مقابلة جريدة الصباح مع الناشط المدني رياض جاسم محمد فيلي

الناشط المدني رياض جاسم محمد : شروط «الداخلية» لاعادة الجنسية للمهجرين تعجيزية وتناقض الدستور

حاوره - يوسف محسن

تعد الجنسية المدنية ، رابطة سياسية وقانونية تعبر عن علاقة الفرد بالدولة ، فضلا عن ذلك تمثل نظاما قانونيا يكفل التوزيع الدوليتي للافراد ويكتسب من خلالها الفرد الحقوق السياسية والاقتصادية وقضايا التملّك العقاري ، والارث وشؤون الاقامة والعمل وغيرها من المزايا التي لا يتمتع بها الشخص الاجنبي وفق التشريعات الوطنية

حيث ان سحب الجنسية من الافراد يؤدي الى ان يصبح الفرد بلا دولة ، وتاريخيا صدر قانون الجنسية العراقية رقم (42) في العام 1924 ، ودخل حيز التنفيذ في 6/اب/1924 والذي تسبب لاحقا في التشكيك بالهوية الوطنية للكثير من الافراد والجماعات السكانية في المجتمع العراقي ،وترتب عليه ارتكاب جرائم التهجيرات وحملات التطهير العرقي وعمليات الابادة الجماعية ، والانتهاكات ضد الانسانية والسلم ، وسلب حقوق الانسان والحريات الاساسية ، ومصادرة الاموال والعقارات ، والاختفاء القسري ، والابعاد اللاقانوني والترحيل الداخلي للسكان وقد نصت المادة (30) من هذا القانون بان الرعايا المقيمين في اقليم مُنسلخ عن تركيا وبموجب احكام هذه المعاهدة ، يصبحون حكما رعايا الدولة التي ينقل اليها ذلك الاقليم ، نتيجةً لمراعاته المصالح الدولية السائدة انذاك وبشكل مناقض لحقوق المواطنة الواردة في الدستور الملكي ، تم ترسيخ التفرقة الفئوية بين مكونات المجتمع العراقي ، اذ قسم المواطنين الى درجتين وبموجبه اعتبر العثماني عراقي الجنسية حكما من الفئة الاولى بصفة اصلية رغم انتمائه الى تركيا العثمانية والبلاد الخاضعة لها ، في حين مُنح العراقي من الاقليات القومية والاثنية التجنس من الفئة الثانية بصفة مكتسبة لاعتبارات التمييز العنصري ، وبقى محروما من المواطنة و من الاقامة ، لاحتكامه الى معيار التبعية العثمانية والتبعية الايرانية وترتب عليه اسقاط الجنسية العراقية عن المواطنين ولاسباب سياسية وعنصرية وعرقية ومذهبية عبر تشريع السلطة القائمة مراسيم وقرارات واوامر لها قوة القانون ، وان خالفت حقوق الانسان المكفولة في الدساتير العراقية او مبادئ القانون الدولي ، ولم يتغير واقع التمييز الممارس ضد المواطنين الا في عهد الجمهورية الاولى بعد 1958 ودستورها المؤقت الذي اكد على قيام الشراكة الحقيقية بين العرب والكرد وبعد نقلاب 1963 صدر قانون الجنسية العراقية وكان اشد وطاة من سابقه في انتزاع الجنسية على نحو تعسفي ، ومع وصول حزب البعث الى السلطة في 1968 دشن سياسة التهجير في الاعوام 1969 ، 1970 ، 1971 التي ذهب ضحيتها اكثر من (70.000) مُهجر ، اضافةً الى ارتكابه جريمة التهجيرات الكبرى في العام 1980 ، التي اسقطت الجنسية العراقية بدفعة واحدة عن اكثر من (500.000) مواطن دون مسوغ قانوني وبحجة اصولهم الاجنبية.

ملحق ( ديمقراطية ومجتمع مدني ) يفتح هذا الملف بحوار مع الناشط المدني رياض جاسم محمد باحث مُتخصص بحقوق الانسان وقضايا المجتمع المدني

مفهوم المواطنة
•ما هو مفهوم الموطنة ؟ متى ظهر هذا المفهوم في تاريخ المجتمعات البشرية ؟ وفي القانون الدولي ؟
•وقد ظهر هذا المفهوم قديما في الحضارتين اليونانية والرومانية ، وتراجع بعد سقوط الامبراطورية الرومانية وخلال فترة الاقطاع الى نهاية القرون الوسطى الممتدة ما بين (300-1300) ميلادية وقد ساهم حدثان هامان هما اعلان استقلال امريكا في عام/1786 وقيام الثورة الفرنسية في عام/1789 وشكلا نقطة تحول تاريخية في مفهوم المواطنة ، وتطور بشكل مستمر الى وقتنا الحاضر ، واصبح مبني على اعتبار الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة واقرار حقوق الانسان ، واصبح مبدا غير منازع فيه ، وامتد ليشمل جميع فئات المجتمع ما لم يتمتع بحق المواطنة سابقا ، وتعددت ابعاده لتغطي الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية والبيئية ولم تقتصر على الجوانب السياسية والقانونية فقط . و المواطنة هي انتماء الانسان الى بقعة ارض معينة وينتسب اليها ويستقر عليها بصورة ثابتة داخل حدود الدولة ويحمل جنسيتها ويشارك في الحكم ويخضع لتشريعاتها ، ويتساوى مع بقية المواطنين امام القانون في الحقوق الحريات والواجبات العامة دون تمييز بسبب الوضع الاجتماعي او المركز الاقتصادي او العقيدة السياسية او العرق او الدين او الجنس او غيرها من الاعتبارات ، وبالتالي يترتب عليها تحديد العلاقة بين الافراد والدولة ويبين اسس وكيفية منح المواطنة وما تكفله من واجبات وحقوق وحريات ، وتختلف عملية منح المواطنة من دولة الى اخرى بحسب تشريعاتها
وبالتالي ان حق الجنسية ترجمة واقعية لمعالم المواطنة في تحديد العلاقة القانونية بين الدولة والفرد وقد نشات معها مجموعة من المفاهيم ذات الصلة ( منح الجنسية ، وازدواج الجنسية ، واللا جنسية ) وعلى المستوى الدولي ظهر هذا المفهوم من خلال منظمة الامم المتحدة عبر اصدارها « الاعلان العالمي لحقوق الانسان » بموجب قرار الجمعية العامة رقم 217 العام 1948 ، وغيره من المواثيق الدولية المعنية بحقوق الانسان

المواطن في الدستور العراقي
• في المجتمع العراقي ، متى ظهر مفهوم ( المواطن ) في الدساتير العراقية ؟
• ظهر مفهوم المواطنة مع تاسيس الدولة العراقية الحديثة في العام 1921، وكان بناءً هشا ضعيفا لكونه ارتكز على معيار دولي خاطئ لاغراض التمييز العنصري في توضيح وتفسير هذا المفهوم الذي اعتمد على « الاصل الاجنبي » في تحديد الرعوية العراقية لاكتساب الجنسية الوطنية ، الامر الذي جعل العراقيين جميعا اجانب ومشكوكا بهويتهم وولائهم وانتمائهم الى البلد والارض التي تمتد منذ فجر التاريخ القديم وعصور السلالات ، وكانت مبادئ وحقوق الانسان شكلية بالرغم من ادراجها في الدساتير العراقية في العهدين الملكي والجمهوري و انها مجرد حبر على ورق ، مما اسهمت هذه المعضلة في نشوء دولة مركزية شمولية بوليسية ذات نزعات فردية دكتاتورية استبدادية غير مستندة الى مفاهيم المدنية العصرية واستمر عمرها لاكثر من ثمانين عاما مليئة بالظلم والقسوة والعنف والارهاب والطغيان والفتن والانقسامات والحروب الداخلية والخارجية ، وتصاحبها قائمة سوداء من الخروقات الهائلة والانتهاكات الجسيمة المُتمثلة بـ (الحرمان المُتعمد والشديد من الحقوق الاساسية واسقاط الجنسية والمواطنة ، والابعاد والنقل القسري غير القانوني ، واصدار اوامرَ التهجير والنفي وراء الحدود ، واخذ الرهائن والحجز غير القانوني ، والغاء الحماية القانونية وحق الدفاع واقامة المحاكم الصورية والتدخل في شؤون القضاء والتاثير في اعماله ، والمراقبة الامنية والاساليب التحقيقية غير الاصولية ، والمصادرة التعسفية للاموال والعقارات وتدميرها بطريقةٍ عابثةٍ دون اية تعويضاتٍ او حُكمٍ قضائيٍ مسببٍ ، وسلب واتلاف الوثائق الثبوتية والمستندات الرسمية ، وعمليات الترحيل الداخلي واعادة التوطين ، والطرد المجحف من الوظيفة الحكومية لاسباب تمييزية دون ضمان تقاعدي واجتماعي ، والعزل العنصري ، وتطليق الزوجة كرها ، والتطهير العرقي والتمييز العنصري

تعريف العراقي دستوريا
•اشكالية الجنسية العراقية ، من هو العراقي ؟ كيف يتم تعريف العراقي ؟
هذه الاشكالية ظهرت مُترافقة مع الدولة العراقية الحديثة ومستمرة حتى الان نتيجة لتاسيسها بولادتها المُشَوَهَة تحت الانتداب البريطاني ، وادارة الضباط العثمانيين السابقين من ذوي النزعة الطورانية وسياسة التتريك العنصرية ، ولكون غالبيتهم من اصول اجنبية فتطلب الامر تشريع قانون الجنسية بمقاسهم ، فاصبح العراقي هو من كان يسكن عادةً في العراق قبل تاريخ 1924/8/6ويحمل الجنسية العثمانية ، وبالتالي رسخت التفرقة الفئوية بين مكونات الشعب العراقي تحت مسميات غير اصولية مثل (التبعية الاجنبية ، او الاصل الاجنبي ، او العثماني الجنسية ، او الرعوية ، او الاقامة ، او نظام شهادة الجنسية ) ، وتم تقسيم المواطنين الى درجتين ( الاولى ، والثانية ) ، ولا نظير لذلك في التشريعات العالمية التي تمنح الجنسية بعد خمس سنوات من الاقامة ، نتيجة الاحتكام الى معيار التبعية العثمانية والتبعية الايرانية وكلاهما صفة اجنيبة ودون الاعتراف بـ التبعية العربية بالرغم من كون غالبية سكان العراق من العرب بغية التشكيك في الهوية والولاء والانتماء ، وتبرير شرعية النظام الملكي المؤسس على يد الاجانب القادمين من خارج البلاد ، واصبح هذا التعريف الشاذ ذو الاطور الغريبة مُلتصقا بالمواطن العراقي ومتوارثا في ظل الحكومات المتعاقبة على السلطة ، ولازالت الافعال المترتبة جراء هذا المفهوم قائمةً ومن الصعب ازالة اثاره المتراكمة منذ اكثر من ثمانية عقود .

الجنسية العراقية
• هل تم ايجاد تعريف واضح للجنسية في المنظومة الدستورية الحديثة للعراق ؟
•ولقد شرحت المنظومة الدستورية في العراق الحديث تعريف الجنسية العراقية ، وكما ياتي
1.القانون الاساسي العراقي لعام / 1925 ضمن الباب الاول – حقوق الشعب ، المادة (5) : « تعين الجنسية العراقية ، وتكتسب ، وتفقد ، وفقا لاحكام قانون خاص » .
2.الدستور المؤقت لعام / 1958 دستور 27 تموز 1958ضمن الباب الثاني – مصدر السلطات والحقوق والواجبات العامة ، المادة (8) : « الجنسية العراقية يحددها القانون » .
3.قانون المجلس الوطني لقيادة الثورة رقم (25) لسنة 1963 دستور 4 نيسان 1963 لم يتطرق الى ذكر موضوع الجنسية .
4.قانون المجلس الوطني لقيادة الثورة رقم (61) لسنة 1964 دستور 22 نيسان 1964 المُلغى بالقانون رقم (137) لسنة 1965 لم يتطرق الى ذكر موضوع الجنسية .
5.الدستور المؤقت لعام / 1964 دستور 29 نيسان 1964 ضمن الباب الثالث – الحقوق والواجبات العامة ، المادة (18) : « الجنسية العراقية يحددها القانون » .
6.الدستور المؤقت لعام / 1968 دستور 21 ايلول 1968 ضمن الباب الثالث – الحقوق والواجبات العامة ، المادة (20) :
ا الجنسية العراقية يحددها القانون ولا يجوز اسقاطها عن عراقي ينتمي الى اسرة عراقية تسكن العراق قبل 6 اب 1924 وكانت تتمتع بالجنسية العثمانية واختارت الرعوية العراقية .
ب يجوز سحب الجنسية من المتجنس في الاحوال التي يحددها قانون الجنسية .
وهذا يعد تراجعا كبيرا ضمن حقوق المواطنة وتشكيكا بهوية العراقي ، وهذا نتيجة لصعود حزب عنصري مُتشدد الى السلطة من خلال حركته الانقلابية في 17/6/1968
الدستور المؤقت لعام / 1970 ( دستور 16 تموز 1970 )ضمن الباب الاول – جمهورية العراق ، المادة (6) « الجنسية العراقية واحكامها ينظمها القانون » .
7.مشروع الدستور لعام / 1990 ضمن الباب الاول – جمهورية العراق ، المادة (13) : « الجنسية العراقية واحكامها ينظمها القانون » .
ولكن طرا تغيير جذري وجوهري في المنظومة الدستورية العراقية بعد سقوط النظام السياسي العام 2003 ،
1 - قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لعام / 2004 دستور 8 اذار 2004 ضمن الباب الثاني – الحقوق الاساسية ، المادة (11) :
(ا) كل من يحمل الجنسية العراقية يعد مواطنا عراقيا وتعطيه مواطنته كافة الحقوق والواجبات التي ينص عليها هذا القانون وتكون مواطنته اساسا لعلاقته بالوطن والدولة .
(ب) لا يجوز اسقاط الجنسية العراقية عن العراقي ولا يجوز نفيه . ويُستثنى المواطن المتجنس الذي يثبت عليه في محاكمة انه اورد في طلبه للتجنس معلومات جوهرية كاذبة تم منحه الجنسية استنادا اليها .
(ج) يحق للعراقي ان يحمل اكثر من جنسية واحدة ، وان العراقي الذي اسقطت عنه جنسيته العراقية بسبب اكتساب جنسية اخرى يعد عراقيا .
(د) يحق للعراقي ممن اسقطت عنه الجنسية العراقية لاسباب سياسية او دينية او عنصرية او طائفية ان يستعيدها .
(هـ) يلغى قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (666) لسنة 1980 ، ويعد كل من اسقطت عنه الجنسية العراقية بموجبه عراقيا .
(و) على الجمعية الوطنية اصدار القوانين الخاصة بالجنسية والتجنس والمُتفقة مع احكام هذا القانون .
(ز) تنظر المحاكم في كل المنازعات التي تنشا عن تطبيق الاحكام الخاصة بالجنسية .
2- الدستور العراقي لعام 2005 ضمن الباب الثاني – الحقوق والحريات [ الفصل الاول / الحقوق ] الفرع الاول _ الحقوق المدنية والسياسية ، المادة (18): ـ
اولا الجنسية العراقية حقٌ لكل عراقي ، وهي اساس مواطنته .ثانيا يعدّ عراقيا كل من ولد لاب عراقي او لامٍ عراقية ، وينظم ذلك بقانون .
ثالثا ا يحظر اسقاط الجنسية العراقية عن العراقي بالولادة لاي سببٍ من الاسباب ، ويحق لمن اسقطت عنه طلب استعادتها ، وينظم ذلك بقانون .
ب تسحب الجنسية العراقية من المتجنس بها في الحالات التي ينص عليها القانون .
رابعا يجوز تعدد الجنسية للعراقي ، وعلى من يتولى منصبا سياديا او امنيا رفيعا التخلي عن اية جنسية اخرى مُكتسبة ، وينظم ذلك بقانون .
خامسا لا تمنح الجنسية العراقية لاغراض سياسة التوطين السكاني المخل بالتركيبة السكانية في العراق .
سادسا تنظم احكام الجنسية بقانون ، وينظر في الدعاوى الناشئة عنها من قبل المحاكم المختصة .

اشكالية الجنسية للمهجرين
•ما هي الجوانب القانونية والدستورية لاشكالية الجنسية الوطنية في العراق الان للمهجرين ؟
•لم تتوقف عمليات التهجير القسري الا بعد غزو القوات العراقية للكويت العام 1991 واخراجها مهزومة على يد التحالف الدولي ، وصدور قرار مجلس الامن الدولي رقم (688) والمؤرخ في 5/نيسان/1991 والذي طلب فيه ايقاف قمع السكان المدنيين وضرورة تعاون العراق مع المنظمات الانسانية وكفالة احترام حقوق الانسان والحقوق السياسية لجميع المواطنين ، الا ان القرار لم يكن مُلزما وانما مجرد توصية وفقا لميثاق الامم المتحدة ، فكان ضغط المجتمع الدولي ومنظماته والاعلام الحر ارحم من النظام الدكتاتوري الاستبدادي ، حيث جمدت عمليات التهجير القسري دون الغاء رسمي حتى سقوط النظام السياسي ، وبعد هذا التاريخ تم منح المهجرين العائدين البطاقة الخضراء كوثيقة مؤقتة للاجانب ، واصدر مجلس الحكم القرارين المرقمين (111) و (117) لسنة 2003 غير النافذين بشان استعادة الجنسية العراقية لمن اسقطت عنه تعسفا منذ العام 1958 ، واخضاع المنازعات المُتعلقة بالجنسية لرقابة القضاء ، وجرى تشكيل وزارة المُهجّرين والمُهاجرين حسب الامر رقم (50) لسنة 2004 ، واخيرا بالقانون رقم (21) لسنة 2009 ، ومنذ بداية عملها لم تكن بمستوى الطموح والاهداف المررجوة من استحداثها ، ولم تضع اية خطط واستراتيجات لضمان عودة المهجرين الى العراق من اجل رفع الحيف والاضطهاد عنهم وايجاد الحلول الكفيلة بدمجهم في المجتمع العراقي ، وينطبق الحال ذاته على هيئة دعاوى الملكية التي شُكلت بموجب اللائحة رقم (8) لسنة 2004 ، ثم اعقبتها اللائحة رقم (12) لسنة 2004 المعدلة ، والقانون رقم (2) لسنة 2006 واخيرا القانون رقم (13) لسنة 2010 ، فكثرة التشريعات توضح عجز الهيئة وتقاعسها عن انجاز اعمالها ، وعدم انصاف من صودرت ممتلكاته نتيجة الزامه بدفع قيمة المُستحدثات والاضافات على عقاراته بدلا من دفع التعويضات المجزية له ، ودون الاخذ بالاعتبار سياسات النظام البائد التي اوجدت اصل المشكلة وتحولت الدولة من غاصب الى حكم بين طرفين متنازعين ، وينظر الى هذه القضايا من زاوية ضيّقة وكان الخلاف بين مالك حالي وسابق فقط ، ودون مراعاة حقوق المهجر تعسفا وفق القرار رقم (666) لسنة 1980 الصادر من السلطة التشريعية العليا للدولة انذاك ، ، علاوةً على بطء الاجراءات التي انعكست سلبا بعدم استرجاع العقارات المُصادرة من قِبل اصحابها الشرعيين وبقائها مُعلقة في مرحلة التمييز النهائي لفترة طويلة ويتغير قيمة العقار والتعويض تبعا لمؤشرات الحالة الاقتصادية والمالية والنقدية ، واصبح وجود الهيئة عقبة امام استعادة الاملاك المسلوبة وغير مُبرر بصفتها جهة تنفيذية تابعة للحكومة وتمارس صلاحيات قضائية متجاوزة بذلك على استقلالية القضاء المكفولة دستوريا وقيامه بهذا الاختصاص وفق القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951 المعدل ، مع العلم بان قانون ادارة الدولة لعام 2004 ، قد نص في المادة (6) : تتخذ الحكومة العراقية الانتقالية خطوات فعالة لانهاء اثار الاعمال القمعية التي قام بها النظام السابق والتي نشات عن التشريد القسري واسقاط الجنسية ومصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة والفصل من الوظيفة الحكومية لاسباب سياسية او عنصرية او طائفية . ثم اصدرت الحكومة المؤقتة توجيها رسميا مخالف للدستور ، بعنوان [ حالات التبعية الايرانية ] ، مما رسخ مفهوماً موروثاَ عن النظام السابق يعطي انطباعا بان المهجرين اجانب واعادهم الى المركز القانوني ما قبل التهجير بصفة اجنبي مُكتسب للتجنس وفق قانون الجنسية العراقية رقم (43) لسنة 1963 الملغى وصنفه كمواطنين من الدرجة الثانية مجددا ، وتبعه اجراء لاحق برفع شارات الترقين والتجميد ، وعلى اساسه تم منح نموذج شهادة الجنسية ، ومدون فيها العبارات الاتية ( الجنسية السابقة ، تبعية الام السابقة ، تبعية الاب السابقة ) ، وهذا النموذج من الاصدار قد الغي بموجب تعمليات الجنسية العراقية عدد (1) لسنة 1980 اي في زمن النظام السابق وصدر قانون الجنسية العراقية رقم (26) لسنة 2006 ، وعليه كانت تعليمات وزارة الداخلية قد وضعت شروط مشدده لاعادة الجنسية للمهجرين هي : ( اثبات اصله ومحل الولادة له ولابيه وجده ، والرعوية السابقة ، وصورة القيد لعام 1957 ، مع افادة ثلاثة شهود وهذه مخالفة لنص المادة (3/ا) من قانون الجنسية العراقية رقم (26) لسنة 2006 ، وتناقضها مع احكام الدستور ومادته (18) ولحقوق الانسان ومبادىء القانون الدولي ، وينطبق الحال نفسه على اجراءات مؤسستي الشهداء والسجناء السياسيين عندما اعتبرت كل منهما المهجر بصفة ( مُحتجز ) وليس ( محكوم )

الاستقرار السياسي
•مشكلة الجنسية العراقية وخاصةً للمكونات الاثنية والمجموعات العرقية ، ما هي انعكاساتها القانونية والسياسية والاجتماعية على استقرار الدولة العراقية ؟ ما هو وضع المكونات الدينية والعرقية في المجتمع ؟
ان مشكلة الجنسية العراقية تعاني منها مكونات الشعب العراقي وعلى راسهم الكرد الفيليين من عدم اعتراف الدولة بالمجموعات القومية والاثنية والعرقية والدينية قبل تاريخ العام 2003 ، وما يؤكد ذلك هو قيام حكومة البعث باصدار سلسلة من التشريعات الجائرة ذات الصلة بموضوع الجنسية وان تشخيص معالجة اشكالية الجنسية وانعكاساتها على تطور واستقرار الدولة يتطلب تحقيق جملة من المقومات الاساسية
1. تشريع قانون جديد للجنسية العراقية او اعادة النظر في قانون الجنسية العراقية رقم (26) لسنة 2006 ، واعتماد نظام موحد للجنسية خال من اي ترميز عنصري ، وبشكل يؤدي الى تنفيذ الالتزامات الدولية وتفعيل الياتها التعاهدية .
2. العمل على اصدار تشريع خاص لحظر ومنع التمييز العنصري بمختلف انواعه واشكاله ، ومعاقبة من يروج او يحبذ او يتستر على ممارسات التمييز والتفرقة .
3- اعادة المهجرين الى وطنهم ومنحهم الجنسية وحقوق المواطنة وتعويضهم ماديا ومعنويا عما لحق بهم ، العمل على اصدار تشريع خاص لرد اعتبارهم وتحقيق العدالة الانتقالية التي نص عليها الدستور بشكل كامل .
4ضمان الاستحقاقات الدستورية للمكونات العراقية ومراعاة خصوصياتها وترسيخ حقوقها وحرياتها الاساسية والجوهرية بشكل كامل وغير منقوص .
5ضمان حقوق الانسان وحرياته الاساسية والتوقيع على المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة ، والتي لم ينضم اليها العراق حتى الان ، ومنها
الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لعام / 1951 .
اتفاقية بشان جنسية المراة المتزوجة لعام / 1957 .
اتفاقية بشان خفض حالات انعدام الجنسية لعام / 1961 .
اتفاقية بشان وضع الاشخاص عديمي الجنسية لعام / 1954 .البروتوكول الخاص بوضع اللاجئين لعام / 1966 .
البروتوكول الاختياري المُلحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بشان تقديم شكاوي من قبل الافراد لعام / 1966 .
واتفاقية جنسية الاشخاص الطبيعيين في حالة خلافة الدول لعام / 2000 .
البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللاانسانية او المهينة لعام / 2003 .
الغاء جميع التحفظات على بعض النصوص المُتعلقة بالجنسية او اي من الحقوق في المعاهدات الدولية لحقوق الانسان المبرمة من طرف جمهورية العراق .
وبالرجوع الى الدستور نجد ان ( الديباجة ) وهي مقدمة الدستور وجزء لا يتجز منه ، وقد ذكرت مكونات الشعب العراقي العرب والكرد ، والتركمان ، والكرد الفيليين ، والمادة (2/البند ثانيا) يضمن الدستور كامل الحقوق الدينية لجميع الافراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية كالمسيحيين والايزديين والصابئة المندائيين ، والمادة (3) العراق بلد مُتعدد القوميات والاديان والمذاهب ، والمادة (4/البند اولا) اللغة العربية واللغة الكردية هما اللغتان الرسميتان ويحق العراقيين تعليم ابنائهم باللغة الام كالتركمانية والسريانية ، والمادة (9/البند اولا/ا) تتكون القوات المسلحة العراقية والاجهزة الامنية من مكونات الشعب العراقي بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييز او اقصاء ، والمادة (12/البند اولا) ينظم بقانون علم العراق وشعاره ونشيده الوطني بما يرمز الى مكونات الشعب العراقي ، والمادة (49/البند اولا) يراعى في انتخاب مجلس النواب تمثيل سائر مكونات الشعب العراقي فيه ، واخيرا المادة (125) يضمن الدستور الحقوق الادارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان ، والكلدان والاشوريين ، وسائر المكونات الاخرى * [ وبضمنها المكونات المذكورة في الديباجة ] ، وينظم ذلك بقانون ، وهذا التشريع لا بد من سنه ، لغرض ضمان الحقوق الدستورية للمكونات العراقية لكونها تشكل استحقاق وليس منحة من احد .

المصدر: جريدة الصباح، 30/11/2010