للسيستاني سبعون متراً.. وللآخرين قصور فارهة

سبعون متراً مربعاً يدفع ايجارها سماحة السيد السيستاني تأويه هو وعائلته، هي كل مساحة البيت الذي يؤجره رجل الدين الشيعي الأبرز في العالم الاسلامي وهذه المساحة المحدودة هي لسكنه واستقباله لضيوفه من اقربائه.
والذي يعرف السيد السيستاني والقريبون منه لا يستغربون ما نقوله فهذا الرجل معروف بورعه وتواضعه وزهده بالدنيا ويكفي أنه يقول " سمعت أن بعض النجفيين وبسبب تردي أوضاعهم الاقتصادية اضطروا الى السكن في منطقة خان النص ولهذا لا ينبغي أن يجيز رجال الدين لانفسهم ان يعيشوا عيشة رفاه وترف". ومن هذا الكلام لنا أن نستوعب حقيقة هذا الرجل وتواضعه وما يجب أن يكون عليه رجال العلم والدين من ايثار وهي صفات لانعتقد أن من حقنا وصفها وتعدادها في السيستاني فمقليده ومحبيه وطلابه يعرفون عنه الكثير وبما يفوق ما نعرفه نحن عنه.
لا اريد ان اكيل المديح للرجل وليس هذا المقال ينحو بهذا الاتجاه لكنني وددت ايراد المقدمة البسيطة التي من غير ادنى شك لا ترقى الى شخص المرجع الديني، لاتحدث عما يفعله اليوم رجال السياسة واعضاء البرلمان العراقي و اصحاب النفوذ والمال في عراقنا الجديد.
فقادة البلاد اليوم ونوابه الذين من المفترض ان يمثلوا عامة الشعب وفقراءه ومعدميه والطبقات المسحوقة فيه يتنافسون على بناء القصور الفارهة ليس في بلادهم فقط بل في ارجاء المعمورة والاموال التي يتقاضونها دون عمل مرهق او بذل جهد بدني او فكري باتت تصل الى ارقام مكوكية يعجز المواطن البسيط على استيعاب عدد الاصفار فيها.
ولنا في برلماننا الجديد الذي تقاضى نوابه رواتبهم ومخصصاتهم لمدة ثمانية شهور وهم لم يلتقوا سوى ربع ساعة فقط وقد لا يعرف بعضهم الاخر والكثير منهم متذمر لانه لم يتقاضى مبالغ قريبة او مماثلة لاقرانهم بالدورة السابقة ولكم ان تتخيلوا شخصاً لم يبذل جهداً من أي نوع لفترة لاتتجاوز الدقائق وينال على ذلك اموالاً تعادل رواتب الالاف من الموظفين الكادين لمدة عشر ساعات باليوم مع اعباء الأمن والمخاطرة ويقيناً أن قانون الدولة سيقطع راتب أي موظف في العراق أن تغيب بضعة ايام ومن ثم سيطرد من عمله فلماذا هؤلاء وجلهم الآن في خارج البلاد ينالون الحمال والحظوة دونما أن يبذلوا جهداً. فأي حلال وحرام هذا؟ وأين المقارنه بين حال السيد السيستاني وممثلي الشعب المزعومين؟
ثم – وهذا لا يخفى على أحد- أن مسؤولينا وقادتنا السياسيين واعضاء البرلمان السابقين والحاليين بدأوا يتنافسون ببناء وحداتهم السكنية وطرق المعمار فيها بحيث بعضها يتجاوز الاف الامتار وفيها ما لذ وطاب من وسائل الراحة والحدائق الغناء وبحيرات السباحة والنافورات وبعض من هؤلاء القادة يعتمرون العمامة ويرتدون الجلباب والأدهى من كل هذا أن بعضهم أغلق شوارعاً بالكامل ومنع مرور الناس فيها كي لا يعكروا مزاج اسرته وسياسيون اخرون جعلوا لهم في العديد من بقاع الأرض منتجعاً يحجون اليه وقتما تشتد الهجمات الارهابية وهي تقتل الشرفاء العراقيين البسطاء دونما تمييز ويخرج من جحره في عمان او بيروت او دمشق ليستنكر ويدين وينظر ويزايد بدمنا وهو لم يرى حتى أي حي شعبي من احياء العراق.
تبدو الان المقارنة بين ما يسكنه المرجع الديني السيد السيستاني من سبعين متراً يدفع ايجارها كل شهر وبين ما يناله قادة البلاد وممثلي الشعب من امتيازات ورفاهية وغنج اشبه بضرب من التخريف، فأين وجه المقارنة وكيف وماذا سنحقق اذا ما قارنا سوى عض اصابع الندم على ما وصلنا اليه الآن بمحض ارادتنا ورغبتنا..

محمد الياسري
mo_yasiree@yahoo.com

8/11/2010