وحدة كلمة الكرد الفيليين .. خارطة جديدة لبغداد

منذ مده ليست بالقصيره تطرقت الى فكرة تشكيل تكتل لضم اكراد خارج الاقليم وخصوصا في بغداد حيث يتركّز وجود اكثر من نصف مليون مواطن كردي لا وجود لهم في الخارطه الكردستانيه .

من البديهي ان انتعاش وازدهار التاريخ السياسي للرقعه الجغرافيه التي نعرفها اليوم بالعراق من شمالها والى جنوبها وثم شرقا وغربا كان بفضل بغداد مركز المعرفه والعلوم المختلفه . فقد امتدت ذراع المعرفه والثقافه منها الى معظم دول المنطقه، اما النظر الى بغداد بمنظار اليوم فهو مرض وعاهة اصابت اصحاب التطلعات التي يقتصر نظرها لأحداث يومنا هذا فقط رغم ذلك لا يمكن انكار الانهيار التام والشلل الكامل في اوضاع بغداد في جميع مرافق الحياة . فبعد ان كانت جميع ايام السنه ايام عمل وجدّ وابداع اصبحت هذه الايام مدعاة للخجل بتعطيل كل ما يمت بصله بالتقدم والبناء وطلب العلم . تأتي عطلة إمام وتذهب عطلة إمام بالاضافه للتداعيات التي لا تعد ولا تحصى .. المقصد من هذا التركيز على بغداد هو ان تواجد الطيف الفيلي وتأثيره الكبير في اكتساب القسط الاعظم من ثقافة بغداد كان سببا مباشرا في دعم العمليه السياسيه الكردستانيه بالاضافه الى صمودها وتضحياتها في بغداد فلولاها لكانت العمليه السياسيه الكردستانيه تفتقر للعديد من اركانها اليوم . لذلك سارع صدام بتنفيذ ضربته وعمليته القذره بأنفلة الفيليه قبل منطقة گرمیان . افتعل احداث لا وجود لها كحادثة المستنصريه وغيرها للبدء بتنفيذ تصفية هذا الطيف الاستراتيجي في كيان الشعب العراقي والكردي .

ان الاقتصاد العراقي انتظم في بغداد منذ العهد الملكي واصبحت بغداد مركز تجاري عملاق بالنسبه للعراق ومعظم دول المنطقه ورأينا او عاصرنا ذلك الانعاش منذ الخمسينات . هنا تجدر الاشاره الى كون الطائفه اليهوديه كانت تقود التجاره في معظم مناطق العراق وخصوصا بغداد . ونعرف جليا ما حلت بتلك الطائفه العريقه والاصيله بعد 1948 و1951، فانتقلت فعاليات ونشاطات تجارة بغداد والعراق الى باقي فئات الشعب .

ودائما لنا عوده الى بغداد .. ففيها ومنذ منتصف الخمسينات برز بعض التجار الفيليه في خانات بغداد ليحلّوا محل التجار اليهود وتطورت تلك المظاهر بتوسع كبير في اسواق بغداد لتشكل الفيليه شريان التجاره فيها بمختلف انشطتها . بالتاكيد كان من اسباب نجاح كل من اليهود وغير اليهود هو الاخلاص والصدق واستغلال الفرص واتاحة التسهيلات للعملاء وكيفية وفن كسبهم وو.. ولذلك لم يكن للمستهلك الا التوجه للتاجر اليهودي للتعامل . فلما برز التجار الفيليه بنفس السلوكيه وكونهم مسلمين فلم تتردد العماله التجاريه بسرعة التعامل معهم . فاصبحت اسواق الجمله في الشورجه وتحت التكيه وسوق الدهان وعكد النصارى والعبخانه والسنك وجميله والشيخ عمر واخريات تحت سيطرتهم تقريبا . ونعرف ايضا ان التحولات السلبيه ما بعد الحكم الملكي جاءت بالقوى الشريره للحكم بناء على متطلبات المصالح الغربيه والتخلص من الحكم الملكي الدستوري . اذن هناك بنيه تحتيه لهذا الطيف من الشعب الكردي في بغداد وتحتاج هذه البنيه الى اعادة البناء والترميم بعد التصفيات الهمجيه التي تعرضت لها أبان النظام السابق . وبذلك فعندما تستعيد بغداد عافيتها وتتخلص من شراذم التعصبات الطائفيه والعرقيه والعشائريه والدينيه سنجد الكرد حاضرا بتواجد الفيليه بنفس القوه التي ظهرت في تلك الاسواق العريقه .

ان الكيان الحالي الممثل للفيليه في بغداد بشخص الرفيق عادل مراد يحتاج الى دعم واسناد تام من قبل الجميع رغم الاختلافات الظاهريه ولكن جوهر الموضوع هو توحيد وتواجد صوت واحد للكرد في بغداد .

إن الحاضر مهم جدا ولا يمكن بناء المستقبل ما لم يتم الاستفاده من معطيات الحاضر . ومن الضروري تجنب الماضي بترسباته وآلامه . لانه مليئ بالامراض والاوبئه التي أتت بالبلاد بالدمار والهدم . فالتخلي عن الماضي شيئ استراتيجي ولكن بشكل متتالي لا بشكل كلي . الفيليه تضم نخب فاضله مقتدره ومن الضروري ان تتفتح الابصار لتفادي العناصر الهزيله وعدم السماح لها بالتسلط واستغلال الظرف الفاسد في العراق ليبث الفساد ايضا بين هذا التكتل . فتحديد العناصر المسيئه ليس بالصعب والتخلص منهم بشكل انساني ايضا ليس بالصعب ولكن الاصعب هو التمادي والتماطل والسكوت عن المسيئين كما معمول به في العراق عموما .

المهم وجود صوت كردي في بغداد يمثل الشعب الكردي وخاصة خارج الاقليم .. والسلام

مصطفى قره داغي
خبير نفطي - المانيا
2011-02-01

المصدر: جريدة الاتحاد، 1/2/2011