين تلك الدولتين فوقعت جزء من أراضيهم تحت نفوذ الدولة الفارسية كعيلام ومهران وغيرها , فيما ألحقت مناطقهم الأخرى كبدرة وزرباطية وعلي الغربي وعلي الشرقي وشيخ سعد وخانقين ومندلي وغيرها بالدولة العراقية التي تشكلت مطلع القرن الماضي.فأصبح سكنة الجزء الأول إيرانيين واما سكنة الجزء الأخر فأصبحوا عراقيين.

إلا أن النظام السابق أبى إلا ان يتهمهم بانهم أيرانيون فأسقط عنهم الجنسية العراقية وصادر أوراقهم الثبوتية ومساكنهم وأرصدتهم المصرفية واموالهم الغير منقولة ,ثم قام بأبشع عملية تطهير عرقي عندما إحتجز رجالهم والبالغين منهم ليرميهم في غياهب زنزاناته الرهيبة وليرمي نساءهم وأطفالهم بلا معين ولا كفيل فوق حقول الألغام حيث كانت تدور رحى الحرب العراقية الأيرانية. واما رجالهم المعتقلين في السجون فجرى إستخدامهم كفئران بشرية لتجارب النظام عند إختباره لأسلحته الجرثومية والكيميائية بلا وازع من ضمير او دين او خلق إنساني ولم تعرف إلى اليوم قبورهم بعد أن تجاوزت اعدادهم عشرات الألاف.

حتى حانت ساعة سقوط النظام السابق حيث إستبشر الفيليون خيرا و كان يحدوهم امل كبير بإنصافهم وإرجاع حقوقهم المسلوبة في ظل العهد الجديد. فمن جلس على كرسي الحكم ببغداد هي مجموعة أحزاب المعارضة العراقية السابقة التي ناضل الفيليون في صفوفها بدأ من الأحزاب القومية الكردية وإنتهاءا بالأحزاب الأسلامية الشيعية مرورا بالحزب الشيوعي العراقي . حيث قدموا قوافل من الشهداء ضمن هذه الاحزاب.

إلا أن أحلامهم وأمالهم ذهبت يوما بعد اخر أدراج الرياح حيث لم يحصلوا على أبسط حقوقهم المشروعة. فبيوتهم التي صادرها النظام السابق لازالت مغتصبة من قبل أخوتهم في الدين والمذهب , فهؤلاء إشتروا بيوتهم بثمن بخس عندما عرضها النظام السابق في المزاد ولازالوا يشغلونها ويرفضون إخلائها بل إنهم يطالبون أصحابها بتعويض!!! وهم يصلون ويصومون فيها تقربا إلى الله تعالى, فهل هناك من يفتي بغصب الممتلكات ويجوز الصلاة والصوم فيها؟

وأما على صعيد أوراقهم الثبوتية التي صادرها النظام السابق منهم فلازالت توضع عشرات العراقيل امامهم لأسترجاعها وهو ما إعترف به دولة رئيس الوزراء العراقي الذي يأبى إلا أن يكون الخصم والحكم.واما عن تعويضهم عما تكبدوه من ظلم وحيف فلم يحصلوا ولحد الساعة على أي تعويض مجزي عما أصابهم .فهؤلاء فقدوا أبنائهم وممتلكاتهم وخسروا مستقبلهم وضاعت سنين عمرهم وبلا مقابل. فهذه الحكومات التي تعاقبت على سدة الحكم بعد التاسع من نيسان أنصفت الجميع إلا الكرد الفيليين. لسبب بسيط هو انهم لم يحملوا السلاح ضد العهد الجديد ولو أنهم مارسوا القتل والتفجير والتخريب لأذعنت الحكومة لمطالبهم. فهذه الحكومة أنصفت رجالات البعث الذين عادوا لمواقعهم بعد ان خلعوا رداء البعث ولبسوا ثوب الدعوة , والحكومة انصفت رجال الأمن والمخابرات السابقين الذين أجرموا بحق العراقيين.والحكومة في طريقها لأنصاف تنظيم القاعدة الأرهابي.

والحكومة انصفت كل المكونات العراقية الصغيرة كالتركمان والأشوريين إلا الكرد الفيليين. فلا هم ممثلين في مجلس النواب ولا في الحكومة ,في الوقت الذي يدعي فيه الأسلاميين العراقيين إقامة دولة عادلة يتمتع فيها كافة العراقيين بكامل حقوقهم بلا تمييز وتفريق.وأما هذا الواقع المأساوي وامام موت ضمير حكام العراق الجدد فليس أمام الفيليين إلا رفع قضيتهم للمحافل الدولية خاصة بعد أن إعتبرتها محكمة الجنايات العرقية جريمة إبادة جماعية. فالمجتمع الدولي كفيل بإرجاع حقوقهم السليبة. وأما على صعيد الداخل فلابد من إقامة إقليم خاص بهم في مناطقهم الأصلية . فاليوم يطالب السنة بإقامة إقليم لهم كما طالب السيد رئيس مجلس النواب العراقي, ومن قبل نجح الكرد في إقامة إقليم كردستان واما الشيعة العرب فلم تغيب فكرة إقليم الجنوب عن ذهنهم.

ولذا فإن ماطرحه السياسي العراقي الأستاذ ثائر الفيلي حول إقامة هذا الأقليم يمثل الحل الأمثل لهذه المعضلة التي يأبى السياسيون العراقيون الموغلون في الفساد الألتفات لها وحلها وفقا للقيم الأنسانية وليس القيم الأسلامية التي يدعي هؤلاء السير على هداها. فقضية الكرد الفيليين تعتبر وصمة عار في جبين العالم العربي والأسلامي الذي أبيد هؤلاء فيه في الوقت الذي لا يصمت هذا العالم عما يسميه بجرائم الصهاينة الذين لم يستخدموا الفلسطينيين كفئران بشرية . واما الخطوة الأولى لتفعيل ذلك فهي بجمع تواقيع الكرد الفيليين في الداخل والخارج لدعم إجراء إستفتاء في مناطقهم لأقامة إقليم خاص بهم.ولا شك بان الأستاذ ثائر الفيلي هو الأقدر على النهوض بهذه المهمة التأريخية التي ستحظى بدعم الفيليين أينما وجدوا فماضاع حق ورائه مطالب.

أحمد عيدان الفيلي
ahmed_alfaily@yahoo.com
1/7/2011