متى يتخلّص المسيحيون والعراقيون من القتل وتتوقف إراقة دمائهم؟؟؟

في كل يوم تجري أنهار الدماء الزكية للمواطنين العراقيين في العاصمة بغداد ومدن عراقية أخرى إذ يرتكب الإرهابيون المجرمون وعصابات القاعدة ومرتزقة أنصار الإسلام وزبانية دولة العراق الإسلامية ممّن يسّمون أنفسهم بالمجاهدين الإسلاميين وبقايا النظام الدكتاتوري المقبور بين فترة وأخرى جرائم وحشية بشعة لا مثيل لها بغية زرع الحقد والضغينة بين أبناء الشعب العراقي وإثارة الفتن الطائفية بين المذاهب والأديان المختلفة في المجتمع وإنّ هؤلاء الحاقدين المجرمين والإرهابيين والظلاميين المتخّلفين من أدعياء الإسلام متعطّشون لإراقة دماء العراقيين على إختلاف آرائهم وعقائدهم ومذاهبهم وقومياتهم ويقومون بقتل المسلمين عامة والمسيحيين خاصة بشكل دقيق ومبرمج.
قبل أيام وبدافع زرع بذور الشر والتفرقة في المجتمع العراقي المتنوع بأطيافه الزاهية وقومياته المتعددة وأديانه ومذاهبه وطوائفه ومكوناته المختلفة إقترفت الأيادي الآثمة لهذه المجموعات الضالة من الأرهابين والظلاميين وعصابات الزمر المنتمية لعصابات القاعدة جريمة إرهابية منظمة ضد المسيحيين الآمنين الذين حضروا قداس يوم الاحد عندما شنّوا هجوما شرسا على كنيسة سيدة النجاة في بغداد، وأدّت جريمتهم المروعة إلى سقوط العشرات من الشهداء والجرحى من المواطنين الأبرياء العزل.
إنّ الجريمة الشنيعة التي إقترفتها القوى الظلامية الغادرة وعصابات القاعدة المنظمة في الهجوم المسلح على كنيسة سيدة النجاة والإنفجارات الدموية التى تلتها في اليوم الثاني، والتي شملت مناطق عديدة من بغداد هزّت مشاعرالأخيار والناس الشرفاء أينما وجدوا، وأثارت بالغ إستنكارهم وسخطهم على منفذيها الآثمين الذين سفحوا دماء العراقيين ودماء المسيحيين الزكية دون حساب أو وازع من ضمير، مستفيدين من فلتان الوضع الأمني، وعجز الحكومة بصورة عامة ووزارتي الداخلية والدفاع وقوى الأمن الداخلي خاصة عن حماية أرواح المواطنين الأبرياء، وكعادتهم في كل مرة عند حدوث جريمة ما هنا وهناك وبعيدا من المسؤولية والأخلاق يقوم المسؤولون عن ضبط الأمن وحماية المواطنين والوطن بإعطاء معلومات كاذبة وتبريرات غير صحيحة ولا يتم الإشارة إلى ضعفهم وعدم قدرتهم، وهم يستهدفون من وراء أكاذيبهم ودجلهم وفشلهم التلاعب بمشاعر وعواطف المواطنين وحرف الأنظار عن ضعف وفشل الوزارات والأجهزة الأمنية التي باتت فاقدة للسيطرة على حماية أمن المواطن وأوضاع البلاد، وبسبب هذا الضعف والفلتان الأمني يقوم الإرهابيون المتوحشون بإستهداف مواطنين من أتباع ديانات ومذاهب وطوائف معينة كما حدث للأخوة المندائيين الصابئة والإيزديين سابقا ويحدث الآن للأخوة المسيحيين من أجل إشاعة الخوف والرعب في صفوفهم وإجبارهم وبشكل جماعي في ترك أماكن سكنهم وترك وطنهم والهجرة إلى دول العالم ليعيشوا غرباء فيها بعيدين من وطنهم وذكرياتهم وأرض آبائهم وأجدادهم.
إن المجرمين القتلة باتوا معروفين لدى الجميع بإعتبارهم فئة حاقدة وجبانة ضالة تختار المناسبات الدينية كالأعياد والطقوس الدينية لتنفيذ جرائمهم، وانهم يختارون الأماكن المكتظة بالناس، ولا يهمهم إن كانوا من السياسيين أو من أتباع الحكومة أو من المواطنين الأبرياء، فهؤلاء الشراذم قتلوا بالجملة وبواسطة السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة والعبوات المفرقعة أعدادا كبيرة من المواطنين في مقرات الأحزاب، في مساطر العمال، كراجات السيارات (النقليات) التجمعات الجماهيرية في الأسواق، في دوائر الدولة المختلفة، في المساجد والكنائس، في تجمعات التعازي وإقامة الفاتحة وغيره.
لقد أضحى القتل الجماعي سمة مميزة لهؤلاء الحثالات، والعراقيون يتذكرون حادثة وكارثة جسر الأئمة بين الأعظمية والكاظمية على نهر دجلة التي وصل عدد الضحايا فيها إلى ما يزيد عن ألف مواطن وجرح المئات وأكثرهم من الأطفال والنساء، وحوادث مدن الرمادي والفلوجة والبصرة والموصل وحوادث الكاظمية وكربلاء في يوم عاشوراء، ونسف قبة الإمامين العسكريين في سامراء، وحوادث حرق الكنائس ودور العبادة المسيحية في بغداد والموصل.
تواصلت بيانات الاستنكار والشجب تجاه تلك الجريمة البشعة فقد أدان الأستاذ جلال طالباني رئيس الجمهورية والأستاذ مسعود بارزاني رئيس أقليم كوردستان والأستاذ نوري المالكي رئيس الوزراء وعدد كبير من الشخصيات العراقية والعربية والعالمية عملية تفجير كنيسة سيدة النجاة واحتجاز المصلين فيها، وقتل العديد من المواطنين والمصلين وأكثرهم من الأطفال والنساء.
وقال رئيس الجمهورية جلال طالباني في بيان استنكار جاء فيه: ببالغ الغضب والاستنكار تابعنا أنباء الاعتداء الآثم الذي شنه الارهابيون على كنيسة سيدة النجاة في بغداد، والذي سقط جراءه عدد من الشهداء والجرحى من المواطنين الأبرياء، نساء ورجالاً وشيوخاً وأطفالا،
ووصف العملية بأنها إستهتار بالقيم الدينية السامية والأعراف الإنسانية والاخلاقية ويجب أن يواجه بالردع الحازم، وبإدانة شاملة واضحة من الجميع، مناشدا رجال الدين أن يرفعوا اصواتهم للتنديد بهذه الجريمة وتأكيد براءة الدين الإسلامي من مرتكبيها المتسترين بستار الدين، وأدانت رئاسة أقليم كوردستان الهجوم الإرهابي على كنيسة سيدة النجاة في بيان، وممّا جاء فيه: ان ما يؤسف له بدء هجمات العنف والارهاب ومعاودتها بالظهور مجددا مستهدفة ارواح المواطنين والاماكن الدينية المقدسة في مدينة بغداد، حيث هاجم الارهابيون هذه المرة كنيسة (سيدة النجاة) في منطقة كرادة مريم وسط بغداد وتسبب هجومهم الارهابي الآثم في سقوط عدد كبير من المواطنين الابرياء بين شهيد وجريح. اننا في رئاسة إقليم كوردستان ندين بشدة هذا الهجوم الارهابي الذي طال الاخوات والاخوة المسيحيين، وفي الوقت نفسه نقدم مواساتنا الى ذوي الضحايا ونتمنى للمصابين بالشفاء العاجل.
ومن جانبه، قال رئيس الوزراء نوري المالكي في بيان صحفي: ان الجريمة الارهابية الجبانة التي طالت كنيسة سيدة النجاة، هزت مشاعرنا ومشاعر كل العراقيين والشرفاء في العالم، مضيفا «لقد استهدف اصحاب الافكار المنحرفة من القاعدة وحلفائهم من ازلام النظام المباد اخوتنا المسيحيين في جريمة ارهابية يراد منها زعزعة الامن والاستقرار واثارة الفتنة والفوضى وابعاد العراقيين عن وطنهم. وأكد ضرورة ان تلتزم القوات المسلحة والاجهزة الامنية باعلى درجات اليقظة وبذل اقصى جهد لتأمين الحماية الكافية للمساجد والكنائس وجميع دور العبادة.
وعلى الصعيد الدولي، أدان بعض الملوك ورؤساء الجمهوريات ورؤساء الوزارات والشخصيات الجريمة البشعة، فالبابا بنديكتوس السادس عشر {في الفاتيكان} أدان الجريمة ووصفها بالعنف العبثي والوحشي ضد أشخاص عزل، وقال خلال قداس في الفاتيكان أقامه لمباركة الضحايا إنه يصلي على أرواح أولئك الذين راحوا ضحايا ذلك الاعتداء الوحشي أثناء وجودهم في «بيت من بيوت الله.
كما ادان الممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة في العراق آد ملكيرت الهجوم الذي استهدف الكنيسة. وقال في بيان صدر عن بعثة الامم المتحدة : « اتقدم بالتعازي لأسر الضحايا وإلى العراق حكومة وشعباً واتمنى الشفاء العاجل للمصابين.
من جانبه، ادان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية حسام زكي بشدة العمل الإرهابي الهمجي الذي تعرضت له الكنيسة، ناقلا في مؤتمر صحفي خالص التعازي المصرية لأسر الضحايا ومتمنياً الشفاء العاجل للمصابين، مؤكداً في الوقت نفسه تضامن مصر مع الشعب العراقي بطوائفه كافة في هذه الظروف الصعبة، معبرا عن رفض مصر زج اسمها في مثل هذه الأعمال الإجرامية.
كما ادان وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية البريطانية أليستر بيرت والسفير البريطاني في بغداد جون جينكنز في بيان مشترك الهجوم الذي استهدف كنيسة سيدة النجاة.وقال بيرت: «أشجب بشدة الهجوم الذي استهدف كنيسة سيدة النجاة في بغداد وأعبر عن خالص تعازيي وتعاطفي مع أسر وأصدقاء أولئك الذين قتلوا وأصيبوا في هذا الحادث الأليم.
من جانبه قال السفير البريطاني: لا يمكن تبرير عمل إرهابي كهذا مهما كانت الأسباب. إن حرية العبادة والقدرة على ممارسة طقوس العبادة هي عناصر أساسية وحيوية في أي مجتمعٍ حرٍ وديمقراطي.
وقال الحزب الشيوعي العراقي: ان جريمة كنيسة سيدة النجاة اعادت الى الواجهة الضرورة الملحة لسد الثغرات السياسية في البلاد والتعجيل بتشكيل الوزارة وانهاء الصراع العبثي على السلطة، وبدء تعبئة وطنية شاملة لاستعادة الاستقرار والحاق الهزيمة بقوى الارهاب والعنف.
وأدان الجريمة كل من: آية الله علي السيستاني، الأمير تحسين سعيد علي رئيس المجلس الروحاني الأيزيدي الأعلى ورئاسة طائفة الصابئة المندانيين وعمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى ، واياد علاوي رئيس القائمة العراقية وعادل عبدالمهدي نائب رئيس الجمهورية وأحمد عبدالغفور رئيس الوقف السني، وإتحاد العلماء المسلمين في كوردستان وأعداد كبيرة من المسؤولين ورؤساء العشائر ورجال الدين مسلمين ومسيحيين.
لقد قلنا مرارا وتكرارا عند حدوث الكوارث والمجازر للإرهابيين المجرمين وعصابات القاعدة وقوى الظلام من الزمر الوحشية التي تطلق على نفسها اسماء وضيعة كدولة العراق الإسلامية والمجاهدين الإسلاميين، قلنا إن هذه الجرائم ليست الأخيرة، ونقول اليوم أن جريمة كنيسة سيدة النجاة وحمامات الدم التي غطت بغداد والمدن العراقية الأخرى ليست الأخيرة في سلسلة العمليات الإجرامية والإعتداءات الإرهابية، وأنّ العراقيين يعلمون بأن الإرهابيين والمجرمين الحاقدين لا يقفوا مكتوفي الأيدي، ويحاولون سلك ونهج كل الطرق الخسيسة والجبانة التي تقتل أكبر عدد من المواطنين.
وفي الوقت الذي يتقدم جميع الشرفاء من العراقيين وأصدقائهم بتقديم التعازي الحارة إلى ذوي الشهداء ومعارفهم، يطالبون الدول المجاورة إلى تشديد الرقابة ومنع المجرمين الذين يجتازون حدودها، كما يطالبون الحكومة العراقية إذا (تشكلت) الإهتمام بالأوضاع الأمنية والحفاظ على أرواح الناس الأبرياء وطرد المقصرين الذين همهم الوحيد السرقة وشراء البطانات والذمم، كما ويطالبون الوقوف بوجه الزمر المجرمة والعصابات الإرهابية، وإنزال العقاب الصارم على كل من يثبت إدانته بالمشاركة في أعداد أو تنفيذ الجريمة، أو الذين يقدمون الدعم لهم، أو يقفون وراءهم، والحفاظ على الوحدة الوطنية وتعزيزها وصيانتها لبناء عراق ديموقراطي تعددي فيدرالي متحد.
لنعمل جميعاً على تضميد جراح أبناء وبنات شعبنا العراقي بكافة قومياته وتلاوينه وشرائحه الإجتماعية، ولنقل بصوت واحد: كفانا القتل الجماعي، كفانا المقابر الجماعية.

المجد والخلود للشهداء الأبرار.
الموت والعار للقتلة الإرهابيين.

أحمد رجب
5/11/2010