عودة الكورد الفيليين .. بين الوهم والحقيقة

قامت مؤسسة شفق وضمن سعيها المتواصل لتقصي اوضاع الكورد الفيليين العائدين الى وطنهم بالوقوف...

على حقائق وارقام تتفاوت كثيراً عن الارقام التي كشفت عنها مصادر رسمية حول عدد العائدين من شريحة الكورد الفيليين ، فما جاء في البيانات الرسمية يشير الى اعداد كبيرة منهم ، لكنها لاتنطبق مع ما هو عليه الحال في الواقع، فمن خلال استطلاعاتنا ولقاءاتنا مع العديد من ابناء هذه الشريحة سواء الذين عادوا الى العراق او الذين مازالوا في بلدان المهجر تبين ان عدد العائدين متواضع للغاية ولايرتقي الى نصف العدد المعلن ، فبعد التاسع من نيسان 3003 علق الكثير منهم الآمال العريضة على حقبة جديدة تتسم بالتغيير الكبير وتفتح الأبواب واسعة امام عودة كل الذين اقتلعوا قسراً من وطنهم ، حول هذا الموضوع والأسباب التي تقف حائلاً دون عودة الكورد الفيليين الى وطنهم التقت شفق عدداً من المعنيين.


الوزيرة السابقة للهجرة والمهجرين باسكال وردة كشفت في حديث لشفق : (لم تكن البرامج المعدة لإستقبال المهجرين من قبل الوزارة بالمستوى المطلوب ولو كنت انا المسؤولة اليوم لما وافقت على رجوع العراقيين من الخارج والوزارة هي المسؤولة عن توفير وتهيئة الظروف الملائمة لعودتهم وعلى الحكومة ان تتفهم هذه المشكلة، اما قضية الكورد الفيليين مسألة معقدة من الناحية القانونية بعد ان صادر النظام السابق وثائقهم قسراً وعندما كنا في الوزارة كانت لنا معركة حقيقية مع وزارة الداخلية والوزارات الاخرى من اجل استحصال الجنسية لهم) . وحول المعلومات التي تشير الى اعادتهم قسراً من بعض دول الجوار قالت باسكال وردة : (لا اعلم ماهية الحوارات والنقاشات التي دارت بين وزارة الهجرة والمهجرين وبعض دول الجوار التي يتواجد فيها الكورد الفيليون ؟ كان خوفي الوحيد في الانتخابات السابقة هي ان تستخدم ورقة اللاجئين والمهجرين خارج وداخل العراق من اجل الوصول الى السلطة) . واعربت باسكال وردة عن اعتقادها قائلة : (اعتقد ان قضية الكورد الفيليين لا يمكن ان تجد لها طريقاً الى الحل من دون تشريعات قانونية وكان على النواب الكورد والشيعة ان يقوموا بهذا المهم في البرلمان من خلال تشريع قانوني ومتابعته لأجل التنفيذ) .


المواطن الكوردي الفيلي ابراهيم عبد علي الذي عاد الى الوطن بعد عام 2003 بين في حديث لشفق : (ان عدد المهجرين من قبل النظام المباد تفاءلوا بالوضع الجديد وانا منهم عدت للعراق بعد 24 عاماً ومنذ عام 2004 اراجع السلطات المعنية من اجل استرجاع داري التي صادرها النظام السابق ولم احصل عليه الى اليوم وقد اثبت التاريخ ان الكورد الفيليين لم يخرج منهم ارهابي او قاتل للابرياء وتاريخهم ناصع رغم كل المآسي واتخذنا سبيل القانون والدستور لاسترداد حقوقنا ولكن للاسف الشديد اصبنا اليوم بالاحباط والكثير منا قد عاد الى بلاد المهجر بعد ان فوجئ بقساوة الحياة والواقع المزري الذي يمر به العراق اليوم) .

اما الدكتور وسام نريمان وهو من الكفاءات ومن شريحة الكورد الفيليين الذين يعيشون في لندن اوضح في حديث لشفق عن عدم عودته واقرانه الى العراق : (يبدو ان الظروف مازالت غير مهيأة للعودة ولم توجه الينا اي دعوة رسمية ولسنا متأكدين من وجود فرص للعمل ونحن نعيش في اوروبا منذ ثمانينيات القرن المنصرم) . وحول عودة الكورد الفيليين الى العراق قال وسام نريمان : (لم تقم السفارات العراقية في اوروبا بأي جهد يذكر لتهيئة الاجواء امام عودة الكورد الفيليين الى العراق وأنا شخصياً عندما راجعت السفارة العراقية في لندن لتجديد جوازي العراقي اخبرني المسؤولون في السفارة بأنني لست عراقياً وقد استغربت كثيراً لهذا السلوك وكأني اتعامل مع موظفي سفارة تعود للنظام السابق والغريب انهم طلبوا مني هوية الاحوال المدنية التي يعلمون جيداً ان النظام العراقي صادرها منا حين التهجير فكيف ستتسنى لي العودة للعراق واستعادة وثائقي الثبوتية). واضاف وسام نريمان : (ان من المؤلم حقاً وجودي في لندن بعنوان جراح متخصص في المجاري البولية ولا استطيع ان اعود الى بلدي من اجل خدمة ابناء وطني وهناك المئات من الاطباء العراقيين امثالي يتمنون العمل في العراق ولكن الاوضاع الحالية التي يعيشها البلد لا تشجعهم على العودة وهذا حال المهندسين ورجال الاعمال ايضاً، فلا احد يتصل بهم او يسأل عن احوالهم من قبل المسؤولين العراقيين).


المستشارة في وزارة الهجرة والمهجرين حمدية نجف اوضحت في حديث لشفق : (ان النظام السابق قد صب جام غضبه على اغلب الكفاءات العراقية سواء كانوا من الكورد الفيليين او غيرهم وعلى البرلمان العراقي اليوم ان يمهد الطريق امام عودتهم لتشريع القوانين التي توفر غطاءً قانونياً يحميهم من التعسف البيروقراطي لبعض موظفي المؤسسات العراقية، ولكن للاسف ان الصراعات السياسية بين مختلف الكتل التي تهيمن على الساحة السياسية في العراق قد تركت اثراً كبيراً على صياغة وتشريع هذه القوانين) . وحول ضعف اداء وزارة الهجرة والمهجرين في التعامل مع قضية العائدين للوطن قالت حمدية نجف : (ان للوزارة امكانيات محدودة ولا يمكنها بمفردها ان تقوم بتغطية هذا الملف الكبير، ويتطلب ذلك تعاوناً وتنسيقاً بين العديد من المؤسسات والوزارات وهذا لم يحدث الى اليوم ، فكل وزارة تعمل بشكل منفرد مما انعكس سلباً على اداء وزارة الهجرة والمهجرين ، وكذلك على اوضاع العائدين من الذين هجروا من قبل النظام السابق) .

المصدر: مؤسسة شفق / كفاح هادي، 31/10/2010