مجرد تساؤل ؟؟؟ لماذا يزدهر السلب والنهب عقب سقوط الأنظمة الدكتاتورية في الوطن العربي ؟

كثر الكلام منذ العام 2003 ولحد الآن بأن أعمال السلب والنهب التي جرت في العراق أعقاب سقوط نظام صدام كانت مرتبطة بالقوات الأجنبية (الأمريكية) التي دخلت الى العراق . أي أنه مخطط كانت هذه القوات تمارسه وتطبقه في العراق وهي التي تقف وراءه . ولكن ما حدث في تونس وفي مصر اليوم من أعمال نهب وسلب وتخريب وضح الكثير من الأفكار وبين صورة الشعوب العربية ودحض نظرية المؤامرة التي ينادي بها الكثير ... وهنا أنا لا أريد التهجم على هذه الشعوب (لأن من يقوم بهذه الأعمال المنكرة لا يمثلون سوى نسبة قليلة جداً من هذه الشعوب) .

ولكني أريد أن أبين حقيقة بأن عمليات التخريب والنهب هذه نابعة من تفكير الشعوب بأن المؤسسات الحكومية ومبانيها ومنشآتها مرتبطة أرتباطاً وثيقاً بالحاكم أو الدكتاتور ... أي أنها من ممتلكاته وليس هنالك وعي أو أحساس لدى تلك الشعوب بأن هذه مبان ومقتنيات حكومية هي بالمحصلة ملك للشعب .

أن ما حدث في العراق يختلف عما حدث ويحدث في تونس ومصر وغيرها من الدول العربية التي تنتظر دورها في لائحة التغيير ، لأن العراق بعد سقوط صدام سقطت معه جميع الأجهزة الأمنية والعسكرية والأدارية والمحلية ... لماذا؟ لسببين : الأول أنها كانت مرتبطة أرتباطاً وثيقاً بالنظام . والثاني هو الفراغ الذي حدث حال أستسلام وأنسحاب القوات العسكرية والأمنية العراقية . أي أن هؤلاء القلائل (الحواسم) من الشعب العراقي كانوا يمسكون في زمام الأمور ويتحركون على كافة الأصعدة من أجل نيل أكبر عدد من الغنائم أمام مرأى ومسمع القوات الأمريكية . لم يتدخل الأمريكان لعدة أسباب لعل أهمها بأن الأوامر كانت مقتصرة على حماية المؤسسات والمباني الحكومية المهمة والحيوية (بالنسبة لهم) مثل (وزارات النفط والمالية وغيرها) وربما هنالك سبب ثان لا يقل أهمية هو تسليط الضوء الأعلامي على جوع وأضطهاد الشعب العراقي مما حدا به الى هذه الصورة .

أما في تونس ومصر فأن الأجهزة العسكرية والأمنية لم تسقط بالكامل لكنها عجزت أمام المد الجماهيري الفوضوي أعقاب ثوراتهم ولم تستطع أيقاف هذا المد لأن تلك الأجهزة (العسكرية والأمنية) هي جزء من هذا الشعب ومواطنون حالهم حال الآخرين لذا فأن بعضهم ربما يمتلك نفس مستوى التفكير أو يتأثر به جراء ما يراه أمامه من هذه الممارسات من أبناء جلدته .

ومما يؤكد فكرتي بأن السلب والنهب مرتبط بالنظام هو أن الكثير ممن قام بأعمال السلب والنهب سواء في العراق أو في غيرها من الدول كانوا جلهم من الخارجين من السجون أو الفارين والقتلة ونسبة لا بأس بها من الفقراء الجهلاء اللذين ينعقون مع كل ناعق . ولكن الملفت في الموضوع أن هنالك نسبة لا بأس بها من الطبقة الأرستقراطية والغنية قد ساهمت وبشكل جلي في تلك الأعمال الغوغائية .. (ربما ما قام به الدكتور المليادير منقذ الجيبه جي (صاحب مستشفى الجيبه جي في الحارثية) وبناته من أعمال نهب وسلب في القصور الرئاسية وأبنية المخابرات خير مثال على ذلك) .

أن هذه الحقائق كلها تصب في صالح فكرة المقال بأن : الشعوب العربية وشعوب العالم الثالث تنظر الى الأجهزة الحكومية ومؤسساتها ومنشآتها وأبنيتها بأنها ملك للدكتاتور والحاكم وعليه يجب الأنتقام منها وتخريبها من أجل الأنتقام من ذلك الحاكم والتنكيل به .

حيدر الطائي

المصدر: صوت العراق، 30/1/2011