رسالة مفتوحة الى الرئيس مسعود بارزاني

الدكتور جمال مراد - سيدني

السلام عليكم

ارجو الله ان يوفقكم لما فيه خير شعب كوردستان ورفعته وتقدمه ، واهنئكم من الاعماق بنجاح المؤتمر الثالث عشر للحزب الديمقراطي الكوردستاني واعادة انتخابكم رئيسا للحزب للمضي على هدى مدرسة البارزاني الخالد في قيادة شعب كوردستان.
في هذه الرسالة اود ان اتحدث عن امر اعتقد انكم ستاخذونه على سعة الصدر المعروفة عنكم ، ولكنه يجب ان يقال ، لانه يهم شريحة مهمة ومناضلة ومضحية من شعبنا الكوردي التي كانت دائما في خدمة قضية حرية شعبنا بكل ما كانت تملك من انفس عزيزة واموال وصبر طويل مر على ما لحقت بها من ظلم الانظمة العراقية كلها وعلى الاخص على ايدي النظام البعثي المجرم السابق.
انه من دواعي الاسف ان نجد ان بعض المسؤولين الاكراد ومن الجيل الجديد من الحزبيين وغير الحزبيين هم من الانتهازيين المعروفين وقد اصبحوا في مواقع المسؤولية المتقدمة في كردستان وخارجها ، في الوقت الذي نرى فيه كثيرا من الكوادر الحزبية المثقفة الذين وعلى اكتافهم واكتاف اخوتهم البيشمركة وعلى حساب تضحياتهم وصلت الثورة الكردية الى ما هي عليها الان ، في وقت كان بعض هؤلاء المسؤولين متعاونين مع النظام السابق واليوم اصبحوا اكثر ثورية و وطنية من الثوريين الذين ضحوا بكل شيء وفي الايام السوداء من اجل شعبهم وقضيتهم.
ومن المؤسف ان تجد ان الانتهازيين دائما في المقدمة عند الانتصارات ومع العدو وقت الشدة وفي ايام النضال الدامي ، وعلى عكس المقولة التي تقول ان الصديق الحقيقي هو صديقك عند الحاجة.
وتعرفون ان اعدادا كبيرة من المناضلين الاوائل في الثورة الكردية غادروا كردستان والعراق واستقروا في بلاد المهجر ، ولكن قلوبهم بقيت تنبض مع شعبهم الكردي ، وقد عمل هؤلاء بصورة مباشرة او غير مباشرة على ايصال رسالة شعبهم الكردي وعدالة قضيته والماسي التي مروا بها الى شعوب البلدان التي استقروا فيها ، وخصوصا الى الشعوب الاوروبية التي تتمتع انظمتها بالنظام الديمقراطي وحرية التعبير عن الرأي.
ولكن المؤسف ايضا هو ان الثورة الكردية بعدما وصلت الى هذه المرحلة المتقدمة تنكرت لهؤلاء المناضلين والجنود المجهولين الذين لم يبخلوا لا بالدماء ولا بالاموال لنصرة الثورة الكردية ايام الشدة وفقدوا كثيرا من رفاقهم واعزائهم في هذه المسيرة الطويلة ، بينما الانتهازيين وابناء الجحوش عبيد المال والوظائف تسلقوا في مراتب لا يستحقونها باي حال.
وكذلك اساءني جدا ان اسمع من مناضلين وكوادر مخلصة ايام النضال الحقيقي من الذين زاروا كردستان مؤخرا ، انهم اكتشفوا ان كثيرا من الذين كانوا يحاربون الثورة الكردية الى اخر ايام صدام حسين يوجهون الاهانة اليهم متهمين اياهم بانهم تركوا كردستان وهربوا الى المنافي ، علما انهم لم يهربوا ، فبعد انهيار قواعدنا وجدوا انفسهم بين فكي التعاون مع الدول المجاورة ومحاربة القضية الكوردية وبين الرضوخ للعدو والتعاون معه ، فاختاروا المغادرة ومواصلة النضال باسلوب اخر اكثر تأثيرا وعلمية ، وذلك من خلال محاولة ايصال مشروعية النضال الكردي الى المحافل الدولية اي تدويل القضية الكوردية ، ونقل القضية من محليتها الى المستوى الدولي ، وقد لعب هؤلاء الجنود المجهولين ادوارا مشرفة ايام الهجرة المليونية ، فقد نظموا المظاهرات الكبيرة في بلدان الغرب وكسبوا كثيرا من العطف والتأييد لقضية شعبهم ، كما استطاعوا ان ينجحوا في اكتساب خبرات ومؤهلات علمية مهمة ستكون في خدمة شعبهم.
وقد يزعم بعضهم انني قد اتحدث عن نفسي ، لكنني في واقع الحال لست بحاجة لا الى مال ولا الى وظيفة فانا دكتور في استراليا ، كما انني لست مستعدا لاكون عبدا لاي مسؤول ، ولكني ما زلت اؤمن بأن من واجبي وواجب كل مواطن شريف ان يدعو الى الدفاع عن شعبه من اجل العيش بحرية وسلام ، واطالب بانصاف الشهداء وعوائلهم وابنائهم ، ولكنه لمن المؤلم ان يتم اهمال كثير من المناضلين بهذه الطريقة ، وعندما اخوض في هذا الكلام اجد في نفسي الحق ان لا اسكت فانا كنت منتميا الى الحزب الديمقراطي الكوردستاني ،وانا الان لست منتميا بصورة رسمية الى اي حزب لاني اؤمن بالعمل من اجل قضية شعب مظلوم فمصلحة الشعب يجب ان يكون فوق مصلحة الاحزاب ، وكنت انشر الفكر الوطني الكردي منذ ان كنت طالبا في الابتدائية 1958 ، وكنت منتميا الى الحزب الديمقراطي الكوردستاني منذ بداية الستينات في حين كان معظم اصدقائي من الشيوعيين ، ووقتها كان عدد اعضاء البارتي قليلا ، وما زال الكثيرون يحسبونني على البارتي لانني فعلا اؤمن بنهج الكوردايه تي وبالمنهج الديمقراطي في النضال الوطني الكوردي ، وكان تأثير النهج الديمقراطي للحزب علي وعلى مسيرة حياتي كبيرا جدا ، وكنت دائما احاول تعزيز النهج الديمقراطي بين الاعضاء، واطلب انصاف الشهداء وعوائلهم وابنائهم وعدم اهمالهم واعادة الاعتبار اليهم وثمة شهداء لا يمكن ان انسى ماثرهم ومنهم الشهيد عاصي برزنجي والشهيدة ليلى قاسم والشهيد جواد هموندي والمرحوم الشهيد عزيز بشتيوان.
جل ما اردت ان اقوله هنا ان الحزب الديمقراطي الكوردستاني مع توجهه الى التجدد يجب ان لا ينسى منابعه ومناضليه الحقيقيين وان لا يركن الى من حمل السلاح في وجهه وتحت اية مسميات(!) ويهمل من كان يحمل سلاحه و الى جانبه وفي خندقه.

مع كل الامنيات الطيبة

المصدر: صوت العراق، 21/12/2010