حي .. أسمه الكفاح

حي الكفاح ، هو الحي الواقع بين ساحة النهضة والفضل وسوق الصدرية ، وأغلبية سكانه من الكورد الفيليين الذين سكنوا هذا الحي اباً عن جد ومنذ سنين طويلة...

كما ان هذا الحي يضم اعداداً كبيرة من الكورد الذين تم ترحيلهم من مدن خانقين ومندلي وزرباطية وبقية المناطق الكوردستانية التي حل عليها سخط النظام والتي تعرضت الى عمليات التعريب والتسفير في زمن السلطة المبادة وكذلك بسبب تحول أراضيهم الى ساحات حروب النظام أبان الحرب العراقية الايرانية ، فاجبروا على ترك المزارع والحقول والحياة السعيدة الى عوالم البطالة والشقاء والمستقبل المجهول . شكل حي الكفاح جزءاً من واقع عراقي بأطيافه وشرائحه المختلفة جمعتهم الهموم والأمنيات والصراع اليومي مع الحياة لذلك حاولت شفق ازالة اللثام عن خفايا هذه المنطقة وكيف يعيش أبناؤها مع هذا الكم الهائل من المعاناة من خلال معايشة يوم من أبناء هذا الحي لتنقل الى السادة المسؤولين صورة من الحياة المجهولة ، علها تنال او تثير انتباه احدهم ويمد يد العون والمساعدة لانتشالهم من هذا العالم الصعب والقاسي . فحول نوعية المساكن ومدى صلاحيتها للسكن البشري أكد جميع من التقينا بهم على ان هذه البيوت قديمة جداً وأكثرها آيلة للسقوط ، فيقول السيد محمد نجم ان احد جدران البيوت المجاورة لداره تهدم وسقط على بيته وأدى الى وفاة والدته ، كما ان أكثر سقوف البيوت مبنية من الخشب ومضى عليها أكثر من مائة عام فالوضع الصحي من رطوبة وروائح عفنة ناهيك عن الأفاعي والعقارب والجرذان التي أصبحت جزءاً حيوياً من هذه البيوت ولا يخلو أي بيت منها حتى شكلت كقطع من الأثاث او محتوياتها . اما السيدة ام فاضل فقد أكدت بان الماء الصافي انقطع عن المنطقة التي تسكنها او عن مجموعة (من الدرابين على حد وصفها) خلال الصيف الماضي وان الأهالي اضطروا الى جلب ما يحتاجونه من البيوت او المحلات البعيدة عنهم . اما عن مشكلة الكهرباء فقد سكتت عنها لأنها لم ترغب التعليق عليها لتحولها الى نوع من الأمراض المستعصية التي لا يمكن الشفاء منها ، وبالأضافة الى السيدة ام فاضل تداخل السيد كامل علي معنا مشيراً الى ان مشكلة الكهرباء بالنسبة للمنطقة غير متصلة فقط بالشبكة الوطنية بل انها تتعدى الى الشبكات الداخلية داخل المنازل وخارجها فأنها متهرئة جداً وقد أكل عليها الدهر وشرب وسببت الكثير من الوفيات بالصعقات الكهربائية . اما حول موضوع الاجارات فأنها مرتفعة كثيراً عن المستويات الاقتصادية لأهالي المنطقة واغلب البيوت تحوي أكثر من أربع او خمس عوائل وأكثر هذه البيوت لا تحتوي على المطابخ او الحمامات وان كل عائلة لها طباخ صغير اما غرفها وكذلك المرافق الصحية في وضعية صعبة جداً وكذلك الصرف الصحي للمنطقة يعاني من انسدادات مستمرة مسببة الروائح الكريهة والأمراض لأبناء المنطقة . اما السيدة ملوك شمس الله فقد تطرقت الى موضوع الغاز والنفط فقالت ان ألازمة في المنطقة صعبة جداً فلا تتمكن عربات نقل الغاز او النفط بالدخول الى بعضها في وقت يعاني العراق من ازمات مستعصية في هذه المنتوجات لذلك يضطر الأهالي الى الوقوف ساعات وفي طوابير طويلة بأنتظار توزيع قناني الغاز في حال توفرها . اما من ناحية المدارس فقد تطرقت اليها السيدة فاطمة كريم قائلة انها شكلت بالنسبة لنا مشكلة كبيرة فمدارس البنات الاعدادية غير موجودة اصلاً في المنطقة لذلك تضطر الطالبات الى الدراسة في الاعدادية الوحيدة في منطقة الفضل وهذه شكلت في الآونة الأخيرة مشاكل فأننا قد نضطر الى اجبار بناتنا على ترك الدراسة كما ان مدارس متوسطة البنين ايضاً بعيدة . وحول الوضع الصحي وواقع المؤسسات الصحية أشار الحاج محمود ولي مؤكداً بأن المركز الصحي يفتقد الى الكثير من مقوماته فأحياناً يتأخر الأطباء بالأضافة الى فقدان اغلب الأدوية وهذا المركز يقع في منطقة الشيخ عمر . من خلال تجوالنا وجدنا ان عدد المقاهي في هذه المنطقة كبيرة وعند الاستفسار عن السبب قال لنا بعض الأخوة ان هذه المقاهي وان كانت منتديات لأهل المنطقة ، حيث أنها أماكن لقضاء الوقت والسمر لضيق بيوت المنطقة وافتقارها الى كل متطلبات العيش السعيد الا ان هذه المقاهي أصبحت مكاناً لتجمع العاطلين وأن أكثر شباب المنطقة يعانون من هذه الآفة . تركنا المنطقة والأسى والألم تملأ قلوبنا لأننا وجدنا اناساً يحبون حياة السنين الغابرة وفي ظروف لا توجد لها مثيلاً في العالم حسب اعتقادنا وانه من الاجحاف بحق الانسانية ان يعيش العراقي صاحب هذه الثروات الهائلة في هذه البيوت التي لا تصلح حتى لسكن الحيوانات ، فهل حاول أي مسؤول من المسؤولين زيارة هذه المناطق في عهد ما ؟؟؟

المصدر: مؤسسة شفق، 2/12/2010