المجتمع الكوردي الفيلي وغياب ألأجهزة الإعلامية الكوردستانية

شفق التعتيم ألإعلامي على مجمل أوضاع العراق كان السمة الأساسية للنظام الدكتاتوري لكون ألإعلام العراقي كان مسيسًا و مسيراً لخدمة النظام والتطبيل والتزمير له وبذلك فقدت تلك الأجهزة مصداقيتها وإبتعدت عن مصلحة الشعب العراقي بجميع شرائحه بالإضافة الى ذلك قامت السلطة بشراء ذمم بعض من ذوي النفوس الضعيفة من ألإعلاميين العراقيين والأجانب للقيام بتشويه الحقائق من أجل تضليل الرأي العام العالمي .

وأما بعد سقوط الدكتاتورية فقد شهد العراق إنفتاحاً إعلامياً كبيراً نتيجة ظهور اعداد كبيرة من الصحف والفضائيات كما إنبرت أقلام كانت إلى ألأمس القريب مختنقة للدفاع عن العراقيين ومنها فضائيات كوردستانية لها مكاتب في جميع أنحاء العراق ،الا إن من ألمؤسف ان تبتعد تلك ألأجهزة عن قضايا الكورد خارج ألإقليم بالأخص الكورد الفيليين وقيامها بتغطية احداث جانبية بعيدة كل البعد عن ألأهداف التي تشكلت من أجلها .

هناك مناطق ذات الأغلبية الكوردية الفيلية في بعض محافظات الوسط والجنوب بالأخص في بغداد تعد ملفاً تأريخاً للتواجد الكوردي فكانت قبل عدة عقود من المناطق التي يشار إليها بالبنان حيث كانت تتمتع بكل مقومات الحضارة من مدارس ومراكز صحية ونواد رياضية إلاإنها تعيش ألآن حياة القرون المظلمة ، أغلب بيوتها آيلة للسقوط ،محرومة من وسائل العيش الكريم والخدمات الضرورية ،أغلب سكنتها من العوائل دون خط الفقر لكن لم تتكرم أية فضائية كوردية بدخول تلك الأزقة لتلقي حزمة ضوء على من يعيش في القرن الواحد والعشرين مثل هذه الحياة البائسة ،هذا يعد تقصيراً بالنسبة للرسالة ألإعلامية كما تشكل فشلاً كبيراً فليس عمل الفضائيات هو إقامة الندوات أو تقديم المسلسلات وألأفلام بل الإعلام الحقيقي هو النزول الى الشارع وإيلاج الدهاليز ألضيقة للوقوف على حياة من يتقاسم العيش مع ألأفاعي والعقارب كما في بيوت أبو سيفين والكفاح وباب الشيخ ،فهل حاولت الفضائيات الكوردية إيصال صوت هذه الشريحة الى المسؤولين كما تفعل القنوات الأخرى ؟

هل يعلم ألأخوة في الفضائيات الكوردية بأن منطقة مثل باب الشيخ التي تعد من أكبر احياء الكورد الفيليين تضم أكثر من اربعة آلاف نسمة لاتوجد فيها مدرسة واحدة ولا مركز صحي ولا أية مراكز خدمية وما ينطبق على باب الشيخ ينطبق على أحياء الكفاح وأبو سيفين وغيرها ،لكن من المسؤول عن إيصال مظلومية هذه الشرائح في وقت يشهد العراق صراعات سياسية على السلطة ووصلت درجة الفساد الى إيصال العراق الى المراتب المتقدمة في العالم ؟

إن ألإهتمام بالكورد الفيليين خارج الإقليم تعد من الضرورات ألأخلاقية وواجبات حكومة ألإقليم تجاه هذه الشريحة التي كانت الظهير القوي والستراتجي للحركة الكوردية أيام كانت الحركة التحررية للشعب الكوردي في أوجها من خلال التطوع ضمن صفوف البيشمركة ألأبطال وتقديمهم قوافل من الشهداء أو من خلال الدعم المادي للحركة لذلك يشكل الدعم ألإعلامي لقضاياهم جزءاً من العرفان بالجميل لهذه الشريحة فالتجربة الإعلامية بعد سقوط النظام برهنت على إيجابية الدور ألإعلامي من خلال إستجابة الجهات المسؤولة للعديد من القضايا المطروحة خلال بعض ألفضائيات المؤثرة .

فريدون كريم

المصدر: مؤسسة شفق، 20/2/2011